الثلاثاء، أبريل 21، 2009

حركات متناظرة متواترة

قبل القراءة : السطور القادمة ليست من تأليفي، والتعليق الذي يخصني يوجد في النهاية.

.......

أقام عزت القمحاوي روايته الجديدة "الحارس" على ثلاث أفكار لامعة.

أولها فكرة القامع / المقموع، ذلك أن الرواية العربية تعاملت، غالباً، مع شخصية القامع، دون أن تلمس، إلا نادراً، القمع الداخلي الذي يقع عليه.

وثانيها: الكيان السلطوي المتكلس، الذي تترجمه جملة حركات متناظرة متواترة، تجعل منه كياناً ميتاً، حتى لو بدا غير ذلك.

وثالث الأفكار يتجلى في معنى السلطة المستبدة، التي تحتاج الطقوس والإشارات والرموز، قبل أن تحتاج إلى البشر، كما لو كان لباس السلطان هو السلطان.

نسج القمحاوي هذه الأفكار متوسلاً، فنياً، عنصرين : تمايز الملامح الإنسانية قبل الوصول إلى السلطة، وتراجعها إلى حدود التلاشي، بعد الوصول إليها، ذلك أن ملامح الإنسان وحريته لا ينفصلان.

ولعل هذا التلاشي، الذي هو أثر للتكلس ومحصلة له، هو ما يجعل ملامح المستبدين متقاربة، كما لو كانت السلطة تعيد خلق البشر وتعطيهم أسماء جديدة. أما العنصر الثاني فيتكشف في سخرية لاذعة، هي وصف موضوعي للسلطة وتنديد بها في آن.

في رواية "الحارس" يطرح عزت القمحاوي أسئلة الرواية العربية في سياق جديد، يقضي بالبحث عن أشكال فنية مطابقة.

...........

ما سبق يحمل اسم "فيصل دراج"، وهو شخصية مجهولة بالنسبة لي بسبب جهلي وغبائي وقلة ثقافتي وضيق افقي وكسلي في الإطلاع، وقد كتبت تلك السطور بلون أسود، على خلفية صفراء فاقع لونها لا تسر الناظرين، هي ظهر غلاف رواية تحمل اسم "الحارس" لمؤلفها الذي يظهر اسمه بين السطور "عزت القمحاوي" وهو أديب وصحفي مصري بجريدة أخبار الأدب وله عدد من مقالات الرأي المنشورة في جرائد مصرية وعربية. وله شعبية وجمهور يحترم ما يكتبه، ولعلي واحد منهم.

الرواية من إصدار دار "العين" التي سأكون ممنوناً لأي شخص يذكر لي أهمية وجودها، وما خرج منها من مطبوعات يمكن أن يقرأها قارئ عادي مثلي.

وقد لفتت سطور "دراج" نظري لسببين، الأول أن الكتاب ذاته هو واحد من ثلاث كتب، وضعت دون قصد في دولاب خشبي صغير، لم نجد له مكان في شقتنا فاستقر به الحال – بناء على رغبتي التي أقنعت بها زوجتي – في الحمام بجوار المكان المخصص للجلوس.

ودون إرادتي تمتد يدي كل مرة أجلس فيها لقراءة أي شيء، ولأني أعرف أن جلستي قصيرة، لا تكفي لقراءة فصل من رواية أو مقال كامل في جريدة، فقد ركزت على الكتابات القصيرة، وكانت سطور "دراج" واحدة منها.

أما السبب الثاني، فهو أسلوب الكاتب من ناحية، وتراكيبه من ناحية أخرى. فقط سأقول أني لم أفهم كلمة واحدة مما قرأت. وأني سأمتنع عن قراءة الرواية كنوع من الإحتجاج على ما وجدت في خلفيتها.

الأحد، أبريل 19، 2009

بين بين.

يقول صديقي المقرب، أنني أخبرته في مكالمة تليفونية مساء أمس، بأن "نفسيتي تعبانة"، وكانت مكالمة قصيرة اعتذرت له خلالها عن إنجاز بعض الأعمال.

انزعجت بشدة. انكرت قولي، أنا في الحقيقة لا أتذكر أني قلت أي شيء بخصوص نفسيتي، كما أني لا أشتكي عادة بخصوص صحتي النفسية حتى للأصدقاء المقربين.

لكني لاحظت، وقد أصبحت ألاحظ كثيراً في الأيام الأخيرة، ودونت العديد من الملاحظات في أوراق صغيرة بخط اليد أو على صفحات الوورد. لاحظت أنني بالفعل مرتبك وأني بدأت أفقد السيطرة شيئاً فشيئاً.

يمكن أن أقول الأن أنني "لست على ما يرام"، هذا الوصف يلاءمني، كما أنه يصف حالتي التي لا أتمكن من وصفها.

جلوسي الطويل بالمنزل في الأسابيع الماضية، ونومي المستمر، والعمل القليل الذي أنجزه يومياً، ثم القلق بخصوص بعض المشروعات المؤجلة، والمستقبل بشكل عام، وذهابي للقسم لإستخراج "فيش" لإقتراب موعد تقدمي للتجنيد، وفكرة أنني قد أنال أخيراً حريتي في السفر سواء للعمل أو للدراسة أو حتى للمتعة.

وأيام التصوير الثلاثة التي يمكن وصفها بالسيئة، الأول والثاني مرا دون تصوير دقيقة واحدة أو حتى تشغيل الكاميرات بسبب إجراءات أمنية عقيمة. والثالث صورت فيه مقابلتان بالإنجليزية ثم أدركت أنني سأكون غبياً إن إستكملت إخراج الفيلم، فاتصلت بالمنتج أعتذر له بلطف عن استكمال العمل، فتشاجرنا، وحدثت أمور لا يمكن وصفها بالجيدة.

ثم أني بدأت أنام في منتصف اليوم، ساعتين أو ثلاثة، بالإضافة إلى الساعات العشر التي أنامها في الليل، أو بعد الفجر مراعاة للدقة. بالإضافة إلى إرتفاع ضغط الدم الذي أصابني مرتين أو ثلاثة، واختفاء الأصدقاء، للسفر، للإنشغال، أو لأنهم صاروا يفقدون الكثير من روحهم، فصارت مقابلة البعض منهم تجلب على نفسي كماً لا يحتمل من الضيق والحزن والرغبة في البكاء.

يمكن إضافة الرغبة في البكاء إلى السطور السابقة، والعجز عن البكاء أيضاً، والأوقات التي صرت أقضيها مؤخراً مع فتيات يفضلن البكاء أمامي والحديث عن همومهن العاطفية العادية، وحين ابدأ الحديث عن نفسي، يتظاهرن بأن ثمة مشكلة خطيرة ستحدث حال دخولهن منازلهن بعد الثالثة صباحاً.

ثم عيد زواجي، الذي لم أقدم فيه لزوجتي أي شيء يستحق، لأني مشغول في الأساس بالإجابة على السؤال الأهم، لماذا تزوجت؟، وهل كان قراراً صائباً، وإن لم يكن، كيف يمكن إصلاح قرار خاطئ مثل الزواج، وأي إجابة سأختار للسؤال الذي تطرحه زوجتي منذ أسبوعين عن رأيي في الإنجاب مرة أخرى لتحصل طفلتي على أخ أو أخت مقارب لها في السن.

والتليفزيون الذي أصبح مملاً، ومواقع الإنترنت بطيئة التحديث، وأصحاب المدونات الأغبياء الذين لا يضعون الجديد في صفحاتهم، والصحف التي امتنعت عن شراءها، ومحلات المقاسات الكبيرة، التي أصبحت تقدم نوعيات اسوأ من الخامات والموديلات والألوان.. لكن الأسعار تتقدم.

رغبتي في الحديث مع أحمد نصر الدين، صديقي المقيم في دبي، لإخباره فقط بأني لست على ما يرام. صوت أحمد يمنحني الكثير من الذكريات. كما أن أسلوبه في الحكي، يبسط الهموم، ويرى المشاكل أمراً عادياً، يجب التعامل معه، ومصادقته.

والجو المتقلب، وفقداني السيطرة أثناء القيادة عدة مرات، فصارت زوجتي تقود بطريقة أفضل، ورخصة السيارة التي انتهت منذ 5 شهور، وتم سحبها منذ ثلاثة شهور، وتزجرني زوجتي بسببها منذ سبعة شهور، قبل أن تنتهي المدة أصلاً، وربما قبل أن نشتري السيارة، والضيق الذي يصيبني كلما فكرت في ضرورة الذهاب لتجديدها. وهو أمر يستغرق يوم واحد.

والرجل الذي يعطيني الأموال التي عشت منها الشهور السابقة، وسأعيش عليها الشهرين القادمين حتى ينتهي رصيدي، المكالمات القصيرة بيننا، التي يخبرني فيها بأن علي معاودة الإتصال في اليوم التالي، وأتصل، فيقول مثلما قال، فأغلق الخط بلطف، وأبكي، معلناً أن اسوأ ما يمكن أن يحدث لي على الإطلاق، هو المشاكل المالية، فهي بطريقة ما تشعرني بأني مهدد، وفاشل، وحقير، وشحاذ، وهي بطريقة أخرى، تجلب الغضب إلى زوجتي، فيبدأ الخلاف، وهي بشكل إجمالي، تشعرني بأني مغفل، وأني غير قادر على تأمين الأموال اللازمة لزوجتي وطفلتي.

وقسط السيارة التي صرت أدفعه بعد موعده بأسبوعين، ولن أدفعه هذا الشهر أساساً، والموظف الذي يحدثني من البنك، ويبدو كضابط أمن دولة، يهددني بذكاء، وأخبره بأني دفعت وأن المشكلة بالتأكيد عند نظامهم الإليكتروني، وأني لا أقبل أن يحدثني موظف بهذا الشكل، وأحتد عليه معلناً أني سأقدم ضده شكوى لخدمة العملاء، فيجيب ببرود، أنه أيضاً سيحصل على رفض من البنك على الشيك الذي يحمل توقيعي، فأتنازل عن الحدة في لهجتي، ويدرك هو أنني كنت أكذب بخصوص النظام الإليكتروني.

اقتناع زوجتي بأن حالة من الحزن أصابتني بعد أن شتمني أحدهم بشدة في تعليقات مدونتي. تقول أنها تعرفني عندما أحزن، وتسألني لماذا لم أحذفه طالما ضايقني، أقول أني لم أغضب فعلاً، ثم أني لا أحذف التعليقات أبداً باعتبارها حرية رأي.

ذهابي المتكرر إلى الحمام، لم أذهب في حياتي للحمام أكثر من مرتين أو ثلاثة في اليوم، أصبحت أقيم داخله بالفعل، رغم أني بدأت أكل نصف كمية الطعام بسبب الإقامة في المنزل.

جنون زوجتي بمسألة الإقامة في شقة تمليك. وتسويقها فكرة السفر للعمل بالخارج كحل لكل المشاكل، وإرتيابها بخصوص المحل الذي نرسل إليه ملابسنا للكي، تطالبني بأن أعد قطع الملابس التي يحضرها الصبي، وأحسب، البنطلون بنص جنيه والقميص بخمسة وسبعين. اليوم، ورغم سفرها، اتصلت، سألت إن كانت الملابس قد أتت، أجبت بالإيجاب، سألت، كام دفعت، قلت خمسة وربع، قالت بأن هناك خطأ في الحساب، وطالبتني بعد القطع وأنا معها على الهاتف، ثم عادت في مكالمة تالية وقالت، "مظبوط".

ورواية "عراقي في باريس"، لصموئيل شمعون، التي قرأت النصف الأول منها، فأدركت الفارق بين ما هو حقيقي وأصيل، وبين ما هو مقلد ومزيف، وفهمي الأكيد، لحقيقة أن منتجي النهائي، إن استمر بي الحال على ما هو عليه، سيكون مزيفاً جداً، بحيث يكشفه الجميع بسهولة، وبحيث يبصقون على اسمي وقبري وأولادي.

الإرتياب بخصوص ما أكتب هذه الأيام، والدخول على الإنترنت كل ساعة لمعرفة جديد التعليقات، والإحباط لعدم وجود إشارة على الرضا أو السخط من القراء، فقط يكتفي بعض أصدقاء الفيس بوك بالضغط على أيقونة "like"، أو أجد تعليق من شخص لا أعرفه يتحدث عن شيء لا علاقة له بما كتبت. يبدو أن هوسي القديم بالتقييم المستمر لما أفعل يضرب من جديد.

والوقت الطويل الذي مر وأنا أشعر بأني منطفئ، فاقد للوني الأساسي، عاجز عن الإنطلاق والتحرر وابتكار الأفعال الجديدة غير المتوقعة، غير قادر على إدهاش الآخرين. وهو أمر طالما لازمني في سنواتي الماضية، قدرتي على ترك إنطباعاً جيداً في المقابلات الأولى مع الغرباء. أو حتى ملاحظة انطلاقي في الحديث حول موضوع معين لأكثر من عشر دقائق دون توقف، ولمح نظرات الإستحسان في عيون المستمعين. وهو أمر حدث لآخر مرة منذ عامين أو أكثر.

ويبدو أنني كبرت، أو أنني صرت معروفاً ومكشوفاً ومفهوماً ومألوفاً ومقروءاً بحيث يعرفني الآخرون كما أعرف نفسي فندرك جميعاً أن لا شيء يقال.

وبالإضافة إلى كل ما سبق، يجب إضافة حالة البين بين. لحظة. لا أملك ما أقوله عن البين بين. كل ما سبق هو بين بين. النفسية التعبانة. أيام التصوير بدون تصوير، حساب قطع الملابس، الأصدقاء، الطفل الجديد، كله بين بين.

الصديق المقرب كان على حق إذن. يحسن أن أبقى وحدي قليلاً. أو يحسن، للذين يعتقدون معرفتهم الوثيقة بي - بحيث يملكون حلولاً مبتكرة - الإقتراب.


الأحد، أبريل 12، 2009

بعبعة.



السطور القادمة رسالة من قارئ مسيحي بمناسبة "أسبوع الآلام"، وقد رأيت نشرها هنا، بعد التأكيد على أن ما بها من آراء تخص المرسل وحده، وأن الأمثلة المذكورة لا علم لي بها على الإطلاق، وقد تدخلت بحذف اسمه ووضع اسمي حفاظاً على سرية شخصيته، وتضحية بحياتي الغالية.. وسيصبح من الصعب تفسير الموقف لزوجتي حال إصرار البعض منكم على التعليق بآراء إنفعالية تنتمي لنوعية البعبعة.

..............

يلفت نظري أن "الزواج" في المسيحية يوصف بكونه"سر" من أسرار الكنيسة السبعة.

لا أفهم المعنى على التحديد، لكن تبقى لفظة "سر" مناسبة أكثر من أي وصف آخر للصلة التي تنشأ بين رجل وإمرأة تجعلهما يسكنان بيتاً واحداً، ويتشاطران سريراً ضيقاً، وينجبان أطفالاً عدة، ويواجهان المجتمع كثنائي، رغم أن كلاً منهما فشل في المواجهة منفرداً، ورغم أنهما يدركان – بمرور الأيام – فشلهما الأكبر في مواجهة بعضهما.. أو حتى أنفسهما.

وقد تكونت لدي، بالتجربة، والملاحظة، عدة أفكار أساسية، تتعلق بالسر. يمكن تدوينها هنا، والإضافة عليها أو الحذف، بحسب ما يرى أصحاب التجارب والملاحظات الأخرى.

لاحظت، على سبيل المثال، أن الزوجات في العالم، لديهم شكاوى متشابهة، واحدة منهن تتعلق بالطريقة والتوقيت والأسلوب الذي يستيقظ به الرجل.

ترى المرأة في نفسها – بطريقة أو بأخرى – أنها "منبه" لزوجها، في حياته وبعد مماته ولأولاده من بعده وما بقي من ذريته إلى يوم الدين.. وأبسط واجبات التنبيه هي إيقاظه بالأساليب المتعارف عليها، واحد منها هو النداء باسمه بصوت مرتفع من الغرفة المجاورة أو الحمام أو المطبخ، وبالطريقة ذاتها التي يكره الرجل أن يناديه أحدهم بها، بنفس أسلوب اختصار المسافات الفاصلة بين الحروف في اسمه، فإن كان تعيس الحظ يحمل اسم "براء"، يتحول إلى "راء"، أو "آء"، أو "ءءءءءء".

والنداء يكون متكرر لعدد لا نهائي من المرات، لكن بدرجات متفاوتة من قوة الصوت والدلالات والإشارات التي تحملها الطريقة المختصرة للحروف، ولأن النداء المنتظم الرتيب لا يوقظ نائماً، تكسر الزوجة اللحن بعد فترة، وتفاجئه بالنداء مرتين متتاليتين، أو مرة واحدة بصوت عالي، أو ثلاث مرات ملحقات بجمل تعبيرية مثل "حرام بقى أنا زهقت"، "قوم يا شيخ قامت قيامتك"، أو "فز قوم عشان الشغل خلينا نلاقي ناكل آخر الشهر"، أو "خمس دقايق ونازلة وهاخد العربية".. وإلخ.

الزوجة، تشبه قائد معسكر الكشافة، تنام بعد أن ينام الجميع، وتستيقظ قبلهم، وسط حيرة باقي أفراد المعسكر، وسؤالهم عن القدرة الخارقة للقائد الذي لا يراه أحد نائماً.

جربت مرة الإحساس، وفعلت ما يتوجب على قائد أن يفعل، وفهمت، أن "متعة القيادة"، تمنح القائد شعوراً بالراحة، والسكينة والهدوء، ما يجعله قادر على فعل العجائب، التي يستغرب لأمرها "الرعية" البسطاء.

وجربت كقائد، أن أراقب للحظات، مظهر الرجال نائمين، وشعرت تجاههم بعدوانية شديدة، لعل أحد أسبابها رغبتي في النوم مثلهم، أو اقتناعي بأنهم مجموعة من الكسالى عديمي الفائدة، وقد ظهرت عدوانيتي فور استيقاظهم، وكذلك تفعل الزوجات.. حين تختار أسوأ الأخبار، لإعلانها، أو التذكير بأغبى ما في اليوم من إلتزامات، بحيث يشعر الزوج بأنه يكذب حين يتلو دعاء الصباح "الحمد لله الذي أحيانا بعد أن أماتنا"، وإن كان وحده الله يحمد على المكروهات.

لكن ما هو أهم وأخطر، أنني جربت كزوج، أن استيقظ قبل زوجتي، وكنت أمر بوعكة صحية جعلتني ألازم السرير أياماً، ومنحتني القدرة على الإستيقاظ في أي وقت فقد نمت ما لم أنمه في حياتي من قبل، ورأيت زوجتي تنام إلى جواري في سكينة وهدوء، وتبدو مرهقة – بحق – من أعمال المنزل وعملها الخاص وأمور الطفلة الصغيرة، تنام كما ينام عامل أدى واجباته كلها، ويتنظر المزيد من الواجبات في الصباح، نظرت طويلاً لزوجتي، ولم أشعر بأي عدوانية، لكن انهالت الأسئلة في رأسي وقلبي، الأسئلة المنطقية لرجل يمر بوعكة صحية.. من هذه السيدة؟، وما الذي تفعله إلى جواري؟، ولماذا ترتسم تلك المشاعر الغاضبة على وجهها؟، وإن كانت زوجتي حقاً، فلماذا تزوجتها؟، وكيف؟، وأين؟، ومتى؟، وما هي الأسباب والدوافع؟، وهل كنت عاقلاً بما يكفي؟، ناضجاً بما يكفي؟، غبياً بما يكفي؟..

أدركت، بعد دقائق، أن الأسئلة السابقة كلها بلا إجابة، الأمر الوحيد الذي علمته، أن استيقاظ الزوجة أولاً أمر جميل ورائع، وأن الإعتراض على الأسلوب رفاهية لا داعي لهاولا مبرر.

لنترك الإستيقاظ جانباً، ونلاحظ أمراً آخر. رجال الكوكب الحمقى، يرون بطريقة أو بأخرى، أن مناداة الزوجة بكلمة "ماما" أمر جميل لطيف محبب لقلب الزوجة.

كنت أزور مصدراً مهماً الأسبوع الماضي، رجل في السبعين، ودخلت سيدة تماثله في العمر، قدمها لنا، "المدام"، ثم شرع يناديها "ماما.. تعرفي بابا إتدفن فين"، "ماما.. تعلميلنا شاي وحياتك".. وهكذا.. وخرجت وأنا لا إعلم إن كانت السيدة أمه فعلاً، أم أنها "مدام" والده، حيث كانت المقابلة في الأساس بخصوص الأب.. لازلت لا أعرف إجابة.

لكن ما بدأت أفهمه، أننا – رجال الكوكب – نمارس عادة علنية بشعة، نحول زوجاتنا إلى أمهاتنا، وما هن أمهاتنا، إن أمهاتنا إلا اللاتي ولدتنا.. ولأن الزوجة كائن عرف عنه – في الكوكب – الرقة والدقة. ولأن الأمومة شعور غريزي عند كل إمرأة، ولأن الجنة تحت أقدام الأمهات، تصدق الزوجة الفكرة، وتشرع في التنفيذ.

"شيل هدومك بعد ما تقلعها"، "ماتسبش الصابونة في المية عشان ما تبوش"، "عايز تشتري هدوم، بص على دولابك وشوف الأول الهدوم دي، وأنا واثقة إنك هتلاقي هدوم كويسة وإنت ناسيها ومش بتلبسها"، "العربية بتصرف بنزين كتير"، "ليه تدفع اتنين جنيه بقشيش للدليفري، المطعم ده بيحسب جنيه خدمة توصيل"، "إقلع الشبشب قبل ما تدخل ع السجادة"، "إقلع الجزمة قبل ما تدخل من باب الشقة"، "قفلت باب الشقة قبل ما تدخل تنام"، "إفرش الملاية كويس قبل ما تنام، أنا عمري ما شفت حد بيبهدل الملاية كدة وهونايم عليها"، "خد طبقك في إيدك، ويا سلام لو تغسله"، "وطي التليفزيون شوية، إنت ليه بتحب تتفرج وصوته عالي، وبعدين ده فيلم أجنبي يعني بتقرأ الترجمة مش محتاج صوت"، "براحة شوية وإنت سايق"، "قوم صلي"، "تصلي إزاي وأنت مش متوضي"، "لحقت تصلي"، "مين بيكلمك"، "عايزك في إيه"، "إنتوا مش كنتوا لسه مع بعض"، "مفيش نزول، إنت خلاص دخلت البيت والساعة بقت حداشر"، "ما أصل البيت بقى اللوكاندة الخصوصي بتاعتك يا بيه"، "أنا صارفة لحد دلوقتي 600 جنيه في مصروف البيت"، "حسبي الله ونعم الوكيل"، "الفيلم ده شفناه ألف مرة قبل كدة"، "إقلب من على القرف ده".

لكن، إن توقف الرجال عن الإحساس بأنهم أطفال، هل تتوقف النساء عن الإستمرار في كونهن أمهات؟. تعرف أنت الإجابة، إن كنت توقفت، لكني لا أعرفها كوني لم أتوقف.

ما أعرفه، أني تركت بيت أبي وأمي، لأنال الإستقلال، والحرية، وإمكانية صناعة الفرح والتمرد والجموح، واخترت زوجة تشبه أمي، فصارت أمي، وصارت أيضاً عاجزة على فهم خطورة تحول الزوجة إلى أم، وقد أخبرتها، أنها بمرور الأيام ستفقدني، كما تفقد الأم ابنها حين يكبر قليلاً ويخرج عن طوعها إلى طوع "إمرأة أخرى" فقالت.. "عايز تفهمني إنك مضايق من الحياة الرائعة اللي إحنا عايشينها، وإن تضحياتي الكتيرة مش عاملة فرق، بص، إنت بس أكيد عندك مشاكل في الشغل ومحتاج تبعبع شوية، وأنا مش هرد على أي حاجة أنت قلتها وهعتبرها مجرد بعبعة".

هنا تبرز ملاحظتي الثالثة والأهم، قدرتهن على الإختزال والإختصار وإدراك الغيبيات والوصول للسبب الأصلي للمشكلة، وعدم الإكتراث، والتواءم، والمرور بأضيق الممرات، وقتل الأسئلة، تدهشني تلك القدرة. لا تزال تدهشني، بحيث استمر في الإستيقاظ بعد زوجتي، ومنادتها بماما، والبعبعة دون أن أدرك أنه لا جدوى من ذلك على الإطلاق.

.........

انتهت رسالة القارئ، ونحن بدورنا نهنئه بالأعياد، ونعده بتوصيل صوته إلى المسئولين.. المحرر.

الخميس، أبريل 09، 2009

أن تحكي.. لتعيش

سيكون مستحيلاً، بعد عشر سنوات، إن بقيت على قيد الحياة، أن أفقد الحكايات، أو أن تفقدني هي.. ستصير حياتي بطريقة ما، مرتبطة بقدرتي على الإستمرار في الحكي، فإن توقف الحكي، توقفت هي، وإن توقفت هي، استمر الحكي.

وأشعر، أنني مخلص للحكايات التي يمكن أن أحكيها بعد عشر سنوات. دربت نفسي على اكتساب مهارة الصمت في حضرة أصدقائي المدهشين، القادرين – عبر حكيهم – على تمرير أفكار ومشاعر موحية، قد تصلح – حال تذكرتها – لإبتكار حكايات غير حقيقية في المستقبل.

كما أني غيرت تكنيكي المعتاد في الفرجة على الأفلام، أصبحت أتدخل في القصة بنفسي، لأضيف مشاهد وأحذف أخرى، لينتهي الفيلم وقد منحني قصتين أو ثلاثة يمكن الإحتفاظ بهن ليوم الحاجة.

وقد كنت أعاني من الـ"نزق" وأنا صغير، وهي كلمة لا أعرف معناها، ولكني أتخيلني كيف كنت "نزقاً" كما وصفني أحدهم، وكان صادقاً.

كنت أقول، أنني قرأت بما يكفي من القصص، بحيث أمتنع عن كتابتها، فالحكايات انتهت كلها، والأفكار البسيطة العادية، حظى بها القدماء، الأفكار غير المدهشة، روميو وجوليت، ورحلة إلى مركز الأرض، وأوليفر تويست، وحتى نهر الجنون.. كلها أفكار غير مركبة كالتي ينبغي أن نبتكرها الآن لنكتب قصة ونحكيها..

فإن كان المطلوب من الحكاية، أن تروي شيئاً ما غريباً، غير عادي، فالأمر إذن يزداد صعوبة كل لحظة، طالما استمرت الحياة بما فيها من غرائب، وطالما كان الله، الصانع الأكبر للغرائب والأمور المدهشة، لا يزال متسامحاً مع البشر، بحيث يبقي لهم الحياة فترة جديدة، قبل أن يعلن النهاية والقيامة، وهي فترة، لن يشعر البشر بأي امتنان لوجودها، وسيستمرون في صنع الغرائب، غير مدركين بأنهم يقتلون الحكايات بذلك.

أصبحت الحكايات، مثل الشعاب المرجانية، بقاؤها مهدد، وقيمتها تضيع، لأنه يجب أن تكون هناك مسافة فاصلة، بين وجودها في قاع سحيق بالبحر، وبين وجود البشر على السطح.

يمكن تخيل البشر يصنعون شعاباً مرجانية في بيوتهم ببساطة ودون تعب، كصنع فطيرة أو إعداد كوب شاي، كيف يمكن إذن التعامل مع الشعاب الحقيقية القادمة من القاع، ما الفرق بين شعب مرجاني خلاب، وبين ورد النيل الذي يتكاثر وحده، كلاهما حال ذلك يجب التخلص منه، والحرص على ألا يستمر في الوجود.

وقد تخلصت من نزقي بمرور الوقت، وفكرت في طريقة جديدة لتوليد الحكايات دون عناء، واسميتها ماكينة الحكي. واحتجت لساعات من الخيال الحر، للتأكد من أن الفكرة قد تكون صالحة وعاملة.

لدينا عشر سلال، أو أدراج، وفي كل واحد توجد شخصية.. مجردة، يوجد مثلاً في الدرج رقم تسعة شخص اسمه براء، وهو بدين، ويرتدي عوينات، ومثير للشفقة والإشمئزاز في آن، وإلخ.. نضع مع هذا البراء في درجه ما يمت له بصلة، بلغة أهل الدراما نرسم شخصيته الكاملة، ونتوقع ما قد يبدر منه حال مقابلته لشخص مثل الساكن في الدرج الثالث، الذي هو اسمه دعاء، وهي فتاة لطيفة، تعمل صحفية، ويمكن أن تقبل ببدين له عوينات مثير للشفقة والإشمئزاز زوجاً لها وأباً لأطفالها.

والماكينة تعمل بهذه الطريقة، تطلب منها خلط سكان الأدراج رقم 9 و6 و4 و1، وإضافة بعض مكسبات الحكي، كالمكان والزمان وحالة الطقس، فتهتز الماكينة قليلاً، دون أن تنفجر، وتخرج لك من المكان المخصص لذلك حكاية جيدة.

ومشروع الماكينة مهم في نظري لدرجة أن خيالي يسمح لي برؤية ماكينة في كل شارع، كما ماكينات الكولا والصراف الآلي وكابينات الهاتف، وها هي فكرة جديدة، يمكن تركيب سماعة للماكينة، وسماع الحكايات بصوت ممثلك المفضل، أو بصوتك أنت نفسك، بعد أن تجعل الآلة تستمتع، عبر الساعة، لصوتك، وتعمل هي على تقليده في دقيقة وتقديمه لك، فتسمع الحكاية وكأنك ترويها.. وتضيف عملة مالية صغيرة في المكان المخصص نظير الخدمة الصوتية الإضافية.

.......

هل ستنتهي الحكايات فعلاً، هل ستصبح مهنتي، حكي الحكايات، والتي اخترتها لنفسي بعد عشر سنوات مهددة بالإنقراض؟. توجد شواهد على ذلك، الأفلام الأجنبية لم تعد مدهشة، الحكايات بدأت تصبح عادية، كذلك الأدباء المحليين، أصبحوا فقراء وضعفاء، وإن كانوا يدعون القوة والعظمة، لاحظت في الجريدة، أن المؤلف الأهم في بلدنا الآن، كتب ثلاثة كتب فقط، فأصبحت شهرته عالمية، وتم تحويل قصته الأهم إلى فيلم.. لكن لا دهشة في كل هذا.

أشعر بالخطر، إن انتهت الحكايات حقاً، ستصبح الأشياء كلها مهددة بالفناء، سيبقى الناس في جحورهم، لن يجلس أحدهم في الحديقة يستمتع بالشمس، فلا معنى لذلك، ولاجديد تحت الشمس بالمعنى الحرفي للجملة، وسيتوقف البشر عن التكاثر، فالذكر لا يملك حكاية عن نفسه يرويها، والإنثى ستفقد الكثير من بريقها بانقراض الثرثرة.

وسنتوقف عن قراءة الصحف، فلن يحدث جديد، وسيجتمع رجال الأديان، ويقررون البدء في صلاة مشتركة لله الواحد، الصانع الأول للحكايات كلها، سيبكون بين يديه، في المحراب وعند المذبح، يا رب، امنحنا المزيد من الحكايات، حكاية واحدة كل يوم، أو ارفعنا إليك، فإنك بالتأكيد تحتفظ بالكثير منها عندك..


الاثنين، أبريل 06، 2009

الدين في يد الجميع.


يمكن تسجيل هذه الملاحظات حول استخدام الدين المفرط هذه الأيام، وهو أمر، يمكن لشخص آخر غيري أن يقول إن كان إيجابياً أو سلبياً.

نهاية الأسبوع الماضي قام عدد من الأهالي في قرية من قرى سوهاج بحرق منازل يسكنها بعض البهائيين، وذلك بعد أن ظهر أحدهم في برنامج الحقيقة على قناة دريم، ومسؤل من الحزب الوطني بالمحافظة يفخر بأنه طرد جميع البهائيين حتى الأطفال الرضع، وكان شباب الإسلام منفذي عمليتي الحرق والطرد، يهتفون بـ"الله أكبر" و"لا إله إلا الله.. البهائي عدو الله" أثناء تنفيذ المهمة الربانية.. ولم ترد أنباء عن إذا ما كانت جموع الملائكة المنزلة من السماء قد ساعدت في عملية الحرق، أو حتى في عملية إطفاء ما تم حرقه.

ثم صباح السبت حكمت المحكمة بالسجن سبع سنوات لزوج، وثلاثة لزوجة، كانا يقومان بتنظيم عمليات تبادل للزوجات، الزوج في العقد السادس من العمر وهو موظف متقاعد، والزوجة مدرسة في العقد الخامس، وهي تظهر في الصورة المنشورة لها بجوار زوجها ترتدي ما بات يعرف في مصر في السنوات الأخيرة بالإسدال، وهو أطول من الخمار وأقصر من الجلباب، ويتم إرتداءه قطعة واحدة، ويشبه الشوال إلى حد كبير ويمكن تخويف الأطفال به، وشكله مقيت، والسطر الأخير رأيي الشخصي الذي لا يعتبر ملاحظة جديرة بالإهتمام.

ومساء السبت كنت أشتري كيس شيبسي لزوجتي وباكو بسكويت لطفلتي، ودخلت إلى السوبر ماركت، ووجدت قناة "الرحمة" مستمرة في البث، وهي القناة التي ترعى السوبر ماركت أو يرعاها هو، هناك علاقة مريبة على كل حال، تربط بين الجهتين.

وعند دخولي المحل كان شخص ما على الشاشة يتلو آيات من القرآن، وكان صوته جميلاً، وأنهى ما كان يتلوه، ودار بينه وبين المذيع حديث طويل، بدأ بأن قال المذيع، "فتح الله عليك"، ثم أضاف "هل يجوز يا شيخ أن أقول لك فتح الله عليك، أم أن الأصح أن أقول فتح الله لك؟".. ورد عليه الشيخ وأستمر الجدل الفقهي الهام، ودفعت أنا ما طلبه البائع، وكان لا يزال متابعاً للمناظرة الفقهية التي ستنقذ الأمة وتقتل الكفار وتعلي راية الإسلام، أخذت الباقي ونظرت في وجهه، وانتظرت حتى يلاحظني وتلتقي أعيننا فقلت "ربنايفتحها في وشك".. وانصرفت.

فجائتني هذا المساء رسالة هاتفية يقول نصها "للتقرب من الله وتحميل أقوى برنامج للأذكار والتسبيح ارسل 110075 لـ9450 = 4 ج". وهو ما يعني أن تكلفة التقرب إلى الله عبر الهاتف أصبحت 4 جنيه مصري، وهو تأثر واضح بالأزمة العالمية التي شاع فيها الكساد، وبارت فيها السلع، حتى رأت جهة ما أن تقوم بالتسويق لفكرة التقرب من المولى القدير، عبر الهاتف بتكلفة أقل من دولار واحد لسكان المحروسة.

والإعلان عن أن الله موجود ويمكن التقرب منه لا يتوقف عند رسائل الموبايل، فالدعوة عالمية بإذن الله، والمؤمن كيس فطن، واطلبوا العلم ولو في الصين وادعوا إلى الله ولو على الفيس بوك، تصلني الرسالة التالية من جروب اسمه "نداء الفجر"، وعنوان الرسالة "هنصلي كل صلاة في وقتها" دون أن يظهر من سيصلي، وما هي علاقة هذا الذي سيصلي بالشخص الذي سيتلقى الرسالة الذي هو أنا.

والرسالة تقول " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بتحب ربنا ؟ وعايز تقرب منه أكتر وأكتر وأكتر ؟

أكيد طبعا

طيب تعرف ايه احب الاعمال لربنا ؟؟

اه طبعا الحج عشان بيغفر الذنوب كلها وبترجع من الحج كما ولدتك امك

اه طبعا الحج زي مانتا بتقول من أحب الأعمال لله ... لكن مش هوه أحب الأعمال لله

اه ... يبقا قصدك بر الوالدين وكده صح ؟

لا يا سيدي برضه

امال ايه بس ؟؟؟؟؟
................

حابب تعرف أحب الأعمال إلي الله والي تقربك منه دايما.. ادخل على اللينك ده"..

وعلى الراديو، إذاعة نجوم إف إم، يوجد شخص اسمه أحمد يونس، يقدم برنامج يستمر لثلاث ساعات متواصلة في منتصف الليل، اسمه "ع القهوة"، وهو برنامج يساهم بشكل فعال في تحسين ثقافتي الإنجليزية كوني أحول المحطة فور ظهور المذيع العجيب، الذي يقضي الليل متحدثاً عن فضل يوم اليتيم وعن الشباب المسلم الذي يجيد تنظيم وقته، ويمارس الرياضة، ويستيقظ مبكراً وينجح بتفوق في الثانوية العامة، دون أن يعطل نفسه بالحب والكلام الفارغ، أو يشغل باله بأمر "كذبة إبريل" التي هي بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، أرشح البرنامج لإذاعة القرآن الكريم، وأرشح لرعايته جريدة "عقيدتي" إن كانت لا تزال مستمرة في الصدور، وأرشح أحمد يونس للبقاء في إذاعة صوتكم على الإنترنت والتي يمكن أن يتم عمل "بلوك" لها عكس إذاعة نجوم إف إم التي ترتكب غلطة عمرها بالسماح للبرنامج بالإستمرار.

وفي المساء المتأخر لاحظت أن عملية شراء السجائر أصبحت تزداد صعوبة، بعد أن قرر أصحاب المحلات الإمتناع عن بيعها لسبب ما، ومقابلة السائل عنها بتكشيرة تلاءم فتوى المفتى بكون شربها حرام وشاربها هيدخل النار، ويمكن هنا لشخص عابث مثلي أن يعقد مقارنة بين رواج سلعة مثل "التقرب من الله"، واختفاء أخرى مثل السجائر، مما يدل على أن راية المؤمنين هي الأعلى، وأن الإسلام سينتصر في النهاية، كما انتصر في البداية على أهل الدين البهائي أبو شرطة بعد أن قررت المحكمة في النهاية أنه يمكن للكافر البهائي وضع شرطة في البطاقة في خانة الديانة.

الدين، على ما يبدو، أصبح في يد الجميع، كما المحمول والساعة والولاعة والحظاظة والدبلة وأشياء أخرى. وتحول إلى سلعة رائجة، لا تعطلها بورصة ولا أزمة، وإن استمر الحال على ما هو عليه، فمن المتوقع أن... مممممم لا أعرف، قلت أني سأتوقف عند الملاحظة، وقد تدخلت ببعض السخرية التي لم استطع أن أمنعها.