بخصوص الكلام البلبوص..
تصدير :
سأل أحدهم الدكتور عبد الوهاب المسيري الكاتب والمؤلف والمفكر المعروف، كيف تعتبر نفسك مفكر إسلامي وأنت ترتدي في يدك دبلة ذهبية؟، فرد الدكتور الراحل، الذي عرف عنه ذكاءه وعنايته بالتفاصيل، "أنتم الذين قلتم أني مفكر إسلامي، لكني شخصياً لا أعتبر نفسي كذلك، وبالتالي، فإن إرتدائي للدبلة يشكل مشكلة لك.. لكن.. ليس لي"..
وبدون مناسبة على الإطلاق، يؤكد "البراء أشرف"، صاحب مدونة "وأنا مالي" المغمورة، أنه ليس إسلامياً في أي شيء. لا في مدونته، ولا كتابته، ولا أي شيء على الإطلاق، هو كما يظهر في خانة الديانة ببطاقته الشخصية "مسلم"، والأذكياء يعرفون الفارق الكبير بين أن تعيش "مسلماً"، وأن تعيش "إسلامياً".
ويستنجد صاحب المدونة بأصحاب القلوب الرحيمة وبالمعلقين الكرام، وبالأصدقاء والصديقات والمعارف وأسرة البرنامج، أن يفركوا أعينهم جيداً، ويراجعوا أنفسهم، متى كان هذا الشخص يتحدث عن الأخلاق أو ينادي بها، ومتى اعتبر نفسه محترماً أو ملتزماً أو مشغولاً بفكرة الأدب ونشر الخير بين البشر؟.. وإذا كان قد وقع خطأ ما سابق بحيث تم اعتبار هذا الشخص يحمل الصفات السابقة.. فهل من المنصف محاسبة شخص على ما يعتقده أشخاص آخرون؟..
.......................
كان لافتاً أن تتلقى مدونتي 11 تعليق على تدوينتي الأخيرة "دقات الهاتف" في يوم واحد. بينها 6 تعليقات رافضة للتدوينة، و5 مؤيدة.
وكان صادماً أن التعليقات كلها، الرافضة والمؤيدة، تصل باسم "غير معرف".. عدا واحد قرر أن يعرفني بنفسه فكتب اسمه "محمد".. فقط.
وكان ملفتاً أن تصلني رسالتين، الأولى إليكترونية من زميل لي بالعمل يرفض ما كتبت ويطلب حذف الرابط الأخير – مؤقتاً – إلى أن أفكر في مسألة حذف التدوينة كلها، باعتبارها "تخصم من رصيدي"، والثانية رسالة قصيرة على الموبايل من زميل وصديق يطلب أيضاً حذف الرابط الأخير مؤكداً "أني لم أقصد بالتأكيد وضعه في نهاية التدونية".
وكان مسلياً أن أجد البعض يضع "like" على رابط التدوينة في الموقع السحري "google reader"، وكلهم أشخاص لا أعرفهم.
وسيكون ضرورياً أن أكتب لزوار هذه الصفحة حول "الكلام البلبوص" بشكل عام، وحول بعض الأفكار التي تحرك صاحب هذه المدونة وتجعله يكتب وينشر ويستقبل التعليقات ويتأملها.
و"الكلام البلبوص" هو وصف اعتاد صاحب هذه المدونة أن يطلقه على نوع من الكتابة الحرة، التي تتجاوز حدود الأدب، فتتحدث مرة عن الجنس، ومرة عن الدين، وثالثة عن الآباء والأمهات، هو الكلام الذي يمكن أن تهمس به وحدك أثناء الاستحمام، او واقفاً أمام مرآتك في لحظة اكتئاب حقيقية صادقة.
هي الكتابة التي لا تبدأ بـ"مما لا شك فيه".. أو "لست أدري كيف يمكن أن".. فيها من الحرية أكثر مما فيها من الأدب، ولا علاقة لها بالالتزام. "الكلام البلبوص" هو ما ينوي صاحب هذه المدونة أن يستمر في قوله، فلديه قلق كبير حول كتابته، يخشي أن يصبح كاتب للسلطة، والسلطة هنا تبدأ بالنظام السياسي، مروراً بمكتب الإرشاد مثلاً، نهاية بتعليقات القراء.
عموماً، أفضل أن تمر هذه السطور سريعاً. لذا سأكتفي مبدئياً بنقل إهداء رواية "إحدى عشر دقيقة"، للكاتب "باولو كويلهو". وهي كما يعرف بعضكم الرواية الجنسية الوحيدة لكاتب معروف عنه اهتمامه بالروحانيات والمشاعر والعواطف والعلاقة الطيبة بالله. يقول الإهداء..
كنت أقف فى ساحة الكنيسة عندما اتجه نحوى رجل يناهز السبعين وخاطبنى قائلا "هل تعرف أنك تشبه باولو كويليو؟".. أجبته بأننى أنا هو, عانقنى الرجل وقدم لى زوجته وحفيدته قال لى ان كتبى تحتل مكانة كبيرة فى حياته, ثم ختم كلامه بالقول "أنها تجعلنى أحلم".
غالبآ ما سمعت هذه الجملة وأدخلت المسرة الى قلبى لدى سماعها. لكني, مع ذلك شعرت فى تلك اللحظة بقلق عميق. كنت أعرف أن روايتى "11 دقيقة" تتناول موضوعآ حساسآ يحدث لدى القارئ صدمة عنيفة ومزعجة. مشيت الى الينبوع لأحصل على القليل من المياه العجائبية . ثم سألت الرجل عن مكان أقامته وسجلت اسمه فى مفكرتى.
موريس غرافلين هذا الكتاب مهدى اليك. لدي واجب تجاهك وتجاه زوجتك وحفيدتك وتجاه نفسي, التحدث عما يشغلني وليس عما يود الناس سماعه. ان بعض الكتب تجعلنا نحلم وبعضها الأخر يذكرنا بالواقع, لكن لا يمكن لأي كاتب أن يتنصل مما هو جوهري لكتابته, ألا وهو النزاهة التى يكتب بها.
انتهى الإهداء الذي يأتي في الصفحة الأولى من رواية يصفها البعض بجملة قصيرة "قصة حياة عاهرة"..
...............
ما أنا متأكد منه الآن أني "كاتب" ولست "خطيب جمعة". ومن المعلوم من الكتابة بالضرورة، أنها تستمد أهميتها من الأفكار الجديدة التي تطرحها. ومن المعلوم من الفن والإبداع، أنه تجربة لتجاوز المعقول والمعروف، تخطي الحدود، وتخيل أن العالم أوسع مما يعتقد الآخرون.
ومن المؤكد، أن كتابة ما يعتقد الناس أن عليك أن تكتبه، يمكن في جريدة "عقيدتي" إن كانت لا تزال تصدر، أما كتابة ما يريد الكاتب أن يكتبه، فالمدونات أولى بها، وبحسب معلوماتي فإن جريدة "عقيدتي" المحترمة لم تتفضل بنشر ما كتبت، وأن صفحات مدونتي فقط هي المكان المسموح لي بالنشر خلاله، وأن المدونة يتم تمويلها من جيب صاحبها، وأني لم أقم بنشر إعلانات في الطرقات العامة أو على صفحات الجرائد عن المدونة، ولم أطلب من أي شخص أياً كان أن يتفضل بقراءة ما كتبت.
حيث أني أكتب لنفسي، معتبراً المدونة بديلاً عن أجندة بنية أهدتها لي أمي ونصحتني بكتابة يومياتي، ولأن خطي سيئ بما يكفي، فقد تعلمت النقر على لوحة المفاتيح، ولأني أخشى أن تضيع الصفحات التي كتبتها، فقد نشرتها على هذه المدونة، ورأيت أنه سيكون من المفيد (لي)، مشاركة حضراتكم هذه الأفكار التي تخصني وحدي، وأنا فقط مسؤل عنها.
وبخصوص "الكلام البلبوص" يا أولاد، والكلام هنا للذين وجدوا أنفسهم مهتمين بقراءة السطور "الأبيحة" في تدوينتي الطويلة المملة التي يدور موضوعها حول "الجنس عبر الهاتف"، فدعونا نستمع لـ"زياد رحباني" يعطي نصائحه في اسطوانته "نص الألف خمسمية" ويقول :
ليك: مش ضروري تظل تشرح شيء لناس معتبرين حالهم بيعرفوه.. لا بل.. بيعرفوا كل شيء..
مش ضروري تحاول تترجم لأشخاص موضوع.. مش هاممهم بلغته الأساسية.
مش ضروري تظل تعمل إشارات لعالم.. عم بيتطلعوا على غير محل يا خي..
ليك: مش ضروري تظل سهران على جماعة ناموا من زمان.. وبالعلامة في واحد منهم قشط راسو بصحن التبولة.
روح. ضهار، تمشّى..أستأجر بسكلات...
..........
هذا والله أعلم...
ملحوظة :
خلال الشهر القادم تنشر هذه المدونة عدداً من التدوينات الجاري تحضيرها، الأولى بعنوان "ستة أسباب للحنين إلى روبي" وهي كما يظهر في العنوان عن الفنانة المصرية المحترمة روبي. والثانية بعنوان "أديان رخيصة". ويتناول فكرة أشار لها الدكتور "عبد الوهاب المسيري" في مذكراته حول حقوق الملكية الفكرية للنصوص الدينية. أما الثالثة فبعنوان "الله يبارك في البارات"، والحقيقة أني لا أعلم موضوعها على التحديد، لكن العنوان اقتباس لأغنية لبنانية تغنيها "ياسمين حمدان"، ويبدو أن التدوينات ستحمل كلاماً بلبوصاً جداً، لذا فنصيحتي المخلصة أن يتم إهمال زيارة المدونة خلال الفترة القادمة حتى يعود الكاتب إلى رشده، ويبدأ في كتابة ما يرغب السادة القراء به..
حقائق علمية :
- شهرياً، يصلني تقرير من الموقع المستضيف للمدونة، به بعض الإحصاءات حول زوار صفحاتها. ومنذ بدأت الكتابة، فإن أكثر من ثلثي زوار المدونة يأتون من خلال البحث على موقع "جوجل"، وكلمات البحث الأساسية هي "سكس"، "روايات جنسية".
- بخصوص سؤال السادة المعلقين حول شعور زوجتي تجاه ما أكتبه، وشعوري إن قرات ابنتي يوماً مثل هذا الكلام العابث، فلهم أن يعلموا أن زوجتي من زوار المدونة الدائمين، وحال نشر أي كلام "بلبوص" يتم أخذ رأيها أولاً، لأنها الوحيدة في هذا العالم التي أخشى أن تؤذيها كلماتي.. أما ابنتي، فهذا موضوع آخر، حيث أفضل ألا أتحدث عن بنت جميلة اسمها "مليكة"، في تدوينة اسمها "كلام بلبوص".. وتصبحوا على خير.
- الصور من هنا