‏إظهار الرسائل ذات التسميات صغيري. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صغيري. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، سبتمبر 10، 2008

وكأني تامر حسني.


أفشل كل صباح في الإنسحاب من فراشي دون ازعاج مليكة، فوراً تكتشف أنني أخطط للخروج من المنزل، تفتح عيونها الصغيرة، وتكشف عن "لثة" دون أسنان، وتنطلق في الضحك مرسلة إشارات غير مفهومة بكفيها، وأصوات طفولية لذيذة.

تتباعني عيون مليكة، من السرير إلى خارج الغرفة، ومن باب الحمام إلى ضلفة الدولاب، تراقبني عارياً تماماً بالفوطة، وتدقق النظر حين أبدأ بفرك الجيل في شعري، أو ارتداء الشراب الأبيض الذي أحبه.

مليكة، حين تصحو وتنظر إلي، تشعرني وكأني تامر حسني، وكأنها معجبة مهووسة على استعداد لفعل أي شيء للمس نجمها وتقبيله واحتضانه.

ما يخيفني حقاً، أنه بمرور الوقت، فإن قواي كلها ستخور فجأة، وسأمتنع عن مفارقة الفراش، أو النزول من البيت أصلاً، فالبقاء مع هذه الأميرة الصغيرة، أمر يستحق.

الأحد، يوليو 15، 2007

صغيري (2)


أسمع كلام أبوك..
ونفذ كلام أمك..

الاثنين، يوليو 02، 2007

صغيري (1)


صغيري..

سأخبرك بالحقيقة.. شعرت تجاهك أمس ببعض الغيرة.. سامحني عليها.

حين أخبرتني أمك بأنك "موجود"، وأن علينا الاستعداد لاستقبالك بعد شهور، لم أفرح كما تخيلت أنني سأفعل.

ساورني شعور بالقلق.. لأنك ستصبح "صغيري".. ولأني في الحقيقة لا زالت صغيراً للدرجة التي ربما لا تسمح لي بأن أكون مسؤلاً عن صغير غيري.

أعترف أنني تجاوزت قلقي بعد دقائق، وأن الفرحة انتصرت في النهاية.. لكن بمرور الوقت، بدأ القلق يتلاشى، أو بمعنى أدق يتحول.. إلى خوف!

أخاف منك يا فتى.. "أسمح لي باعتبارك ذكر من قبل أن نعرف نوعك، ربما لأن عادة الرجال في العالم الذي ستصل إليه أن يفتخروا بأن لديهم صغار ذكور، وربما لأن ذلك سيوفر علي الكثير من نون النسوة وأنا أكتب لك، وإن كنت في الحقيقة، أتمنى أن أستقبل في بيتي المتواضع فتاة جميلة ساحرة تجبرني على احترامها (تماماً كما فعلت أمها منذ فترة)، ربما لأني أحب البنات عموماً، شأن رجال العالم الذي ستصلين إليه إن كنتِ إنثى جميلة اسمها يافا (كما اتفقت مع أمك)"..

أخاف منك لأن القادر على كشفي بسهولة.. أفكر الآن أنك بالضرورة ستصبح طفلاً، والأطفال أحباب الله، وأنا لازلت لا أعرف شعور الله تجاهي هذه الأيام، كما أني لا أعلم إن كان سيسمح لأحبابه بحبي.. أم أن ثمة أشياء ستجعله يطلب منهم العكس.

في مركبة نيلية، وبينما كنا نحتفل بعيد ميلاد "عمك مصعب"، اقترح "عمك زين" أن نلعب لعبة صغيرة، أن يبوح كل شخص على متن المركب بأحلامه بعد سنوات خمس.. عن نفسي، صارحتهم بأحلامي العملية الخاصة، وبحلمي الشخصي، أن يصبح لدي من هو قادر على النطق بـ"بابا".. دون أن تساوره أي مشاعر من الضيق بسبب كوني أبوه... فقط أرغب في طفل يفتخر أني أبوه، وأطلب من الله أن يمنحني بعض الوقت والعمر والطاقة، لأفعل له أشياء طالما تمنيت أن يجد كل طفل في العالم من يفعلها له.

حين أفكر بك.. أرى في رأسي صورة واحدة..

أراني بجسدي الممتلئ المتضخم أتهاوى تحت أقدامك، أجفف دموعك، وأصلح لعبتك المكسورة، وأنظف ملابسك التي اتسخت لتوها نتيجة لعبك المستمر في حديقة المنزل (رغم أننا لا نملك واحدة)..

أراني واقفاً على ركبتي لأصبح ملائماً لقامتك القصيرة، أحدك في أدب واحترام، وأستمع لطلبك الجديد، مع إظهار بعض الحزم تجاه طلباتك المعتادة من الحلوى وأكياس الشيبسي التي سأخبرك أننا سنذهب بسببها للدكتور ونأخذ حقنة كبيرة.. سنذهب سوياً في الحقيقة، لأنني أيضاً أحب الشيبسي والحلوى بنفس مقدار حبك لها.. لذا.. سأتراجع عن حزمي.. وننطلق تجاه البائع لإحضار المزيد منها.. دون أن نخبر أمك التي ستعترض بالتأكيد وتتهمني بأني افسد أخلاقك (تماماً كما أفسدت أخلاقها بزواجي منها)..

أراني جالساً على الأرض بجوار سريرك الصغير، نائم أنت، أو تحاول النوم، فيما تطلب مني أن أحكي حكاية جديدة من حكايات قبل النوم التي يحضر الأطفال إلى عالمنا وهم متأكدون أن عالمنا مليء بالحكايات التي تحكى قبل النوم.. رغم أنها ليست حقيقة..

سأخبرك أنني أشعر أنك أتيت للدنيا خصوصاً لتستمع لهذه الحكايات، وأنني بصراحة لا أحفظ منها الكثير، ستخبرني (بيني وبينك، وستطلب مني اعتباره سراً) أنك أيضاً لا تهتم كثيراً بأمر حكايات قبل النوم.. وأنك فقط تطلب سماعها لتجبرني على الجلوس بجوار سريرك قبل نومك.. وتطلب مني ألا أخبر أمك، لأنها بصراحة تحكي حكايات حلوة..

أتظاهر بالغضب، وأدير وجهي للناحية الأخرى، تصالحني أنت بقبلة، وتعاتبني بقولك أنني أحكي لك الحكاية نفسها منذ شهر.. وأنك تتمادى معي وتتظاهر بأنك تستمع لها باهتمام رغم أنك تعرف نهايتها.. ورغم أن أمك حكتها لك منذ شهر..

سأصارحك أنني أنا أيضاً سمعتها ذات يوم من أمك.. قبل أن تحضر أنت إلى الدنيا.. حين كنت أقوم أنا بدورك..

سيقفز السؤال التالي إلى رأسك، ومنه إلى لسانك، وسيدلك ذكائك أنه سؤال سري ينبغي أن تطرحه على أبوك بصوت هامس.. تقترب من أذني وتسأل.. "طب هو أنا جيت إزاي بقى؟؟"..

أتصنع الدهشة.. أرجع نفسي مرات.. ثم أقرر أن أفعل ما عزمت على فعله منذ سنوات.. "عندما يسألني ابني عن الطريقة التي جاء بها إلى الدنيا.. سأخبره بمنتهى الصراحة، ولن أختلق قصص بلهاء من عينة : وجدناك فجأة في السرير.. من عند الدكتور.. من عند ربنا.. تحت السجادة".. سأخبره بالحقيقة وربما استخدم الانترنت كوسيلة مساعدة وأشرح له على الصور (قرأت على إسلام أون لاين مشكلة من أم تعاني من صغيرها ابن العامين يجلس على الانترنت ويزور مواقع إباحية).. سأزور معه موقعاً إباحياً لصغار السن.. حيث يصورون فيه مشاهد خاصة لممارسة الجنس بين الصغار..

هنا فقط تدخل أمك الغرفة.. وتسأل في براءة عن السبب في أنك لم تنم حتى هذه اللحظة.. تأمرني بالخروج فأنفذ الأمر.. وتأمرك بالنوم فتتظاهر بالتنفيذ رغم أن الفضول يقتلك لمعرفة إجابة على سؤالك..

في الغرفة المجاورة ستسمع ضجيج وصراخ.. ستحاول معرفة الأمر دون جدوى.. تسألني في اليوم التالي فأخبرك أنه صوت التليفزيون.. رغم أن الحقيقة هي أن أمك كانت تعاقبني على ما كنت سأفعل بك وما كنت أنوي إخبارك به..

في الليلة التالية تخبرني بأنك غير مقنع بالمرة بفكرة قطعة السكر تحت السجادة وأنها طريقة ساذجة لإحضار الأطفال إلى هذه الدنيا.. سأحاول إقناعك.. وحين أفشل.. سأعدك بإخبارك بالحقيقة في يوم لاحق.. تكون أمك فيه خارج المنزل.

صغيري..

الآن فقط أصدق جدك الذي أخبرني مرات عديدة بأنه يحبني أكثر من نفسه، وأنني لن أدرك هذه الحقيقة إلا بعد أن أصبح أب.. والحقيقة أنه كذب على ابنه (الذي هو أبوك)، فسأشعر بحقيقة ما كان يقوله حتى قبل أن أصبح أب.. فقط بمعرفة أنني ربما أصبح كذلك قريباً..

كل هؤلاء إذن يحبون أولادهم أكثر من أنفسهم.. إذن يا صغيري المشكلة ليست في الحب.. هي فقط في طريقة تعبيرنا عنه..

هل يستوعب عقلك الصغير كل هذه الفلسفة؟؟.. توقع منك أشياء كثيرة، منها أنك ستحضر إلى هذه الدنيا وأنت مكتمل النمو.. وتملك من العمر سنتين.. بحيث نبدأ في التواصل سوياً من اللحظة الأولى لحضورك.. دون أن نضيع وقتي ووقتك في مرحلة النمو الأولى التي تقتصر معرفتك فيها على صدر أمك..

أتركك الآن.. أنت مشغول الآن بأمور كثيرة أهم من قراءة خطاب والدك الأول.. أنا أعذرك تماماً، رغم أني لابد أن أخبرك أن قراءة خطابات والدك أمر هام جداً، على الأقل لابد أن تظهر الاحترام الكافي لأبوك وأمك..

صغيري.. فلتأتي وقتما شأت.. وكيفما شئت.. حضورك يسرنا.. ونحن على استعداد لاستقبالك.. أما عن الأشياء التي فعلناها لأجل هذه الاستقبال.. فستعرفها في خطاب والدك التالي..

توقيع : أبوك يا ولد..