تحيا مصر.. فقط لا غير
أريد أن أحكي لكم قصة بطولية قمت بها صباح 25 يناير، أنا شخصياً أعتبر نفسي بطلاً بعد ما حدث..
كنا في سيلانترو ميدان مصطفى محمود. في العاشرة صباحاً نشرب الأميركان كوفي ونأكل سيزر سلاد، الأول نوع من القهوة والثاني نوع من السلطة، إذن، كنا نشرب القهوة ونأكل السلطة، ونفكر فيما يمكن أن يحدث لنا بعد ساعات.
ندخل على الإنترنت كل دقيقة نتابع الفيس بوك وتويتر لنعرف أي معلومة. نتبادل النكات، ونتواعد على اللقاء مجدداً في المساء في "سبكترا"، حيث مطعمنا الإيطالي المفضل.
أنت تتوقع أني أهزر أو أشتغلك، الله يسامحك. على كل حال لم تكن هذه الأمور مهمة. ما كان مهماً هو التالي : وقفت في منتصف سيلانترو، وأخبرت أصدقائي بأني لن أسمح لأي شخص بالحديث عن استمرار المظاهرات بعد يوم 25، قلت، اليوم أجازة، نعمل مظاهرات، ونرجع بكرة نشتغل.. مفيش 26، ولا فيه 27.. مفهوم؟.
فكرت أنا وأحد أصدقائي في عبور الشارع والوقوف أمام مسجد مصطفى محمود لاستطلاع الأمور. اقتربنا. ويا للهول، عشرات الشباب والرجال والنساء، كلهم بملابس سوداء.. الله أكبر، المظاهرة ستنجح.. استبشرنا خيراً.
مرت دقيقة أو دقيقتين، حتى رأيت عدة نعوش تخرج من داخل المسجد، وكان الرجال والنساء بالملابس السوداء يبكون، ثم أصبح المكان خالياً فجأة. مجرد جنازات حارة لأشخاص اختاروا الموت صبيحة يوم الثورة. الله يرحمهم.
أصابنا الإحباط، واستدرنا للعودة إلى سيلانترو. فوجدنا سيارة أمن مركزي ضخمة تقف أمامه، ورأس صديقة محجبة يدخل إلى الصندوق الخلفي، فأدركنا أن تنظيم سيلانترو المحظور أصبح خلف الأسوار. فوقفنا مكاننا نفكر، هل سنذهب إلى "سبكترا" في المساء فعلاً؟.
أجرينا بعض الإتصالات، لحسن الحظ كانت زوجتي في الحمام داخل سيلانترو، لتخرج وتجد الكافية خالي من الناس، وتغافل الحارس وتهرب. أدركت وقتها أن أفضل مكان يمكن الذهاب له هو داخل المسجد. رغم أن هناك ساعتين تفصلنا عن موعد المظاهرة.
ما البطولة في كل هذا؟. أبداً، ولا شيء. كل ما في الأمر، أنني دخلت المسجد وأمرت بعض الشباب، دون أن أعرفهم بالخروج فوراً لأن المظاهرة ستبدأ الآن.. ولم يكن الأمر يحتاج سوى لنبرة حازة وصوت مرتفع، وبدأت المظاهرة. نظرت حولي خارج المسجد وسألتهم : "حد صوته قوي يهتف؟؟".. فلم يرد أحد، كان الأمن يحيط بنا، وكان الرعب يملأنا، فيما كان بعضنا لم ينتهي بعد من ربط رباط حذاءه.. حالنا كان غريب، وأحلامنا كانت بسيطة.. فقط لا تضربونا.
فكرت أن صاحب الصوت العالي سيظهر وحده عندما ابدأ أنا بالهتاف.. فهتفت : تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. وكرر الشباب الهتاف، فظهرت جماهير من كل مكان، وصرنا عدة مئات.
ولأني أفضل الكلمات الصغيرة القصيرة في الهتاف، كنت أردد : أرحل.. برة..، ولأن الهتاف بحاجة إلى حماس، كنت أشير بيدي للأمام، ففهم البعض أن "برة" المقصود بها كسر الكردون والخروج للشارع، فتحولت الوقفة إلى مسيرة.. وأنتم تعرفون باقي القصة.
بالذمة، ألست بطلاً؟.. طبعاً بطل وألف بطل، بل وأهم بطل في الثورة (بعد الشهداء طبعاً).. ليس لأني أمرت الشباب بالخروج، ولا لأني لم أذهب إلى سبكترا منذ ذلك التاريخ، ولا لأني قررت خروج المظاهرة قبل موعدها..
بطل، فقط، لأني عندما اخترت الهتاف، لم أجد خيراً من : تحيا مصر.. فقط لا غير.
هناك 3 تعليقات:
تحية الاهل السنه في كل مكان
الله يسامحك. على كل حال يلمنهالي ونته تسكن في الربع الخالي بين الامارات وعمان واليمن
و كل يناير يا براء و صوتك ف التلفيزيون في الفيديوهات عايش رحمه الله عليك
إرسال تعليق