واحد زيك
أيام ما كنت بكتب باسم مستعار في عشرينات..
..........
أستيقظ يوميا من نومي على نفس الجملة التي تزجرني بها أمي على أمل منها أن "تحوق" جملتها في وأقوم من سباتي..
"أنت لسه نايم ..واحد زيك كان يبقى في شغله من ساعتين"..تلك هي الجملة!
في البداية كانت جملة أمي تؤتي ثمارها وأقوم من نومي مفزوعا (أو مدعيا الفزع) وأهب إلى عملي في نشاط مصطنع على أمل النوم على المكتب لدقائق تعوض ساعات نومي المسروقة بفعل جملة أمي.
تبدأ نظرية المؤامرة في الدق على عقلي عندما يصرخ مديري في وجهي بجملته المعهودة التي أشك أنه أخذها من أمي أو سمعها صدفة من وكالة أنباء "صديقاتها"!
"جري إيه؟..الشغل لسه مخلصش ليه..واحد زيك كان المفروض يسلم شغله قبل ميعاده بساعتين"..
كما هي العادة، فقدت الجملة تأثيرها بعد المرة الخامسة، وبعد أن اكتشفت أن المدير المحترم يوزعها على باقي زملائي بالعدل والحق، وكأن وظيفته التي جاء لأجلها هي أن يقول لكل موظف في أذنه أن لو شخصا آخر مكانه كان أنجز عمله منذ زمن.
الشيء المشابه بين جملة أمي وجملة مديري هو الزمان، فكلاهما يعتقد أني متأخر عن موعدي بساعتين فقط لا غير، بغض النظر عن أنهما يرونها مدة طويلة، فعندما ينتقل الأمر إلى خطيبتي تكتشف أن اختلاف الفترة الزمنية سيصنع فارقا ما (ليس قليلا) بين تأثير الجملة.
خطيبتي، (أو هكذا أدعي) تأخذ من الجملة نفس تركيبها، لكنها بالطبع تضيف إليها حواسها "الأنثوية" وأفكارها التي تتعلق بلا شك بعلاقتنا الغامضة..
فلا هي خطيبتي بشكل رسمي، ولا علاقتنا بسيطة وبريئة بشكل يجعلها مجرد صديقة أو زميلة، اسميها خطيبتي وأجعلك تفهم من خلو أصابع يدي ويدها من أي "دبل خطوبة" أن بيننا علاقة ما غير رسمية لكنها في الوقت نفسه غير عادية!
"بصراحة، أنت لازم تيجي تتقدم لبابا، واحد زيك موش ناقصه حاجة عشان يتجوز"..
..بصراحة أكثر، فإني أعاني (أو أتمتع) بعدم إمكانية تصديق أي جملة تبدأ بكلمة "بصراحة" أشعر أنها تفقد ما يأتي بعدها مصداقيته، وتعطي لمستمعها الحق الكامل في الاستهتار بمحتوى الجملة.
الفارق في الزمان الذي أقصده، هو أن خطيبتي تصرخ في وجهي بالجملة في كل مقابلة، وتهمس بها في أذني في كل مكالمة هاتفية، وتكتبها لي في كل conversation على الماسينجر!
وبالطبع، فإن المدة بين كل مرة والأخرى لا تسمح لها على الإطلاق بأن تقول أني متأخر ساعتين، ففي نظرها فقد تأخرت عن التقدم لأبيها حتى من قبل أن أعرفها هي نفسها!
أما أصدقائي فيثبتون لي في كل مرة أنهم لا يعرفوني مطلقا، يعتقدون أن صديقهم (أنا) لديه القدرة على فعل أشياء خارقة لم يهبها الله إلا لأنبيائه، ولم يهبها التليفزيون إلا لأبطال أفلام الأكشن.
في الأسبوع الماضي، وفي النادي الذي نرتاده، كانت الجملة السابقة..
"أضربه، واحد زيك لازم يعلمه الأدب"..أحد أصدقائي قالها!
حرف الهاء الملحق بكلمة "أضرب" عائد (كما توقعت أنت بالتأكيد) على بني آدم يعاني من اتهامات عديدة بأنه لا ينتمي بالمرة لجنس البشر، ورغم أن الجملة الأخيرة المستفزة خرجت من فم صديقي بدون أي إشارة مني لاستعدادي لفعل ما قاله، إلا أن الشخص المقابل استلمني ليجعل مني ومن قائم مرمى ملعب النادي جزءا لا يتجزأ عن بعضه!
الآن، وأنا في طريقي للعمل مررت بسيدة عجوز تجلس تحتضن طفل صغير تسميه ابنها (وهي التي بلغت سن اليأس من قبل أن أولد) وتمد يدها لـ"ولاد الناس" كما تسميهم على أمل أن يعطيها أحدهم ما يسد جوعها وما يجعلها قادرة على سداد أقساط "الطفل"!
"نص جنيه؟!..يا بيه ده أنت مقام واحد زيك ورقة بخمسة"..
مددت يدي مرة أخرى لأسحب منها الخمسين قرشا، ولأصعد من فوري إلى العمل وأطلب فنجان قهوة (التي لا أشربها) لعلها تهدئ من روعي وتفض الاشتباك بيني وبين الشخص الآخر الذي يحل محلي في ذهابي وآيابي، أخيرا كانت النهاية من نصيب الباشمهندس إبراهيم من البوفية.
"قهوة؟!، يا ابني أنت لسه صغير، واحد زيك لسه بدري قوي على القهوة"..
أصررت على موقفي في طلب القهوة، وقررت أن ابدأ في كتابة هذه السطور، على نية أن أقف على سور المبنى الذي يقبع فيه عملي لأخلص الناس مني وأخلص نفسي منهم، ولأترك لأمي ومديري وخطيبتي وأصدقائي الشخص الآخر الذي لو كان مكاني لفعل الأشياء الكثيرة التي لا أستطيع أن أفعلها..على الأقل وأنا على قيد الحياة!
.....
لماذا أكتب كل هذا الآن، واحد مثلي تسمح له ظروفه بالاستيقاظ مبكرا وبانجاز العمل قبل موعده بساعتين وبالزواج وقتما شاء وبإعطاء السيدة العجوز ورقة بخمسة جنيهات، كلها أشياء تجعلني غير مستاء ولا غاضب، ولا مضطر لكتابة مثل هذه السطور.
"بلاش قهوة يا عم إبراهيم، خليها كاكاو"..أنا!
أستيقظ يوميا من نومي على نفس الجملة التي تزجرني بها أمي على أمل منها أن "تحوق" جملتها في وأقوم من سباتي..
"أنت لسه نايم ..واحد زيك كان يبقى في شغله من ساعتين"..تلك هي الجملة!
في البداية كانت جملة أمي تؤتي ثمارها وأقوم من نومي مفزوعا (أو مدعيا الفزع) وأهب إلى عملي في نشاط مصطنع على أمل النوم على المكتب لدقائق تعوض ساعات نومي المسروقة بفعل جملة أمي.
تبدأ نظرية المؤامرة في الدق على عقلي عندما يصرخ مديري في وجهي بجملته المعهودة التي أشك أنه أخذها من أمي أو سمعها صدفة من وكالة أنباء "صديقاتها"!
"جري إيه؟..الشغل لسه مخلصش ليه..واحد زيك كان المفروض يسلم شغله قبل ميعاده بساعتين"..
كما هي العادة، فقدت الجملة تأثيرها بعد المرة الخامسة، وبعد أن اكتشفت أن المدير المحترم يوزعها على باقي زملائي بالعدل والحق، وكأن وظيفته التي جاء لأجلها هي أن يقول لكل موظف في أذنه أن لو شخصا آخر مكانه كان أنجز عمله منذ زمن.
الشيء المشابه بين جملة أمي وجملة مديري هو الزمان، فكلاهما يعتقد أني متأخر عن موعدي بساعتين فقط لا غير، بغض النظر عن أنهما يرونها مدة طويلة، فعندما ينتقل الأمر إلى خطيبتي تكتشف أن اختلاف الفترة الزمنية سيصنع فارقا ما (ليس قليلا) بين تأثير الجملة.
خطيبتي، (أو هكذا أدعي) تأخذ من الجملة نفس تركيبها، لكنها بالطبع تضيف إليها حواسها "الأنثوية" وأفكارها التي تتعلق بلا شك بعلاقتنا الغامضة..
فلا هي خطيبتي بشكل رسمي، ولا علاقتنا بسيطة وبريئة بشكل يجعلها مجرد صديقة أو زميلة، اسميها خطيبتي وأجعلك تفهم من خلو أصابع يدي ويدها من أي "دبل خطوبة" أن بيننا علاقة ما غير رسمية لكنها في الوقت نفسه غير عادية!
"بصراحة، أنت لازم تيجي تتقدم لبابا، واحد زيك موش ناقصه حاجة عشان يتجوز"..
..بصراحة أكثر، فإني أعاني (أو أتمتع) بعدم إمكانية تصديق أي جملة تبدأ بكلمة "بصراحة" أشعر أنها تفقد ما يأتي بعدها مصداقيته، وتعطي لمستمعها الحق الكامل في الاستهتار بمحتوى الجملة.
الفارق في الزمان الذي أقصده، هو أن خطيبتي تصرخ في وجهي بالجملة في كل مقابلة، وتهمس بها في أذني في كل مكالمة هاتفية، وتكتبها لي في كل conversation على الماسينجر!
وبالطبع، فإن المدة بين كل مرة والأخرى لا تسمح لها على الإطلاق بأن تقول أني متأخر ساعتين، ففي نظرها فقد تأخرت عن التقدم لأبيها حتى من قبل أن أعرفها هي نفسها!
أما أصدقائي فيثبتون لي في كل مرة أنهم لا يعرفوني مطلقا، يعتقدون أن صديقهم (أنا) لديه القدرة على فعل أشياء خارقة لم يهبها الله إلا لأنبيائه، ولم يهبها التليفزيون إلا لأبطال أفلام الأكشن.
في الأسبوع الماضي، وفي النادي الذي نرتاده، كانت الجملة السابقة..
"أضربه، واحد زيك لازم يعلمه الأدب"..أحد أصدقائي قالها!
حرف الهاء الملحق بكلمة "أضرب" عائد (كما توقعت أنت بالتأكيد) على بني آدم يعاني من اتهامات عديدة بأنه لا ينتمي بالمرة لجنس البشر، ورغم أن الجملة الأخيرة المستفزة خرجت من فم صديقي بدون أي إشارة مني لاستعدادي لفعل ما قاله، إلا أن الشخص المقابل استلمني ليجعل مني ومن قائم مرمى ملعب النادي جزءا لا يتجزأ عن بعضه!
الآن، وأنا في طريقي للعمل مررت بسيدة عجوز تجلس تحتضن طفل صغير تسميه ابنها (وهي التي بلغت سن اليأس من قبل أن أولد) وتمد يدها لـ"ولاد الناس" كما تسميهم على أمل أن يعطيها أحدهم ما يسد جوعها وما يجعلها قادرة على سداد أقساط "الطفل"!
"نص جنيه؟!..يا بيه ده أنت مقام واحد زيك ورقة بخمسة"..
مددت يدي مرة أخرى لأسحب منها الخمسين قرشا، ولأصعد من فوري إلى العمل وأطلب فنجان قهوة (التي لا أشربها) لعلها تهدئ من روعي وتفض الاشتباك بيني وبين الشخص الآخر الذي يحل محلي في ذهابي وآيابي، أخيرا كانت النهاية من نصيب الباشمهندس إبراهيم من البوفية.
"قهوة؟!، يا ابني أنت لسه صغير، واحد زيك لسه بدري قوي على القهوة"..
أصررت على موقفي في طلب القهوة، وقررت أن ابدأ في كتابة هذه السطور، على نية أن أقف على سور المبنى الذي يقبع فيه عملي لأخلص الناس مني وأخلص نفسي منهم، ولأترك لأمي ومديري وخطيبتي وأصدقائي الشخص الآخر الذي لو كان مكاني لفعل الأشياء الكثيرة التي لا أستطيع أن أفعلها..على الأقل وأنا على قيد الحياة!
.....
لماذا أكتب كل هذا الآن، واحد مثلي تسمح له ظروفه بالاستيقاظ مبكرا وبانجاز العمل قبل موعده بساعتين وبالزواج وقتما شاء وبإعطاء السيدة العجوز ورقة بخمسة جنيهات، كلها أشياء تجعلني غير مستاء ولا غاضب، ولا مضطر لكتابة مثل هذه السطور.
"بلاش قهوة يا عم إبراهيم، خليها كاكاو"..أنا!
هناك 3 تعليقات:
واحد زيك كان لازم يكون عندة كومنتات كتير فى البلوج بتاعه
entaa gameeeeeeeel
i sometimes think the same
hope to c ya in a mozahraa or something
bye
really nice sense of humor :)
إرسال تعليق