حركات متناظرة متواترة
.......
أقام عزت القمحاوي روايته الجديدة "الحارس" على ثلاث أفكار لامعة.
أولها فكرة القامع / المقموع، ذلك أن الرواية العربية تعاملت، غالباً، مع شخصية القامع، دون أن تلمس، إلا نادراً، القمع الداخلي الذي يقع عليه.
وثانيها: الكيان السلطوي المتكلس، الذي تترجمه جملة حركات متناظرة متواترة، تجعل منه كياناً ميتاً، حتى لو بدا غير ذلك.
وثالث الأفكار يتجلى في معنى السلطة المستبدة، التي تحتاج الطقوس والإشارات والرموز، قبل أن تحتاج إلى البشر، كما لو كان لباس السلطان هو السلطان.
نسج القمحاوي هذه الأفكار متوسلاً، فنياً، عنصرين : تمايز الملامح الإنسانية قبل الوصول إلى السلطة، وتراجعها إلى حدود التلاشي، بعد الوصول إليها، ذلك أن ملامح الإنسان وحريته لا ينفصلان.
ولعل هذا التلاشي، الذي هو أثر للتكلس ومحصلة له، هو ما يجعل ملامح المستبدين متقاربة، كما لو كانت السلطة تعيد خلق البشر وتعطيهم أسماء جديدة. أما العنصر الثاني فيتكشف في سخرية لاذعة، هي وصف موضوعي للسلطة وتنديد بها في آن.
في رواية "الحارس" يطرح عزت القمحاوي أسئلة الرواية العربية في سياق جديد، يقضي بالبحث عن أشكال فنية مطابقة.
...........
ما سبق يحمل اسم "فيصل دراج"، وهو شخصية مجهولة بالنسبة لي بسبب جهلي وغبائي وقلة ثقافتي وضيق افقي وكسلي في الإطلاع، وقد كتبت تلك السطور بلون أسود، على خلفية صفراء فاقع لونها لا تسر الناظرين، هي ظهر غلاف رواية تحمل اسم "الحارس" لمؤلفها الذي يظهر اسمه بين السطور "عزت القمحاوي" وهو أديب وصحفي مصري بجريدة أخبار الأدب وله عدد من مقالات الرأي المنشورة في جرائد مصرية وعربية. وله شعبية وجمهور يحترم ما يكتبه، ولعلي واحد منهم.
الرواية من إصدار دار "العين" التي سأكون ممنوناً لأي شخص يذكر لي أهمية وجودها، وما خرج منها من مطبوعات يمكن أن يقرأها قارئ عادي مثلي.
وقد لفتت سطور "دراج" نظري لسببين، الأول أن الكتاب ذاته هو واحد من ثلاث كتب، وضعت دون قصد في دولاب خشبي صغير، لم نجد له مكان في شقتنا فاستقر به الحال – بناء على رغبتي التي أقنعت بها زوجتي – في الحمام بجوار المكان المخصص للجلوس.
ودون إرادتي تمتد يدي كل مرة أجلس فيها لقراءة أي شيء، ولأني أعرف أن جلستي قصيرة، لا تكفي لقراءة فصل من رواية أو مقال كامل في جريدة، فقد ركزت على الكتابات القصيرة، وكانت سطور "دراج" واحدة منها.
أما السبب الثاني، فهو أسلوب الكاتب من ناحية، وتراكيبه من ناحية أخرى. فقط سأقول أني لم أفهم كلمة واحدة مما قرأت. وأني سأمتنع عن قراءة الرواية كنوع من الإحتجاج على ما وجدت في خلفيتها.