الاثنين، مايو 29، 2006

عن "بشر" الصعيد.. أحكي لكم!



تريد أن تعرف المزيد عن "بشر" الصعيد؟.. أنا أحكي لك!

قلت لك أنهم ينتمون إلى زمن الدهشة.. لكن قبلها، دعني أفهمك عن أي بشر أتحدث..

هؤلاء الذين أقصدهم، هم رجال وكهول الصعيد.. لا شبابه وفتياته!

شباب هذا البلد، يدخل على النت، ويعاكس البنات، ويرتدي الجينز، لكنه مازال يتعامل مع كل هذه الأشياء بمنطق الدهشة..

لا هو مقتنع بأن الجينز يلائمه، بل أنه يفعل ذلك تقليدا للغرباء الذين يأتون للدراسة في جامعات بلاده، والذين قادهم حظهم العاثر ونتيجتهم الضعيفة في الثانوية إلى كلية حقيرة في هذه الجامعات..

ولا هو يعاكس أي فتاة، فالمعاكسة من نصيب البنت الغريبة فقط، لا مجال لمعاكسة واحدة من بنات البلد، لأنهن بنات عمومته وخالاته.. وهن صنعن للزواج فقط، وعيب جدا إن الراجل يعاكس مراته قبل الجواز.. ميجيبش منها عيال!

الغريب في موضوع المعاكسة، أن الغرباء الدارسين في هذا البلد، يستغلون فرصة انصراف شباب البلد عنهن، وحاجتهن لمن يشبع غرورهن الفطري، وحاجتهن الأنثوية لشاب يتأمل جمال كل واحدة منهن..، ستجد معاكسة بنات البلد عادة يومية لكل شاب مغترب، والأغرب أن الأمر يتطور أحيانا لتصبح لدينا علاقات غير شرعية وحمل وولادة وهند وأحمد ولينا..

السؤال الطبيعي.. طيب ما شباب البلد يعاكسوا بنات البلد، ويتجوزوا ويخلصوا.. إنه زمن الدهشة.. ورفض كل ما هو طبيعي والإصرار على هدم رؤية أشياء بعينها رغم أنها.. واضحة زي "السمس".. هكذا ينطقونها!

أما النت كافيه، المزار الطبيعي لكل شاب قناوي صعيد جدع أو مش جدع.. فستجده يدخل يوميا ساعات طويلة يقضيها كلها بتركيز واهتمام بالغين.. في لعب الفيفا.. أو الشات مع بنات خليجية، أو البحث عن أحدث صور لنانسي عجرم و.. جورج وسوف!

في النت، ستجد تناقضية غريبة، بين ملابس بعض الجالسين، والجهاز الذي يجلسون أمامه، قمة البدائية، وقمة التكنولوجيا.. بجلباب وشبشب بصباع، أمام الويندوز إكس بي.. أو إخص بي كما نطقها أحدهم أمامي بالأمس!

في النت يدهشك الحوار الذي يدور بين الجالسين.. لكنه يعمق الصورة الأولى التي أخذتها عنهم.. هؤلاء البشر، يعرفون جيدا أن الدنيا تطورت، وأن الوضع تغير، لكن داخلهم رغبة غريبة، وحب مرعب، لأن يظلوا ينظرون لكل شيء من الخارج، دون الدخول إليه والاشتباك معه..

هنا ستجد كل الأجهزة عليها النسخة العربية من الويندوز، وبدون أي برامج يحتاجها أي مبتدئ لكتابة ورقة أو رسم صورة.. وعلى "الهارد"، تمتع بمشاهدة أروع وأسخن أفلام البورنو، ولا مانع من وجود بعض أفلام الأكشن.. وفي فولدر منزوي ستجد أفلام أجنبية مترجمة.. للشباب المثقف!

هل وقعت في خطيئة التعميم أثناء حكاياتي لك.. ربما.. إذن سأحاول تصحيح الأوضاع..

ليسوا كلهم بالصورة التي نقلتها لك.. ستجد منهم التاجر الشطار الذي يسافر كل أسبوع للأقصر وأسوان والغردقة التي لا تبتعد كثيرا عن قنا..

هذه النوعية – وإن كانت قليلة – أدركت أن الدنيا تطورت فعلا، وأنه من الواجب ألا نجعلها تتطور وحدها...

يسافرون إلى هناك، يتاجرون، ويتعلمون جملتين من كل لغة، ويصبح كل واحد منهم قادر على الحديث مع أي سائح مهما كانت جنسيته، وحتى ولو كان قادما حالا من المريخ.. سيحدثه بالمريخي..!

الغريب أن صديق لي منهم.. يرسب كل عام في المادة ذاتها.. الإنجليزي.. ورغم أن يتحدث بها بطلاقة.. لكنه لا يعرف شيء عن كتاباتها!

وحكايات هؤلاء لا تنتهي.. تزوجها رغم أنها أكبر منه بـ50 عام، نظير شراكتها له في البازار الصغير الذي ينوي شراءه، وهو لن يخسر كثيرا، ستأتي مرة كل عام، وربما ترسل له بعد شهور ليقضي معها أجازة الكريسماس في بيتها المتواضع.. بالباهاما!

هو الآخر سيستغل المبلغ الذي أخذه للزواج، سيتزوج بنت عمه التي أحبها رغما عنه، كم تمنى أن يحب فتاة أخرى غيرها ليبدو مختلفا، لكن القلب وما يريد، لقد انتظر طويلا حتى يدق قلبه، وحين دق.. دق لبنت عمومته.. رب صدفة غير من ألف جواز!

هذا نموذج من الخارجين طازة من زمن الدهشة، والنماذج كثيرة، واحد آخر منها ينطبق على الراحل من قنا منذ سنوات طويلة، أخذ شهادته الثانوية، ومعها حقيبته المليئة بالملابس التي لن يستخدمها أبدا لأنها لا تناسب أي بلد آخر إلى قنا.. ومعها طعام أمه الثمين، وخطابات أبوه وأصدقاءه لأصحابهم في القاهرة.. ورحل!

التحق بالدارسة في أي كلية محترمة، لأن مجموعه في الثانوية أكبر بكثير من مجموع نظرائه من أبناء القاهرة ووجه بحري، أولئك مشغولون بأشياء كثيرة، أما هو فلم يشغله شيء عن المذاكرة.. إلا المذاكرة!

يعمل بجانب الدارسة، يتغير سريعا، المدينة تفعل أكثر من ذلك.. ينسى كل ما له علاقة ببلدته الصغيرة المجاورة لقنا.. ويتوه (رغم أنه ليس تائه) في دوامة المدينة!

من هؤلاء مصطفى بكري وأخوه.. وأسماء كثيرة أخرى.. تعيش بيننا تاركة جذورها الأولى في الصعيد..

هؤلاء ينجحون جدا، لأنهم لم ولن يستطيعوا أن ينسوا أنهم غرباء عن هذا البلد، وأنهم أتوا في مهمة ما.. ربما لن تنتهي.. لكنها في النهاية مهمة.. ويجب تنفيذها على الوجه الأمثل!

ونوع ثالث منهم، واحد من الخوارج عن الزمن ذاته الذي ابتلع الصعيدي في ظروف مجهولة.. المهاجر، هو ينتظر أن يحصل على شهادته، وتنفعه كورسات اللغة التي يأخذها منذ شهور، واستيفاءه لكل شروط الهجرة إلى كندا.. وتحويشه لثمن التذكرة من عمله كبائع في محل ملابس شبابية.. ينتظر كل هذه الأشياء ليهاجر ويترك ورائه مصر كلها تشبع بما فيها.. فقد سأم..وقرر التمرد!

أنت طبعا تعرف عن الهجرة أكثر مني.. كل ما سأخبرك به أن شريف قد قابلني بنفس الوضع في عامي الأول في هذه المدينة منذ أكثر من أربعة أعوام.. وهو مازال منتظرا حتى الآن.. ينتظر الشهادة والتحويشة واستيفاء الشروط.. وأشياء أخرى ينتظرها لم تكن في حسبانه.. هو يقول.. أنه أصبح يشبه خاصية الانتظار التي ركبها السيد والده في البيت، رغم أن التليفون لا يرن أصلا إلا مرة واحدة كل ليلة حين تكلمهم أخته الوحيدة لتثرثر قليلا مع أمها.. لكنها نصيحة أحد أصدقاء والده بأن يركب الانتظار لأنها مفيدة وجديدة.. فركبها أبوه.. وشريف لا يرى فيها فائدة سوى أنها تشبهه!

عن صعيد مصر.. أحكي لكم



حرام علينا أن نسب القدر.. أنا أؤمن به

لكن لدي رغبة فظيعة، في سب نتيجتي في الثانوية العامة، ومكتب التنسيق اللعين.. تلك أشياء يجوز سبها، ولعنها.. والدعاء عليها بالزوار والمرواح في داهية.. آمين!

لولا نتيجتي في الثانوية العامة، وكونها متأخرة قليلا عن نظيراتها لزملائي في العام الدراسي الذي حصلت فيه على شهادتي الثانوية، لكنت قد تمكنت من الالتحاق بأي كلية أخرى في مصر غير كلية الآداب قسم الصحافة والإعلام جامعة جنوب الوادي فرع قنا...
ولولا مكتب التنسيق، لكنت اخترت الكلية التي تعجبني.. ولولا حبي لدراسة الصحافة، لكنت أحظى بمقعد في كلية الحقوق جامعة أي حاجة في وجه بحري..

ولولا انشغالي بعشرينات وتطنيشي للمذاكرة، لكنت الآن في سنة رابعة.. بدلا من قضاء عامين في أولى وعامين في ثانية..

ولولا جبني.. وعبطي.. وغبائي، لكنت استوعبت الدرس وفهمت من سنة أولى أن دراسة الإعلام لا علاقة لها بممارسة الإعلام، وأن شهرين في عشرينات يعطيان البني آدم الكثير مما لن يحظى به بعد دراسة أربع سنوات في الكلية الموقرة.. لكنت قدمت منذ عامي الثاني بالكلية وخصوصا بعد رسوبي فيه للالتحاق بمعهد السينما قسم الإخراج ودراسة الأشياء التي أحبها وتخصصت في المجال الذي أتمناه..

لكن "لو" تفتح عمل الشيطان.. و"لولا" أيضا.. باعتبارها من مشتقات "لو" ..

على العموم شاءت كل الأشياء السابقة أن أكتب لكم الآن من قنا..

للعام الرابع أنا هناك، أدرس.. أذاكر وأمتحن.. وأرسب... تلك هي العادة!

لكن هذه المرة تختلف..

ربما لأنها الأولى بعد الأحداث الأخيرة في القاهرة، ولأنها الأولى بعد خطوبتي، والأولى بعد أن بدأت التدوين في هذه الصفحة ..

وربما أيضا لأن الصعيد كان يستقبلني كل مرة بجفاء شديد، وبخل في كل شيء.. إلا الحرارة..

لكن هذه المرة.. فإن البخل والجفاء تحولا – بقدرة قادر – إلى كرم غريب، وعطف مريب...

الحكايات التي أسمعها منذ أن لمست أرض قنا الساخنة.. تؤكد أن الأرض ليست هي الشيء الوحيد السخن هنا..

بل أن قلوب الناس وعقولها ومشاعرها.. كلها سخنة تجاه أشياء كثيرة، تحدث وحدها.. ونفعلها نحن دون وعي منا..

صعيد مصر..

وجنوب الصعيد على وجه التحديد.. يشهد هذه الأيام ما لا يحبه أحد..

يحكون لي...

عن أزمة العديسات.. ويقولون أن المنشور في الصحف أقل بكثير مما حدث بالفعل..

عن أزمة العديسات تؤكد شاهدة عيان أن الأمن جاء قبلها بيوم واحد، ليتأكد من أماكن حنفية المياة، التي ستنطفئ بها نيران الفتنة.. هم يقولون هذا.. ويقسمون بربهم (مسلم ومسيحي) أن هذا حدث..

وتؤكد شاهدة أخرى.. غير الأولى بالتأكيد.. أن ضابط الأمن الذي تجهل اسمه، منع فلاح يحمل جاز من حرق الكنيسة.. لأنها ليست الكنيسة الأزمة.. وأنه قاده بنفسه.. ليحرق الكنيسة الأخرى!

هنا.. في صعيد مصر جلست تبكي.. الشاهدة الثالثة.. وهي تقول أن أهلها وأصدقائها وجيرانها.. كلهم يضغطون عليها.. لأنها .. تحب المسيحيين!

تقول لي أن جوز أختها أصبح يعاملها معاملة المسيحي.. يقول لها الألفاظ المسيحية الأصيلة (صدقيني – أمانة – حقيقي - مساء الخير)..

والمصيبة السوداء التي اكتشفها.. أنني أنا أيضا أستخدم المصطلحات نفسها.. رغم أني مسلم أبا عن جدا.. ولم ينبهني أحد من قبل أن الألفاظ تلك مسيحية أصيلة، لكنها كذلك.. في صعيد مصر!

وتضيف أن زميلها في العمل قال لها أن عليها الاستماع لخطب عمر عبد الكافي.. حتى تسلم!

هذا البلد المتخلف – بشهادة أهله جميعا – أهله جميعا دون استثناء، يتحدثون عن الاسطوانات المدمجة..

لكن أي اسطوانات يا ترى.. اسطوانات خطب دينية – مسيحية ومسلمة – عن عذاب القبر للذين يتعاملون مع النصارى، وعن العلاقة بين المسلم والـ"كافر"..

العام الماضي كانت الاسطوانة الأكثر انتشارا هي فيلم جنسي ساخن مترجم للغة العربية.. وحصل عليه زميل لي من نت كافيه يديره شاب اسمه "الشيخ أحمد"..

لكن الشيخ أحمد نفسه هذه الأيام يتابع آخر إصدارات غرف البالتولك العظيمة .. واستيقظي أيتها الفتنة.. فنحن في انتظارك!

وتحكي لي – محبة المسيحيين- عن صراخ زميلتها في المدرسة، والتي لم تكن تهتم بالسياسة ولا بالحكومة، فقط عندما علمت أن المحافظ الجديد مسيحي، قالت السيدة الأربعينية : مش عايزينه، أنا هتظاهر ضده.. أنا مش عايزاه.. أنا هسيب البلد، لأنه هيقف جنب المسيحيين..

والمسيحي صديقي يؤكد أن المحافظ لم يقف بجانب أحد.. لكن البيئة مؤهلة الآن لفهم أي شيء بشكل خاطيء.. "سخونة الجو يا صديقي، والفراغ، والجهل، يفعلان ما هو أشنع".. هكذا قال!

الدكتور أحمد عبد الله قال لي أن النوبة واحدة من قنابل مصر الموقوتة، ومعها البدو.. أضف لهم يا دكتور صعيد مصر.. بكل حكاياته، وأزماته.. وقنابله.. التي ستنفجر قريبا فيما يبدو!

هنا في الصعيد، مازالوا يتحدثون عما حدث في الأسكندرية من أكثر من شهرين..

يحفظون ما حدث بكل التفاصيل.. والتفاصيل تلك تتغير حسب ديانتك.. لو مسيحي يحكون لك عن أن ضباط الأمن لما جاؤا وشاهدوا المسجد المجاور للكنيسة مغلق.. فتحوه وصلوا العصر، وأمروا كل جنودهم بالصلاة.. حتى لا يغلق بيت الله في أي صلاة.. مهما كانت الظروف.. وطبعا سيجعلونك تشاهد السي دي الذي يعرض كل الفظائع التي حدثت..

ولو كنت مسلم.. فأنت تعرف ماذا يحكون لك.. سيقولون أن الأقباط يلبسون أسود في كنائس حدادا على دخول الإسلام مصر.. وعلى أوضاعهم.. وأنهم يستقوون بأمريكا اللعينة (لأننا دائما نلعنها، فهي دائما ملعونة)..

حكايات أبناء هذا البلد عن أوضاع البلد لا تنتهي..

ونحن في القاهرة.. لا ندري عنها شيء.. ونختزل بعبقريتنا المعهودة كل مشاكل مصر في شارع قصير اسمه عبد الخالق ثروت..

للذين يريدون إصلاح مصر..

تعالوا اعرفوا ما يحدث في جنوبها.. قبل أن يخرج علينا مختل آخر أما كنيسة أخرى..

الدراسة الأخيرة للمركز الذي لا أعرف اسمه تقول أن 10 % من أطفال الصعيد مختلون عقليا، والأطفال في الصعيد يكبرون بسرعة.. وأمراضهم مزمنة.. واستر يا رب!

مينا.. لم يوحدها تماما


"البلد دي اللي يشوفها من فوق غير اللي يشوفها من تحت"..
فتحي نوفل – طيور الظلام

بنفس منطق الجملة الماضية، فإن صعيد مصر تختلف رؤيته تماما من فوق، عن رؤيته هو نفسه.. من تحت!

الذين يذهبون كل شتاء إلى الصعيد عبر الطائرة لتقضية أجازة نصف عام ظريفة ودافئة، لا يرون جنوب مصر بنفس الصورة التي يراها به الذين يذهبون للامتحانات كل صيف عبر القطار لتقضية أسابيع طويلة ومملة.. وحارة!

لأن هؤلاء الذين يذهبون في الطائرة لا يشاهدون البشر الذين يعيشون في هذه البلاد، أما أولئك الذين يركبون القطار فإنهم يخترقون البلاد تماما كما يفعل القطار ويرون التفاصيل الدقيقة في بشرها وجوها وأرضها.. وحتى سماءها التي تمتلئ بطائرات الفئة الأولى من أصحاب أجازات الشتاء الدافئة!

في جنوب مصر أشياء كثيرة مهمة أكثر من السد العالي ووادي الملوك والدير البحري.. بل أن أهمية تلك الأشياء –الأخرى- تسلب من السد والوادي والدير أي نوع من أنواع الأهمية!

لأن في جنوب مصر بشر، يعيشون حياة مختلفة تماما مع نظيرتها في الشمال، ويدرك كل فرد منهم، أن الوحدة التي صنعها مينا (موحد القطرين الشمالي الجنوبي) لم تقضي للأسف على كل الفوارق بين القطبين الشمالي والجنوبي!

في الجنوب، استمتع بكل الأشياء التي لا توجد في الشمال، وافتقد كل الأشياء الغير الموجودة فيه أيضا، وفي الشمال، لا تفتقد شيئا من الجنوب، وأحمد ربنا الذي خلقك من أهل الشمال.. وأدعوه أن يجعلك من أهل اليمين في الآخرة..

(2)

في مصادفة غريبة من نوعها، بدأت قراءة كتاب "قطار الصعيد" للروائي يوسف القعيد وهي لك الرواية التي كتبها في 1988 وقرر أن ينشرها في 2003... ولو شئت الدقة فإنه قرر نشرها بعد حريق القطار الذي يحمل الاسم نفسه.. قطار الصعيد..

وفي الأسبوع الذي سبق سفري، كنت أعيد قراءة فصل من كتاب العبقري دكتور جلال أمين، عصر الجماهير الغفيرة، وهو الجزء الثاني من كتابه الأهم "ماذا يحدث للمصريين"..

في عصر الجماهير الغفيرة فرد جلال أمين فصل كامل للحديث عن قطار الصعيد "الحادثة" باعتباره واحد من دلائل تحول مصر إلى "عصر الجماهير الغفيرة"..

ولو كان جلال أمين يقصد بالغفيرة أنها كثيرة ومتكاثرة.. فإنك في قطار الصعيد ستجد للغفيرة معنى آخر... الغفر!

غفر بمعنى كلمة غفر، ربنا يسامحنى في تريقتي على مخاليقه.. لكن الحقيقة أن مخاليقه في الصعيد وفي القطار بالذات ينتمون إلى زمن آخر غير الذي ننتمي له.. ينتمون إلى زمن أروع تسمية له هي تلك التي جاءتني في حمام القطار.. زمن الدهشة!

هؤلاء يندهشون من كل الأمور التي تبدو بديهية.. ويستسلمون بلا مبالاة غريبة لكل الغرائب!

سأعود لأحكي لكم عنهم.. فانتظروني!

الخميس، مايو 18، 2006

يا شيخ الأزهر .. شوف لك حل



لماذا يصر بعض الخطباء على إشهار سيف الترهيب دائما في وجوه منهكة جاءت ترجو الرحمة وظهور أوت بعد عناء وكد إلى ركن شديد
يتجدد شعوري مع كل صلاة جمعة بعدم الاستفادة من أهم جهاز إعلامي لدى المؤسسة الإسلامية إن لم يكن الوحيد
الطريقة والموضوعات هي هي ..
توبة نصوح وذكرى عطرة واذكروا الله يذكركم واستغفروه يغفر لكم وأقم الصلاة
نعم نحتاج جميعا لطاقة روحية في مواجهة حياة مادية صعبة
لكن ما أشد الحاجة لطاقة من نوع آخر تعيد إلى هؤلاء ثقة بالنفس سلبت منهم
وتدفعهم إلى طريق ملئوها الأمل والعمل لاستعادة حقوق إنسانية مشروعة لكنها مسلوبة

الثلاثاء، مايو 09، 2006

قبل أن يتعفن الوطن!


"يبقى الوضع كما هو عليه.. وعلى المتضرر اللجوء للقضاء"..

البلطجية في مصر، والضعفاء أيضا، يعرفون جيدا الجملة السابقة، وهي في الغالب تكون جملة النهاية في قصص كثيرة تحدث على أرض الوطن، وتحت سماء ربنا!

البلطجية يعرفونها لأنها تريحهم كثيرنا، فاللاجئين للقضاء في بلادنا دائما قلة مندسة، والضعفاء يعرفونها لأنها أملهم الوحيد في أن يجدوا من ينصرهم على من أستقوى عليهم واستغل "شوية الصحة" التي أعطاها الله لهم في الافتراء على الضعفاء قليلو الحيلة!

نظرة لوطننا وأحواله، تقول أن الوضع باقي كما هو عليه منذ زمن، وأن المتضرر هو الشعب الغلبان المسكين القرفان الذي فقد في لحظه أعز ما يملك.. قدرته على التغيير والاعتراض وقول "لأ"..

الجملة المصرية الأصيلة "سبحان مغير الأحوال" اختفت، وتبدل حالها لتصبح "سبحان مثبت الأحوال".. كل شيء أصبح ثابت بشكل غريب، لا النظام مل، ولا الشعب اعترض، ولا الأمور استقرت ولا الإرهاب اختفى ولا قانون الطوارئ انتهى.. وإلخ!

وطالما أن الحال قرر البقاء كما هو عليه، فإن بارقة أمل تلوح، بأن المتضرر عنده القضاء، يلجأ له ويقف خلفه، لعله يرفع عنه ضرره وينصره على المفتري..

الخديعة التي يخدعونها بها، هي أن بقاء الحال كما هو عليه اسمه "الاستقرار"، وهي بضاعة النظام الرخيصة، التي عفنت من سوء تخزينها، وأصبحت غير صالحة للاستخدام الآدمي..

وأما هذا الاستقرار، الذي مل منه الجميع، تظهر الجولة الأخيرة في المعركة، معركة النظام مع الشخص الأخير الذي لم يتضرر بعد.. القضاء!

الحال الآن انعكس، بعد أن كان المتضرر يلجأ للقضاء، أصبح القضاء نفسه متضرر، ولجأ للقضاء الذي يحاكم نفسه بنفسه، لكن الجديد أن الحال يبدو والله أعلم أنه لن يبقى كثيرا كما هو عليه!

بشكل مباشر، ارتبط قضاء مصر بقدرها، لو صلح الأول استقام حال الثانية، ولو ضاع الأول.. لن يجدد المتضرر في هذه البلاد من يلجا عليه سوى الله سبحانه وتعالى.. وربنا قالها في كتابه.. لا يغير ما في قوم.. حتى يغيروا ما بأنفسهم!

عن نفسي أعلم جيدا القاعدة التي تحكم قضاء مصر، أعرف أن "سكة المحاكم طويلة"، وأن الجولة الأخيرة ستكون الأطول لأنها سنة الحياة!

وأعرف أيضا أن القضاء نفسه يحتاج أن يفهمنا (نحن شعب الله المتضرر) أكثر وأكثر، تصريحات القضاة نفسها تشير دائما إلى أن معركتهم الأساسية هي قانون القضاء، ونحن معهم، لكن ما نؤكد عليه أن قضيتنا الأساسية هي هذا الوطن.. وأن هؤلاء الرجال الأفاض.. هم أملنا الأخير!

لجؤنا للقضاء معناه أن نقف وراء هؤلاء بكل ما نملك.. هؤلاء يحتاجون منا أن نعرفهم، أن نجعلهم قادة معركة التحرير الأخير.. أن يعرف كل مصري اسم وشكل وموقف رجل مصري اسمه هشام البسطاويسي وسيدة ولدت من رحم القضاء اسمها نهى الزيني..

دورنا أن يكون هشام البسطاويسي أشهر من هشام سليم، ونهى الزيني أشهر من نهى العمروسي، وزكريا عبد العزيز أشهر من طلعت زكريا، ومحمود الخضيري أهم من محمود عبد العزيز..

لأن هؤلاء هم نجوم الوطن الحقيقيين، هؤلاء من يستحقون أن نفسح لهم مكانا على شاشاتنا.. نطبع صورهم على التيشيرتات بدلا من صورة تامر حسني وشاكيرا..

في أوطاننا.. بقى الحال كما هو عليه لأطول فترة ممكنة.. ولأن بقاء الحال من المحال.. ولأن الماء الراكد والباقي نفسه يتعفن.. فإن لجوئنا الأخير للقضاء سيكون الأمل.. قبل أن يتعفن الوطن!

الخميس، مايو 04، 2006

فتاة الشتاء الدافئ


من حوالي سنة ونص.. مسكت الورقة والقلم (أقصد الشاشة والكيبورد) لأخط أول رواية لي.. وآخر واحدة حتى الآن..

الحكاية كلها أني قرأت مجموعة روايات جديدة، فوجدت داخلي حماس بالغ لأن أكتب رواية بنفسي..

هذه الرواية لم تكتمل.. لكن أرى أن نشرها الآن ربما يكون نافعا.. هي لكم .. اقرؤها وأحكموا عليها.. وأنتظر آرائكم .. لعلني أجد فيها النهاية المناسبة للرواية..

طبعا فاضل إني أقول إن الأحداث كلها وهمية، من وحي خيالي المريض، والشخصيات ينطبق عليها الوصف ذاته.. لكنها على كل حال فيها جزء من نفسي لأني كتبتها بها (نفسي)

إليكم بها