الثلاثاء، مايو 09، 2006

قبل أن يتعفن الوطن!


"يبقى الوضع كما هو عليه.. وعلى المتضرر اللجوء للقضاء"..

البلطجية في مصر، والضعفاء أيضا، يعرفون جيدا الجملة السابقة، وهي في الغالب تكون جملة النهاية في قصص كثيرة تحدث على أرض الوطن، وتحت سماء ربنا!

البلطجية يعرفونها لأنها تريحهم كثيرنا، فاللاجئين للقضاء في بلادنا دائما قلة مندسة، والضعفاء يعرفونها لأنها أملهم الوحيد في أن يجدوا من ينصرهم على من أستقوى عليهم واستغل "شوية الصحة" التي أعطاها الله لهم في الافتراء على الضعفاء قليلو الحيلة!

نظرة لوطننا وأحواله، تقول أن الوضع باقي كما هو عليه منذ زمن، وأن المتضرر هو الشعب الغلبان المسكين القرفان الذي فقد في لحظه أعز ما يملك.. قدرته على التغيير والاعتراض وقول "لأ"..

الجملة المصرية الأصيلة "سبحان مغير الأحوال" اختفت، وتبدل حالها لتصبح "سبحان مثبت الأحوال".. كل شيء أصبح ثابت بشكل غريب، لا النظام مل، ولا الشعب اعترض، ولا الأمور استقرت ولا الإرهاب اختفى ولا قانون الطوارئ انتهى.. وإلخ!

وطالما أن الحال قرر البقاء كما هو عليه، فإن بارقة أمل تلوح، بأن المتضرر عنده القضاء، يلجأ له ويقف خلفه، لعله يرفع عنه ضرره وينصره على المفتري..

الخديعة التي يخدعونها بها، هي أن بقاء الحال كما هو عليه اسمه "الاستقرار"، وهي بضاعة النظام الرخيصة، التي عفنت من سوء تخزينها، وأصبحت غير صالحة للاستخدام الآدمي..

وأما هذا الاستقرار، الذي مل منه الجميع، تظهر الجولة الأخيرة في المعركة، معركة النظام مع الشخص الأخير الذي لم يتضرر بعد.. القضاء!

الحال الآن انعكس، بعد أن كان المتضرر يلجأ للقضاء، أصبح القضاء نفسه متضرر، ولجأ للقضاء الذي يحاكم نفسه بنفسه، لكن الجديد أن الحال يبدو والله أعلم أنه لن يبقى كثيرا كما هو عليه!

بشكل مباشر، ارتبط قضاء مصر بقدرها، لو صلح الأول استقام حال الثانية، ولو ضاع الأول.. لن يجدد المتضرر في هذه البلاد من يلجا عليه سوى الله سبحانه وتعالى.. وربنا قالها في كتابه.. لا يغير ما في قوم.. حتى يغيروا ما بأنفسهم!

عن نفسي أعلم جيدا القاعدة التي تحكم قضاء مصر، أعرف أن "سكة المحاكم طويلة"، وأن الجولة الأخيرة ستكون الأطول لأنها سنة الحياة!

وأعرف أيضا أن القضاء نفسه يحتاج أن يفهمنا (نحن شعب الله المتضرر) أكثر وأكثر، تصريحات القضاة نفسها تشير دائما إلى أن معركتهم الأساسية هي قانون القضاء، ونحن معهم، لكن ما نؤكد عليه أن قضيتنا الأساسية هي هذا الوطن.. وأن هؤلاء الرجال الأفاض.. هم أملنا الأخير!

لجؤنا للقضاء معناه أن نقف وراء هؤلاء بكل ما نملك.. هؤلاء يحتاجون منا أن نعرفهم، أن نجعلهم قادة معركة التحرير الأخير.. أن يعرف كل مصري اسم وشكل وموقف رجل مصري اسمه هشام البسطاويسي وسيدة ولدت من رحم القضاء اسمها نهى الزيني..

دورنا أن يكون هشام البسطاويسي أشهر من هشام سليم، ونهى الزيني أشهر من نهى العمروسي، وزكريا عبد العزيز أشهر من طلعت زكريا، ومحمود الخضيري أهم من محمود عبد العزيز..

لأن هؤلاء هم نجوم الوطن الحقيقيين، هؤلاء من يستحقون أن نفسح لهم مكانا على شاشاتنا.. نطبع صورهم على التيشيرتات بدلا من صورة تامر حسني وشاكيرا..

في أوطاننا.. بقى الحال كما هو عليه لأطول فترة ممكنة.. ولأن بقاء الحال من المحال.. ولأن الماء الراكد والباقي نفسه يتعفن.. فإن لجوئنا الأخير للقضاء سيكون الأمل.. قبل أن يتعفن الوطن!

ليست هناك تعليقات: