الجمعة، مارس 30، 2007

دمعة فرح

النهاردة.. وأنا في الميكروباص قعدت أتكلم مع دعاء عن الفرح، تخيلتكم كلكم جنبي.. شفتكم كلكم.. وفرحت بيكم قوي.. ولأول مرة.. نزلت مني .. دمعة فرح!


بالمناسبة دي إليكم صورتي أنا ودعاء في كتب الكتاب.. أنشرها حصريا قبل الفرح بأسبوعين بالظبط.. استنونا..

الأربعاء، مارس 28، 2007

لا تكن بالمقدمة!

*"إذا طعنت من الخلف.. فأعلم أنك تسير في المقدمة"..
محل عصير قصب بالفيوم!
.
* "يا بخت من كان ورا.. وجابه الزمن قدام"..
من أغنية للمطرب الشاب.. خالد عجاج..
.
* "مصر الآن.. كمزة حلوة ركبت 33 ج اللي بيروح شبرا في أغسطس"..
أنا

إلى شاكيرا.. مع تحياتي!


عزيزتي شاكيرا..

تحية عطرة معطرة بالبرفان الذي تحبيه..

وبعد (And so)

ستقفين الليلة للغناء في بلادي.. دعيني أخبرك بالقليل عنها..

أهل بلدي يحبونك سيدتي، تلك هي الحقيقة، ربما لأنك جميلة أكثر من اللازم، أو بمعنى أدق لأنك تعرفين كيف تعبرين عن جمالك بطريقتك الخاصة (التي تروق لنا بالتأكيد)، وربما لأن بناتنا وزوجاتنا وخالتنا وعماتنا وأمهاتنا وزوجات آبائنا وصديقاتنا وزميلاتنا.. كلهن يفقترن إلى جمالك.. وإلى طريقتك الخاصة في التعبير عنه..

آنسة شاكيرا، المعلومة الأولى التي يجب أن تعرفيها عن البلد التي ستغني فيها، هي أن كل رجال هذا البلد يحفظون كليباتك، كل رجل يتمنى أن يكون أحد الراقصين في فرقتك، فئة قليلة فقط من الرجال لا يرغبون في ذلك، فئة خارجة عن النظام.. جماعة أصولية متشددة، إنهم من النوع الذي تطلقون عليه في بلادكم "Bad Boys" لكننا نسميهم هنا "الإخوان المسلمين".. يترأسهم الـ"Bad Boy" الأكبر "morshed"..

هناك أشياء تمنعهم من أن يحلموا بك، أو يتمنوا أن يكونوا راقصين من حولك، لكن لا تهتمي.. حكومة بلادي تهتم بك، وحريصة عليك، لدرجة أنها قامت بالقبض على هؤلاء الـ" Bad Boys "، لتنعمي أنت وفرقتك برقصة هادئة تحت سفح الهرم..

مممم، أنت تكرهين الكذب، أعرف ذلك، كل أبناء الثقافة الغربية يكرهون الكذب، سأخبرك أن الإخوان ليسوا هم فقط من يكرهونك.. هناك فئات أخرى أيضا لا تحبك، أو بمعنى أدق لا تعرفك، فئة أخرى منحرفة عن طريق الحب الشاكيري الجميل، فئة اسمها "كفاية"، عندكم تطلقون عليها "enough".. يرفعون شعارات مثل "we not want more".. اطمئني يا سيدتي، لقد فعلت معهم الحكومة ما يستحقونه، سحلوا بعضهم وقبضوا على البعض الآخر.. ومنعوهم من التظاهر ضدك، لتستمري أنت في مسيرتك المقدسة نحو الإستديج، ليرتفع صوتك بالغناء، من أجل الحرية التي يكرهها أفراد كفاية ويقولون "enough" لها..

أستاذة شاكيرا، حكومة بلادي تحبك جدا، هل تعلمين أن الحكومة في إطار خطتها الخمسية، عفوا، أنت لا تعرفين الخطة الخمسية، سأخبرك أنا بها، فالحكومة عندنا لا تفعل كل شيء دفعة واحدة، بل تفعله خمسة خمسة، تلك هي ثقافة الشعب المصري الذي يشرب الشاي في الخمسينة ويعتبر الخماسين نسمة هواء حلوة، ويموت رجاله في الخمسين لأنهم لا يملكون ثمن دواء يمكنهم من العيش مدة أطول، كما أنهم رفضوا بشدة أن يرحل رئيسهم من الحكم دون أن يحكم فترة خامسة يطبق فيها خطته الخمسية..

نعود لخطة الحكومة التي فعلتها تستقبلك استقبال يليق بك، لقد عدلوا الدستور لأجلك يا أخت شاكيرا، (اسمح لي أن أناديك باسمك الأول دون ألقاب)، عدلوا الدستور حتى يضمنوا أنك ستتمكنين من دخول مصر في أي وقت والغناء فيها، عدلوا الدستور بحيث لا يتمكن الـ"bad boys" أو أفراد حركة "enough" من الوصول للحكم واتباع سياسة متشددة تمنعك من الغناء، عدلوا الدستور بحيث يظل في مصر من هو قادر على دفع 1000 جنيه مصري ثمن تذكرتك، بحيث لا يتمكن أي مصري من حضور حفلتك دون أن يكون مقدرا لقيمة الذي سيسمعه ويراه.. رغم أن مصر كلها رأتك بما فيه الكفاية، وقد سمحت أنت لهم (بكرمك المعروف) برؤية أجزاء من جسمك الخاص، تلك الأجزاء التي لا تزال زوجات مصريات يمنعن أزواجهن من رؤيتها بحجة أنه "haram".. أنت كذلك لا تعرفين ما هو هذا الـ"haram".. نحن نسميه هنا الحرام، هو شيء يشبه الـ"wrong" عندكم..

قفي ولا تهتمي بأي شيء، سيصلك هذا الخطاب ربما قبل أن تخرجي إلى المسرح، سيترجمه مترجمك الخاص، ستتدخل وزارة الداخلية (تلك التي تماثل الـ"FBI") وستمنع وصول هذا الكلام إلى اذنك، هم يخافون على مشاعرك، لكن مترجمك الأمين، سيخبرك بالحقيقة على متن طائرتك الخاصة، ستتأثري بالتأكيد، أنا أعرف أن مشاعرك رقيقة شأن كل شيء فيك، أرجوكي، حاولي ألا تردي على خطابي، لأن كلماتك لن تصل إلى صندوق بريد منزلنا، أو
إلى بريدي الإليكتروني.. ستمنع الحكومة وصوله، حتى لا يلتف الشعب الذي يحبك حول مجنون تلقى خطاب من شاكيرا ترد فيه على خطابه الأول لها..

عزيزتي شاكيرا، غني الليلة، ذكرينا بأم كلثوم ونجاة الصغيرة وسعاد محمد، لكن سامحي مصر والمصريين على أنهم لن يتمكنوا جميعا من حضور حفلتك، سينشغل أهالي قلعة الكبش بالاستماع إلى مطربة مغمورة نشرت شريطها الأول (عندنا ينشرون شرائط كاسيت بتسف، وليس "CD" كما هو عندكم)، تلك التي تغني وحدها "أعتبره قلب وراح اعتبره قصر جراح اتهد ع اللي بانيه".. لا تنزعجي، ستهاجم الـ"FBI" القلعة، وتقبض على الكبش، لأنهم سيظنون أن الأهالي يستمعون لتلك الأغنية نكاية في التعديل الدستوري الأخير الذي قامت به الحكومة لأجلك وحدك..

فيصل هي الأخرى منطقة لن يتمكن سكانها من حضور حفلتك، هل تعلمين أن فيصل هو أسطورة مصرية تمنع السائر في أوله من الوصول إلى آخره في مدة أقل من ساعتين، لكنهم ربما يستمعون لك في المايكروباص الفولكس الصغير، اعذريهم أنهم اعتدوا على الـ"copy rights" الخاصة باغنياتك، لقد حصلوا عليها من النت، من سايبر حقير في الطوابق أو شارع العشرين.. وهي مناطق عشوائية تحبس فيها الحكومة هؤلاء المسرفين الذي انفقوا كل ما يملكون بحيث لم يجدوا في جيبوهم ما يدفعونه نظير حضور حفلتك الجديدة.. حكومتي سيدتي تربي شعب بلادي على الأخلاق الحميدة، على ربط الحزام وعدم انفاق فلوسهم في أشياء بلا قيمة كالدروس الخصوصية أو علاج الأبناء من الفشل الكلوي أو دفع الضرائب الجديدة التي ترفع شعار مصلحتك أولا.. لأن حفلتك أهم..

وأنت في طريقك بعد الحفل مري على شارع فيصل، هذا الشارع الواقف وكأنه رجل شاهد كل كليباتك دفعة واحدة فوقف لها (احتراما وتبجيلا).. اذهبي إلى فيصل وشاهدي كيف يعذب المصريين الذين لم ولن يحضروا حفلتك، هم يهتمون بحفلات أخرى مثل المولد النبوي وشم النسيم (تلك التي يذكرها وزير الخارجية أحمد أبو الـ"Farm" في مؤتمراته).. وقد عاقبتهم الحكومة بالميكروباصات الضيقة والشارع الواقف طول اليوم، إلا أن قلب الحكومة الرقيق جعلها تسمح لهم بنسمة حرية، وهي سماع أغنياتك المضروبة في الكاسيت المضروب بالميكروباص المضروب.. منها يسمعوا صوتك الضارب لآذانهم، ومنها يتحسروا ويعرفوا غلطهم.. "جتهم ضربة في قلبهم"..

سيدتي شاكيرا، لا تهتمي بكل هؤلاء، فقط غني الليلة وحدك، اكتفي بهؤلاء الذي سيحضرون حفلتك، هؤلاء يستحقون سماعك، ولا تهتمي بهؤلاء الذين لن يتمكنوا من الحضور، لا تهتمي بالإخوان أو كفاية.. فحكومتنا المصونة – التي تهتم بك جدا – هتعرفهم غلطهم..

أخيرا مودمازيل شاكيرا، لقد دخلت على الإنترنت أبحث عن صورة لك، وكانت أكثر صورك حشمة تلك التي ظهرت فيها بمايوة من قطعتين، أعرف أنني اثقل عليكي، لكن هل يمكن أن تضعي لنا على الشبكة الدولية للمعلومات بعضا من صورك المحتشمة أكثر، أنا أعرف أن الإحترام ليس بالملابس.. وأنك محترمة في ذاتك وبينك وبين نفسك، لكن هذا طلب من معجب مصري – زي أخوكي - سيتزوج بعد أيام، ولن ترضى زوجته أبدا بوضع بوستر كبير يحمل صورتك بالمايوة في الصالون..

مع أرق تمنياتي بقضاء الله وقدره..

Best whishes

توقيع :

مواطن مصري من شارع فيصل..

عيال مصرية.. زي البرتقال!


يأتي صوت صديقي "أحمد محمد علي" عبر الهاتف من الدوحة، "ألف مبروك.. أنت ودعاء هتخلفو عيال مصرية قوي"..

رغم غرابة الجملة إلا أنها لم تسوقفني، ربما لأنها قالت ما كنت أرغب في قوله لدعاء في كل مرة تبدأ فيها الحديث عن فقرة "أولادنا"..

تنام هي الآن وحدها على كنبة الأنترية التي اختارت قماشها بنفسها، رغم أن أصدقاء لنا قالوا ببساطة أنها "بيئة".. إلا أنها تروقني..

تنام دعاء بعد ساعتين من التنظيف المتواصل للشقة، قالت لي قبل النوم : "الشقة دي غريبة قوي، كل ما أنضفها تتوسخ تاني".. أشفق عليها بالتأكيد، كل هذا التعب في التنظيف قبل الزواج، يالها من مناضلة.. أمنع نفسي من المبالغة في إظهار تعاطفي معها، ربما لأنني أعرف أن وراء الجملة معنى آخر "أنا بنضف وأنت يا براء بتوسخ"..

أجلس أنا على المكتب أتابع عملي، أخيرا بدأت تنشأ بيني وبين هذا الركن في الشقة قدر من الود والحب، أخيرا بدأت أتعامل معه باعتباره ملكي، مكتبي، وغرفتي، وشقتي، أخبر دعاء – التي استيقظت منذ قليل – بأن أجمل ما في الزواج هو شعورك أنك أصبحت مالكا لأشياء كثيرة في حياتك، تبتسم، وتكمل طريقها للداخل وكأني لم أتكلم أصلا، تلك هي دعاء لحظة انتقالها من النوم إلى اليقظة..

تعود إلى الغرفة بعد قليل، تزيح شعرها عن عينيها وتقول في حدة : عايزة اللاب توب..

أخبرها أني أكتب شيئا مهما، ترد بود وحب، "خلص براحتك".. تدخل إلى المطبخ، تكمل تنظيفه، تعود مرة أخرى ببرتقالة مقشرة على طبق صغير.. هل أخبرتها من قبل أنني أكره أن يقدم لي أي شخص برتقال مقشر لأنه يصيبني بالقرف، هل أخبرتها أنها هي وحدها التي تفعل ذلك معي دون أن يصيبني القرف بل أني أتذوق طعم أصابعها في كل فص برتقال جديد.. لم أخبرها.. حتى لو دخلت الغرفة من جديد.. سأحتفظ بالملاحظة لنفسي، ستعرفها من المدونة، أو ربما سأخبرها بها أنا يوما ما..

أسمع صوتها من المطبخ تغني مع تامر حسني الذي أسمعه على اللاب توب..

"عيونه دار

جنة ونار

ضحكة نهار"..

ستأتي بعد قليل لتخبرني بشيء ما، ستكتشف ربما أنها طلبت مني فعل أي شيء وقد نسيته، ستتهمني بإهمالها، سيعلو صوتها، ستغضب بالتأكيد، لكنها ستدخل إلى المطبخ مرة أخرى، وتعود بعد دقائق وفي يدها برتقالة أخرى مقشرة..

ستقدم البرتقالة لي بعد أن تحتفظ بفص لنفسها، ستحكي لي حكاية جديدة من حكايات عملها، ستطلب مني قراءة مقالها الجديد، أو تخبرني بتعليق أحدهم على مقالي المنشور بالأمس، وكم كان رائعا.. دعاء دائما تصف مقالاتي بالرائعة.. رغم أنني أعلم.. أنها أحيانا تكون على علم أنها ليست بهذا القدر من الروعة..

سأخبرها أنا هذه المرة بجملة أحمد محمد "هتجيبوا عيال مصرية".. ستسألني "يعني إيه".. سأحكي لها.. وسنكتشف دون أن ندري أننا بدأنا من جديد الحديث في فقرة "أولادنا".. سنختلف على تفصيلة صغيرة، ستقوم غاضبة وتدخل المطبخ من جديد، أفتقد وجودها، أناديها :"دعاء ممكن تجيبيلي برتقالة تانية"..

يعلو صوتها من الداخل :"خلص"..

لحظات وستأتي رغم ذلك.. ببرتقالة جديدة..

الاثنين، مارس 26، 2007

نعمين


(1)

لي صديق يعاني من مشكلة في سمعه، اعتدت عندما أحدثه على هاتفه أن أسمع منه بعد كل جملة أنطق بها كلمة ينطقها بشكل مميز.. هو يقول "نعم".. ورغم أن طريقته مستفزة، إلا أنني أجد نفسي مضطرا لقول جملتي السابقة مرة أخرى..

في حين أن عبده، قهوجي قهوة البورصة في وسط البلد، أعتاد أن يجيب نداءات الزبائن بكلمة "نعم" طويلة.. وحين يتجلى ويكون في أحسن حالاته.. فإنه يضيف للكلمة أداة نداء.. ويصيح.. "ياااااا ناااااعااااام"..

في الوقت نفسه، فإن فتاة ريفية غنت لأمها، تحدثها عن عليوة حبيبها، تناديها "أمة نعيمة".. ترد الأم بكلمة واحدة طول الأغنية، تقول الأم نعيمة.. "نعمين"..

رغم أن الكلمة ذاتها لها أكثر من معنى، فإن شبابا تابعين للحزب الوطني، لا يزالون مصرين، على رفع لافتات في شوارع مصر، تقول "نعم لتعديل الدستور".. دون أن يخبرونا.. أي من "نعم" يقصدون..

(2)

"نعم يا أخويا"..!!

طبعا تعرفون الجملة السابقة متى تقال..

الوزير الفاضل أحمد أبو الغيط، رأى أنه هو الوحيد اللي فاضل من الوزراء دون أن يعك في سمعة مصر، وباعتباره وزيرا للخارجية، يعني سمعة مصر اختصاصه.. تحدث سيادته في المؤتمر الصحفي الأخير الذي جمع بينه وبين كوندليزا رايس قدس الله سرها.. ويبدو أن حرارة أسوان (مكان عقد المؤتمر) أثرت على دماغ الوزير.. فأصابته نوبة تهييس وزارية لم يصب بها من قبل حبيب العادلي أو ممدوح مرعي أو حتى السيد راشد..

قال الوزير : "سيدتي كوندليزا، في غرفتك التي تقيمين فيها في الفندق، إخرجي إلى الشرفة وأنظري أمامك.. ستجدين جبلا من الجرانيت.. لا تتعجبي.. هؤلاء هم المصريون، تلك هي روح المصريين التي تقف أمام الإرهاب.. أمام كل شيء"..

يستحق الوزير هنا "نعم يا أخويا".. وأشياء أخرى يعرفها شباب بولاق الدكرور..

أنا شخصيا عشت عمري كله مصري ولم أعرف جنسية أخرى، إلا أنني لم أشعر لحظة أني جرانيت، أو أني أشبه الحجارة في أي شيء..

ثم يكمل الوزير كلمته وهو متأثر، وقد أخذته الجلالة ولمح شبح ابتسامة تتطل من وجه الشبح الأمريكي رايس، فقال : "أنتم لا تعرفون شيئا عن مصر، نحن لدينا عيد إسمه شم النسيم.. أنتم لا تعرفون شم النسيم.. نحن لدينا المولد النبوي.. أنتم لا تعرفون المولد النبوي.. ولا تحتفلون به"..

حقيقي، كان ناقص (..) يقول إن المولد النبوي فيه مراجيح، وأن المصريين يركبون المراجيح لمحاربة الإرهاب، وأنهم يسمونها مراجيح الوحدة الوطنية.. اترمجح يا أبو الغيط..

(3)

ما لم يخبرنا به الإمام الأكبر (طنطاوي) هو عقاب المواطن الذي يتخلف عن المشاركة في الإستفتاء عند الله..

شيخ الأزهر قال أن المشاركة في الإستفتاء شهادة (طب ما شهادة الزور شهادة برضه) وأن الممتنع عن المشاركة سيعاقبه الله، وهو آثم قلبه..

طيب يا ترى لو مواطن لم يسمع الفتوى، وأستجاب لدعاية المعارضة الشريرة، ولم يذهب للمشاركة في الدستور، وبعدها علم بشأن الفتوى، وقرر التكفير عن ذنبه.. يعمل إيه؟؟

ربما يفتي لنا أحد مشايخ الوطني أن الكفارة في هذه الحالة ستكون مثلا بالإنضمام للحزب الوطني وملئ الإستمارة، فإن لم يكن فإطعام ستين هتيفا للحزب لمدة يومين، فإن لم يكن فطباعة خمسين يافطة تأييدا للرئيس ونجله على أن تعلق في ثلاثة محافظات متتاليات.. وحتى يصبح إيمان المواطن أعلى، فعليه أن يقسم بينه وبين نفسه على المشاركة في أي استفتائات أخرى قادمة، ولو كانت انتخابات.. فالتصويت لنجل الرئيس.. مع التطوع بإبلاغ أمن الدولة بأسماء 10 من الإخوان المسلمين.. على أن يكون بينهم مسئول شعبة.

(4)

بمناسبة فتوى الإمام الأكبر.. يقول أحمد مطر في قصيدته :

حدثنا الإمام

في خطبة الجمعة

عن فضائل النظام

والصبر والطاعة والصيام

وقال ما معناه

إذا أراد ربنا مصيبة بعبده إبتلاه

بكثرة الكلام

لكنه لم يذكر الجهاد في خطبته

وحين ذكرناه

قال : عليكم السلام

وبعدها قام مصلياً

وحين كبر للصلاة

قال : نعم إله إلا الله

(5)

خبر على الماشي صبيحة يوم الإستفتاء..

"فاز ولد عبد الله المرشح للرئاسة الموريتاينة في الإنتخابات التي أجريت اليوم، وكان عبد الله قد تخطى المرحلة الأولى ودخل مرحلة الإعادة"..

الخبر حقيقي.. معلومة واحدة تنقصه.. لكنها مهمة جدا..

ولد عبد الله فاز بأغلبية.. 52 %..

منتهى الديكتاتورية..

(6)

محرر المصري اليوم أكتشف لقطة لطيفة في جريدة الأخبار التي كتبت في حظك اليوم تقول للرئيس في برجه "الطور": غدا.. التجمع الشعبي الكبير فأنت مصباحه، أما جمال مبارك والذي جاء من نصيبه برج الجدي (أنعم وأكرم) فكتب له : كثيرا ما تبدع بأفكارك الجديدة خاصة ما يتعلق بالوطن..
جميل جدا أن يعيش البني آدم في دولة رئيسها من برج الطور ونجله من برج الجدي.. إلا هو إيه برج السيدة سوزان.. مصيبة ليكون العذراء.

(7)

جريدة الأخبار ليست هي الوحيدة التي تفوقت على نفسها في معركة التعديلات، الجمهورية كتبت منذ أيام مانشيت رئيسي طبق الأصل من بيان الداخلية، الجمهورية كتبت "الإستفتاء الإثنين.. والداخلية تستعد".. على سطر واحد وبدون علامات تنصيص.. صحيح.. اللي إختشوا ماتوا.. واللي ما اختشوش.. اشتغلوا في الجمهورية..

(8)

- إيه الفرق بين تعديل الدستور.. وبين جورنال الدستور..

- الأول بيشتري الناس.. والتانى الناس بتشتريه..

قصة حياة مطبقية















أخيرا بعد محاولات فاشلة كثيرة قدرت أخيرا أركب المطبقية بنفسي..
مطبقية من إيديا وحياة عنيا

الاثنين، مارس 19، 2007

A Walk to Remember


لم أكن أعرف أن حل كل المشاكل سيكون بسيطا لهذه الدرجة.. مجرد أن نشاهد الفيلم سويا.. مجرد أن تجلسي بجواري وتسرحي بخيالك في القصة.. فيما أحكي لكي أنا ما جرى من أحداث، وما سوف يجرى..

يعلو صوت إليسا..

"أيامي قبلك تسوى إيه

وحياتي بعدك أعيشها ليه

حكايتنا لو يا حبيبي حلم

يا ريت تسيبني عايشة فيه"..



حبيبتي..

أفكر الآن في كل التفاصيل التي كنت أكره التفكير فيها..

أتأمل لون الحائط.. وأفكر في تغييره رغم اقتراب موعد الفرحة.. (لا أعلم السبب في تخيل للفرح دائما مؤنث. أشعر أنها "فرحة".. وليست "فرح")

أركز في كل قطعة أثاث.. وأتخيل جلوسنا عليها سويا.. هنا سنجلس نشاهد الأفلام التي نحبها.. هنا ننام بأمان.. هنا تعدين وجبة الغذاء فيما أكون أنا مشغولا – كالعادة – بمتابعة نشرة الجزيرة أو فيلم أجنبي أخبرك أن بطلته أحلى منك.. تغضبين.. لكنك تعلمين بالتأكيد أنني أمزح.. تماما كما تعلمين أن البطلة أحلى منكي فعلا.. في نظر البطل وحده.. وبما أنكي بطلة فيلمي.. فستبقين أنتي الأجمل.. حتى نهاية الفيلم.. ونزول التيترات..


ستدهشك هذه التدوينة..

لكنني بالأمس.. وجدت أن مشهدا سويا نمشي في شارع التحرير في الساعات الأولى من الصبح.. وجدته مشهدا مؤثرا..

وأنا – يا حبيبتي كما تعلمين – ضعيف عادة.. أمام المشاهد المؤثرة..

ستندهشين.. تماما كما حدث مع "سمير" بالأمس، هو جرسون مطعم "شعرواي" الذي اخترناه سويا لنأكل فيه وجبتنا الأولى قبل أن أخبرك بحبي لك..

بالأمس.. اندهش سمير لأنه رآنا ندخل عليه بعد منتصف الليل، طلبنا الأكل.. واكتشفنا أننا لا نشعر بالجوع.. ما زال طعم السمك الذي تناولناه سويا على الغداء يملأ أنوفنا.. لكننا على كل حال سنأكل أي شيء..

هل تقبلين اعتذاري الآن عن كل ما حدث من قبل، هل تسامحيني على جلوسي أمام الجزيرة فيما تستمرين أنتي بالطبخ، رغم أنكي أخبرتيني من قبل أنكي تكرهين هذه اللحظة.. لكني عكسك.. أحبها..


الأحد، مارس 18، 2007

حر وزحمة..


"الصيف داخل.. البنات هتلبس ضيق.. والشباب هتتعب"..
.
من فيلم ثقافي

الأربعاء، مارس 14، 2007

عشان خاطر قصاص..


شدة وتزول...

الأربعاء، مارس 07، 2007

صاحبتي..


زمان.. ربما ليس في الزمان البعيد.. عامين أو ثلاثة.. ربما أربعة.. لا أذكر..

المهم.. حدث هذا لي في يوم ما منذ زمن.. وتذكرته بالأمس.. فجعلني ممتلئ بالنشوة والفرح.. وإن كانت دعاء قد منحتني الوصف الذي أستحقه حين قالت "إنت النهاردة مهيبر"..

.........................

السؤال الذي يعرفه كل مستخدمي الماسينجر في مصر.. "أنت جبت ماسينجري منين، وهو أنا اللي أضفتك ولا أنت"..

سألتها ذلك السؤال، وسألته هي الأخرى لي، ولما فشلنا – هي وأنا – في الوصول إلى إجابة صادقة، تجاهلنا الأسئلة، وسافرنا سويا في رحلة "شات" طويلة، تمتد يوميا من الثامنة صباحا – لحظة دخولي مكتبي في مدينة نصر حيث كنت أعمل وقتها – وحتى الحادية عشر – لحظة خروجي من الإنترنت كافيه الملاصق لبيتي في فيصل – ساعات طويلة من الكلام.. والمفاجآت..

كانت تحب الإستيقاظ مبكرا، هي أخبرتني بذلك، وعودتني أن الآخر على العادة ذاتها، قبل أن تفيق من نومها تفتح جهازها ومنه إلى الماسينجر ثم إلى اسمي في قائمتها.. ونبدأ الحديث!

لم أكن أعرف عنها سوى اسمها، وأخبرتني بعدها أن لي معها صديقة مشتركة، كانت تعمل في "عشرينات"، وهي مراسلة للموقع في دولة خليجية، ورغم علاقتي المتوترة – وقتها – بصديقتي المراسلة، إلا أنني فتحت نافذة على الماسينجر باسمها.. وأخبرتها بمنتهى الصراحة أنني أرغب في أن تتطور علاقتي بها من مجرد كونها صديقة مشتركة لي ولصديقتي التي تستيقظ مبكرا.. إلى صديقة حبيبتي القادمة.. والأخيرة! (هكذا كنت أظن)..

إلا أنها أخبرتني أن ثمة أشياء ينبغي أن أعلمها أولا.. ثم انقطع الخط ليومين، كنت أنا قد علمت عن الحب أشياء لم أكن أعلمها من قبل إلا من خلال نافذة الماسينجر الصغيرة والاستيقاظ مبكرا.. وكانت صديقتي قد تحولت لحبيبه تقبل أن تبادلني كلمات الحب والغرام على الماسيجر دون حرج أو خوف، وكانت الجملة السحرية التي تبادلنها رغم أن عاشقي مصر كلهم ينطقونها يوميا دون معنى "حاسس إني أعرفك من زمان"..

ودخلت صديقتي مراسلة عشرينات فجأة على الخط بعد اختفاءها، وأخبرتني أن صديقتنا المشتركة – التي هي حبيبتي – مدمنة، وأنها بدات تعرف الطريق إلى الله منذ أسابيع، وأن علي أن أقرر ما إن كنت سأبقى أم سأرحل.. كل هذا وأنا لا أعرف عن حبيبتي .. إلا اسمها!

بدأت أجازة العيد قبل ذلك بأيام، كنت أستيقظ كل يوم وأنزل أبحث في الشوارع القريبة من البيت عن انترنت كافيه مفتوح في الساعة الثامنة صباحا، كان الكافيه المجاور لبيتي قد أعلنها أجازة مباركة.. وكنت مع كل صباح أدرك أنها أصبحت مهمة لي.. وأنني في انتظار سماع صوتها الذي أحببته قبل أن أعرفه!

ثم اختفت..

لم تعد قادرة على الدخول أون لاين (لأسباب تعرفها هي وحدها)، وأصبح اسمها على الماسينجر يأتي في آخر الأسماء.. وأصبحت أدخل كل صباح فور أن أفتح الماسينجر اقرأ اسمها وأتأكد أنه لم يتغير.. كان اسمها "يا شمس يا منوره غيبي..وكفايه ضيك يا حبيبي.."..

أرسلت لها على بريدها كمية رسائل كافية لإسقاط نظام مبارك في مصر والقذافي في ليبيا وأميل لحود في لبنان..

وكانت المرة الأخيرة التي دخلت فيها، منذ عام، بعد أسبوع من كتب كتابي، دخلت لدقيقة واحدة وقالت.. "سامحني".. وقد فعلت!



الآن.. أبحث عنها ربما أجدها، انطفأت شمعة الحب بعد أن عرفت دعاء، لولا أنها كانت صديقة لي.. الوحيدة التي اسميها "صاحبتي"..

...........

- أخبرت مصعب بالأمس أني سأكتب عن أشياء ينبغي أن أعلن عنها قبل زواجي من باب التطهر..

- لا توجد فرصة بالمرة، لأن تستغل دعاء الكلام المكتوب ضدي.. اتفقنا يا دودو؟!
- الصورة ابداع "محمد محسن"

الثلاثاء، مارس 06، 2007

مبروك يا هوراي..


مش عارف ليه يا ولد يا هواري معرفتش أقولك كل سنة وأنت طيب.. يمكن لإنك طيب قوي السنة دي.. وبالتالي فملهاش لازمة..

أقولك على حاجة..
إمبارح لما شوفتك ع البورصة.. مع لميا ودريني وفؤاد وعلاء ومصعب ورفعت وأميرة..

كنت عايز أقولك.. ألف مبروك.. مش كل سنة وأنت طيب..

يمكن لإن "الرجل الميت" الوحيد في حياتي.. بعث للحياة من جديد.. وأصبح له أصدقاء.. من البشر..

الاثنين، مارس 05، 2007

هذا الجزء من حياتك ماذا تسميه..؟



عارف يا مصعب لو حد غيرك سأل السؤال ده أنا كنت أفتكرته بيتريق عليا.. بس أنا بحاول أدور على إجابة.. لإن واضح إن السؤال مهم.. بعكس ما كنت متصور..

وواضح كمان إنه صعب.. شأن أسئلتك كلها..

........

عندي لهذا الجزء من حياتي تسميات عديدة..

ربما.. "إحنا كويسين ولا وحشين؟؟"..

في إستراحة فيلم "آخر الدنيا" الذي شاهدته معك في عطلة نهاية أسبوع كئيب من الأسابيع الأخيرة، والتي كنت أنتهز فرصة سفر دعاء فيها للخروج عن النظام ومشاهدة أفلام منتصف الليل والسرمحة في الشوارع بلا هدف ولا خطة..

في تلك الإستراحة سألتك هذا السؤال، "إحنا كويسيين ولا وحشيين؟؟".. وكم كانت إجابتك رائعة لحظتها..

أخبرتني بمنتهى الحماس : "ياه يا براء، السؤال ده أنت سألتهوني من سنتين"..

أسألك بدهشة : "فعلا.. تصدق مش فاكر، طيب ووصلنا لإجابة عاملة إزاي ساعتها"..

ترد بحماس أقل : "مش عارف"..

تتركني جالسا مكاني وتذهب للحمام، أخبرتك يا مصعب ألف مرة ألا تغادر قاعة العرض في الإستراحة أبدا، لأن الطريق للحمام، والدقائق التي تقضيها فيه، ثم العودة للقاعة مرة أخرى، كل هذه الأشياء تستغرق وقتا أطول من وقت الإستراحة ذاتها.. لكنك في كل مرة تنسى نصيحتي.. تماما كما نسيت الإجابة عن السؤال، وتذكرت السؤال وحده.. وتركتني وحدي بلا إجابة.. وذهبت للحمام..

ربما يصلح هذا السؤال ليكون هو التسمية المناسبة لهذا الجزء من حياتي.. إلا أن هناك تسميات أخرى... سأخبرك بها..

عندك مثلا.. "الهروب من المدرسة"..

أخبرت الدريني أمس أني أصبحت مستمتعا جدا بكل تفاصيل الشراء الغبية التي أقضي فيها يومي بين الأزهر والعتبة وحارة اليهود والرويعي ودرب البرابرة لشراء الأجزاء الباقية لشقة الزوجية..

دريني يعلم عني أنني أكره الشراء والأسواق والساعات التي أقضيها فيها، الحقيقة أن دريني ربما لا يعلم هذا، لكنه سيعلم بالتأكيد عندما يقرأ هذه التدوينة، هو غالبا يزور مدونتي.. على الأقل من باب الصداقة..

أخبرت دريني أيضا أن خاطر يمر بعقلي كلما خرجت مع دعاء في مهمة شرائية جديدة، أصبحت أتخيل أنني وزوجتي المصونة مثل ولد وبنت في إعدادي تجمعهما صلة قرابة بعيدة، ويدراسان في مدرسة واحدة، قررا سويا الهروب من المدرسة، وجربا للمرة الأولى طعم لمسة اليد البريئة بحجة المساعدة في مرور الشارع أو المساهمة في إغلاق الإسورة الفالصو التي اشترتها البنت بتحويشة أسبوع كامل من المصروف..

الآن، أشعر مع دعاء بالتفاصيل ذاتها، وأستمتع بها تاركا ورائي حلقات السيت كوم التي لم تنتهي، ومواعيد الإجتماعات التي تلغى من تلقاء نفسها، وصوت أحمد فؤاد على الموبايل كل ساعة يخبرني أن ثمة أمور هامة ينبغي أن أفعلها.. أقسم عليه – في الموبايل – أني سأبدأ فيها بمجرد إغلاق الخط.. يصدقني أحمد، هو لا يعرف بالتأكيد أنني ساعتها أكون في الرويعي أو منهمكا في تركيب الكوالين الجديدة في أبواب شقتي..

سيعرف فؤاد ذلك، وسيمتنع عن الإتصال ربما وسيفكر وسيلة أخرى، ستكون هذه التدوينة هي الوسيلة التي يعرف بها فؤاد ذلك.. هو الآخر يزور مدونتي من وقت لآخر.. من باب أنه يعتبرها مدونة رائعة (كما أخبرني من قبل)..

سأخبرك يا مصعب بتسمية أخرى لهذا الجزء من حياتي..

ربما "الفن التشكيلي.. وجائزة الدولة"..

فقد جلست وحدي أفكر، في أحوالي هذه الأيام، وتوصلت أن مشروع واحد بدأ في السيطرة على عقلي، حتى أنني أصبحت عاجزا عن فعل أي شيء آخر سواه.. وأنا عندما أصاب بهذه الحالة، فإن القلق يبدأ في إحتلالي هو الآخر.. وأستسلم أنا بمنتهى السهولة..

ولأني – يا صديقي – أفكر في أمر واحد فقط، وأراهن عليه... فإن حالة القلق تزداد.. حتى أنني رأيت نفسي أمس في منامي كفنان تشكيلي سهر الليل كله في رسم لوحة تجريدية لن يفهمها أحد، سهر فيها حتى الصباح، وعندما انتهى، إلتقط لها صورة بكاميرا ديجيتال استعارها من صديق له، صورها بعناية، ثم أرسلها (عبر اللاب توب الجديد الذي لم يدفع من ثمنه سوى 150 جنيه) إلى مكتب وزارة الثقافة التي ستمنح الفنان الفائز جائزة تجعله في غنى إلى يوم وفاة آخر أحفاده..

فعل الفنان كل هذا، ودخل لينام، ولأنه أدى واجبه على أكمل وجه، وتأكد قبل أن يلتقط صورة للوحته أنها بالفعل لوحة عظيمة لن يفهمها أحد.. لأنه فعل ذلك فقد غط في نوم ثقيل، لم يفلح أي شيء في إيقاظه، سوى أصوات قطعة قديمة من الملابس كانت أمه تضرب بها الأثاث من باب الـ"تنفيض"، استيقظ، تذكر أحداث اللوحة فابتسم في نصر، فأخيرا تمكن الفنان من الخروج من حالة الخمول التي كانت يعيش فيها، ورسم لوحة رائعة لن يفهمها أحد..

طلب من أمه كوب قهوة باللبن، فتح التليفزيون على الجزيرة الوثائقية ليتابع برنامج يرصد حركة الفن التشكيلي في السنوات العشرة الأخيرة، نظر إلى ركن الغرفة، في المكان ذاته الذي وضع فيه لوحته التي لن يفهمها أحد.. والحقيقة.. أن الفنان – الذي كنت أقوم بدوره في الحلم – لم يجد اللوحة، بل وجد ركن نظيف للغاية، تظهر عليه آثار الماء والصابون، وتنبعث منه رائحة الفنيك التي تستخدمه أمه في التنظيف..

سأل أمه في اهتمام عن اللوحة، أجابت وهي تضح القهوة باللبن على طرف المائدة، رميتها.. يا ابني البيت مش ناقص كراكيب..

قبل أن يبدأ معركته مع أمه، سمع صوت موبايله يرن، على الطرف الآخر كانت موظفة وزارة الثقافة تخبره.. أن لوحته (التي لن يفهمها أحد) قد فازت بالجائزة.. وأن عليه إحضارها وتسليمها للوزارة.. ليحصل على قيمة الجائزة..

هنا فقط.. استيقظ الفنان من النوم.. وأكتشف أنه كان مجرد.. "البراء أشرف"..

أخبرك يا مصعب عن تسمية أخرى لهذا الجزء..

فلنسميه "في انتظار رنين الموبايل"..

لأني يا صديقي أنام وفي يدي موبايلي، أخرج وفي يدي موبايلي، أبكي وفي يدي موبايلي، أدخل الحمام وهو في يدي، حتى أنه في المرة الأخيرة اهتز من يدي وسقط في مكان نعرفه جميعا.. ومددت يدي وأحضرته، وجلست يوما كاملا أنظفه بعناية، غير مهتم به على الإطلاق.. كنت فقط أخشى أن يرن وهو في سباته العميق.. وأن يكون المتصل واحدا من خمسة أنتظر سماع صوتهم.. كل واحد منهم.. قادرا على تغيير حياتي في السنوات العشر القادمة..

اللطيف يا مصعب، أن الموبايل عندما يرن هذه الأيام يكون من أرقام معينة وأسماء محددة، دعاء، فؤاد، دريني، أمي، إسلام أون لاين.. حتى الأرقام الغريبة التي ترن للمرة الأولى.. أفتح الخط فأكتشف.. أنه أنت يا مصعب الذي تتصل!
.
والتسمية الأخيرة.. "900"..
لأن هذا الرقم هو كل ما أملكه من حطام الدنيا وعمارها، رغم أن عملية زواجي ما زالت تحتاج إلى أضعافه لاستكمال ما بقى أثاث، كما أن عملية حسابية بيسطة أجريتها مع نفسي منذ أيام جعلتني أعرف أن دخلي الشهري سيتوقف عند هذا الحد، في حين أن دعاء أجابتني بمنتهى البساطة أننا - أنا وهي - سنحتاج إلى 3000 جنية شهريا لنتمكن من الحياة وسداد الأقساط والإيجارات والجمعيات الشهرية، فضلا عن هامش بسيط من الحياة والترفيه.. والأكل والشرب!

مصعب..

هذا الجزء من حياتي اسمه "البحث عن تسمية مناسبة".. أو ربما "زحمة".. أو ربما "أسئلة مصعب.. ذات الإجابات المرهقة"..
- الصورة من إبداع "محمد محسن"

"Pursuit Of Happyness"

يقول :
"جئت إلى الدنيا وأنا لا أعرف أبي، وقابلته للمرة الأولى بعد28 سنة من مولدي، وأخذت عهدا على نفسي، أن أبنائي سيعرفون أباهم" ..







رغم مشكلتي القديمة – الحالية – مع فكرة الأب عموما.. بغض النظر عن أبي أو عن الآباء الذين رأيتهم في حياتي..

رغم مشكلتي مع المشاعر الأبوية والمؤسسات الأبوية ورؤساء التحرير الأبويين وأصدقائي الذين يتمتعون بنفس الصفة..

رغم مشكلتي الأهم.. مع كل بني آدم يناديني بـ"يا براء يا ابني"..

رغم ذلك.. أعترف..

أنها المرة الأولى التي تمنيت فيها أن أكون ابنا لأحدهم..