الأربعاء، فبراير 28، 2007

مصر

طلبت من دعاء كلمة واحدة فقط، تكون لبوست عن صورة للـ"جاسوس" الإسرائيلي العطار.. ومتكونش قبيحة..

دعاء فكرت شوية.. وقالتلي..

مصر..
.
عندك حق والله.. هي ..
.
مصر

الثلاثاء، فبراير 27، 2007

كلبه الهرم.. كلبه الحبيب!


تأمل كلمة "رواية" المطبوعة بـ"شياكة" على الغلاف، وستدرك فور أن تنتهي من القراءة أنك وقعت ضحية لمقلب اشترك فيه المؤلف والناشر وكل الذين ساعدوا في خروج هذا الكتاب إلى النور.. والسبب أنها ليست رواية بأي حال من الأحوال.. فهي أكثر بكثير من مجرد.. رواية!

اقرأ اسم "أسامة الدناصوري" على الغلاف في خانة "المؤلف"، فكر أنها ربما تكون غلطة مطبعية نسيت الياء بعد النون ليصبح "الدنياصوري"، أدخل على "جوجل" وأبحث عن الاسم، ستكتشف أنه صحيح، وأن صاحب الاسم أديب وشاعر مصري معاصر، كتب مجموعة من الدواوين وعمل في "أخبار الأدب"، وله علاقات طيبة بالأدباء والفنانين والطبقة المثقفة في مصر.. وتوفى منذ شهور.. بعد أن انتهى من كتابة روايته الوحيدة.. "كلبي الهرم كلبي الحبيب".. والتي خرجت إلى الـ"نور" بعد أن خرج كاتبها من الدنيا.. إلى "ظلام" القبر!

انتشر اسم "أسامة الدناصوري" على الانترنت بعد أن بدأ مجموعة من المدونين في نشر مقتطفات من كتابه الأخير، حصلوا عليها من المؤلف نفسه الذي تجمعه بهم صداقة أو زمالة، "هكذا أنا"، "أحمد العايدي".. وآخرون.. نقلوا ما كتبه أسامة ونشروه، وكنت أنا شخصيا واحد من هؤلاء الذين يسمعون ويقرأون اسمه للمرة الأولى.. إلا أنها لم تكن الأخيرة!

على المدونات ذاتها تلقيت خبر وفاة أسامة بدهشة، فالرجل الذي أكاد أعرف كتاباته وأعجب بها، ينسحب من الدنيا كلها دون أن يخبرنا عن نفسه المزيد، إلا أن هذا المزيد كان موجودا بالفعل، "تحت الطبع" في دار ميريت، والتي أفرجت عنه أخيرا في معرض القاهرة الماضي للكتاب.. ومن هناك حصلت على نسختي وبدأت القراءة..

...........

هل فكرت لحظة في يوم القيامة؟؟، هل تذكر تلك الرعشة التي كانت تمر بجسدك حين تفكر، هل تغمض عينيك في رحلة طويلة من اليقين والشك والتساؤلات.. إنك الآن أمام رواية تعطيك كل هذا مع كل سطر فيها وكل جملة.. ستقرأها وأنت تسأل نفسك.. هل مات كاتبها حقا في الشهر الأخير من عام 2006.. وهو الشهر الذي انتهى منذ أسابيع.. هل كانت هذه الرواية هي حكايات أسامة الأخيرة.. والوحيدة! لأنه لم يكتب روايات بعدها.. ولا قبلها!

يبني أسامة روايته أو "أوراقه" كما يسميها، في قالب سردي بديع، يكتب دون أن يتوقف، يلمس كل التفاصيل الصغيرة، ومع الصفحات الأولى تبدأ في السؤال.. أين الحكاية في كل هذا.. هذا مجرد شخص يحكي عن نفسه.. تابع القراءة لأن المكتوب يستحق قراءته.. أنت أمام شاعر يكتب روايته الأولى.. يكتبها بحس الشاعر.. الذي يختار كل جملة بعناية، دون أن يعزلها عما قبلها أو بعدها من كلام..

تدرك في منتصف الكتاب أن أسامة كانت يموت قبل أسابيع من بداية كتابته لهذا الكتاب، وأن نصيحة من صديق له كانت السبب في أن يبدأ، قال له : "أكتب يا أسامة حتى تجد شيء ما يجعك تتحدى الموت".. وقد كتب بالفعل بهذا الحس، وتحدى الموت وانتصر عليه لفترة..

يحكي عن جسده بلا خجل ولا خوف، إنها وصيته الأخيرة.. وفي الوصايا لا يخاف الإنسان من شيء قد يضره.. لأنه يعلم أن الوصايا لا تقرأ إلا بعد الوفاة!

أسامة.. الطفل الذي يولد بمرض في جسده يجعل عملية تبوله صعبة ومستحيله، يأخذه أبوه للدكتور.. وتبدأ رحلة طويلة من المرض والعلاج، يتأكد فيها المريض أن هذا قدره وأن عليه التعايش معه.. ويعيش بالفعل.. لكن المرض لا ينتهي، بل يتطور، ومع كل مرحلة جديدة يزداد الألم.. ويزداد يقين المريض أن معركته الأساسية في الحياة تدور داخله.. داخل جسده!

لكنه رغم ذلك يتحدث عن كل ما يشعر به ببساطة عادية، حتى عندما علم للمرة الأولى أنه مصاب بالفشل الكلوي، يقول أنه تلقى الخبر ببساطة، لأنه تعلم التعايش مع المرض، كما أنه كان يعلم أن ألم الفشل الكلوي سيجعل ألم انسداد مجرى البول ينتهي، وقد كان مستعد لتقبل الأول شرط أن ينتهي الثاني وهو ما حدث، إلا أنه أدرك أن الأمر ليس بهذه البساطة..

رحلة طويلة يأخذك فيها أسامة إلى معامل الغسيل الكلوي، وفي المستشفيات التي "يحبها"، وفي المحاليل والعيادات وصالة الانتظار بالمستوصف، كلها أماكن ذهب إليها أسامة وسجل ما حدث فيها، هو لم يدخلها كمريض فقط، بل وجد فيها أصدقاءه وزملاءه وحبيباته أيضا!

يحدثك عن كل التفاصيل، عن علاقته الآثمة بإحداهن، وعن قدرته الجنسية التي كان يتعاطي لها أدوية في أواخر أيامه، وعن كلبه الهرم كلبه الحبيب، وعن الحشيش والبانجو والـ"دماغ"، وعن نظرية الحشاشين، وعن صوت شخيره المزعج لزوجته، وعن ضعف سمعه، وعن وقفته العارية أمام زوجته يقول لها أنه من ساسه لراسه ممتلئ بالأمراض.. رغم أنه لا يعرف معنى كلمة "ساس"..

ويحدثك عن فلاتر "هايدلينا" التي كان يكرهها.. والتي أصبحت – بعد وفاته – أهم قضية فساد صحي في مصر، بعد أن أكتشفوا أنها تجلب الألم إلى المرضى.. وقد كان أسامة واحد منهم.. وقد سجل شهادته بنزاهة.. ميت!

في الصفحات الأخيرة يقول أنه يشعر بالموت يقترب بالفعل، يجلس معه في نفس الغرفة، ويراقبه، وينتظر أن ينتهي من أوراقه حتى يقترب أكثر وينهي المسألة، هنا قد لا تتمالك دموعك.. لكنك لن تتوقف عن القراءة لأي سبب!

يحدثك عن علاقته بـ"الله"، وأنه لا يصلي، وأن أمه كانت تخبره في كل مرة بأن : "نفسي أشوفك بتصلي قبل ما أموت"، لكنه يصحح لها المعلومة : "تقصدي أشوفك بتصلي قبل ما تموت".. هنا تدرك أنت أن أمه مثل أي أم مصرية، تردد الجملة ذاتها، إلا أن أمه كانت تعلم أن ابنها سيرحل قبلها.. وقد كان!

ستبكي بالتأكيد وأنت تقرأ، ستفعلها ولو كنت فظا غليظ القول، ستلمس جزء من روحك، وستذكر كلماته كلما دخلت مستشفى أو مررت بجنازة، أو سمعت خبر وفاة أحدهم، أو حتى أصبت بدور برد.. ستذكرها في كل مرة تدخل الحمام، وستفكر أن هذه العملية البسيطة كان أسامة يتعذب فيها.. ستحمد الله على نعمته.. وتسأله الرحمة لأسامة!

الاثنين، فبراير 26، 2007

تيجي؟



تيجي ناخد أجازة من بعض

منشوفش فيها بعض

منسألش على بعض

منكلمش بعض..


يمكن لما تخلص..

نعرف..

إننا بنحب بعض!

كان نفسي أعرف



كان نفسي أعرف قد إيه حبتني
وفاكرني ولا خلاص يا غالي نسيتني
من يوم فراقنا وأنا بشتاق أليك
جربت بعدي إزاي قدرت تفوتني

معرفش ليه فكرت فيك
وسألت روحي إزاي تكون حبيت بجد
وقدرت تبعد يوم
وقدرت تتحمل فراقي وبينا وعد
من يوم فراقنا وأنا بشتاق إليك
جربت بعدي إزاي قدرت تفوتني

مش عارفه بعدك ليه مقصر فيا
يمكن عشان يا حبيبي صعب عليا
معقول نسيتني أوام والله حرام
طب فين كلام الحب والحنية

معرفش ليه فكرت فيك
وسألت روحي إزاي تكون حبيت بجد
وقدرت تبعد يوم
وقدرت تتحمل فراقي وبينا وعد
من يوم فراقنا وأنا بشتاق إليك
جربت بعدي إزاي قدرت تفوتني

الخميس، فبراير 22، 2007

ISA



هقابله بكرة..


الاثنين، فبراير 19، 2007

أن نوفر لهم القوة والمتعة والسلطان





بمناسبة ترميم تمثال طلعت حرب في الميدان الذي يحمل الإسم نفسه..

عندي اقتراح..

ياريت الإخوة المسئولين يحذفوا من على قاعدة التمثال الرخامية الجملة دي " أن نوفر لهم القوة والمتعة والسلطان"..

الأسباب نعرفها جميعا..

الصورة التي ترونها التقطتها منذ عام تقريبا أثناء مظاهرة لكفاية في الميدان.. وتصادف وجود شحات المناديل تحت الجملة.. إليكم بها..

السؤال الأهم..

إلا هو المظاهرات اختفت ليه؟

الواحد بقاله مدة مطلعش في مظاهرة..

وحشني جو الهتاف والأغاني والقهاوي والأعلام والأمن المركزي وسب الدين للمتظاهرين والتحرش بهم ما استطاع الأمن إلى ذلك سبيلا..

إيه يا رجالة.. ده العيال بتوع كنتاكي بيعملوا مظاهرات.. وإحنا هنفضل قاعدين ع البورصة نلعن أبو الحكومة..

وأنا مالي!


متأسف.. متشكر!


...................
كلامي عن مصعب المرة اللي فاتت فكرني بأشخاص مهمين في حياتي محتاج أقولهم إنهم مهمين..

قلبت شوية على اللاب توب ودورت على الصور، لقيت منها شوية والباقي جبته من النت..

صورة واحدة هي اللي مش لاقيها لإن صاحبها ملهوش عندي ولا صورة وإن كان ظاهر في جزء صغير في صورة فريق عشرينات.. وهي صورة صديقي "أحمد نصر الدين"..
.
الأشخاص الموجودين في الصور هم بالترتيب "دعاء الشامي"، "مصعب أحمد"، "أحمد زين"، "على عبد المنعم - أحمد نصر الدين - محمد المعتصم - ياسمين شكري - شيرين مجدي - مريم المعتصم"، "أحمد الدريني"، "أحمد فؤاد"، "أحمد ندا"،"رضا فايز"..

عموما.. دول الناس اللي افتكرتهم دلوقتي.. ولو في أي صور جديدة هتلاقوها أول بأول..

* عنوان التدوينة مقتبس من اسم مسرحية العرائس التي يقدمها محمد الصاوي في الساقية..


الأحد، فبراير 18، 2007

مصعب.. يا قلبي






(1)

أسأله فور أن أدخل عليه أغبى سؤال من الممكن أن يتم سؤاله لمريض بالزايدة على وشك دخول غرفة العمليات..

إنه السؤال الأغبي في تاريخ عمليات الزايدة ما حدث منها، وما سوف يحدث..

- بقولك يا مصعب.. هي الباس وورد بتاعتك إيه صحيح.. أصل إنت كاتب في البلوج بتاعتك إني أعرفها.. وأنا نسيتها..

- ************************* (باس وورد طويلة شوية)

يخبرني مصعب بالباس وورد وهو يعلم مغزى السؤال، ألوم نفسي في سري.. وأحاول أن أسنده بكتفي حتى نصل إلى الشارع الرئيسي ونبحث عن تاكسي يقبل توصيلنا من شارع ترسا إلى مستشفى عبد القادر فهمي في مدينة نصر مقابل عشرين جنيه..

نركب التاكسي، أحاول قتل الصمت بأي طريقة، أطرح عليه أسئلة مستمرة يجيب عليها بصوت واهن، لا تهمني الإجابات بقدر ما يهمني أن أتأكد أنه مازال يملك القدرة على الحديث، وأنه لم يستسلم للغيبوبة..

تنتهي الأسئلة داخل رأسي، فيعود السؤال الغبي..

- قلتلي بقى الباس وورد بتاعتك إيه، أصلي نسيتها تاني..

- ************************* (باس وورد طويلة شوية)..


(2)

يرن موبايلي في نهاية يوم مزدحم رغم أنه الجمعة..

كنت في طريقي لشقتي الجديدة حيث أقابل دعاء على ناصية الشارع ونصعد سويا لرؤية ما فعله النقاش بها..

أسمع صوت أخي في الموبايل : براء.. مصعب عنده الزايدة.. نعمل إيه؟

أرد بمنتهى الهدوء : واحد عنده الزايدة.. يعمل عملية طبعأ!

أتذكر أن مصعب هاتفني منذ ساعات طويلة أخبرني أنه تعبان وأنه سيجلس في البيت ولن يتمكن من الخروج.. وعدته بأن أمر عليه بعد أن ينتهي يومي.. ألوم نفسي على نسياني هذا الوعد.. وأفكر أنه الوعد المليون الذي أخلفه مع مصعب..

أتصل بدعاء، "مصعب تعبان.. قابليني عند بيته.. مش هينفع نروح الشقة"..

(3)

أدخل عليه غرفته..

يطالعني وجهه الأصفر بشدة.. أكاد أبكي.. لكني أفكر أنه لم يراني أبكي من قبل.. ومن الأفضل ألا تكون هذه هي المرة الأولى التي يراني أبكي فيها.. على الأقل حتى لا يتشائم أو يزداد خوفه مما هو مقبل عليه!

أسأله عن مكان الألم، ألمح في يده اليسرى دبوس الإبرة المثبت بالبلاستر.. فأدرك أن صديقي مريض بالفعل..

(4)

داخل التاكسي أجريت اتصالات كثيرة، دكتورة زميلة لمصعب في العمل هي التي رشحت له المستشفى والدكتور.. أصدقاء مشتركين لمصعب ولي.. وآخرون..

أحاول تخفيف حدة توتري وتوتره.. فأغني له أغنيتنا المفضلة..

"مد الخطوة أمشي أمشي..

تلقى الصعب فات..

غير الله ما دامشي..

كل حي مات"..

أفكر أن الأغنية ليست مناسبة للوضع، فأقرر الصمت، لكني أسمع صوته يغني معي.. فأكملها للنهاية.. ولحظتها.. يصل التاكسي للمستشفى!

(5)

- عايزين حد يوقع على شوية أوراق

يقولها موظف الاستقبال في برود يناسب الساعة التي دخلنا فيها إلى المستشفى، الواحدة صباحا!

أتقدم أنا، ربما لأني عرفت أن غيري لن يتقدم.. اقرأها دقة، يخبرني الموظف أن مصعب لن يدخل المستشفى بدون التوقيع، أتنازل عن الدقة في القراءة، وأتجه مع مصعب ناحية الأسناسير..

يسأل الدكتور أسئلة متفرقة فأجيب عليها بالنيابة عن مصعب.. يطلب منه النوم على السرير.. يكشف عن بطنه.. بمر بيده على مناطق معينة فيها.. ويرفع رأسه فيجد عيوني في انتظاره.. يقول في توتر.. "زايدة فعلا"..

يخبرنا أن مصعب سيدخل غرفة العمليات في الحال.. يخرج من الغرفة.. فأخرج وراءه لأسأله السؤال الذي لا أعرف معناه وإن كنت أشاهد أصدقاء المرضى يسألونه في كل المسلسلات العربية..

- خير يا دكتور..

- بص.. هو هيعمل الزايدة حالا.. بس المهم.. في أوراق هناك لازم توقعها..

(6)

تطلب منه الممرضة أن يكشف لها عن بطنه.. أعرف أنه لن يفعل.. هو يخجل مني أنا نفسي، فكيف سيسمح لها (وهي التي تنتمي لجنس آخر غير جنسه) برؤية جزء من جسمه لا يسمح لأبناء جنسه من رؤيته..

أخبر الممرضة بأنني سأقوم بالمطلوب، والذي حددته بإزالة شعر البطن من مكان الزايدة بمكينة حلاقة صغيرة.. يمسكها مصعب بيده (المكينة لا الممرضة) يتقدم ناحية الحمام ويعلن أنه سيقوم بالمهمة بنفسه.. يناديني من وراء الباب بعدها ليسألني : كدة تمام؟.. أرد بالموافقة.. إلا أن الممرضة تظهر من ورائي وتصر على التأكد بنفسها.. تمسك المكينة وتمررها مرتين للتأكد أن الشعر كله اختفى.. يضايقني تصرفها.. لكني أصمت!

(7)

سيخلع كل ملابسه.. ويرتدي روبين من القطن لونهما أخضر وغريب.. وكئيب طبعا!

أشعر أنها طقوس الوداع.. أتمالك دموعي.. أحاول أن أجعله يبتسم فأقول : شد حيلك!

(8)

شوف يا مصاعيو، جسم الإنسان عبارة عن ثوابت ومتغيرات.. الزايدة دي من المتغيرات.. مش مهم تتشال.. لكن إنت يا حبيبي هتدخل العمليات من غير هدوم، أوعى حد يقرب من ثوابتك.. إنت عارف.. الإنسان مننا إيه غير ثوابت.

(يضحك)..

أفرح لأنه تمكنت من جعله يفعل ذلك.. وأمشي معه ناحية غرفة العمليات..

(9)

لماذا لا أتمكن من التفكير في النهايات السعيدة!؟

الصورة الوحيدة التي كنت أفكر فيها وهو يدخل هي أنه لن يخرج مرة أخرى، وأني سألحق به بوسيلة أو بأخرى في حال حدوث ذلك..

لم أكن أفهم أنها "مجرد زايدة"..

ربما حبي له الذي جعلني أبالغ في خوفي، وربما لأني "كدة".. بمعنى أنها خلقة ربنا التي ستلازمني وألازمها.. حتى أدخل بنفسي لغرفة العمليات ذات يوم.. ولا أخرج منها!.. ربما!

أكتشف أنني أكره الأبواب المغلقة التي أكون خارجها، وأني سأقبل أن أكون بالداخل أفضل من وقوفي بالخارج دون أن يخبرني أحد بصدق عما يحدث في الداخل..

اجابات الممرضات اللاتي خرجن أثناء العملية كانت كلها من النوع الكاذب..

"تمام – زي الفل – زي الحصان – ميت فل – أحسن مني ومنك"..

تمر ساعة... ويعلن الدكتور أن العملية انتهت.. وأنه على وشك الخروج..

(هنا فقط.. أبكي)

(10)

يخبرني أن وجهي كان الصورة الأولى التي رآها بعد إفاقته من البنج.. أفرح بأني استطعت أن أكون بالقرب منه في لحظة كهذه..

أجلس على الكنبة المجاورة.. تناديني الممرضة.. "في ورقة لازم توقعها".. أتذمر هذه المرة.. تناولني الورقة فأكتشف أنها تخص المرافق الوحيد الذي سيبيت معه ليلته في المستشفى.. أكتب اسمي في خانة المرافق.. وأوقع!

يسألني أخوته وأصدقائه الآخرين.. مين هيبات معاه.. أجيب في ثقة.. : أنا طبعا!

أحاول أن أجعل الكنبة الضيقة تتسع لجسدي الممتلئ، أفكر أنه في ظرف أخرى كان مصعب سيعرض أن يأخذ هو مكاني على الكنبة ويترك لي السرير الواسع.. يضحي من أجلي كما تعود أن يفعل.. لكنه هذه المرة.. كان عليه الدور.. أن يستريح!

(11)

على الكنبة، أفرد جسمي وأنظر للساعة فأجدها قد تجاوزت الرابعة صباحا، أفكر في عنوان للتدوينة التي سأكتبها عنه.. أغفو.. فأراه في حلمي، أجدني أناديه.. "مصعب يا قلبي"..

(12)

مصاعيو.. حمد الله على السلامة

سيلانترو السعادة..




كنت قاعد هناك..

رن التليفون 3 مرات.. وفي كل مرة كان خبر حلو.. وأنا بصراحة بقالي كتير.. مسمعتش أخبار حلوة..

قعدت أنا أخلص شغلي على اللاب توب مستفيد من الـ"وايرليس" القوي، شوية.. دخل دريني وفؤاد.. قعدنا ساعتين.. خلصنا شغلنا.. وقمنا حاسبنا على الكيك اللي كلناه، وأنا دفعت تمن البيبسي كانز، وأحمد حاسب على القهوة الإسبريسو اللي طلبها.. قسمنا الحساب علينا.. وفؤاد حط من جيبه جنيه بقشيش.. ولما خرجنا اكتشفنا إن الدنيا كانت برد قوي.. رغم إنها كانت دافية وإحنا جوه!

قلت لدريني وفؤاد – بعد ما خرجنا - : أنا هسميه سيلانترو السعادة..

ضحكنا ومشينا..

الكلام ده كان من يومين..

النهاردة دريني بيكلمني وبيقولي : هنتقابل فين!

أرد وأقول : سيلانترو طبعا!

الأحد، فبراير 04، 2007

عايز أقابل "هيكل"..

هل يقبل..؟؟

يشغلني السؤال في كل مرة أحاول أن أكتب فيها هذه التدوينة.. ويصيبني الإحباط للدرجة التي تمنعني من البدء في كتابتها أصلا..

يقولون أنه يرفض أن يقابل أي صحفي لإجراء حوار معه إلا إذا كان رئيسا لتحرير جريدة أو مجلة، فهل يتنازل هذه المرة عن شرطه ويقبل بمقابلتي أنا..؟؟.. ربما نعم.. وربما لا.. إذن فهي مجرد محاولة.. ليس أكثر.. مع أمل.. مجرد أمل.. في أن يتم اللقاء..

بصراحة (عنوان مقاله الأسبوعي في الأهرام الذي توقف عن كتابته بعد اعتذاره الشهير عن الكتابة).. بصراحة أشعر وكأن هيكل هو الشخص القادر على الحديث عن مستقبل مصر بكل صدق.. وبعقل واعي عنده "تجربة حياة" تؤهله لأن يصدر أحكامه، ويتوقع سيناريوهات لمستقبل لا يظهر منه شيء - حتى الآن - يبشر بالخير!

الأسابيع الماضية عكفت على قراءة ما تيسر من كتب محمد حسنين هيكل التي لم أكن قد قرأتها، هذه المرة كنت أقرأ للمرة الأولى مقالاته في مجلة "وجهات نظر" والتي تم جمعها في كتب بعد ذلك، وساورني ذلك الشعور للمرة الأولى.. أن هذا الرجل لديه ما يحكيه عن المستقبل بهذه البراعة التي يحكي بها عن الماضي..

يقول الأستاذ محمد حسنين هيكل أنه يتابع نشطاء الإنترنت، أنا عن نفسي بدأت التدوين بعد أن سمعته يتحدث عن بهية ومتابعته لها.. فهل يدله أحد على تدوينتي التي أطمع فيها بمقابلته والحديث معه؟

هل يقبل الأستاذ أن يتنازل هذه المرة عن شروطه ويقابلني لإجراء حديث ودي بين شاب يملك من سنوات عمره السابقة 21 سنة فقط ليس إلا.. ويشغله مستقبل بلده بشكل يصعب وصفه، ويبحث عن من يطمئنه.. أو ربما يخيفه.. بشأن هذا المستقبل..؟، وبين رجل يملك من الخبرة ما تجعله قادرا على الحديث بشأن الماضي والحاضر.. والمستقبل!

هي دعوة من "مدون" فقط لا غير، للأستاذ.. فهل يستجيب!

الجمعة، فبراير 02، 2007

منديل ورق.. يا منديله!

(1)

هل يوجد في القاهرة ما هو أغلى (وأرخص) من النيل؟؟

أمس جلسنا على صفحة النيل، بيننا وبين مائه متر واحد، وخلفنا كان هناك فندق شهير، استمد شهرته من كونه يطل على مكان مميز من النيل.. لكن دخول الفندق ورؤية النيل من داخله حلم يعجز جيبك عن تحقيقه..

لكن الجلوس قرب النيل.. على الحجارة.. وشرب شاي سيء بدون سكر من بائع متجول للشاي وحمص الشام.. الجلوس في ذلك المكان.. وشرب تلك الأشياء.. أمر تفعله ببساطة ولا يغرمك سوى جنيهين اتنين.. مقابل الشاي والحمص..

تجلس هناك.. الفندق الشهير خلفك.. ودار الأوبرا أمامك.. وبائع الشاي يصر على أن يسمعك رغما عن أنفك أحدث إصدارات "طارق الشيخ".. دقيقة حداد..

هو نيل واحد..

شاهده من فوق بألف جنيه..

واقترب منه وألمس ماءه البارد.. وادفع اتنين جنيه..

واسأل نفسك في كل مرة.. "النيل بكام؟؟"..

وانظر إلى مكانك جيدا.. واسمع السؤال الذي سيطرحه صديقك بشكل لا إرادي..

"في كبت أكتر من كدة؟؟"

(2)

كنا على موعد للإجابة على السؤال السابق..

السؤال الذي كان استنكاريا أكثر منه استجوابيا واستفهاميا..

الحقيقة أنه.. في فعلا كبت أكتر من كدة بكتير.. وإليكم النموذج..

(3)



اقترب منا شاب أسمر، للوهلة الأولى عرفنا أنه يقصدنا نحن دون أن يكون على معرفة بأي منا.. كنا خمسة من الصحفيين جمعتنا الصدفة في مكتب عشرينات وقررنا أن نجلس على النيل نتسامر..

اقترب منا الشاب وسأل سؤال تقليدي من الممكن أن تسمعه مرة أو مرتين في يومك..

- لو سمحت يا أستاذ.. ممكن ورقة؟..

أخرج عبد الله الطحاوي ورقة وأعطاه إياها.. سألته أنا في فضول.. "عايز ورقة تعمل بيها إيه دلوقتي"..

- أنا شاعر.. وكنت ماشي على كوبري قصر النيل.. وفي أبيات شعر نزلت على دماغي.. فقلت أكتبها.. وملقتش ورقة أكتبها.. فكتبتها على منديل ورق.. ودولقي بدور على أي ورقة أكتب عليها الشعر.. خايف المنديل يتقطع ويبوظ.. وأنسى أنا الأبيات.. بص .. أول ما أخلص القصيدة هديهالك تقراها..

قلت له : طيب.. خد الورقة بس بشرط.. هتديني المنديل بعد ما تنقل الشعر.. اتفقنا.. ؟؟
- اتفقنا..
(4)

انا اسمي أحمد.. عاطل.. مش بشتغل.. عظيمة يا مصر.. عارف مش بشتغل ليه؟؟.. عشان أنا كنت مدمن هيروين.. بودرة يعني.. بس بقالي كتير مش بشم بودرة.. لكن مفيش حد عايز يشغلني معاه..

أنا بكتب شعر حلو قوي.. بس عايز حد يسمعني

أنت بتبص لي كدة ليه؟.. هو أنا باين عليا محتاج فلوس..

أنا ساكن هناك.. في القصر العيني.. عظيمة يا مصر..

أصل أنا بحب قوي كوبري قصر النيل.. وبحب أمشي عليه.. وأكتب شعر..

(5)

قال الكلمات السابقة في حين كان منهمكا في نقل أبياته التي لم أكن سمعتها من المنديل.. إلى الورقة.. كنت متعلقا بالمنديل.. أشعر أن هناك قصة صحفية يمكن صناعتها من "منديل ورق" صنع ليستخدمه الناس في التخلص من فضلات أنوفهم.. لكن هذا الشاب تخلص من أبيات شعره في المنديل نفسه..

سخرت من المعنى، وتصورت أن شركة صناعة المناديل في حاجة لتعديل شعارها "ناعمة وقوية وكلها حنية".. لأن المنديل أصبح في لحظة كبت واحدة.. "كله شاعرية"..


(6)

لما تلاقي الجد في إيده حفيده..

وفي الناحية التانية المطواة في إيده..

يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر..

لما تذاكر جدا ومتنجحش..

ولما تنجح وماتتوظفش..

ولما تتوظف وما تكسبش..

ولما تحب وما ترتبطتش..

ولما ترتبط وما تتجوزش..

يبقى أنت أكيد.. أكيد في مصر..

لما المزة تسيبك وما ترجعش..

يبقى أنت أكيد.. أكيد.. أكيد..

في مصر!

(7)

وأعطاني المنديل..

مكتوب عليه..

"رجاء من يقرأها يقولها لعشرة مصريين حتى يفهموا الحقيقة.. عظيمة يا مصر"..

تحتها كتب أحمد " الساعة .... بالليل.. كوبري قصر النيل"..

لأن أحمد لا يرتدي ساعة يعرف منها الوقت الذي نظم فيها أبياته.. !

(8)

في كبت أكتر من كدة..

نحن الذين لم توفر لنا جيوبنا فرصة دخول الفندق الشهير لرؤية النيل من داخله فجلسنا على صفحة النيل باتنين جنيه..

وأحمد.. الذي كتب قصيدته الأخيرة.. على منديل ورق.. وجاءنا يستلف ورقة ينقل عليها أبياته..

حين أمسك المنديل الآن.. أفكر أن أحمد ربما استلف المنديل نفسه.. لأنه ربما لا يملك ترف شراء علبة مناديل صغيرة بنصف جنيه..

يرن صوت "عبد الله الطحاوي" جانبي يغني أغنية قديمة لعبد العزيز محمود : منديل الحلو.. يا منديله..

يلح السؤال مرة أخرى..

في كبت.. أكتر من كدة!؟


(9)

يقول "محمود الكردوسي" في مقاله الأسبوعي في "المصري اليوم" :

أكتب عن نفسي، لأني واحد من الناس، والكتابة عن النفس، هي جزء من الكتابة عن الناس.. تلك التي هي أهم ما يفعله الكاتب والصحفي.. لأن التجربة الشخصية جزء من التجربة العامة..