الجمعة، مارس 21، 2008

إحنا بتوع الطابور


نحن لا نزرع الشوك...

نحن..

نأكله!


الاثنين، مارس 17، 2008

هروب


حكيت لأحمد عن قصتي مع مطاوع، ضحك، وقال أنه بالتأكيد سيكون أمراً مسلياً أن يقدمني لأصدقاءه قائلاً "أعرفكم على مطاوع".. سكت لحظة، وضحك مرة أخرى قائلاً، "لقد كتبت للتو على الشاشة التي أمامي جملة.. قلت فيها.. صديقي الذي يظن نفسه مطاوع".


لم تضايقني ضحكات أحمد على الإطلاق، بالعكس، جعلتني أتجاوب أنا الآخر في السخرية من نفسي، ومن مطاوع، ومن أحمد أيضاً.


الآن، أجكي لكم عن عن مطاوع.


القصة تبدأ في وقت ما، عرفت فيه الطريق إلى الكتابة، وكنت أعتقد أنني أعيش داخل شخصيات قصصي القصيرة، وبالتحديد، داخل مطاوع، الفتى البدين، بالعوينات السميكة، والبلوفر الكحلي بأكمام منسلة من أثر العض عليها دون قصد.


يخبرني مطاوع في كل مرة أخرجه من حجرته الضيقة تحت سلم بيتنا في كرداسة بأنه يعلم جيداً، أنني أكرهه.


يخبرني مطاوع بأنه يعلم أنني أحاول التخلص من الذكريات القديمة كلها دفعة واحدة، عبر فضحها وحكيها وإخبار الجميع بها.


يخبرني مطاوع أن الحكي الذي أمارسه كل ليلة، يسيء له كثيراً، وأنني أقسو عليه حتى كدت أقتله أكثر من مرة أثناء حكيي.


لا يعلم مطاوع أنني أراهن عليه هو وحده.


لا يعلم شيئاً عن الهروب.


سأخبره وأخبركم هذه المرة.


عندي حلم جديد، دائماً نقول أن لدينا أحلام قديمة، لكني هذه المرة أحلم حلماً جديداً، لم أكن أتخيل أني سأحلمه يوماً ما.

أحلم بأني أترك ورائي كل شيء، أي شيء، وأهرب.


أكون في طريق عودتي من العمل إلى المنزل، ثم أقرر فجأة أنني تعبت من المسير في هذا الطريق، وأني بحاجة إلى راحة طويلة.


أنام بجوار الرصيف، وأستقل قطار الفجر المتجه إلى الصعيد، وأنزل في بني سويف.


ليست بني سويف عى وجه التحديد، ربما الواسطي، أو مغاغة، أو قوص أو قفط.


أحد تلك المراكز الصغيرة التي لا تشغل بال أحد، التي يصلها الإنترنت بصعوبة، ويعلمون بالكاد أن هناك قناة جديدة على الدش اسمها "الجزيرة".. لا أتهكم هنا على الإطلاق.. إن حاول أحدهم أن يدافع عن قريته ويقول أن قفط أصبحت متحضرة، وأنهم يعرفون "الجزيرة" منذ سنوات، فسأبدي له أسفي على ذلك، فلازلت أتمنى ان أجد مكاناً يحتفظ لنفسه بمسافة بينه وبين العالم.. ولا أدري لماذا أقيس علاقة الناس بالعالم، بمدى علمهم بأمر قناة الجزيرة.


على كل حال، سأنزل في المحطة التي تروقني، سأترك قبل ركوبي القطار كل شيء، حقيبة اللاب توب، وساعتي، ودبلة زواجي، والبطاقة، كما سأتبرع بالعشرة جنيهات القديمة التي أحوشها منذ عام في طيات محفظتي الجلدية.


أركب القطار، وأزوغ من الكمسري، الذي سيمسكني فجأة، وسيصر على تسجيل محضر تهرب لي، لكني سأقفز في أقرب محطة، وتبدأ رحلة هروبي.


أصل هناك عند الظهر.. وأشعر بالجوع، فأقرر البحث عن عمل مناسب، أراني في حلمي أعمل فراناً.. أو إن شئت الدقة، صبي فران.


أقف أمام الفرن، أستقبل الخبز على صدري، يلهبني البخار الساخن، وتصيبني لسعة كل دقيقة.


سيشفق صاحب الفرن على الصبي البدين الذي هو أنا، ويسمح له بالمبيت بجوار الفرن في المساء.


سأكسب 50 جنيه في الأسبوع، وسأشتري بلوفر بني بعد شهرين، وسأعرف الطريق إلى الاستحمام في حمام الجامع الكبير.


لن أهتم كثيراً بمعرفة إن كان هناك من يهتم بالبحث عني بعد هروبي، لم أهتم بممعرفة ماذا فعل هؤلاء بعد اختفائي، سأهتم فقط بالتأكد من أن مكاني الجديد لا يسمح لهم بالوصول إلي أبداًً.


لن أجلس على أي مقهى، حالتي المادية لا تسمح، لكني سأدفع لزملاء الفرن عشرة جنيهات، هي نصيبي في ثمن الشيشة التي سنشتريها مشاركة، لصنع جلسة أنس كل ليلة.


سأخبر الجميع أنني لا أجيد القراءة والكتابة، وسيعرفوني جميعاً باسم "مطاوع".. هو الاسم الذي اخترته لنفسي، والذي عرفت الطريق إليه في الغرفة الضيقة، أسفل سلم منزل كرداسة.


في المرة الأخيرة التي ذهبت إلى المنزل، لاحظت أن الغرفة قد هدمت، وفهمت أن مطاوع عرف طريقه إلى العالم المفتوح، هو الآن مثلي، بدأ يعرف الأشياء المهمة، بالتأكيد أصبح مطاوع يمتلك دشاً يسمح له بمشاهدة الجزيرة.


لن أسمح لمطاوع أن يصبح مثلي، وحتى إن فعل، فسأعود أنا لأؤدى دوره المهم في هذا العالم.


إن كان مطاوع اختار الخروج إلى الدنيا، فسأختار أن الهروب، أصيب نفسي بفقدان ذاكرة دائم، أنسى حياتي السابقة – الحالية. وأنطلق إلى عالم جديد.. يتكون من الفرن، والشيشةن والبلوفر، وحمام المسجد الذي أتحمم فيه كل أسبوع مرة.


لا أعرف إن كان الحلم ينتهي بأني سأعود مرة أخرى إلى الحياة السابقة، أقابل هؤلاء الذين عرفتهم، وأخبرهم بأنني لازلت على قيد الحياة، وأن اختفائي المفاجيء كان مجرد هروب.


دائماً ينقطع الحلم قبل النهاية. دائماً ينقظع على مشهد الوقوف أمام الفرن وقد أصبحت أكبر قليلاً، وأصبحت هذه المرة ألعب دور الفران، ويلعب فتى بدين آخر دور الصبي.

السبت، مارس 08، 2008

معلش..


مرة سألوا واحد.. مش فاكر هو مين.. يمكن شريف منير في برنامج من برامج رمضان المعتادة.. المهم، السؤال كان "إيه أكتر كلمة بتكرهها في حياتك؟".. فرد بكل ثقة.. "معلش.. بكره قوي كلمة معلش.. هي سر تأخرنا.. وسر تخلفنا.. كلمة معلش هي البديل للإحتراف.. هي البديل للإتقان.. معلش.. ومكانش قصدي.. والمرة الجاية هكون أحسن.. كل الكلمات دي بكرهها"..

يوم ما سمعت السؤال والإجابة، إنبهرت طبعاً، عندي على فكرة حالة غريبة بتصيبني لما أسمع كلام جديد للمرة الأولى، إنبهار تام.. وإتفاق عنيف مع وجهة النظر الجديدة.. وكالعادة، فترة بسيطة تمر، ويتم تراجع عنيف عن أي انبهار، وغالبا يتحول إلى استهزاء وسخرية.. يلعن أبو التفكير..

على كل حال.. أنا جاي النهاردة بسرعة أقول "معلش"..

الساعة دلوقتي تيجلها خمسة الصبح، من صباح السبت، يعني إمبارح كان الجمعة، اللي هو يوم الأجازة التقليدي في كل بيوت مصر، ومنها بيتي أنا ودعاء، أو بيت دعاء وأنا إن صح التعبير.

إمبارح، اللي هو الجمعة، كان بالنسبة ليا يوم عمل كامل، بدأ من ساعة الصحيان، مع موجة تليفونات حادة استمرت لحد الساعة 5 تقريباً، بعدها، وقت ضايع في الغدا واللبس، ومنها على المونتاج، وحوالي 10 ساعات متواصلة من الـ"cut" والـ"zoom in" والـ"ديسولف".. للأسف مش بعرف أكتب الأخيرة بالإنجليزي.

من المونتاج للبيت.. وش الفجر، دعاء نايمة، وجنبها مليكة، بحاول أعمل دوشة يمكن تصحى، لكن دوشتي أقل من نومها العميق، أو بشكل أدق، من موقفها الغاضب العنيف من تصرفاتي في الفترة الأخيرة.. تصرفاتي اللي هي كالتالى.. أصحى الصبح، بسرعة ألبس، وبسرعة أجري أنزل، وانهمك في الشغل لآخر لحظة، وأرجع وش الصبح، بسرعة أغير هدومي، وبسرعة أدخل أنام، في انتظار صحيان مبكر ونزول سريع.. وهو ما سيحدث صباح السبت.. يعني كمان 6 ساعات من دلوقتي.. عندي ميعاد في المونتاج.. مستمر لحد صباح اليوم التالي..

بحاول أصحي دعاء وأقولها "معلش".. محاولة لطيفة للاعتذار عن ما هو ليس بخطأ.. قد إيه كلمة معلش كلمة سحرية.. هي الوسط ما بين انكسار كلمة "آسف" وبجاحة كلمة "عادي وبراحتي".. وأنا في الحقيقة قلت الكلمتين دول أكتر من اللازم، لحد ما فقدوا معناهم.

عايز أقول معلش إني نسيت من الأول أقول إني كدة، وشكلي ناوي أفضل كدة..

عايز أقول معلش.. إني شايف اللي بعمله صح، ويستحق شهادة تقدير.

عايز أقول معلش إني خيبت 90 % من توقعات دعاء، لكني حققت توقعاتي كلها في نفسي، أثبت لنفسي إني قادر أركز، وقادر أشتغل لمدة طويلة بدون ملل أو قلق.. وقادر أتعلم مجال جديد واقف على أول أو تاني سلمة فيه.

بس بقول معلش لنفسي، إني ظلمتها، لما نسيت أفهم شريكتي أنا عايش ليه، وإزاي، وفين وأمتى ولحد أمتى، ولمصلحة مين..

قد إيه كلمة "معلش" دي مناسبة للوضع الحالي.. لإني مش قادر أعتذر المرة دي.. ولا قادر أسوق فيها..

قد كلمة معلش دي كلمة خالية من أي وعود.. لإني مش بتعهد بأي شيء، خاصة وإني مش واثق إني مضايق من الوضع الحالي لدرجة تخليني أتعهد بأي شيء يجبرني على التغيير.

قد إيه كلمة معلش دي طيبة وحنينة.. ومحتاجة اتنين قادرين على التفاهم، عشان تكون هي الدوا.

قد إيه كلمة معلش دي، بتختصر كل حاجة، بتأكد كل حب، وبتنفي أي عمد في المضايقة، وأي قصد في الظلم.

معلش يا دعاء، بكرة.. اللي هو يمكن كمان سنتين تلاتة، تبصي للنهاردة وتقولي "يااااه" تعرفي إن تعب النهاردة ليه معنى.. إن انشغال اليومين دول، قادرين على توفير شوية راحة بكرة.

معلش يا دعاء.. كان نفسي مقلش معلش.. بس اللي حصل بقى!

السبت، مارس 01، 2008

شوفتيني وأنا مخرج؟؟



صباح سبت جميل، لا عمل اليوم إلا في الثامنة مسائاًَ، و"مليكة" هادئة بعض الشيء، متيقظة دون صراخ، وصوت رضا فايز على التليفون يخبرني عن صورتي في المصري اليوم، برقبتي المعوجة..

أيها السادة إليكم الأخبار التالية، فأخيراً أصبح ممكناً أن أتحدث عن سر اختفائي الفترة السابقة، سر يحمل اسم "الشاهد أنت" وهو أيضا اسم الفيلم الوثائقي الذي انتمي له باعتباري أحد مخرجيه.. البراء أشرف، عمر خالد..

في المصري اليوم، تجدون الخبر الأول، وفي الأخبار اللبنانية، تجدون الثاني..

«الشاهد أنت».. وثيقة سينمائية عن محاكمات الإخوان في مصر ورشاوي الأمن في المغرب.. ومعارك السُنة والشيعة في العراق

كتب رشا سلامة ١/٣/٢٠٠٨

انتهي المخرجان البراء أشرف وعمر خالد من تصوير الفيلم الوثائقي «الشاهد أنت» الذي يتناول ظاهرة انتشار أفلام الفيديو علي موقع «you tube» وبعض المدونات التي أنشأها هواة التصوير في الوطن العربي وكان لها دور كبير في كشف الفساد بالصوت والصورة.

الفيلم مدته ٥٢ دقيقة واستغرق الإعداد له ٥ أشهر، وتم تصويره في مصر والمغرب والعراق لتسليط الضوء علي دور المدونين في تسجيل الأحداث الاجتماعية والسياسية في المجتمعات العربية لدرجة أنها أصبحت شاهد عيان ووثائق تاريخية مهمة.

وقال البراء أشرف: تناولنا ٣ قضايا عرضت أفلام لها علي المدونات، الأولي: المحاكمات العسكرية للإخوان وكيفية استغلال أبناء هذه الجماعة مدوناتهم بعرض أفلام فيديو لذويهم أثناء محاكمتهم، وقد سجلنا مع أبناء بعض المعتقلين الذين لهم مدونات ومنهم أبناء حسن مالك وخيرت الشاطر،

وبعض الأبناء رفضوا التسجيل خوفاً من الاعتقال، الثانية: الإضرابات العمالية في مصر، وقد سجلنا مع كريم البحيري صاحب مدونة «عمال مصر» التي عرضت أفلام وصور جميع الإضرابات العمالية في مصر حتي الآن، وقد استعانت بعض وكالات الأنباء بها.

الثالثة: صورنا مع أعضاء مجموعة «شايفنكم» وعرضنا لكل الأفلام التي صوروها عن الانتهاكات التي حدثت في انتخابات الرئاسة ومجلس الشعب، كما عرضنا لمشهد عميد كلية حقوق عين شمس وهو يحاول منع أحد المدونين من تصوير مشاهد ضرب البلطجية للإخوان، وتهديده له بالفصل من الجامعة.

وأضاف براء: استعنا في العراق بمكتب مجموعة الرابطة العراقية في بغداد، ومهمته تصوير الانتهاكات في العراق، وقد استعانت الفضائيات بأفلامه، كما نعرض للأفلام التي صوروها للمعارك بين السُنة والشيعة والجيش الأمريكي.

ومن خلال البحث علي الإنترنت عثرنا علي مدون في المغرب اسمه «تارجيست» كان السبب تعقب الحكومة المغربية لأي شخص يصور بالكاميرا أو الموبايل أو الفيديو في الشارع بعدما صور ضباط المرور أثناء تقاضيهم رشاوي من المواطنين، كما نشر أفلاماً عن فشل الصحفيين، لكنه رفض التسجيل معنا في الفيلم، فاضطررنا إلي التصوير مع بعض أقاربه.


...............................

«الجزيرة»... على خطى Youtube

أركاديو ــ بنما

أركاديو ــ بنمامحمد خير

أي دور قد تؤدّيه أفلام الإنترنت، في كشف فساد الأنظمة العربية؟ المصريان البرّاء أشرف وعمر خالد اقتفيا أثر محاكمات الإخوان في مصر، والرابطة العراقية، و«القناص تارجيست» المغربي، للبحث عن إجابة. والنتيجة وثائقيّ «الشاهد أنت» الذي يعرض الشهر المقبل على «الجزيرة»

إذا تضمّن وثائقي غربي صوراً لسجون وقضبان ومعتقلات، فقد يعني هذا أن الفيلم يتناول حقباً زمنية بعيدة، أقربها نازية الأربعينيات أو سبعينيات فرانكو. أما لو كان الشريط عربياً، فإن مشاهد سجونه ومعتقلاته وصور التعذيب فيه، تكاد تكون نقلاً حياً، مباشراً على الهواء. وأسوأ ما فيه أنّ الديكتاتوريات المتراصة من الخليج إلى المحيط، لا تحكم الحاضر فحسب، بل تبدو ملتزمة المستقبل أيضاً.


في هذا الإطار، تظهر إلى النور كل يوم أفلام وثائقية عربية يواجه أصحابها مضايقات السلطات وأحكام السجن أحياناً. وهو ما لا يرجو أحد أن يصيب المخرجَين المصريَّين البراء أشرف وعمر خالد اللذين انتهيا أخيراً من تصوير أحداث فيلمهما «الشاهد أنت». مدة الفيلم 52 دقيقة، وتعرضه قناة «الجزيرة» خلال شهر آذار (مارس) المقبل، أي بعدما ينهي أشرف وخالد تنفيذه كاملاً.

البراء أشرف الذي وضع أيضاً سيناريو الفيلم، هو أحد أعضاء ورشة كتاب السيتكوم المصري «تامر وشوقية». لكن الأهم هنا أنه مدوّن «عريق» ــــــ لو صح التعبير ـــــ تحظى مدوّنته «وأنا مالي» بشعبية جيدة. علماً أنه يصدّر واجهتها ببيت شعري معروف مع تعديل طريف: «وطني لو شغلت بالخلد عنه، هايتسرق»!.

اهتمام أشرف بالتدوين يمثّل مدخلاً مناسباً لمضمون الفيلم الذي يتناول انتشار مقاطع الفيديو على الإنترنت، سواء على موقع «يوتيوب» الشهير أو على المدوّنات. ويرصد «الشاهد أنت» أفلام الفيديو والصور التي تهتم بمحاربة الفساد الرسمي، ويضيء على دور المدوّنين في تسجيل وتوثيق الأحداث الاجتماعية والسياسية في العالم العربي. وهو الدور الذي تجاوز أحياناً المساحة الافتراضية إلى ساحة القضاء، ليكوّن بعض المدونين محوراً في التحقيقات بقضايا الفساد والتعذيب، وصولاً إلى إدانة مرتكبيها. واختار المخرجان العشرينيان أن يتناولا هذا الدور من خلال ثلاث تجارب، حدثت في مصر والمغرب والعراق.

في مصر، يتوقف المخرجان عند ثلاثة نماذج: الأول هو المحاكمات العسكرية التي تجري حالياً لأربعين من قادة جماعة الإخوان المسلمين. وذلك من خلال المدونات التي أنشأها أبناء القادة الإخوانيين المذكورين، ووثّق المخرجان تجارب ـــــ وتدوينات ــــــ عدد من أولئك الشبان، بينهم أبناء القياديَّين حسن مالك وخيرت الشاطر، بينما رفض مدونون آخرون التسجيل لمخاوف أمنية.

النموذج المصري الثاني هو المدون كريم البحيري الذي تتميز مدونته «عمّال مصر» بتسجيلها أكبر قدر ممكن من وقائع الإضرابات العمالية التي اجتاحت البلاد في الأشهر الأخيرة، وعلى رأسها إضرابات عمال شركة المحلة للغزل والنسيج. وانفردت مدونة البحيري بالعديد من لقطات الفيديو والصور التي استعان بها بعض وكالات الأنباء. ويختتم الفيلم جولته المصرية بنموذج حركة «شايفينكم»، وهم مجموعة من النشطاء الذين استخدموا الصورة لتوثيق وفضح مظاهر الفساد السياسي في مصر.

أما في ما يخص الحالة العراقية، فقد استعان أشرف وخالد بالرابطة العراقية في بغداد. هذه المؤسسة التي تأسست عام 2004 وأنشأت موقعاً على الإنترنت، تمثّل حلقة وصل بين العراقيين في مختلف أنحاء العالم، وتقدم إليهم الدعم المعلوماتي والحقوقي. وقد رصد المخرجان ما يملكه مكتب الرابطة في بغداد من صور وشرائط، توثّق الانتهاكات التي يتعرض لها العراقي على يد الميليشيات الطائفية، وعلى يد المارينز، فضلاً عن العنف الذي يدور بين تلك الأطراف.

وفي المغرب، اهتم «الشاهد أنت» بالمدون الأكثر شهرة «قناص تارجيست». هذا «القناص» تخصص في تصوير الرشى التي يحصل عليها بعض رجال شرطة المرور المغربيين في الشوارع، ثم نشر تلك الصور على شبكة الإنترنت. ما أزعج السلطات المغربية كثيراً ودفعها ـــــــ من دون جدوى ـــــــ إلى محاولة تحديد شخصيته. ودفع ذلك ببعض المدونين الآخرين إلى تقليده، فتحوّل المدون الخفيّ إلى أسطورة في أوساط المدونين المغاربيين، كما تحول لقبه إلى رمز يستدعي ضرورة مقاومة الفساد أينما حلّ.

يذكر أنّ موقع «يوتيوب»، الأكثر شهرة في مجال عرض مقاطع الفيديو على الإنترنت، كان قد تعرض لانتقادات بعد إلغائه حساب المدون المصري الأشهر وائل عباس الذي يستخدم الموقع في عرض مقاطع فيديو وصور تكشف انتهاكات حقوقية.

واللقطات التي أسهمت في محاكمة رجال شرطة مصريين في قضايا تعذيب، وجد فيها «يوتيوب» ذريعة لإلغاء حساب عباس بدعوى وصول شكاوى عديدة إلى إدارة الموقع، تعلن تضرّرها من المحتوى العنيف. إلّا أن «يوتيوب»، تراجع لاحقاً وأعاد إلى عباس حسابه كاملاً مع الصور والفيديو. ومن المعروف أن «يوتيوب» أصبح مملوكاً لشركة «غوغل» وفق صفقة بلغت قيمتها ملياراً وستمئة مليون دولار. وواجهت «غوغل» بدورها انتقادات، عندما تردّد أنّها حذفت صورة اللاعب المصري محمد أبو تريكة من نتائج البحث عن الصور، وتحديداً تلك الصورة الشهيرة التي يكشف فيها عن عبارة «تعاطفاً مع غزة». لكن «غوغل» عادت لتعلن أنها لم تحذف الصورة وأنها متوافرة في نتائج البحث. وإذا بالصور «المختفية» تظهر فجأة!...


ترى هل يتعرض مخرجا «الشاهد أنت» لمثل تلك «الضربات تحت الحزام» من جانب مواقع الإنترنت الشهيرة؟ لننتظر ونرَ.


«بهيّة»... والمدوّنون

أبدت قناة «الجزيرة» اهتماماً ملحوظاً ومتصاعداً بظاهرة التدوين في العالم العربي، وخصوصاً في مصر. وتابعت المحطة القطرية ازدهار تلك الظاهرة الحديثة، والصدامات بين ناشطيها وبين السلطات التي ارتبكت إزاء هذا الشكل الجديد في التعبير، واحتارت في التوصيف القانوني لما قد يرد من نقد على مدوّنات هي «رسمياً» تقع خارج نطاق الدولة. ذلك أنها منسوبة لخادم الإنترنت (server) الذي يستضيفها. وهذا الأخير يكون غالباً في دولة غربية، لكن ذلك لم يمنع الصدام بين السلطات وبين مدوّنين دخل بعضهم السجن ثمناً لما كتب.

بعض هؤلاء كانوا ضيوفاً على أحد أهم البرامج التي ناقشت الظاهرة على قناة «الجزيرة». وهو وثائقي «المدوّنون» الذي عرضته القناة قبل حوالى عامين. وبين فترة التصوير ويوم العرض قُبض على بعض المدونين الذين ظهروا في البرنامج، فأشارت المحطة إلى ذلك في نهاية الوثائقي الذي يمكن مشاهدته مجزّأً على موقع «يوتيوب».


وذلك، بعدما أدخله إلى الموقع وائل عباس أحد ضيوف الفيلم الذي استضاف أيضاً المدونين مالك، وعلاء، وعمرو عزت، والبراء أشرف الذي يعود إلى الشاشة مخرجاً، وإن لم يبتعد عن التدوين. والأسماء المذكورة ما زالت مع آخرين، تمثّل أهم الأسماء في عالم التدوين المصري الذي التفت إليه المجتمع العربي للمرة الأولى عندما أشار محمد حسنين هيكل إلى اهتمامه بمدونة اسمها «بهية». وكانت إشارة هيكل أيضاً (للمصادفة؟) على شاشة «الجزيرة»، خلال برنامجه «تجربة حياة».