السبت، مايو 26، 2007

عود دره وحداني ..


عارفه يا مرتي الراجل في الغربه يشبه إيه..؟

عود دره وحداني ..

ف غيط كمون ..

*من خطابات الأسطى حراجي القط العامل في السد العالي، لزوجته فاطمة أحمد عبد الجبار الساكنة في جبلاية الفار.

الخميس، مايو 17، 2007

صورة المصيف (الساحل الشمالي1997)


من اليمين فوق (ماما هدى - بابا - عمو أحمد محمود الله يرحمه - طنط إيمان الله يرحمها - طنط شيماء - عمو القاضي - نور) تحت ( أنا - بكر - عمر - عبده - حمزة - عبادة - رحمة - مصعب)

كل هذه السنوات مرت.. ؟؟

هل تصدق!؟

الخميس، مايو 10، 2007

دعوة خاصة

عايـ(زين) نتقابل..

الأحد، مايو 06، 2007

نفسي.. أدخل سينما مع أبويا..



يبدو أن أعراض الأبوة تصيبني قبل أن أصبح أباً..

أنا الآن أفكر في أبي كثيراً.. دون سبب واضح!

أتخيلني – وهو – جالسين في الأماكن المحببة إلى قلبي..

نجلس سوياً على البورصة، ويتبطأ يدي سائرين في وسط البلد يدهشنا زحام الناس وألوان الفتارين..

لكني رغم ذلك، أشعر أني في شوق لشيء ما..

نفسي أدخل سينما مع أبويا..

أجلس في القاعة المظلمة، وأشاهد معه فيلم كوميدي جديد، أو فيلم أجنبي أكشن من النوع الذي يحبه وينتظره (قبل ظهور الدش) مساء كل جمعة على القناة الثانية الأرضية..يجلس على سريره الواسع، يبتسم، ويقول في حماس : "أنا شفت الفيلم ده قبل كدة، البطل ده هيموت، والبطلة دي هتتجوز أخوه.. وبعدين أنت عارف أصلاً.. "..

لكنه الآن يقول أنه لم يعد يحب الفرجة على هذا النوع من الأفلام، حتى مع ظهور قناة مثل "أكشن" يبتعد عنها حين يقلب بالريموت قائلاً : "الأفلام كلها بقت شبه بعضها"..


لكني سأخجل – كالعادة – من عرض الأمر عليه..

هو دائماً يكره السينما.. وأدخل معه في جدال طويل حولها.. لكن قلبي يحدثني أنه ربما يستجيب الآن بعد أن تزوجت، أو ربما تصنع الظروف فرصة لأن نكون ثلاثة.. أنا وهو.. وحفيده أو حفيدته..

أخبرت دعاء أني أبي تغير بعد أن ظهرت هي في حياتنا..

الآن.. اكتشف أنني أنا الذي تغيرت...


فيصل.. ربما في شارع آخر!


ستدخل إليه من مداخل عديدة.. كلها – بلا استثناء – خادعة وكاذبة!

تخيل معي أنها المرة الأولى التي تدخل فيها إلى شارع فيصل، ربما تختار الدخول إليه من الطريق الطبيعي، ميدان الجيزة، تعرف بالتأكيد الجيزة وزحامها، لكنك ستقطع المسافة من قلب الميدان إلى مطلع الكوبري بسرعة، تنطلق على الكوبري وكأنك "راكب الدائري".. ثم تلمح من بعيد الأضواء الخلفية الحمراء لمئات السيارات التي وقفت بإجلال في إشارة صغيرة هي فقط.. إشارة البداية في شارع فيصل!

ستلجأ إلى الحيلة في المرة الثانية، وتفكر في دخول الشارع من الطريق الدائري، ستمر من خلاله قادماً من شبرا، ثم منزل المريوطية، تسير طويلاً في طريق تحيطه أشجار وترعة، منظر يوحي لك وكأنك تملك الدنيا بما فيها، ولا شيء على الإطلاق قادر على توقيفك.. ثم.. الأضواء الخلفية الحمراء مرة أخرى، إنها سيارت – ربما هي ذاتها السابقة – تقف إجلالاً لإشارة شارع فيصل الأخيرة بالمريوطية..

تسلك شارع فيصل من مدخل آخر بدافع أخلاقي، جئت من طريق الإسكندرية الصحراوي، وتفكر أنه ربما من غير اللائق أن تشاهد زوجتك الجالسة إلى جوارك ما لا يرضيها في شارع الهرم، إذن فليكن فيصل هو البديل، وهناك.. ستشاهد ما لا يرضي أحد على الإطلاق.

كل مداخل شارع فيصل تخدعك في البداية، تبدأ سريعة، ثم تقع في المصيدة، المشكلة الحقيقية ليست في المداخل التي ستكتشف خدعتها بعد أن تجربها مرة واثنين، الأزمة يا صديقي.. في المخارج!

دعنا لا نظلم فيصل.. شوارع القاهرة كلها مزدحمة.. لكن من قال أن ازدحام الشارع هو ما يميزه.. إنها فقط مقدمة تليق بشارع ربما هو الأطول في شوارع العاصمة بعد صلاح سالم، وإن كان الحديث عن زحامه لن يكون مبالغة مهما تحدثنا.. لكنه فقط إهانة لبضعة أشياء أخرى تميزه..

أنت في فيصل داخل جمهورية مستقلة تنفصل تماماً عما يحيطها..

يحكي لي أبي أن هذا الشارع كان فيما سبق محاطاً بالأراضي الزراعية، ستلمح ذلك في قطع خضراء صغيرة في "حسن محمد" أو "الطوابق" أو "كفر طهرمس".. وكلها أسماء محطات بالشارع الشهير.

ويحكي لي أبي أيضاً أن شارع فيصل وشارع السودان كانا في الأصل شارعاً واحداً، وأن الكوبري الواصل بينهما تم بناؤه بمنحة من السعودية، ولهذا سمي الشارع باسم العاهل السعودي وقتها الملك "فيصل آل سعود".

سأحكي لكم عن الأشياء التي شاهدتها فعلاً، سأهمل جذور الشارع التاريخية، لأنه شارع بلا جذور.

في فيصل ستركب السرفيس، سيارة ميكروباص لن تجدها إلا فيه، هي دائما مرتفعة من الأمام ومنخفضة من الخلف، هي دائما تسمح بركوب أربعة أفراد في كل كنبة من الناحية النظرية فقط.. هي دائما مكان مفضل لسماع أغنيات سعد الصغير وشعبان عبد الرحيم وعماد بعرور..

هي دائما كذلك يقودها سائق لا يعرف والده من أمه.. لا يفرق بين طفل وعجوز، المهم أن تمتلئ السيارة من محطة إنطلاقها، وأن يتم إفراغها أكثر من مرة في كل محطة فرعية تمر بها.. تسألني عن المحطات الفرعية.. أنا أخبرك بها..

ولأن الطريق بين ميدان الجيزة وآخر فيصل طويل أكثر مما ينبغي، فإن سائقي الميكروباص الذين لن يرضوا بالتأكيد بنصف جنيه أعمى (شأن كل الجنيهات المصابة بالعمي في مصر)، فإن الحيلة - والكفاح من أجل البقاء – دلتهم على طريقة مبتكرة لتحسين دخلهم، تقسيم الشارع إلى محطات.. من الجيزة حتى العشرين، ومنه إلى حسن محمد، ومنه للمطبعة، ومنها للمريوطية، ومن الأخيرة إلى مشعل وآخر فيصل.. ومنهم لله..

وفي كل مرة ركاب جدد و"أنصاص" جنيهات جديدة تنهال على السائق الذي يقود طرباً بأنغام شعبية صاخبة تخرج ثائرة من كاسيت الميكروباص الصغير الذي يكافح هو الآخر من أجل البقاء أمام ميكروباص الجمعية المنتشر في ربوع المحروسة، والذي يجعلك تراه من بعيد كدابة خرجت في آخر الزمان عند فساد الناس..

لكن غير الميكروباص، هناك أيضا ما يميز شارع فيصل..

"كبابجي المنوفي"، محل الكباب الأشهر ربما في القاهرة والجيزة، حسن محمد.. المحطة التي لا يعرف أحد على الإطلاق صاحب اسمها، حتى صاحب الاسم نفسه ربما غادر الدنيا دون أن يعرف أنه سيكون الرجل الأشهر في شارع يبلغ تعداد سكانه 3 مليون نسمة على أقل تقدير..

أو "الطوابق".. دعني أولاً أخبرك سبب تسميتها..

الحكاية وما فيها أن المحطة بها ثلاثة شوارع متوازية، وهو ما جعل ذهن أحدهم – من الجدود الأوائل للفيصليين – أن يتخيل شكل الشوارع الثلاثة وكأنها أطباق رصت فوق بعضها.. وأطلق عليها اسم الطوابق!

اركب أي تاكسي وقل له "الطوابق".. سيقف لك.. ويسألك أسئلة قصيرة.. "أنهي طابق؟".. "على الشارع ولا جوه؟".. إن كانت إجابتك "الطابق التاني"، "جوه".. فأنت يا صديقي خاسر.. طريقك إلى الطوابق عبر التاكسي يجب أن يظل دائما منتهياً عند "بره".. لأن "جوه" عالم آخر وشارع آخر وموضوع آخر..

وفي فيصل أيضاً، ستسأل نفسك كل مساء وأنت تسلك الطريق إلى بيتك عن سر الجزيرة..

والجزيرة هي رصيف عريض يشق الشارع ويفصل بين الرايح والجاي، وفيه حوض عريض من الزرع، لو تمت تقليص مساحته لشملت حارة للسيارات في كل إتجاه، لكن المسؤولين عن الشارع يخشون بالتأكيد أن يفقد شارعهم مكانته باعتباره الأسوأ مرورياً في تاريخ مصر.. فإن تقلصت مساحة الجزيرة ربما يصبح الشارع أسرع وتصبح الحياة أسهل على مواطنيه.. وهي بالتأكيد أمور لا تهم القائمين على أمور الشوارع في مصر!

أخيراً، يبقى فيصل والإنترنت..

دخلت على "جوجل" أبحث عما يتعلق به، وعلى "ويكيبيديا" وجدت الرابط التالي..

يبقى لي اعتراف بسيط.. أن الكتابة عن فيصل ستظل عبثية وفاشلة لهؤلاء الذين اعتادوا عليه.. فيصل يبحث عن عين مصوراتي من مدينة نصر، يلتقط كل تفاصيله بانبهار، وفيصل يفتش عن قلم كاتب ارستقراطي مر به ذات مرة وهو تائه، ليكتب قلمه عن عجائب الدنيا السبعين.. الموجودة في تفاصيله الصغيرة..

أما أن يكتب "فيصلي" عن فيصل، فستمنعه النخوة من الحديث عن مقهى الشمندورة الملتقى الرسمي للدعارة النظيفة بالمنطقة، أو شارعي "حسن محمد" و"العريش" حيث اعتاد شباب الشارع تجربة المعاكسة للمرة الأولى ثم احترافها للأبد.. وسيمنعه الحرج من الحديث عن التوك توك والفواعلية.. وسيمنعه ذكاءه من التصريح بالطريقة السليمة لركوب الميكروباص من أول الخط لآخره دون أن ينزلك السائق أو أن تدفع الأجرة مرتين..

فيصل يبحث عن واحد من هؤلاء الذين سيدخلون إليه من مداخل عديدة.. كلها – بلا استثناء – خادعة وكاذبة!، أما سكانه.. فهم يعلمون طبيعة مداخله ومخارجه.. وعلى استعداد لقتال المارينز حتى داخل حارته ودروبه وثناياته الضيقة.. دون أن يمكنوهم من الإمساك بواحد منهم.

هي أسرار في الشارع الضيق، تبحث عن "أجنبي" للحديث عنها.. لكن أن تجد بين أهلها من هو قادر على البوح.. ربما في شارع آخر!

السبت، مايو 05، 2007

إفراج..


أثناء تصوير مشروع "إعادة التمثيل" - RECON- بدورة مركزالجزيرة للتدريب في الإخراج والإنتاج..

مش عارف إزاي مشفتش الصورة دي قبل كدة ومفكرتش أنشرها.. خاصة وأنا تخين قوي (بفعل أكل المركز)، وحتى التي شيرت اللي كنت شاريه جديد قبل السفر للدوحة صغر عليا.. حتى إن هاني بشر وحسام كمال (زملائي في الدورة) كانوا بيسموني.. أبو تي شيرت مرفوع..

عموماً.. حانت لحظة الإفراج عن الصورة..

عم أحمد ..وقضيته الكسبانة

خرجت إلى النور..


لصاحبها.. أحمد رفعت.. (أي كلام بعد الاسم.. لن يوفى صاحبه حقه)

الخميس، مايو 03، 2007

شقتنا والهرم.. ومايكل دليهاي..


في دورة مركز قناة الجزيرة للتدريب على إخراج وإنتاج الأفلام الوثائقية، حين وقف المدرب الإنجليزي الأصل مايكل دليهاي يشرح لنا أساليب التصوير الحديثة، لم أفكر للحظة، أنني سأسكن في شقة يمكن شرح أحد تلك الأساليب عبرها..

يخبرنا مايكل عن الـ"Fly on the wall".. أو ذبابة على الحائط، تلك التى ترى كل الجالسين في الغرفة في حين أن الجالسين كلهم لا يرونها.. وفي هذا الأسلوب من التصوير، تكون الكاميرا مكان الذبابة، حرة ومنطلقة دون أن تعرقل حركة أحد أمامها ولا خلفها..

حين أقف في بلكونة الشقة، أصبح أنا الذبابة، بالنسبة إلى الأجداد الثلاثة خوفو وفرع ومنقرع، وابن العم، أبو الهول، ثم الهرم الذي بناه أطفال الفراعنة حين كان آبائهم مشغولين في بناء الأهرامات الثلاثة.. سقارة!

أقف في بلكونتي.. وألوح رقبتي يميناً، فأشاهد منظر بانورامي رائع للهرم، بيني وبينه أمتار، ربما أمد ذراعي فأطوله..

لكن هل يا ترى يتمكن الواقف عند الهرم من مشاهدتي وأنا ملوح الرقبة ناحية اليمين..

حتى لو لوح السائح الأجنبي رقبته أو حتى اشرأب بها، لن يراني.. أنا بالفعل "Fly on the wall"..

فكرت أنا ودعاء أن نؤجر بلكونتنا للسياح، لكن.. لن يقبل سائح قط أن يشاهد الهرم وهو ملوح.. فشلت خططنا بعد أن مرحنا قليلاً مع زوجين من اليابان تحت عمارتنا، نادينا قائلين.. "cometo our BALAKONA"..

سأخبر مايكل في المرة القادمة التي أقابله فيها – هذا إن قابلته – أني جربت طريقته في التصوير.. وأنها نجحت..

الأربعاء، مايو 02، 2007

لمستك

لمستك نسيت الحياة

وأنت اللي بحلم أعيش يوم معاه

واللية هي البداية وخليك معايا

ده عمري الليلة دي انتهى

ولازم نعيش يلا قرب كمان

تعالى حبيبي لأبعد مكان

ننسى اللي ضاع من إدينا

نعيش بس لينا

خلاص اللي جوانا بان

سرحت بعيونك لفين

أيوة أنت جنبي وهعيشلك سنين

وحياتي قرب عليا

يا عمري وعنيا نعيش الحياة لو يومين


هيئة النـ(ش)ـل العام

أنا عادة – كأي مواطن مصري – لا أحب ركوب الأتوبيسات..

لكني ألجأ لها أحيانا هرباً من زحام المترو ورائحة العرق التي يغرق فيها حتى تظن أن المترو يسير تحت جلد أحدهم لا تحت الأرض..

وهرباً من لعنة جديدة ظهرت منذ سنوات في شوارع القاهرة والجيزة اسمها "ميكروباص الجمعية"، وهي تشبه الأتوبيس إلا قليلاً، وتتميز بأن لها تباع (مساعد سائق)، يتميز بثقل ظل وقلة ذوق وإنعدام رحمة، هو في الغالب لا يفهم إلا جملة واحدة.. "خش جوه شوية يا أستاذ الطرقة فاضية".. وتلك الطرقة تظل في نظره دائما فاضية وتقبل المزيد من كوكتيل اللحم البشري، ما بين ملتح يتأفف من التصاق سيدة بدينة به، أو مراهق يبحث عن فرصة للإلتصاق بصاحبة الرداء الجينزي الضيق، أو عجوز يبحث بين وجوه الجالسين عن شاب صغير يفترسه بنظراته عسى أن يشعر الأخير بتأنيب ضمير ويقوم من مقعده تاركاً إياه للعجوز.. (تكتشف في النهاية أن العجوز موظف أربعيني، كل ما يميزه خصلات من الشعر البيضاء ظهرت مؤخراً في رأسه.. لكن دونها.. فإن صحته.. بمب)..

هرباً من اللعنتين، (المترو والجمعية)، أجد نفسي مضطراً لركوب الأتوبيس..

تسألني عن التاكسي؟؟.. أقول لك..

تاكسي يا صديقي وأنت في سنوات زواجك الأولى؟؟، أو حتى لديك نية للارتباط، أو أن هناك دبلة فضية تزين يدك اليمنى.. بما يعني أنك (مخطوب – مخطوف – مخطول) باختصار، طالما أن هناك "إمرأة" ما في حياتك، فأنت محروم من ركوب التكسيات.. النساء يا صديقي يكرهن التكسيات..

حين أسير مع زوجتي، وأتعب من السير، أفكر كثيراً قبل النطق باقتراح ركوب تاكسي، ربما أقضي الليلة كلها مستمعاً لمحاضرة طويلة حول الإقتصاد والتدبير ونظرية القرش الأبيض ونظيره الأسود.

إذن، نتحدث عن الأتوبيسات..

أنت تعلمها جيداً، تعرف زحامها وخنقتها، تحفظ رائحتها، تدمن هتاف بائعيها.. "صلي على رسول الله، لا بنشحت ولا بنقول لله.. معايا الفلاية تطلع ميت قملاية وتفرق بين الدكر والنتاية.. صلي على رسول الله.. معايا من الإبرة للصاروخ ومن الذرة للمجرة.. صلي على رسول الله"..

ربما لاحظت أن الأتوبيس هو الشيء الوحيد الذي يدور بموتور، ومكتوب أعلى رأس سائقه "صنع في مصر".. بعد سنوات من تشغيله، ستعيد الهيئة طلاءه، وتختفي "صنع في مصر" من مكانها تحت الطلاء.. ربما يضع السائق إعلان مكانها عن سماعات للأذن حجم كبير وصغير بالتقسيط داخل الأذن وخارج الأذن.. أو عن أكاديمية الكابتن روبي للتأهيل للكليات العسكرية..


تعرف أيضا شحاتين الأتوبيس..

أنا أحكي لك عنهم.. الفكرة تعود لسنوات، عندما اشتهر الأتوبيس بين المصريين بأنه المكان المفضل للنشالين، حتى جاء الوقت الذي كنت تلمح فيه الأتوبيسات فارغة، خاف المواطنين من ركوبها أول الشهر حتى لا يضيع المرتب بأنامل نشال محترف.. الرجال في مصر يفضلن ضياع المرتب بأنامل زوجاتهم أمام باترينات محلات الملابس النسائية والإكسسوارات.. أو في قسم الحفاضات بصيدلية المنطقة..

لكن "المصري هيفضل مصري".. تراجع النشالون عن النشل، ربما خوفاً على سمعة "هيئة النقل العام"، وفكروا في طريقة جديدة للحصول على محتويات جيوب الرجال دون أن يصبحوا زوجات لهم.. النشال يرفض أن يكون زوجة!

يبدو أن نشال مثقف قرأ "وصف مصر"، ونشل نسخة جديدة من "ماذا حدث للمصريين" و"عصر الجماهير الغفيرة" للدكتور جلال أمين، يبدو أنه فهم كيف يفكر رجال ونساء وأطفال وشيوخ هذا البلد..

أفضل طريقة للحصول على ما في جيوب المصريين، هي أن تطلب منهم هذا بذوق وخفة.. وتضرع!

بين شعوب العالم لا يوجد شعب عطوف وحنين كشعبنا..

بين شعوب العالم شعب واحد فقط يعرف أن.. "حسنة قليلة تشيل بلاوي كتيرة"..

شعب واحد يدعو في صلاته "يجعل بيوت المحسنين عمار"..

إذن هي الشحاتة يا فتى..

في رمضان سيركب أحدهم الأتوبيس بسرعة ووجه مخطوف، يحدثك عن السيدة الفاضلة جارتهم التي ماتت فجأة، والتي يبحث أهل الحارة عن ثمن كفنها..

ستذكرك "السيدة الفاضلة" بجدتك رحمة الله عليها، وستقع كلمة "الحارة" في قلبك، كم تشتاق إلى حارتك القديمة، أما "الكفن"، فسيعطيك نفحة إيمانية وصوفية تحتاج إليها لتبدأ رمضان جديد جاء توقيته غريباً، بحيث يسبقه كليب جديد لهيفاء وهبي، ويأتي بعده فيلم سينيمائي يستحق المشاهدة.. اسمه "عليا الطرب بالتلاتة".. وهو الذي سيكون سبباً في أن يتذوق شباب جدعان من ولاد مصر طعم التحرش أمام سينما تعرضه حين تقرر بطلته المصونة الرقص أمام بابها، وستعترف بعد ذلك أنها رقصت – فعلا – لكن ببنطلون جينز وتيشيرت.. (قطع على مشهد الشاب الواقف في ميكروباص الجمعية ينتهز فرصة الإقتراب من ذات الرداء الجينزي).. هي لا تعرف بالتأكيد كم أصبح الجينز مثيرا في الأيام الماضية.

داخل الأتوبيس، ستجد ألف حكاية حكاية، كل واحدة منها، قادرة على جعل نجيب ساويريس يعتنق الإسلام، ويجلس على بوابات السيدة، شأنه شأن المجاذيب.. يهتف مدد يا أم العواجز .. هذا بعد أن تبرع بكل ما يملك لـ"دار رسالة للأيتام"..

لكن النشل – باعتباره وظيفة – يبحث الناشل فيه – باعتباره موظفاً – عن أفكار جديدة تجعله يقوم بجهد أقل، على أن يزيد "مرتبه"..

في أتوبيسات عديدة، ركبتها عن طريق الصدفة، وجمعت منها ما تيسر من أوراق سقطت بين يدي، وكان الرامي مرة شاب تظاهر بأنه أبكم، وفي المرة الثانية فتاة منتقبة، مرت بهدوء بين الكراسي وأسقطت في حجر كل مواطن ورقة..

في المرات كلها.. كنت أضطر لدفع جنيه لكل منهم، حتى يظفر بالجنيه وينسى الورقة، أنتظر نزوله، وأضع الورقة في محفظتي، وأنتظر أن تأتي فرصة ما، أفرج فيها عما جمعت.. وقد واتتني الفرصة الآن.. خاصة وأني أكتشفت أنني فقدت ورقات ثلاثة، لينخفض عدد ما جمعت من أوراق من خمسة.. إلى اثنتين..

اقرأ الورقتين ولاحظ التشابه..


يبدو أن هيئة النـ(ش)ـل العام، حين قررت التعاون مع هيئة النـ(ق)ـل العام، وظفت لديها محرراً رديئاً، لا يملك القدرة على الإبتكار.. فتجد إنتاجه متشابه.. وخطه رديء.. من يدري.. ربما أخبره الجمهور في الـFeed back، أن هذه الطبخة تعجبهم أكثر وهو ما جعله يحافظ عليها..

لست أدري.. فقط أتذكر وأنا أنزل من الأتوبيس وفي جيبي ورقة جديدة..

أنا عادة – كأي مواطن مصري – لا أحب ركوب الأتوبيسات..

وأنني أركبها مضطراً، هارباً من زحام المترو ورائحة العرق التي يغرق فيها حتى تظن...،

الثلاثاء، مايو 01، 2007

داخل شقة.. في مصر الجديدة



"أمانة عليك يا ليل طول.. وهات العمر م الأول.. بحب جديد وقلبي سعيد.. يا ريتني عشقت م الأول"..

تسمع هذا المقطع في النصف الثاني من الفيلم، هي ليست الأغنية الوحيدة التي ستسمعها فيه، سيعلو صوت "ليلى مراد" برائعتها "قلبي دليلي"، وسيخترق صوت "أم كلثوم" اذنك بـ"فات الميعاد"، وسيقدم لك راديو التاكسي الذي تركبه البطلة "يا مسافر وحدك" لـ"محمد عبد الوهاب"..

تشعر أن صناع الفيلم يداعبون قلبك، يغازلون خيالك، ربما تبكي من التأثر، ربما تسرق ابتسامة ذكرى لحبيبة قديمة فرقت بينكما الأيام.. لكنك لن تملك ترف السرحان في حكاياتك العاطفية بعيدا.. لأن هذا الفيلم – على عكس الأفلام الرومانسية – يمنعك من السرحان..

لماذا يشاهد الناس أفلاماً رومانسية؟، لماذا أجلس في قاعة مظلمة لأشاهد شخصين غيري وغير حبيبتي يتبادلان العبارات الرومانسية الجملية التي لا أقولها لحبيبتي الجالسة إلى جواري، وبالتالي لا أسمعها منها، رغم أن حبيبتي – شأن أي حبيبة – ستسألني بعد أن نغادر قاعة العرض، لماذا يا ترى لا أقول لها كلمات كتلك التي قالها البطل للبطلة..

يعتقد صناع الأفلام الرومانسية أن الناس تشاهد أفلامهم ليروا تلك الأشياء التي لا يفعلوها في الحقيقة، أو بمعنى أدق الأشياء التي يعجزون عن فعلها، لأنها ببساطة أشياء يرفضها واقعهم ومجتمعهم.. وبذلك، تظل الأفلام ساحرة، وقادرة على جذب الجمهور لدخول السينما.. وجهة النظر السابقة قالها منتج الفيلم الأكثر رومانسية "A Walk to Remember "، ومن بعده "طارق العريان" حين كان يحاول الدفاع عن فيلمه الرومانسي الوحيد "السلم والتعبان"..

ورغم أن صناع تلك الأفلام يعرفون سر صنعتهم جيدا – الذي لم يعد سرا – إلا أنهم لا زالوا يعلمون أنه ميزة وعيب في وقت واحد، وبالتالي فإن مستوى الكمال الذي يبحث عنه أي صانع للأفلام سيكون بتعديل الوصفة قليلا، بحيث ترى على الشاشة تلك الأشياء الرومانسية التي لا تستطيع أن تفعلها في واقعك، بالإضافة إلى أشياء أخرى قليلة، يمكنك فعلها ببساطة مع حبيتك، دون أن يتهمك أحدهم بالجنون أو الإنحلال الأخلاقي.

هذه الطبخة المعقدة هي ما حاولت المؤلفة "وسام سليمان" وزوجها المخرج محمد خان تقديمها في فيلمها الثاني بعد "بنات وسط البلد"، وفي فيلم وسام الثالث بعد "أحلى الأوقات"، ففي "شقة مصر الجديدة" ستجد نفسك غير قادر على إهمال تفصيلة أن المؤلفة والمخرج زوجان في الواقع، وأنك تشاهد إبداع مشترك لمؤلفة متميزة ومخرج كبير، وبين زوجين مصريين قررا سويا أن يتحدثا عن الحب في 2007 من وجهة نظر "إمرأة ورجل"..

الأحداث تبدأ بموسيقى رائعة ألفها "تامر كروان" وأستخدم جملا لحنية تمزج بين الكمان والبيانو، وترى على الشاشة "أبله تهاني" مدرسة الموسيقى بمدرسة الراهبات بالمنيا، وهي تظهر مرة واحدة في الفيلم رغم أن الأحداث كلها ترتبط بها، تظهر وهي تحدث الفتيات في حصة الموسيقى عن الحب، وتعلمهن غناء "قلبي دليلي" لليلى مراد، ثم مشهد سريع لطرد المدرسة خارج الفصل وخارج المدينة كلها، بعد أن اتهموها بأنها تفسد أخلاق البنات.. ترى المشهد بعيون فتاة صغيرة تقف خلف قضبان النافذة تلمح أبله تهاني التي تحبها..

تكتشف أن الفتاة الصغيرة هي نجوى "غادة عادل" التي تتربطها علاقة مع مدرستها التي تنتقل للإقامة في القاهرة، من خلال خطابات تصلها عبر البريد، وعبر إهداء الأغاني لها في برنامج "ما يطلبه المستمعون"..

تقرر الفتاة أن تذهب لزيارة "أبله تهاني" في القاهرة، وهناك تكتشف أنها اختفت، ولا أحد يعرف عنها شيئا، تبدأ رحلة البحث، وتولد علاقات "مختلفة" بين نجوى وبين سائق تاكسي، مديرة بيت مغتربات، حبيب قديم لأبله تهاني.. وأخيرا.. شاب يسكن جزء من شقة أبله تهاني بعد أن غادرتها وأختفت.. وظل خلال عام كامل يستقبل خطابات نجوى من المنيا ويقرأها..

أحداث الفيلم تدور خلال يومين فقط، بكل التفاصيل الدقيقة، محطة القطار، والتاكسي، والبحث عن مكان لقضاء ليلة واحدة في القاهرة، استديوهات الإذاعة التي تذهب لها نجوى لتحاول البحث عن أي شيء يقودها إلى أبله تهاني..

تلك التفاصيل هي ما تجعلك تستغرق في الحكاية وتمتنع عن السرحان، تجعلك تصدق الأحداث وتشعر أنك قادر على فعل كل شيء فيها، الفيلم صادق في كل تفاصيله، لا وجود للأحداث الخيالية التي طالما كانت تميز الأفلام الرومانسية وتمنعنا من تصديقها.. حتى النهاية، ليست سعيدة بالكامل، لم نرى المشهد المعتاد للـ"كلوز" على قبلة ساخنة بين البطل والبطلة..

"غادة عادل" ترتدي فستان واحد طوال النصف الأول من الفيلم، وتبيع سلسلة ذهبية صغيرة حتى تجد من الأموال ما تنفقه، حتى عندما يراقبها "يحي" ويجد شابا يغازلها، لا يتدخل بالشكل الذي نعرفه ونعتاد عليه، لم يستعرض عضلاته ويطير في الهواء ويقتل الوحش الذي عاكس الفتاة التي بدأ يحبها، حاول أن يعاقب الشاب دون أن تراه الفتاة، وتلقى علقة ساخنة، لم نراها نحن، فقط رأينا قميصا ممزقا، وهو ما ساعدنا على تصديق أن خناقة حقيقية حدثت، بدون ميكركروم ولا ورم كبير في الوجه..

طوال الفيلم ستشعر أن هناك "رجل وإمرأة" يحكيان القصة، ستسمع "يحيى" يحكي قصته، وبهاء والجار العجوز وسائق التاكسي، والزوج الذي يطلب من نجوى أن تدخل حمام السيدات لتطلب من زوجته الخروج لأنها تأخرت داخل الحمام..

وداخل الحمام ستسمع المرأة هي الأخرى تحكي، إمرأة تلد داخل حمام السيدات لأنها ترغب في تخفيف المصاريف عن زوجها، وترى مشهد الولادة بالكامل من خلال إنطباعات وجه غادة عادل التي اكتشفت نفسها من جديد من خلال عدسة "محمد خان"..

هي ليست عدسة خان تماما، فالكاميرا كانت تقف وراءها إمرأة أيضا هي مديرة التصوير "نانسي عبد الفتاح"، كما أن المونتاج كان بلمسة إنثوية لـ"دنيا فاروق"..

تسمع كذلك حكايات المرأة، قصة مديرة بيت الطالبات، والطالبة التي تحاول الإنتحار لأجل حبيبها الذي هجرها، تسمع حكاية "نجوى" نفسها، وحكاية "أبله تهاني" من خلال خطاباتها لنجوى..

لعل هذا ما يشعرك أنك أخيرا تشاهد فيلم من "أفلام المرأة" تخلص من عقد النساء التي اعتدنا أن نراها في تلك النوعية من الأفلام، و"أفلام المرأة" هي موجة الأفلام التي بدأت في الظهور مع فيلم "أحلى الأوقات" للمخرجة "هالة خليل" والذي كتبته "وسام سليمان"، و"حريم كريم" و"منتهى اللذة" و"ملك وكتابة"، وهي أفلام تختلف عن "سينما المرأة" الوحيدة التي كانت موجودة قبلها والتي كانت تحتكرها "الرائدة".. "إيناس الدغيدي".. ولعل المصادفة وحدها هي التي جعلت موعد عرض الفيلم في القاهرة يتزامن مع بداية فاعليات "مهرجان سينما المرأة" في القاهرة أيضا.

أنت الآن أمام فيلم سوي.. نصفه رجل (محمد خان) والنصف الآخر لإمرأة (وسام سليمان)، بينهما علاقة شراكة إبداعية فريدة (كمخرج وسيناريست)، وعلاقة إنسانية تلمحها خلال الفيلم (كزوج وزوجة).. ولعل هذه الشراكة هي ما كنا نفتقده في "بنات وسط البلد" الذي كان الحضور الأنثوي طاغياً فيه، للدرجة التي كادت لمسات "خان" أن تختفي من الفيلم بسببها..

لمسات "خان" كانت حاضرة بقوة هذه المرة، فتنويعات "الظل والنور" في تكوين الكادرات كانت واضحة وسحرية، وأضافت على الصورة جودة ونقاء، وسحرا وجاذبية، على كل تلك هي صورة "خان" اعتدنا عليها في "أيام السادات" أو حتى فيلمه الديجيتال "كليفتي".. إلا أنها هذه المرة كانت ذات حضور قوي على أحداث الفيلم خاصة في الكادرات التي يظهر فيها "خالد أبو النجا" بالموتوسيكل، و"غادة عادل" في التاكسي، وكلاهما يبحث عن الآخر..

"غادة عادل" أعادت اكتشاف نفسها بعيدا عن سطوة زوجها "مجدي الهواري" كمخرج ومنتج، وهو ما جعلنا نراها أخيرا بعيدا عن "حمادة هلال" في "عيال حبيبة"، أو "أحمد حلمي" في "55 إسعاف" وهي أفلام تعرفون قيمتها السينمائية جيدا.. هذا إن كان لها قيمة!
على باب الشقة!
يبقى "في شقة مصر الجديدة" فيلم فريد من نوعه، ناضج على مستوى الصورة والمحتوى، شريط صوت ثري تم اختياره بعناية، أحداث بسيطة ومتسلسلة تكاد تشعر أنها رواية تم تحويلها بعناية لشريط سينما ممتاز..

ستشعر في نهاية الفيلم، وأنت تخرج من بوابة السينما الخارجية وترى زحام السيارات ومظاهرة أضواء الإعلانات، ستشعر أنك تنتمي إلى العالم الذي في الداخل، حيث الغرفة المظلمة، وأبله تهاني، ويحيى، ومدرسة الراهبات بالمنيا.. ستشعر أنك لم تدخل هذا الفيلم، لقد "دخلك" هو دون أن تشعر، هو فقط كان يلمس إحساسك بهدوء..

ستندهش من أن صديقك لم يعجبه الفيلم على الإطلاق بل ويعتبره من أسوأ الأفلام التي شاهدها في حياته، ستنظر له بدهشة وتلعن في سرك "اللمبي" و"حاحا وتفاحة" و"كذلك في الزمالك"، سيساورك القلق بشأن مشاعرنا التي تبلدت وأصبحت أفلام خان لا تؤثر فيها.. ستترك صديقك وشأنه.. فالمهم أن الفيلم لمسك بهذا الشكل..

ستغني وأنت في الطريق إلى منزلك في ساعات الليل المتأخرة..

"أمانة عليك يا ليل طول.. وهات العمر م الأول.. بحب جديد وقلبي سعيد.. يا ريتني عشقت م الأول".