الأربعاء، أكتوبر 14، 2009

عن الطفل الذي تبول في زجاجة الفنيك!

إن تدهورت صحتي الجنسية يوماً، فسيكون الفنيك هو السبب. وإن تحسنت فجأة. فسيكون الفنيك أيضاً. وسأنافس بحبات الفنيك المجفف أقراص الفياجرا عديمة القيمة.

والفنيك. للذين سيدعون عدم معرفتهم به، هو منظف قوي الرائحة، أسود اللون داخل الزجاجة. حتى إذا ألقيت بقطرات منه داخل الماء، ابيض لونه وظهرت رائحته، وسيمكن لأقوياء الملاحظة معرفة أنه يستخدم عادة في الحمامات الرخيصة والعامة، أو تلك التي يدخلها عدد أكبر من المفترض.

ولا تحتاج إلى ذكاء إضافي لمعرفة أن الحمام مغسول بالفنيك منذ ساعات، فالرائحة أقوى من أن تتم إزالتها. ولم تشكل رائحة الفنيك لي وأنا طفل أية مشكلة. إلا أنني أسمع عن أشخاص ينزعجون منها، كما أن هناك أزواج منعوا دخول زجاجات الفنيك والخمر لبيوتهم. بإعتبار الإثنين من المحرمات.

ولا أعلم تحديداً إن كان الفنيك يستخدم لتنظيف الحمام فقط، أم الأرضيات بشكل عام. لكني أذكر جيداً إني دخلت الحمام يومها فوجدت زجاجة بجوار القاعدة. وبما أني أتبول عادة واقفاً خاصة في الحمامات العامة. حيث لا يمكن أن تأمن على نفسك عواقب الجلوس مكان أحدهم. فقد تمكنت خلال فتحي لـ"سوستة" بنطلوني أن ألمح زجاجة فنيك نصف ممتلئة. وقادني شيطاني إلى خلط البول بالفنيك، ومعرفة ما يمكن أن يحدث.

كل خيالاتي كانت مركزة تجاه ما يمكن أن يحدث للفنيك. (فكرت أن ثمة تفاعل كيميائي سيحدث وستنفجر الزجاجة بعدها بفترة). لم أتخيل أن ثمة مكروه يمكن أن يصيبني. فأي إحتمال لوقوع ضرر كان سيمنعني بالتأكيد من التضحية والمغامرة بأعز وأغلى ما أملك (وقتها والآن).. عضوي التناسلي الحبيب.

كنت في سنوات الإعدادية الأولى. وكانت فكرة الخروج من الفصل أثناء الدرس خلابة، تجعل طالب فاشل مثلي يدخل الحمام في كل الحصص بلا توقف. ومظهري البدين كان يمنع المدرسين من الإعتراض. خشية أن يكون الطالب – الذي هو أنا - يعاني من مرض ما يمكن مع منعه من الذهاب للحمام أن تسوء حالته ويصبح أكثر بدانة.

وقد استخدمت بدانتي – في حالات كثيرة هذه واحدة منها – أسوأ إستغلال. يمكن فقط أن تعرف أني كنت أقضي في زيارة الحمام الواحدة عشر دقائق أو يزيد. ما أتاح لي فرصة التفكير بعمق داخل الغرفة الصغيرة المغسولة بالفنيك. وإبتكار بعض الألعاب. منها التبول داخل زجاجة.
سأجيب عن السؤال إذن وأختصر السطور، لا داعي لمزيد من الوصف، ما الذي حدث حال إحتكاك طرف عضو تناسلي صغير، مع فوهة زجاجة فنيك نصف ممتلئة؟.

لأسباب ما، تكون الأجزاء غير المكشوفة في الجسم أكثر حساسية تجاه الكحوليات، وسأعلم بمرور الوقت وبمزيد من البحث، أن الفنيك ينتمي لهذه الطائفة من السوائل، يساوي زجاجة عطر خمس خمسات التي استخدمها صديق بدين لي للتخلص من آلام التسلخات، فكان أن لزم بيته يومين يقاوم الحرقان والنار بين فخديه.

لكن للحرقان في مقدمة العضو إحساس لا يمكن وصفه ولا ينصح بتجربته، الخبراء فقط، أصحاب تجربة ممارسة الجنس أكثر من مرتين أو ثلاثة بشكل متتالي، أو أيام الثانوي حين كانت العادة السرية لعبة لطيفة لقتل الملل. هؤلاء يعرفون شيئاً بسيطاً عما يمكن أن يصيب فوهة العضو. لكن يبقى للفنيك تأثير قاتل. يكفي أن تعلم أنك ستعيش أسبوعك التالي في قلق وكوابيس، تتلخص في إمكانية أن يختفي عضوك أو يتلاشي بتأثير المادة الكحولية السوداء القادرة للتحول لللون الأبيض حال إختلاطها بالماء، أو البول في مثل هذه الحالة.

الصورة التي يمكن أن تتخيلها فتتألم، لأني بصراحة أحاول أن أؤلمك فلست من أنصار التألم وحدي فيما أصف لك حالتي. الصورة تشبه وضع قلم بلاستيك في النار، ورؤية البلاستيك الصلب يتحول إلى سائل مع إنبعاث رائحة كريهة سريعة الإنتشار. لعلك مارست لعبة حرق الأقلام خلال مرحلة لعبك خلف المكتب للهروب من المذاكرة أيام الثانوي. على كل حال ضع عضوك مكان القلم، وتخيله يسيح أسفل شمعة بريئة تقف على سطح مكتبك.

رأيت وجهي للمرة الأولى أحمر، لم يكن محمراً أو يملأه الدم. بل كان أحمر.. لا يوجد وصف مناسب أكثر من ذكر اسم اللون. الدم الساخن انتشر في كل مكان داخل جسدي، وأمسكت عضوي جيداً للتأكد من أن الدم لا يخرج منه. يمكن أن أعترف أنها اسوأ لحظات خوفي على الإطلاق. كانت فكرة عودتي للفصل دون عضو (ثم استكمال الحياة بهذا الشكل) أسوأ من أن يحتملها خيال طفل مثلي.

عدت للفصل بعد إنتهاء الحصة، أو قبل نهايتها بقليل، وبررت للمدرس غيابي بإسهال أو إمساك. وساعد مظهري العام ووجهي المجهد، في إقناعه بأني لست بخير. وأمضيت باقي اليوم بأرجل مفتوحة، أفكر في غبائي وجنوني، وأذكر نفسي بمشهد سابق قريب، حين أردت أن أفهم معنى كلمة "كهرباء" فوضع أصبعي بين طرفي فيشة المكواة، ووضعت الفيشة في الفتحة، وتركت أقدامي دون حذاء، وفهمت معنى الكلمة مرتين. مرة بالتجربة، ومرة بشرح عملي من أبي خلال علقة تالية.

في العام التالي، وبعد تجاوز أزمة الفنيك بسلام. وبقاء فقط بعض الهواجس. وحين كنت قلقاً من تأخر بلوغي. رغم أن أقراني لم يبلغوا بعد. فقد كان مشهد الفنيك حاضراً. خاصة وأنه مع فصل الجهاز التناسلي في منهج العلوم في السنة الإعدادية الثالثة. شرح لي المدرس مواصفات السائل المنوي، وكونه أبيض لزج. ولأن التجربة أحد أسس "البحث العلمي" فقد لاحظت أن السائل لدي شفاف وكأنه مياة.. ودار حديث طويل بعد حصة علوم بيني وبين المدرس. هل كلمة أبيض تعني أبيض، أم إنه أبيض شفاف؟. وبررت حيرتي بأن أحد الزملاء حاول تضليلي وتشكيكي في لون السائل.. لكن المدرس فهم وحده وقتها أنه أمام طفل إختار ممارسة العادة السرية حتى قبل البلوغ.

وبالطبع مع التأكيد على إنه "أبيض" صريح، كما "اللبن". وأنه لزج. وباعتبار الأوصاف المذكورة لا تظهر في تجاربي، فهذا يعني أمرين. إما أن بالتجربة شيء خاطئ، أو أن الفنيك يضرب من جديد وأني أصبحت عاجز جنسياً بسبب التهور والتبول في زجاجة نصف ممتلئة بسائل أسود أفقد سائلي بياضه الذي هو مهم طبعاً أهمية غير قابلة للنقاش. كل ما كان موجوداً في كتاب العلوم كان مهماً في هذا العام.

لم يكن إحتمال أني لم أبلغ بعد مطروحاً. وظلت صورة الزجاجة في يدي لحظة التبول حاضرة. تطارد أحلامي، وتهدد مستقبلي، إلى أن أبيض السائل وحده. وأضفت إلى معلوماتي ما سيمكن تسميته بعد قليل بالـ"عادة السرية".

حكمة القصة أنه من المفيد أن تمتنع عن اللعب مع عضوك، وأن تكتفي باللعب به. هذا والله أعلم.

الاثنين، أكتوبر 12، 2009

لما بابا ينام!



(1)



إذن. لدينا "هيفاء وهبي" في أغنية أطفال جديدة. واسمها – في تكرار واضح – "بابا فين؟".

إذن أيضاً. لنؤجل الحديث عن هيفاء، ولنتحدث قليلاً عن أغاني الأطفال. مع العلم أن ذكر هيفاء والحديث عنها، ضرورة لا يجوز إهمالها.

في الأغنية المذكورة، نسمع صوت راوي يحدثنا عن بيت في قرية بعيدة. تحدث فيه كل يوم ذات القصة. والتكرار هنا للتشويق، ولإعطاء الحدث أهمية. والقصة باختصار عن طفل يعجز عن النوم وحده بسبب الكوابيس. فيطرق الباب على أمه النائمة بجوار أبيه يسألها سؤال منطقي وبديهي.. "بابا فين؟". فترد الأم – التي هي في مفاجأة سارة لأطفال الأرض "هيفاء وهبي" بشحمها ولحمها وقميص نومها الأخضر الستان رائع الجمال – "بابا نام".. فيتعجب الطفل وكأنه لا يصدق حقيقة أن أب ممكن أن ينام وفي سريره أم كهيفاء : "يا سلام". فتسأله الأم في رغبة واضحة لإنهاء الحوار : "عايز إيه؟"، فيجيب بحجة طفولية ساذجة، لا تخلو من إشارات، ومن إسقاط على نكات الطفولة التي تهتم باكتشاف الأعضاء التناسلية "عايز أدخل الحمام".

في الشريط المصور، الفيديو كليب بمعنى أدق، والذي تتجاوز مدته سبع دقائق، ويحمل توقيع "ليلى كنعان" مخرجة و"مصطفى كامل" كاتب للأغاني و"تومة" ملحناً. يمكن ملاحظة أن الطفل والأم لا يلتقيان طوال الأغنية، حيث يدور الحديث من خلف الأبواب. عدا مشهد أخير. ولعل في ذلك حكمة. أو معنى تربوي وديني، في وجوب منع الأطفال الذكور من دخول غرف نوم آبائهم بعد سن معين إلا بعد الإستئذان. وإن كنت أشك بالطبع أن هذا كان هدف فريق العمل.

أين الأب إذن؟، سؤال مشروع، بل أنه عنوان العمل كله "بابا فين؟"، ويمكن رؤية شخص يشتبه أنه الأب في جانب الصورة، ينام على جنبه ويعطي ظهره للأم – في إشارة واضحة أيضاً – ويتكلفت داخل بطانية، رغم أن الكليب يذاع في آخر شهور الصيف، ورغم أن الأم ترتدي ما يشير إلى أنه ثمة حر و"سخونة" في المكان.

غياب الأب يفتح الباب، أو يواربه لملاحظة شخصية، أرجو أن يتقبلها بعضكم باعتبارها شخصية ليس أكثر، فلا هي محاولة للتحليل أو الهجوم أو الدفاع، فقط مجرد ملاحظة يمكن تجاوزها أو تمريرها بحسب ما يعتقد كل منكم.

"بابا فين" ليست الأغنية الأولى التي تحمل الإسم نفسه. بل الثانية، ولنفس المؤلف. لا يزال البعض يذكر ثورة "بابا فين" الأولى. غناء فريق "free baby" وإنتاج "نصر محروس" وشركة "فري ميوزك". وهو ذات الشريط الذي يغني فيه "محروس" نفسه "حب بابا.. حب ماما.. على قد ما تقدر حب".. ويظهر في آخر الكليب يغني جملة بالإنجليزي يظن عدد من الأصدقاء أنها "fuck your father"..



بالعود لـ"بابا فين"، وللتذكير كانت تدور حول "عمو" الذي يتصل بالهاتف ليجيب عليه بعض الأطفال، يسألهم "بابا فين؟" فيتطوعون بحكي قصصهم الخاصة، وسؤاله ذات الأسئلة "أقوله مين.. قول له عمو.. عمو مين.. أقوله مين بيكلمه"..



والأب في الكليب ذاته غير موجود، مختفي تماماً. وسيمكن ملاحظة أيضاً أن الأم هي الأخرى اختفت في مكان ما، ولا يسأل عليها أحد. والخيال المريض هنا يسمح لصاحبه بتخيل أن الإختفاء المشترك يعني أن الأب والأم في ذات المكان. يفعلان فعلاً مشتركاً ويتركون الأطفال يلعبون بصديق الأب الذي اتصل في وقت غير مناسب كما هو واضح.

وسنضع في السياق ذاته أغنية ثالثة، تشترك مع ما سبق في كون الأب هو مركز الأغنية ومحور الأسئلة، وهي أغنية "بابا تليفون". وتنتمي المذكورة لتيار آخر من أغاني الأطفال، فهي من إنتاج قناة "طيور الجنة" الإسلامية الأردنية، لصاحبها ومطربها وممولها ومديرها ومذيعها خالد مقداد. وطفليه معتصم ووليد.

في الكليب يرن الهاتف، فيرد الطفل، فيجد صديق الأب يسأل، "بابا فين؟". فينادي الطفل أباه "بابا تليفون". فيشير له الأب "قوله مو هون". بمعنى أنه غير موجود، وأن المطلوب من الطفل الكذب على المتصل وإخباره أن الأب غير موجود. ويدور حوار شيق بين الأب والإبن، يطلب فيه الإبن من أبوه ألا يعلمه الكذب. فأطفال الإسلام لا يكذبون.



الأب في "بابا تليفون" موجود وظاهر، لكنه يتمنى لو كان بقدرته الإختفاء مثل باقي آباء الكليبات، وتختفي الأم لأسباب شرعية معروفة، وبالطبع يمكن تخيل "بابا تليفون" بلمسة "ليلى كنعان" بالتأكيد كنا سنرى أم هنا أو هناك، وغرفة نوم، وفعل مشترك. أو على الأقل كان اسم "ليلى" على الكليب سيمنح خيالنا المريض بعض البهارات، بتخيل أن الأب ينكر وجوده لأسباب تتعلق بالأم.

(2)

لماذا اختفى الأب؟. ولماذا تغني الأم وحدها هذه الأيام؟. يمكن ذكر كليب "نانسي عجرم" "شخبط شخابيط" الذي يضم عدة أغاني من الألبوم الذي يحمل نفس الإسم. والإعتراف بحقيقة أن العام الماضي شهد إطلاق ألبومين للأطفال لمطربات. فيما تجهز "شيرين" لألبوم ثالث.

يمكن للخيال المريض ذاته أن يترك لنفسه العنان، متحدثاً عن إرتباط صورة الأب بالسلطة. وغياب الأب غياب للسلطة. وغياب السلطة يعني في عقلية الأطفال الصغار (والكبار) أنه ثمة أشياء يمكن أن تحدث دون عقاب أو حساب.

وسيذكر البعض منكم مسرحية مثل "حزمني يا"، والتي حملت اسم "حزمني يا بابا" قبل أن تعترض الرقابة، التي قالت في مذكرة اعتراضها أن طلب مثل "حزمني" يتعارض مع صورة الأب الذهنية، فهو عادة غير متورط في الأفعال المشينة، ولا يجوز أن يكون على علم بما يحدث من مصائب وكوارث الأطفال.

يمكن هنا فتح فصل "التربية بالتغافل" في كتب التربية القديمة، والتي تحذر الآباء من التواجد في مكان يصنع فيه الأطفال أي شغب أو يقومون بأفعال غير سليمة، فوجود الأب بشكل عام في نفس المكان يعني موافقته على ما يحدث، وهو ما يعطي "شرعية" للشقاوة.

غياب الأب في أغاني الأطفال، يذكر بأشهر أغنية للأطفال في مصر وربما في العالم العربي، "النشيد الوطني للأطفال" كما يسميها "عمر طاهر"، "ماما زمانها جاية" للمطرب والملحن "محمد فوزي".



في "ماما زمانها جاية" يغني الأب، ويظهر في الصورة يهز المرجيحة، ويحدث الطفل عن "ماما" وكونها "جاية بعد شوية، جايبة لعب وحاجات". ثم يمضي باقي الأغنية في سرد قصص مؤثرة، "شفت الواد اللي اسمه عادل جه الدكتور وعمله إيه؟"..

ما يجعل أغنية مثل هذه غير قابلة للتكرار في زمن مثل هذا، عدة أسباب، منها على الأقل عدم وجود مطرب يصلح لدور الأب. كما أن الأب هذه الأيام مشغول لدرجة أن فكرة الغناء للطفل وهز المرجيحة فكرة أسخف من أن تكون قابلة للتنفيذ.

لكن، وبذكر الماضي يمكن أن نلاحظ أن أغنية مشهورة مثل "ذهب الليل طلع الفجر"، كان يغنيها أب أيضاً. لكن القصة داخل الأغنية عن أم. "ماما قالتله سيب القطة وخليها في حالها، ساب مدرسته ورما كراسته وراح جر شكلها، راحت القطة مخربشة إيده لما مسك ديلها، وآدي جزاء اللي ميسمعش كلمة ماما تقولها".. لكن نلاحظ هنا أن الأم تمثل "السلطة" بشكل واضح، فهي هنا لا تلعب الدور المسلي الظريف الذي يظهر في الحوار بين هيفاء وطفلها في "بابا فين". بل تبدو مشغولة بطبيخ ما أو بحديث مع جارتها. باعتبارها اكتفت بأن "قالتله سيب القطة.."، فيما كانت ستجذبه من يده بقوة وتبعده عن القطة إن كانت متفرغة له أو قريبة منه.

ومن باب الإنصاف، يمكن ذكر أغاني أطفال معاصرة كان للأب حضور بها، "محمد هنيدي" في فيلم "عندليب الدقي" في أغنية "مين حبيب بابا" للمؤلف "أيمن بهجت قمر". و"بابا أوبح" لمجموعة من الأطفال من تأليف نجم كلمات الأغاني "عنتر هلال". ويمكن وصف التجربتين بـ"الأغنية الكارتونية". فالأولى يغنيها هنيدي أشهر شخصية كارتونية في السينما المصرية. والثانية مليئة بكلمات غير مفهومة أعتاد الجمهور عليها من فنان مثل "عنتر" كما في أغنيته "أمي الحبيبة" لـ"هشام عباس" حين يقول "سلميلي يا أمه.. على البالي بالك".

(3)

إذن، هل كل هذا مدبر؟. هل اجتمع كتاب الأغاني مع ممثلي الصهيونية العالمية وتم الإتفاق على إزاحة الأب من أغاني الأطفال حتى ينشأ الأطفال وهم مفتقدين لشخص يردعهم وبالتالي يتكون جيل فاسد صايع وضايع عاجز عن تحرير الأرض المحتلة.

بالطبع لا. ما سبق كله مجرد ملاحظات هامشية تماماً. وحين نتحدث عن التدبير والمؤامرة. يصبح من الضروري الإنتقال لخالدة الذكر، صاحبة قميص النوم الأخضر، والعيون الملونة، وأطوال رموش لواحدة من أبناء جنس "الثدييات". ربة الصون والعفاف، الأم المدرسة التي إن أعددتها تبقى واد كفاءة. هيفاء وهبي فتح الله عليها في صدرها أكثر وأكثر، وللناس المسرة.

هيفاء في الكليب تطرح على الطفل سؤال وجيه، تقول "وهو ده وقته؟". وبالتركيز في كلمات الأغنية تعلم من سياق الحوار أن لحظة غناء الأغنية هي مساء الخميس. حين تسأل هيفاء "حبيبي عمل الواجب ولا اتنسى؟" فيرد "يا ماما بكرة الجمعة مفيش مدرسة". فتبادر الأم للإعتذار. فيجيب الطفل بكلمات إنجليزية منها "سوري" و"دونت وري".

هنا يمكن أن نفهم رغبة الأم في صرف الإبن بأي طريقة، كما نلاحظ "لغة الجسد" (Body language) التي يعبر بها الأب عن رغبته في النوم، وضيقه مما يحدث. وعيون هيفاء التي تركز "ليلى كنعان" عليها في كلوز آب جميل (الدقيقة 3:45)، مليئة بمعاني متضاربة، قلب الأم وحبها لطفلها بالخارج، وجسد الزوجة ووالواجب المقدس مع الزوج النائم.

بمرور الوقت، سينادي الطفل بقوة أكثر "ماما" فتقوم الأم وتفتح الباب، فيسأل ذات السؤال وقد رأى – أخيراً - قميصها الأخضر للمرة الأولى، "بابا فين؟.. بابا نام.. يا سلام!.. عايز إيه؟.. عايز أضرب له سلام". في تشجيع واضح من الأجيال الجديدة السهرانة، للجيل القديم النائم المتكلفت بالبطانية، وفي رضا من الإبن عن أبوه الذي قام بواجبات الأبوة تجاهه. وأولها.. اختيار الأم.

وأخيراً، سيكون من المهم هنا أن نذكر التشابه الواضح بين بطل كليب "بابا فين" لهيفاء، مع بطلي قناة "طيور الجنة" الأردنية "معتصم" و"وليد". في محاولة لإستخدام شعبية الطفلين الكبيرة، والتي ظهرت في العديد من الأشياء، لعل أقلها وجود ماركة شيبسي في بعض الدول العربية تحمل اسم "بابا تليفون".

ثم يبقى السؤال الأخير. إذا كان الأب سيغيب وينام. فيما تبقى أم مثل هيفاء مع الطفل. هل يمثل هذا أي مشكلة؟. باعتباري أب حالي وطفل سابق (وحالي أيضاً) لا أعتقد على الإطلاق. بالعكس "الأطراف" كلها ستكون سعيدة.

(4)

نظرة مختلفة للأمور :

الفنان الجميل "ياسر فوزي" يعيد تقديم أغنية "بابا أوبح" بلسان مشاهير الغناء المصري.



ثم فنان الإستعراض "عاطف أحمد" يستخدم صوت "ياسر فوزي" ويعيد تقديم شريط الصوت بآداء خاص.



فعلاً.. وجود الأب يفرق.