أعمل إيه أنا دلوقتي..؟؟
كطالب ثانوي يعرف عن نفسه أنه فاشل، جلس يخطط طويلاً لمستقبله، أمسك الورقة والقلم، اطفأ الأنوار وأضاء الأباجورة وكتب..
"نجاح في الثانوية العامة يا دوب.. 54 %، ومنها على معهد فني صناعي، سنتين بتفوق، وبعدها معادلة كلية الهندسة، وهناك، خمس سنين من الإنتحار، أطلع بعدهم مهندس كهربائي، وأشتغل في مصانع أوليمبك إليكتريك، بـ900 جنيه في الشهر، وأتجوز هند".
يطبق الورقة البيضاء بعناية، يخبأها تحت ورقة جورنال يستخدمها كمفرش لدرج مكتبه الصغير، ويصلي طويلاً، داعياً الله أن يمنحه النجاح في ثانوي، والدأب في المعهد، والتوفيق في الهندسة، وأن يعطل كل العرسان المتقدمين لـ"هند"، التي شارفت على الإنتهاء من دبلوم التجارة، وستذهب للعمل في مصانع "العربي" بـ"600" جنيه في الشهر.
هو يعرف أن الله كريم، وأنه سيعطيه ما طلب إذا أخلص النية في الدعاء، وركز في الصلاة قدر استطاعته.. سيغير نغمة موبايله من أغنية هيفاء الأخيرة إلى نشيد "يا مكة"، وسيمتنع عن الكلام مع هند في المساء مكتفياً بمكالمات صباحية سريعة وقصيرة.
يمر العام الأول من الثانوية، لم تمنعه نتيجته العالية من الاستمرار في الدعاء، أخبرته أمه أن أمامه فرصة ذهبية لدخول كلية تجارة جامعة جنوب الوادي، لكنه اهمل نصيحتها، وركز في الدعاء، "يا رب، المعهد يا رب"..
يمر العام الثاني، يعرف من البداية أن الفيزياء ستقتله، يضيف للدعاء فقرات خاصة بالفيزياء.. ويدخل الامتحانات مغتسلاً.. كأنه يودع الدنيا!.
يوم النتيجة، يصر على الذهاب للمدرسة بنفسه، يستوقفه رنين الهاتف، يتردد في الرد، لكنه يفعل، على الخط صوت يعرفه جيداً، مدير المدرسة، "مبروك يا ابني، أنت طلعت الأول".
بعد ساعات من الفرح، يدرك أن الطريق أمامه أصبح مفتوحاً للهندسة، ولهند أيضاً، سيوافق أبوها بالتأكيد حين يعلم أن العريس مهندس، ستفرح هند هي الأخرى، وبالتأكيد سيفرح هو.
يدخل غرفته.
يفتح الدرج.
يقرأ بعناية الخطة السابقة.
يدرك أنه استطاع اختصار فترة طويلة، وأن الحلم تحقق فجأة!.
يبتسم. يبكي. يقرر الصلاة.. يسجد.. يشكر الله بقوة، يسأله "أعمل إيه أنا دلوقتي..؟؟".
"نجاح في الثانوية العامة يا دوب.. 54 %، ومنها على معهد فني صناعي، سنتين بتفوق، وبعدها معادلة كلية الهندسة، وهناك، خمس سنين من الإنتحار، أطلع بعدهم مهندس كهربائي، وأشتغل في مصانع أوليمبك إليكتريك، بـ900 جنيه في الشهر، وأتجوز هند".
يطبق الورقة البيضاء بعناية، يخبأها تحت ورقة جورنال يستخدمها كمفرش لدرج مكتبه الصغير، ويصلي طويلاً، داعياً الله أن يمنحه النجاح في ثانوي، والدأب في المعهد، والتوفيق في الهندسة، وأن يعطل كل العرسان المتقدمين لـ"هند"، التي شارفت على الإنتهاء من دبلوم التجارة، وستذهب للعمل في مصانع "العربي" بـ"600" جنيه في الشهر.
هو يعرف أن الله كريم، وأنه سيعطيه ما طلب إذا أخلص النية في الدعاء، وركز في الصلاة قدر استطاعته.. سيغير نغمة موبايله من أغنية هيفاء الأخيرة إلى نشيد "يا مكة"، وسيمتنع عن الكلام مع هند في المساء مكتفياً بمكالمات صباحية سريعة وقصيرة.
يمر العام الأول من الثانوية، لم تمنعه نتيجته العالية من الاستمرار في الدعاء، أخبرته أمه أن أمامه فرصة ذهبية لدخول كلية تجارة جامعة جنوب الوادي، لكنه اهمل نصيحتها، وركز في الدعاء، "يا رب، المعهد يا رب"..
يمر العام الثاني، يعرف من البداية أن الفيزياء ستقتله، يضيف للدعاء فقرات خاصة بالفيزياء.. ويدخل الامتحانات مغتسلاً.. كأنه يودع الدنيا!.
يوم النتيجة، يصر على الذهاب للمدرسة بنفسه، يستوقفه رنين الهاتف، يتردد في الرد، لكنه يفعل، على الخط صوت يعرفه جيداً، مدير المدرسة، "مبروك يا ابني، أنت طلعت الأول".
بعد ساعات من الفرح، يدرك أن الطريق أمامه أصبح مفتوحاً للهندسة، ولهند أيضاً، سيوافق أبوها بالتأكيد حين يعلم أن العريس مهندس، ستفرح هند هي الأخرى، وبالتأكيد سيفرح هو.
يدخل غرفته.
يفتح الدرج.
يقرأ بعناية الخطة السابقة.
يدرك أنه استطاع اختصار فترة طويلة، وأن الحلم تحقق فجأة!.
يبتسم. يبكي. يقرر الصلاة.. يسجد.. يشكر الله بقوة، يسأله "أعمل إيه أنا دلوقتي..؟؟".
هناك 11 تعليقًا:
ربنا يكرمك على الفكرة الجميلة دي
مين منا بيتعامل بالشكل ده
ياريت نفهم الهدف من الحياة وساعتها هانعيشها بأحسن شكل
تحياتي
اولا .. عودة أكثر من رائعة و أكبر من موفقة :)
ثانيا ..
يدرك أنه استطاع اختصار فترة طويلة، وأن الحلم تحقق فجأة!.
بقدر ما يكون ظلمنا لقدراتنا و امكانياتنا شئ محبط .. بقدر ما يكون احيانا قادرا على الوصول بنا لهذه المفاجآت التي نعيد بها اكتشافنا مرة اخرى ..
تحياتي
فعلا
هيعمل ايه هو دلوقتى
كل تخطيطه باظ فى ثواني
بس ياللا خيرها فى هند
بس على فكره حكاية قنا باهته عليك بشكل فظيع هى تأثيرها كبير كدا
عموما رائعة للغاية
تحياتى
تشي أحمد
و ده بيعيدنا لكلمة كنت قلتها على المدونة زمان
"عندما تحلم لا تحلم بشدة فربما يتحقق حلمك يوما و لا تقدر عليه"
لكن مجرد انه حلم ده شئ جميل و مجرد انه عمل خطوة صغيرة ده شئ أجمل
لكن انت عارف
هو بعد كده مش هيحلم تاني بالطريقة دي ...يعني مش هيكون همه يتجوز هند بالذات هيكون همه أكتر يتجوز اللى ربنا عايزها ليه تساعده على طريقه ...و مش هيحلم أحلام صغيرة لأنه عرف ان الاحلام الصغيرة بتتحققق بسرعة و بتفقد بعد فترة زهوتها
هيحلم حلم كبييييير و يحط مراحلة في الورقة اياها تحت المخدة بردو
و كل ما مرحلة منهم يعدي هيحط الورقة بتاعت المرحلة اللى بعدها
و لغاية ما يموت هيفضل ماشي في الحلم بتاعه
كفاية انه اتعلم ازاي يحلم
عود أحمد يا براء
تصدق انا فاكر انى عملت كده فى الثانويه العامه برضه
هههههههههههه
بجد القصه ليها معنى جميل اوى
دمت مبدعا
بدون فلسفة
وباختصار...
قصة جميلة أخي براء..
ليتنا جميعا نتعلم كيف نحلم و كيف نحقق الأحلام
برافو عليك.. هى قصة قصيرة "قصيرة قوى"
بس فى رأيى المتواضع و غير العلمى، هى شكل جديدو بديع للقصة القصيرة.
:)
رائع
الله الله يا براء عفويتك و كتباباتك جميله جداا بس اشمعنى اوليميبك الكتريك هو الولد دة كانت عنده واسطه يشتغل هناك اصل خلاص مبقاش حد يشتغل من غيرها دلوقتى بس ممكن طلب لو مفيهاش رزاله خليه يكلملى هند لو عندها واسطه تشغلنى على ماهى تخلص الدبلوم و ربنا يجعل بيت المحسنين عمار
نور الهدى
إرسال تعليق