وضع مختلف جداً
هل يمكن اعتبار ما جرى نهار الجمعة ومساؤها مجرد غلطة؟..
لا أعتقد، وإن كنت بدأت أفهم أن "الوضع" الحالي "غلط"، أو على أسوأ الأحوال "وضع مختلف جدا" كما اختار صديقي محمد الدسوقي رشدي أن يسمي نفسه على الماسينجر وهو العريس الجديد، بما في ذلك من إساءة لسمعة الزواج والأوضاع في آن واحد.
إذن، ما جرى نهار الجمعة ومساؤها أمر طبيعي تماماً، وقابل للحدوث والتكرار طالما نعيش في مصر، وطالما الوضع غلط أو مختلف أو حتى مكروه وإن لم يكن حرام تماماً.
...
مخرج أفلام وثائقية مستقل، يصور فيلمه الجديد في ريف قرى جنوب الجيزة، عن الطقوس الشعبية للحج، ومظاهر الفرحة الشعبية الجميلة بالحجاج في قرى مصر، وبعد تصويره ليوم كامل، وفي منتصف اليوم الثاني تداهم قوة من الشرطة المنزل الذي يصور داخله بقرية برنشت بالعياط، وتحتجزه مع فريق التصوير، وتتحفظ على معدات التصوير ويحضر إلى القرية عدد من القيادات الأمنية المهمة، مأمور مركز العياط ورئيس مكتب أمن دولة الحوامدية، ورئيس المباحث وعدد من الضباط والعساكر وأمناء الشرطة بما ينذر بقرب تحقق مقولة أبونا اللمبي الذي قال "فاضلهم إتنين عساكر ويعلنوا الحرب".
لكن الحرب كانت قائمة بالفعل، بين من ظن نفسه مخرج يتحرك باسم الفن والإعلام والبحث والتوثيق وما إلى ذلك من كلام فارغ لا يودي ولا يجيب.
وبين عدداً من القيادات الأمنية التي تطبق قانوناً خاصاً، قانون تقول نصوصه أن على كل مخرج إستخراج تصريح بالتصوير داخل أي منزل، ومع أن قانون جمهورية مصر العربية يجبر المخرجين على استخراج تصريح للتصوير في الشوارع، والشوارع فقط، إلا أن دولة العياط الشقيقة بدت أكثر حزماً مع القلة المندسة من الإعلاميين، وقررت أن التصريح مطلوب في كل الأوقات والأحوال والظروف، حتى وإن قررت التصوير في حمام بيتكم كما ذكر أحد المسؤليين في نهار الجمعة.
3 ساعات يقضيها المخرج وفريق التصوير في قسم شرطة برنشت، منها إلى مركز العياط، ومنها إلى مقر النيابة العامة التي يتم احتجاز الفريق في الحجز بصحبة تاجر مخدرات ناشئ دعت عليه أمه بحيث يرتبط مصيره بمصير عتاولة الإجرام من مخرجي ومصوري الأفلام الوثائقية الممنوعة.
في النيابة يستمر الإنتظار 3 ساعات أخرى أو أكثر، ثم يبدأ التحقيق، وفيه تطرح أسئلة ذكية ومهمة، مثل "متى انضممت للجماعات الإسلامية؟"، و"هل لك علاقة بأعضاء حاليين أو سابقين في جماعة الإخوان المسلمين المحظورة؟". ثم يصارح وكيل النيابة المخرج الشاب بأن عليه فعل أي شيء لإثبات أن الشرائط التي تمت مصادرتها فارغة، حيث أن أمن الدولة تعرض تبديل الشرائط فوراص بحيث تصبح هناك قضية ساخنة تضفي على مساء الجمعة أهمية ملاءمة.
ينتهي التحقيق في الحادية عشر مساءاً، تماماً بعد 11 ساعة من الإحتجاز والترحيل، ويقرر وكيل النيابة إخلاء سبيل المتهمين من سراي النيابة، لماذا سراي النيابة، لأنه يخشى إن قرر إطلاق سراحنا من المركز أن يحتجزنا أمن الدولة لأجل غير مسمى.
ينزل وكيل النيابة بنفسه، يتأكد من ركوبنا السيارة، ونبدأ في التحرك، هنا يصل أحد ضباط المركز ويطلب من الجميع ملازمة أماكنهم إلا المخرج، ويصطحبه إلى المركز قائلاً أن ضباط المركز وعلى رأسهم "البيه المأمور" و"الباشا رئيس المباحث" يرغبون في التعرف عليه.
داخل المركز يفتح التحقيق من جديد، أمام ضابط أمن دولة جديد، يسأل الأسئلة من البداية، "من أنت؟"، "هل تؤدي الصلوات بانتظام؟"، "زوجتك منقبة؟"، "علاقتك بالإخوان؟"، وما إلى ذلك من أسئلة كوميدية جميلة، تصلح كنهاية ليوم جمعة قضاه المخرج في الأرياف.
يصارحه المخرج بأن أعضاؤه التناسلية بدأت في الغضب، وأوشكت على الإنتحار، فالأسئلة المطروحة تلاءم طالب ثانوي شارك في مظاهرة غاضبة لأجل محمد الدرة، ولا علاقة لها بمخرج أفلام وثائقية مستقل.
ثم يعلن المخرج أن الوقت قد حان لبدء الاتصال بجمعيات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان والمدونين والمدونات والصحفيين وكل من يملك القدرة على الصراخ في وجه الغباء المزمن في دولة العياط الشقيقة.
مع دقات الثانية صباحاً، يقرر الضابط أن هناك شيء غير سليم، وأن "الوضع غلط"، ويطلق سراح المخرج، بعد أن يلاحظ أن المصور المرافق له مسيحي الديانة، مصري الجنسية.
المخرج الذي هو أنا يطرح السؤال في البداية..
هل يمكن اعتبار ما جرى نهار الجمعة ومساؤها مجرد غلطة؟..
هناك 13 تعليقًا:
شر البلية ما يضحك .. للأسف الرد ممكن يضايقك اني اضحك لو انا في موقفك دا وفي وضعك المختلف جدا بس وضعك المختلف جدا مع كل اللي الكوميديا اللي موجوده الكام يوم اللي فاتوا بصراحه يموتوا من الضحك ..
عالعموم نهنئكم بسلامة الوصول الى ارض الوطن بعد رحلة العمل بدولة العياط العيوطيه الشقيقه
كان نفسي اقولك اه غلطة
لكن انت عارف و انا عارف انها مش غلطة
المهم هم رجعولكو الشرايط و معدات التصوير ؟؟
أولاً حمدالله على السلامه .. ومتس متس متس متستغربش .. متس متس متس متستعجبش
ثانياً .. أنا حاسس بقى انك فاهم غلط وان المشكله في المصور مش هو اللي شككهم .. هي مراته منتقبه؟
كفارة يا بيرو
دا الخبر كان وصل مانشستر قبل ما يوصل اعز صحابك
حمدلله على سلامتك و سلامة دعاء و ماليكا
و النبي ما تتهورش تاني و حياة ابوك
مش عارفة اتهورت في ايه بس نقولهالك احتياطي برضك
مش عارفة أقولك إيه يا براء الظاهر إن المصريين بيتبهدلوا برة و جوة ، وضع مؤسف جدا يللا حسبنا الله و نعم الوكيل
دا وضع طبيعى جدا بالنسبة للفترة القادمة
أنت حذرتنى من ان تجاوزي للخطوط الحمراء سوف يسبب لى مشاكل فيما بعد
وقد حصل بالفعل
الآن الدور أصبح عليك
فانت قد تجاوزت الخطوط الحمراء
و بتصور فيلم عن الحج !!
بس خلاص
يعنى انا شايف ان البوست فلسفى مش تقريرى تحليلى ممكن نقول انه نمط تقليدى مفعم فى رؤية الواقع المصرى بصورة استكشافية مش اكتر , الامر طبيعى فى مصر حاليا حيث مجتمع يغرق فى فوضى واضراب على المستوى السياسى والاجتماعى , البوست يطرح فى راى قضية هامة وهى متعلقة ببعدين حرية الاعلام من جهة والدور الذى يقوم به , المتعلق بابراز السمات الثقافية لحياة الشعوب وبخاصة مثلما يتعلق الامر بالقاء الضوء على التراث الشعبى لتلك الشعوب فيما يتعلق بالعادات والطقوس والمظاهر الاحتفالية , بما يعكس ذلك التراث هذا من ناحية لهذا ارى ان على وزارة الاعلام ممثلة فى منح المزيد من الحرية لتلك الاعمال الوثائقية وذلك بتخصيص وحدات بث اذاعية ومرئية لذلك الامر فى صورة عصرية ملفتة للانتباه وباسلوب جذاب على غرار قناة الجزيرة الوثائقية , وعلى محمل اخرى النضال وتكاتف الادوار مع الجهاز الامنى السياسى فى مصر الذى يرتاب من تلك الافلام الوثائقية والتى تاخذ طابع تاريخى موثق , يهدف الى توئيق الاحداث الجارية , ما يعب على تلك الانظمة الامنية الحساسية الامنية من جهة والديمقراطية من جهة اْخرى , حيث تعود مظاهر الارتياب الى تهديد سمعه تلك الانظمة الديكاتورية من جهة وتاْليب العالم الغربى عليها من حهة الديمقراطية والاوضاع الانسانية وحقوق الانسان وخلافه , وبما يعكس حالة تخلف تلك الانظمة والتى تعمل فى صورة رجعية عن العالم المتقدم , المضحك فى الامر تعليق تلك التهم بدعوى الاساءة الى سمعه مصر دوليا , وهى تهمة فضفاضة من حيث المفهوم من الصعب القياس عليها من حيث المفهوم , ما هى نوعية تلك الجرائم التى تسىء الى سمعه مصر , وما هى نوعية وآليات العقاب التى يجرى توقيعها على من يسىء الى سمعه مصر !!! , ارى ان الحساسية الامنية المفرطة للنظام المصرى وصلت الى ذروتها , بما يشير الى انهيار ذلك النظام من حيث التفكير النظرى والذى نستطيع القياس عليها فى الاعتقالات للمدونين والنشطاء وحالة الاحتقان الدائرة فى المجتمع وانهيار كافة الابنية النظامية فى المجتمع من مؤسسات وهيئات لاحقها الفساد من كل جهة , العامل الثانى فى المقالة هو الاشارة الى القيم السياسية والاجتماعية التى ينبغى ان يتحلى بها الاعلاميين والباحثين وكل ما يعمل فى الحقل الميدانى تلك القيم التى تراعى الحرية الشخصية والخصوصية واتباع التشريعات والقوانين الرسمية وغير الرسمية فى الدخول الى الميدان والتعامل معه بحرص وحذر , حتى لا يؤخذ ذلك ذريعه للامن فى سحب كاميرات التصوير مثلما ما حدث معك , فى النهاية ادعوك الى التسليم بالامر الواقع والتاهيل النفسى والاستعداد لتقبل الاحداث المؤسفه القادمة مع التمارن على كيفية التعامل فى المواقف الصعبة وضرورة النظر واعمال التفكير فى طرح محاولات لتغيير الواقع وتفعيل دورك الاعلامى التويرى الذى يسعى الى مواجهة الظلام والانغلاق والقهر والفساد
تقبل تحياتى
مدونة سوسيولوجية الحياة اليومية
عود أحمد
حمد على سلامتك بس مش كان المفروض كام يوم اعتقال يفجروا جواك طاقات الابداع
يا عم انت محظوظ
ملاك
أكيد غلطة عشان سبوك تروح.
الطبيعي انهم يدولك عرض لا تستطيع رفضه بالبقاء عندهم "كام يوم" مع افطار وغذاء وعشاء مجاني.
أنا طبعا آسف جدا على إلي حصل معاك
و لكن أدعوك إلى مسامحة رجال الشرطة و أمن الدولة ..
فأنت تعرف طبيعة المرحلة التي نعيشها فأعداؤنا متربصين بنا من الخارج .
و الإرهابيين عملاء الأعداء في الداخل ..
فرجال الشرطة كل ما يهمهم كان التأكد مما تقوم به...و قد أساؤو إليك رغما عنهم ...و لكن خوفهم من الإسلاميون و خوفهم على حياتهم أيضا ..
و أعتقد أنهم إعتذروا لك ..
فالسبب الحقيقي لما حدث لك هم الإرهابيون و نواياهم الشريرة من أجل النول من سلامة هذا البلد ...و حتى إن كان سبيلهم إلى ذلك هو قتل و تعذيب الأبرياء...
فأنت كصحفي الآن يمكن أن تنقض الدولة و لن يمسك شئ ...و لكن حذاري أن تقترب من مبادئ و أساسيات دستور الإرهابيون و الجماعة المحظورة و إلا !!!!!!!!!
ايه سفن ايه
السيد الأستاذ/ البراء أشرف
صاحب مدونة / وأنا مالي
" تحية طيبة" وبعد..
اعتذر عن الخروج من موضوع التدوينة، لكنني أرسلت لك رسالة عبر البريد الإلكتروني تتعلق باستمارة استقصاء بيانات عن المدونات المصرية.
أرجو الاهتمام والرد سريعا بالإيجاب أو السلب.
تحياتي وتقديري
شيماء إسماعيل
باحث ماجستير- كلية الآداب جامعة القاهرة.
إرسال تعليق