السبت، فبراير 11، 2006

إيديا في جيوبي.. وقلبي طرب


الجيب.. الجزء الصغير المثني بعناية في كل بنطلون.. يخدعك مظهره في البداية ليجعلك تحكم عليه بالفشل في إمكانية استيعابه ليدك الكبيرة ذات الخمسة أصابع..
لكنه يفاجئك كل مرة بقدرته العجيبة على احتواء يديك.. يحتضنها.. يشعرها بالأمان والدفء.. وتظل تساءل نفسك: تُرى.. هل تجلب يديك لجيبك الدفء؟.. أم أن الأخير هو صاحب الفضل في ذلك؟!
جيبك الصغير.. مساحتك الخاصة وخزانتك الصغيرة التي لا يشاركك فيها أحد.. لا تقبل الاحتلال لكنها بالتأكيد المكان المناسب لسرقتك في كل مرة تركب فيها الأتوبيس وفي كل طابور مزدحم تقف فيه بانتظار الوصول للشباك الذي يوزع شيئا ما ليس ذو قيمة.
يظل جيبك ملكك طالما أنك ترتدي بنطلونك، تضع فيه يديك من لحظة للأخرى.. ربما لتؤكد ملكيتك له، وربما لتتأكد من أن المساحة الوحيدة التي تملكها في هذا العالم مازالت ملكك.
تتعدد أشكاله وأنواعه.. جيب ضيق ليناسب الجينز، يعلوه واحد آخر صغير يسمح لك بالاحتفاظ بعملاتك التي ربما لا تملك غيرها ..أو جيب واسع المدخل ليناسب البدلة، أو عمييييق ليلاءم الجلباب الأبيض ساعة صلاة الجمعة.
وبعيدا عن شكله، يصبح ذلك المسكن الصغير الذي تحمله طيلة حياتك معيارا من معايير الحكم عليك، المثل المصري يشهد بذلك قائلاً: "الراجل ما يعبوش إلا جيبه"!
عد إلى طفولتك وتذكر كيف كان جيبك مكانا مناسبا للشيكولاتة التي تخفيها عن عيني أمك، وكم كنت تشعر بالراحة وأنت تحتفظ داخله بنصف جنيه يمثل بالنسبة لك ثروة غالية وقتها!
تذكر المرة التي ثقبت فيها جيبك عمدا لتعود للمنزل باكيا لأمك لاعنا الثقب الذي جعل النقود تسقط منك في السوق، وهذا بالطبع ما لم يحدث؛ فإما أن يديك كانت أوسع من أن تحتفظ بالنقود فأسقطتها ..وإما أن نداء بائع الأيس كريم كان أقوى من إرادتك فصرفت نقود أمك نظير سلعته ..على كل الأحوال فقد كانت الأم الطيبة تصدق روايتك بشأن ثقب الجيب وهي على ثقة من أنك الفاعل!
كبرنا قليلاً، وأصبحت لجيوبنا وظائف أخرى أكثر أهمية، بدءا من إخفاء علبة السجائر المحرمة داخل المنزل، ومرورا بالمرة الأولى التي تحصل فيها على اعتراف رسمي بوجودك واستقلالك ..أتحدث عن جيب البطاقة!
واسع.. مربع الشكل.. يستقبل المحفظة الجلدية الضخمة بكل سلاسة، وداخلها ترقد في سلام أهم وثيقة في حياتك ..البطاقة!
أحيانا يصبح الجيب نفسه مبررا للتخلص من حمل البطاقة خفيفة الثمن ثقيلة القيمة، لعلك لا تنسى جملة اللمبي الشهيرة: (ماعنديش جيب ورا)!

كبرنا أكثر، وأصبح جيبنا ذاته هدفا لآيادي أخرى غير يدي لص الأتوبيس، لعلك لا تدرك القيمة العظيمة للجيب في العلاقة الزوجية بين الرجل وزوجته، فالأخيرة الجيب يمثل لها جزئا مهما من الواجب اليومي الذي لابد أن تمتد إليه لتثبت أنها مازالت زوجتك وأنك مازلت "رجلها" في هذه الدنيا.
تذكر معي أحمد بدير في "ريا وسكينة" ومقولته الشهيرة: أنا اتقلّبت يا جدعان!
ومع نهاية العمر يصبح الجيب قادرا فقط على العطاء ليس أكثر، زوجتك لم تصبح وحدها.. ثمة أبناء هنا وهناك ينتظرون محتويات الجيب، ثم أحفاد لا تختلف رغبتهم عن رغبة آبائهم في الحصول على ورقة بخمسة جنيهات، تشعرهم بالراحة وتمثل بالنسبة لهم ثروة غالية مثل تلك التي كنت تشعر بها مع الخمسين قرشا التي كنت تحصل عليها في صغرك لتضعها في الجيب نفسه الذي أصبح الآن قابلا للعطاء فقط!

هناك تعليقان (2):

Dananeer يقول...

7elwa awe ya baraa2
ana b7eb gyebee awe
b7eb a7ot feha edaya
b7es ene mesh lwa7dee
w beldafa
w en edek b2a leha lazma w makan

bent za7mma يقول...

the title is wonderful ..for the king mounir
he said in his song
سارح في غربة بس مش مغترب
وحدي لكن ونسان

and that is exactly what u feel when u put ur hands in ur pocket..that ur not alone

nice thoughts of u :)