الاثنين، مارس 05، 2007

هذا الجزء من حياتك ماذا تسميه..؟



عارف يا مصعب لو حد غيرك سأل السؤال ده أنا كنت أفتكرته بيتريق عليا.. بس أنا بحاول أدور على إجابة.. لإن واضح إن السؤال مهم.. بعكس ما كنت متصور..

وواضح كمان إنه صعب.. شأن أسئلتك كلها..

........

عندي لهذا الجزء من حياتي تسميات عديدة..

ربما.. "إحنا كويسين ولا وحشين؟؟"..

في إستراحة فيلم "آخر الدنيا" الذي شاهدته معك في عطلة نهاية أسبوع كئيب من الأسابيع الأخيرة، والتي كنت أنتهز فرصة سفر دعاء فيها للخروج عن النظام ومشاهدة أفلام منتصف الليل والسرمحة في الشوارع بلا هدف ولا خطة..

في تلك الإستراحة سألتك هذا السؤال، "إحنا كويسيين ولا وحشيين؟؟".. وكم كانت إجابتك رائعة لحظتها..

أخبرتني بمنتهى الحماس : "ياه يا براء، السؤال ده أنت سألتهوني من سنتين"..

أسألك بدهشة : "فعلا.. تصدق مش فاكر، طيب ووصلنا لإجابة عاملة إزاي ساعتها"..

ترد بحماس أقل : "مش عارف"..

تتركني جالسا مكاني وتذهب للحمام، أخبرتك يا مصعب ألف مرة ألا تغادر قاعة العرض في الإستراحة أبدا، لأن الطريق للحمام، والدقائق التي تقضيها فيه، ثم العودة للقاعة مرة أخرى، كل هذه الأشياء تستغرق وقتا أطول من وقت الإستراحة ذاتها.. لكنك في كل مرة تنسى نصيحتي.. تماما كما نسيت الإجابة عن السؤال، وتذكرت السؤال وحده.. وتركتني وحدي بلا إجابة.. وذهبت للحمام..

ربما يصلح هذا السؤال ليكون هو التسمية المناسبة لهذا الجزء من حياتي.. إلا أن هناك تسميات أخرى... سأخبرك بها..

عندك مثلا.. "الهروب من المدرسة"..

أخبرت الدريني أمس أني أصبحت مستمتعا جدا بكل تفاصيل الشراء الغبية التي أقضي فيها يومي بين الأزهر والعتبة وحارة اليهود والرويعي ودرب البرابرة لشراء الأجزاء الباقية لشقة الزوجية..

دريني يعلم عني أنني أكره الشراء والأسواق والساعات التي أقضيها فيها، الحقيقة أن دريني ربما لا يعلم هذا، لكنه سيعلم بالتأكيد عندما يقرأ هذه التدوينة، هو غالبا يزور مدونتي.. على الأقل من باب الصداقة..

أخبرت دريني أيضا أن خاطر يمر بعقلي كلما خرجت مع دعاء في مهمة شرائية جديدة، أصبحت أتخيل أنني وزوجتي المصونة مثل ولد وبنت في إعدادي تجمعهما صلة قرابة بعيدة، ويدراسان في مدرسة واحدة، قررا سويا الهروب من المدرسة، وجربا للمرة الأولى طعم لمسة اليد البريئة بحجة المساعدة في مرور الشارع أو المساهمة في إغلاق الإسورة الفالصو التي اشترتها البنت بتحويشة أسبوع كامل من المصروف..

الآن، أشعر مع دعاء بالتفاصيل ذاتها، وأستمتع بها تاركا ورائي حلقات السيت كوم التي لم تنتهي، ومواعيد الإجتماعات التي تلغى من تلقاء نفسها، وصوت أحمد فؤاد على الموبايل كل ساعة يخبرني أن ثمة أمور هامة ينبغي أن أفعلها.. أقسم عليه – في الموبايل – أني سأبدأ فيها بمجرد إغلاق الخط.. يصدقني أحمد، هو لا يعرف بالتأكيد أنني ساعتها أكون في الرويعي أو منهمكا في تركيب الكوالين الجديدة في أبواب شقتي..

سيعرف فؤاد ذلك، وسيمتنع عن الإتصال ربما وسيفكر وسيلة أخرى، ستكون هذه التدوينة هي الوسيلة التي يعرف بها فؤاد ذلك.. هو الآخر يزور مدونتي من وقت لآخر.. من باب أنه يعتبرها مدونة رائعة (كما أخبرني من قبل)..

سأخبرك يا مصعب بتسمية أخرى لهذا الجزء من حياتي..

ربما "الفن التشكيلي.. وجائزة الدولة"..

فقد جلست وحدي أفكر، في أحوالي هذه الأيام، وتوصلت أن مشروع واحد بدأ في السيطرة على عقلي، حتى أنني أصبحت عاجزا عن فعل أي شيء آخر سواه.. وأنا عندما أصاب بهذه الحالة، فإن القلق يبدأ في إحتلالي هو الآخر.. وأستسلم أنا بمنتهى السهولة..

ولأني – يا صديقي – أفكر في أمر واحد فقط، وأراهن عليه... فإن حالة القلق تزداد.. حتى أنني رأيت نفسي أمس في منامي كفنان تشكيلي سهر الليل كله في رسم لوحة تجريدية لن يفهمها أحد، سهر فيها حتى الصباح، وعندما انتهى، إلتقط لها صورة بكاميرا ديجيتال استعارها من صديق له، صورها بعناية، ثم أرسلها (عبر اللاب توب الجديد الذي لم يدفع من ثمنه سوى 150 جنيه) إلى مكتب وزارة الثقافة التي ستمنح الفنان الفائز جائزة تجعله في غنى إلى يوم وفاة آخر أحفاده..

فعل الفنان كل هذا، ودخل لينام، ولأنه أدى واجبه على أكمل وجه، وتأكد قبل أن يلتقط صورة للوحته أنها بالفعل لوحة عظيمة لن يفهمها أحد.. لأنه فعل ذلك فقد غط في نوم ثقيل، لم يفلح أي شيء في إيقاظه، سوى أصوات قطعة قديمة من الملابس كانت أمه تضرب بها الأثاث من باب الـ"تنفيض"، استيقظ، تذكر أحداث اللوحة فابتسم في نصر، فأخيرا تمكن الفنان من الخروج من حالة الخمول التي كانت يعيش فيها، ورسم لوحة رائعة لن يفهمها أحد..

طلب من أمه كوب قهوة باللبن، فتح التليفزيون على الجزيرة الوثائقية ليتابع برنامج يرصد حركة الفن التشكيلي في السنوات العشرة الأخيرة، نظر إلى ركن الغرفة، في المكان ذاته الذي وضع فيه لوحته التي لن يفهمها أحد.. والحقيقة.. أن الفنان – الذي كنت أقوم بدوره في الحلم – لم يجد اللوحة، بل وجد ركن نظيف للغاية، تظهر عليه آثار الماء والصابون، وتنبعث منه رائحة الفنيك التي تستخدمه أمه في التنظيف..

سأل أمه في اهتمام عن اللوحة، أجابت وهي تضح القهوة باللبن على طرف المائدة، رميتها.. يا ابني البيت مش ناقص كراكيب..

قبل أن يبدأ معركته مع أمه، سمع صوت موبايله يرن، على الطرف الآخر كانت موظفة وزارة الثقافة تخبره.. أن لوحته (التي لن يفهمها أحد) قد فازت بالجائزة.. وأن عليه إحضارها وتسليمها للوزارة.. ليحصل على قيمة الجائزة..

هنا فقط.. استيقظ الفنان من النوم.. وأكتشف أنه كان مجرد.. "البراء أشرف"..

أخبرك يا مصعب عن تسمية أخرى لهذا الجزء..

فلنسميه "في انتظار رنين الموبايل"..

لأني يا صديقي أنام وفي يدي موبايلي، أخرج وفي يدي موبايلي، أبكي وفي يدي موبايلي، أدخل الحمام وهو في يدي، حتى أنه في المرة الأخيرة اهتز من يدي وسقط في مكان نعرفه جميعا.. ومددت يدي وأحضرته، وجلست يوما كاملا أنظفه بعناية، غير مهتم به على الإطلاق.. كنت فقط أخشى أن يرن وهو في سباته العميق.. وأن يكون المتصل واحدا من خمسة أنتظر سماع صوتهم.. كل واحد منهم.. قادرا على تغيير حياتي في السنوات العشر القادمة..

اللطيف يا مصعب، أن الموبايل عندما يرن هذه الأيام يكون من أرقام معينة وأسماء محددة، دعاء، فؤاد، دريني، أمي، إسلام أون لاين.. حتى الأرقام الغريبة التي ترن للمرة الأولى.. أفتح الخط فأكتشف.. أنه أنت يا مصعب الذي تتصل!
.
والتسمية الأخيرة.. "900"..
لأن هذا الرقم هو كل ما أملكه من حطام الدنيا وعمارها، رغم أن عملية زواجي ما زالت تحتاج إلى أضعافه لاستكمال ما بقى أثاث، كما أن عملية حسابية بيسطة أجريتها مع نفسي منذ أيام جعلتني أعرف أن دخلي الشهري سيتوقف عند هذا الحد، في حين أن دعاء أجابتني بمنتهى البساطة أننا - أنا وهي - سنحتاج إلى 3000 جنية شهريا لنتمكن من الحياة وسداد الأقساط والإيجارات والجمعيات الشهرية، فضلا عن هامش بسيط من الحياة والترفيه.. والأكل والشرب!

مصعب..

هذا الجزء من حياتي اسمه "البحث عن تسمية مناسبة".. أو ربما "زحمة".. أو ربما "أسئلة مصعب.. ذات الإجابات المرهقة"..
- الصورة من إبداع "محمد محسن"

هناك 7 تعليقات:

ام مليكة يقول...

ممممممممممممممم
مش عارفه اقول ايه بس ممكن اقترح عليك اسم"الركض" انا حاسه ان دي المرحلة الي انت بتمر بيها يا براء دلوقتي انك بتتعب قوي وبتجري عشان تحقق نجاحات يمكن في مسارات مختلفة لكن برضه بتجري
اما بقى عن مووضع الاعدادي والشارع فانا حاسه انك الواد بتاعي اللي بنخرج من ورا اهالينا ونتقابل في الحتة البعيده عن شارعنا عشان محدش من الجيران يشرفنا وكل ما نمشي في شارع يقابلنا حد منهم

مُصْعَب إِبْرَاهِيم يقول...

لم أكن أعلم أن أسئلتي كلها صعبة هكذا..
ولا أملك تعليقات على هذه التدوينة إلا أنني قرأتها بالكامل مرتين ولامستني بشدة من الداخل..

هذا الجزء من حياتي أسميه "البحث عني"

مُصْعَب إِبْرَاهِيم يقول...

نسيت أن أقول لك ..
صدقت "هو أرقني بشدوة بعد قرائته"

غير معرف يقول...

إنت انسان جميل يابراء

Aml Ghonaim يقول...

براء :
هذا الجزء من حياتك يمكنك تسميته : فى انتظار شىء محتوم ؛؛؛ لكنك فقط تتعجله ؛؛؛

elkamhawi يقول...

انا فعلاًحاسس انكو بتتعبوا قوى بس لو سمحتلى اقول تسمية من وجهة نظرى فهتبقى ..................................
ولا اقولك اما اشوفك احسن عشان اكيد هيبقى اسم معبر جداً

Dananeer يقول...

حلو اوى اوى يا براء

مهما كانت النعكشه و الحاجات المتركمه علينا و حولينا نلاقى لحظات صفاء مع النفس و توحد معاها

ربنا يكرمكم و مبروك النجف

و ربنا يخليلك مصعب اكيد
و يسألك على طول طالما النكش بيطلع حاجات بحس عالى كده