بلاد تركب الميكروباصات!
تكتشف، أنك نازل نازل، ستبارح مكانك بين لحظة وأخرى، تأهب.. لا أمان على الإطلاق.
نزولك لا علاقة له برغبتك في فعل ذلك، تخضع عملية النزول من الميكروباص لعوامل طبيعية وبشرية، تخضع لقانون الصدفة، والفوضى.. الخلاق منها.. وما هو غير ذلك.
ستنزل مرة، لأن قلبك الطيب لم يحتمل أن تمر الفتاة الجميلة الجالسة في الكنبة خلفك، بجوارك، وهو ما سيسبب احتكاك قوي بينكما، ترفضه أنت بكرم أخلاقك، فتقرر النزول وإفساح الطريق.
وستنزل مرة أخرى، لأن البدين الجالس بجوارك يريد المرور، وأنت، بجسدك المتعب من يوم عمل كامل، تحاول الإختفاء والإنزواء في مقعدك، دون فائدة، فالبدين، يبحث عن كل "ملي"، ليملأه بدهونه وأعضاءه.
وستكتشف، أن بقدرتك الإنتقام، حين تقرر إنزال الشخص الجالس بجوارك، بحجة أن المسافة لا تكفيك، وفي الحقيقة، فإنك تبحث بالكاد عن فرصة لملامسة كتف الفتاة في المقعد الأمامي، وتخشى أن يكشفك جارك، فتقرر إنزاله للحصول على لحظات من المتعة المسروقة.
وستنزل مرة أخرى، دون إرادتك، لأن المركبة – التي هي الميكروباص – تسير بسرعة أكبر من أن يحتملها قلبك الضعيف، وستنزل مرات، لأنها – المركبة – تسير بمعدل بطيء.. أبطأ من أن يطلق عليه "سرعة".. ستقرر النزول، وإكمال الشارع على قدميك، لتصل في وقت أقل.
وستنزل مرة، لأن أحدهم قرر الإفراج عن هواء بطنه فجأة، مستغلاً الزحام، والسرعة العالية، والشبابيك المفتوحة، والقدرة المعدومة لدى الركاب على اكتشاف الفاعل، فالكل مدان، والجميع بريء.
وستنزل مرة، لأنك تبت إلى الله تعالى، وفي المقعد الأمامي، فتاة مسيحية، أنت تخمن دينها فقط، دون تأكد، تفوح منها رائحة عطرة، تغلب رائحة البنزين، وقد أخذت لتوها دشاً بارداً في بيتها، ونزلت على الفور دون التأكد من حسن تنشيف قطرات الماء على شعرها، فبدت كأنها تتأهب للقاء جنسي ساخن مع رجل غيرك، أو كأنها فرغت للتو من ذات اللقاء، ستنزل لأنك غير قادر على إحتمال كل هذا، كما أنك – دون أن تدري – وجدت نفسك تعبث في شعيرات لها، تدلت أمام يديك، دون أن يلمحها أحد، ودون أن تشعر صاحبة الشعر المبلول، بيديك العابثتين.
وستنزل، لأنك تركب ميكروباص يمر بخط خطير، من الهرم إلى المعادي على سبيل المثال، وهناك كمين دائم فوق الكوبري ينتظر أمثالك، أنت تنتمي – دن قصد منك أو عمد – إلى نوع من المواطنين يشعر رجل الكمين تجاههم بأمر ما، يجعله يقرر إنزالهم فجأة، وإعطاء الأوامر للسائق بالرحيل دونهم، ويستمتع بجعلهم يقفون على الرصيف، حتى يتأكد – بطريقة لا يعلمها إلا الله وحبيب العادلي – من كونهم مواطنين صالحين لا يهددون النظام العام والخاص.
وستنزل مرات، لأن السائق قرر ذلك، قرر أنك راكب غير صالح، لا يستحق نعمة الركوب، يعرف ذلك حين يلمحك تناقش زملاءك – الركاب – عن أمر الربع جنيه الزائد عن الأجرة المعتادة الرسمية، هنا يقرر القضاء على المعارضة بالإقصاء، أو النفي.. تكتشف، وأنت تغادر وسيلة مواصلاتك الوحيدة، أن السائق يشبه شخصاً آخر، الشبه بينهما يكاد يكون تطابق، تقرر أن تخبره بذلك – فالأمر خطير – لكنك تخشى أن تتسبب بملاحظتك تلك بشيء من الإهانة للشخص الذي تقصده، أو حتى للسائق نفسه.
ستنزل لأنك وصلت أخيراً للمكان الذي كنت تقصده حين ركبت أصلاً، ستذهب إلى مقصدك، وستعرف، أن الغاية لم تكن لتستحق وسيلة المواصلات، لا شيء في بلادك يستحق مشقة ركوب الميكروباص مرتين أو أكثر كل نهار، لا شيء يستحق الركوب بنية النزول، لا شيء يستحق الإفتراضات اللا نهائية، والإختيارات الإجبارية، حول طريقة مغادرة المركبة، بقرارك مرة، وبقرار غيرك مرات..
نزولك لا علاقة له برغبتك في فعل ذلك، تخضع عملية النزول من الميكروباص لعوامل طبيعية وبشرية، تخضع لقانون الصدفة، والفوضى.. الخلاق منها.. وما هو غير ذلك.
ستنزل مرة، لأن قلبك الطيب لم يحتمل أن تمر الفتاة الجميلة الجالسة في الكنبة خلفك، بجوارك، وهو ما سيسبب احتكاك قوي بينكما، ترفضه أنت بكرم أخلاقك، فتقرر النزول وإفساح الطريق.
وستنزل مرة أخرى، لأن البدين الجالس بجوارك يريد المرور، وأنت، بجسدك المتعب من يوم عمل كامل، تحاول الإختفاء والإنزواء في مقعدك، دون فائدة، فالبدين، يبحث عن كل "ملي"، ليملأه بدهونه وأعضاءه.
وستكتشف، أن بقدرتك الإنتقام، حين تقرر إنزال الشخص الجالس بجوارك، بحجة أن المسافة لا تكفيك، وفي الحقيقة، فإنك تبحث بالكاد عن فرصة لملامسة كتف الفتاة في المقعد الأمامي، وتخشى أن يكشفك جارك، فتقرر إنزاله للحصول على لحظات من المتعة المسروقة.
وستنزل مرة أخرى، دون إرادتك، لأن المركبة – التي هي الميكروباص – تسير بسرعة أكبر من أن يحتملها قلبك الضعيف، وستنزل مرات، لأنها – المركبة – تسير بمعدل بطيء.. أبطأ من أن يطلق عليه "سرعة".. ستقرر النزول، وإكمال الشارع على قدميك، لتصل في وقت أقل.
وستنزل مرة، لأن أحدهم قرر الإفراج عن هواء بطنه فجأة، مستغلاً الزحام، والسرعة العالية، والشبابيك المفتوحة، والقدرة المعدومة لدى الركاب على اكتشاف الفاعل، فالكل مدان، والجميع بريء.
وستنزل مرة، لأنك تبت إلى الله تعالى، وفي المقعد الأمامي، فتاة مسيحية، أنت تخمن دينها فقط، دون تأكد، تفوح منها رائحة عطرة، تغلب رائحة البنزين، وقد أخذت لتوها دشاً بارداً في بيتها، ونزلت على الفور دون التأكد من حسن تنشيف قطرات الماء على شعرها، فبدت كأنها تتأهب للقاء جنسي ساخن مع رجل غيرك، أو كأنها فرغت للتو من ذات اللقاء، ستنزل لأنك غير قادر على إحتمال كل هذا، كما أنك – دون أن تدري – وجدت نفسك تعبث في شعيرات لها، تدلت أمام يديك، دون أن يلمحها أحد، ودون أن تشعر صاحبة الشعر المبلول، بيديك العابثتين.
وستنزل، لأنك تركب ميكروباص يمر بخط خطير، من الهرم إلى المعادي على سبيل المثال، وهناك كمين دائم فوق الكوبري ينتظر أمثالك، أنت تنتمي – دن قصد منك أو عمد – إلى نوع من المواطنين يشعر رجل الكمين تجاههم بأمر ما، يجعله يقرر إنزالهم فجأة، وإعطاء الأوامر للسائق بالرحيل دونهم، ويستمتع بجعلهم يقفون على الرصيف، حتى يتأكد – بطريقة لا يعلمها إلا الله وحبيب العادلي – من كونهم مواطنين صالحين لا يهددون النظام العام والخاص.
وستنزل مرات، لأن السائق قرر ذلك، قرر أنك راكب غير صالح، لا يستحق نعمة الركوب، يعرف ذلك حين يلمحك تناقش زملاءك – الركاب – عن أمر الربع جنيه الزائد عن الأجرة المعتادة الرسمية، هنا يقرر القضاء على المعارضة بالإقصاء، أو النفي.. تكتشف، وأنت تغادر وسيلة مواصلاتك الوحيدة، أن السائق يشبه شخصاً آخر، الشبه بينهما يكاد يكون تطابق، تقرر أن تخبره بذلك – فالأمر خطير – لكنك تخشى أن تتسبب بملاحظتك تلك بشيء من الإهانة للشخص الذي تقصده، أو حتى للسائق نفسه.
ستنزل لأنك وصلت أخيراً للمكان الذي كنت تقصده حين ركبت أصلاً، ستذهب إلى مقصدك، وستعرف، أن الغاية لم تكن لتستحق وسيلة المواصلات، لا شيء في بلادك يستحق مشقة ركوب الميكروباص مرتين أو أكثر كل نهار، لا شيء يستحق الركوب بنية النزول، لا شيء يستحق الإفتراضات اللا نهائية، والإختيارات الإجبارية، حول طريقة مغادرة المركبة، بقرارك مرة، وبقرار غيرك مرات..
هناك 7 تعليقات:
يااااااااه ده الميكروباص ده حاجه وحشه أوى ..
طيب ما تجرّب المترو (الهرم - المعادى) (;
سلامى ليك و لدعاء ولوكا ..
فعلاً فكل ما قلته يحدث فى الميكروباصات فهى مجتمع صغير داخل مجتمعنا الكبير تنطبق عليه كل قوانين الحياه..
بس انت نسيت انك ممكن تنزل من الميكروباص برضه علشان السواق قرر انه يركبك ميكروباص تانى علشان مفيش فى الميكروباص غيرك ويقوم هو لافف وراجع يحمل دور جديد..
وسلام..
عزيزى
البوست راءع و معبر عن مشكلة الميكروباصات بالفعل التى لا تخلو منها حياتنا اليومية شئنا ام ابينا
و لكنى اريد ان انظر نظرة اوسع معك ربما هى ما قصدتها بالفعل من هذا البوست او ربما انا ما اراها و حدى
كل مشهد من المشاهد التى رويتها عن الميكروباص يعكس سلوكيات و علاقات البشر بعضهم ببعض
نماذج قد نجد ما يشابهها فى حياتنا مع الفارق طبعا بين واقع الحياة وواقع الميكروباص
و يمكن القول ان بلدنا تحولت الى ميكروباص كبير يسير باقصى سرعة و سائقه نائم و كل ركابه لا يطيقون بعض
بعضهم يسعى جاهدا لايقاظ السائق و البعض الاخر يريد ان يرميه خارج الميكروباص و يتولى هو القيادة بينما هناك اخرين كل املهم ان يهربوا من الميكروباص حتى و ان قفزوا من الشباك و الميكروباص يسير باقصى سرعة
لا اعرف متى سيتوقف بنا هذا اليكروباص او يصل بنا الى بر الامان و هلى اذا واتتنى الفرصة للهروب منه هل اهرب ام انتظر ربما تتحسن الاحوال
تحياتى
هش
اسمحلى اعزمك على عرض فيلم لمبة نيون يوم الاربعاء 9 يوليو بمكتبة التاون هاوس الساعة 7,30 مساء
يشرفنى حضورك
www.lambaneon.com
شكرا
عماد ماهر
اسفل مدونه دخلتها في حياتي وانا اسف لنفسي اني قريت كده ...يعني عشان ندون لازم نكتب وندون بقله ادب ووقاحه .
جميلة جدا
لأ بجد، معاك حق.. فعلا لا شيء في الدنيا يستحق معاناة ركوب الميكروباص مرتين أو أكثر يوميا، لا شغل ولا دراسة ولا قرف
كل معاناة النزول والطلوع دي، وجبروت السواقين واتخاذهم طرقا غريبة جدا بهدف أن ينال جميع الركاب الشهادة - بسماحة نفس - وطولة لسانهم وكل شيء آخر منيل بنيلة فيهم.. كل هذا يدفعك لزهد (الغاية)، وكراهية الوصول إليها أصلا ..
يا ساتر !
بس تدوينة في الجون بجد :)
إرسال تعليق