الخميس، أكتوبر 25، 2007

تلك الصورة


هل من الممكن أن تتلخص حياتي في صورة؟؟..

أنا لا أبحث عن إجابة.. لأني أعرفها مسبقاً..

حين رأيت الصورة، للمرة الأولى، منذ أسابيع، سرحت ربما لساعات، أتذكر كل التفاصيل..

أنا أعرفها جيداً، فلاش الكاميرا التي التقطتها يومض في عيني مسبباً قدراً من الألم..

هو عيد ميلاد أختي الصغرى ربما، مناسبة من تلك التي لم تتكرر في عائلتي كثيراً..

وأنا هناك.. لا أذكر كم عمري، لكني كبير بما يوحي أن هذا حدث بعد انتهائي من دراستي الإبتدائية..

الشقة القديمة.. وجلباب أبي الذي لا يزال موجوداً في دولابه إلى اليوم..

يبدو أبي في الصورة محتفظأ بلون شعره الحقيقي، واللون الأبيض بعيداً عن شاربه.

أدقق النظر في ملابسي، كنت أحب هذا البلوفر، والـ"هاي كول"..

أعتقد أنني أكثر طفل ارتدى هاي كول في حياته.. كنت أحبه جداً، وكنت أشعر به يجعلني وسيماً، وتلك طبعاً كذبة كبيرة..

في الصورة كنت بدون "كرش"، كما أن جرحاً صغيراً في ذقني، سيحدث بعد شهور من إلتقاطها.

يظهر "حمزة"، و"مهند" في المقدمة، ويبدو أن ملتقط الصورة أمال جسده قليلاً ليلتقطها، لذلك أظهر أنا وأبي بهذا الميل.

لا أعرف الذنب الذي اقترفته لينظر لي أبي هكذا، لكنها نظرته المعتادة لي حتى وصلت للثانوي.

فقد كنت – حتى ثانوي – أخاف الاقتراب من أبي، وأظنه سيضربني في كل مرة يقترب فيها مني، حتى لاحظ هو ذلك، وحاول تغيير الوضع.

هي على كل حال صورة.. مميزة في حياتي.. تستحق الاحتفاظ بها.. ونشرها هنا.

الأربعاء، أكتوبر 24، 2007

أبي يحب أمي.. (قصة غير حقيقة)


مر عام آخر..

واليوم، يكمل أبي وأمي عشرة أعوام كاملة على لقائهما الأخير.

أذكر ذلك اليوم جيداً، بكل تفاصيله، رغم أنني كنت لا زلت طفلاً صغيراً، لم يراوح مكانه بعد في الصف الرابع الإبتدائي بمدرسة خاصة جيدة، كانت تعرف في قريتنا بأنها مكان أبناء الأسر الأيسر حالاً.

لم تأخذ أمي في حقيبتها أي شيء، كانت فقط أختي الصغيرة على كتفها الأيمن، بينما أسدلت الكتف الأيسر في سلام، حيث كانت تعاني من ألم به يتلازم مع كل حركة، مع أن أبي قال أنه لم يلمسها في ذراعها أو يستخدم العنف، وأنا شخصياً، أصدق كلام أبي، وأصدق أيضاً كدمات أمي.

الذين حضروا إلى البيت في ذلك اليوم، لم يلحظوا أن أمي نسيت أن تلبس نقابها وسط كل هذا، ارتدت الخمار وحده، كانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها أمي بهذا الشكل، ومن يومها، لم ترتدي هي النقاب أبداً، كما أني لم اسألها عن السبب في خلعه.

أكره نقاب أمي.. وسأخبركم بالأسباب..

سألت جدتي ذات مرة عن سبب ارتداء أمي – دون نساء العائلة – لهذا الشكل الغريب من الملابس، قالت جدتي أن "أمك حلوة"، لذلك فمن الأفضل ألا يراها الرجال الغرباء..

لكني – وقد كنت طفلاً لا يحسب على الرجال – كنت أحب رؤية وجه أمي في الشارع، ففي أحلامي البسيطة، كان مستقبلي يتلخص في كوني سأتخرج يوماً من الجامعة، وأتزوج فتاة يشبه وجهها وجه أمي، طويلة مثلها، رفيعة مثلها، بيضاء، بابتسامة ساحرة، وحنان جارف.

وكرهت نقاب أمي أيضاً بسبب "سوق الكشافة"، حيث كان من عادة مدرستي، أن تقيم سنوياً سوقاً خيرياً للكشافة، تباع فيه الملابس المستعملة، والأعمال الفنية اليدوية الرخيصة، وبصفتي من الأشبال فقد كنت أشارك، وكانت أمي تحضر بعد إلحاح مني ومن أخي الأصغر.

في المرة الأخيرة التي حضرت فيها أمي، مشيت وراءها طويلاً أحاول اللحاق بها لأناديها، رأيتها وسط الزحام، وحاولت مفاجأتها من الأمام بإلقاء نفسي في حضنها، وقد فعلت، لأكتشف أنها ليست أمي، وأنها والدة طفل آخر، أزعجه كثيراً أن يرتمي طفل غيره في حضن أمه، خاصة إن كان هذا الطفل يتمتع بوجه أبيض مستدير، وخدود محمرة.. واسمه مثل اسمي.

لهذا كرهت نقاب أمي، واستمتعت يوم رحيلها برؤية وجهها الأبيض وراء دموعها، وكانت تلك هي المرة الأولى.

رحلت أمي، وبقيت أنا وأخوتي برفقة أبي دون تفكير، فقد أخبرتنا أمنا بما سيحدث قبل ذلك، وبالدور المطلوب منا أداءه، قالت أنها سترحل قريباً، وأنها ستبدأ البحث عن شقة وعمل، وستأخذنا إلى هناك بأي طريقة، لكن علينا أن نحتمل الأيام التي سنقضيها مع أبي، حتى تنفذ هي وعدها.

وقد فعلنا، رفضنا المغادرة رغم أن خالنا أمرنا بركوب السيارة، صعدنا إلى أعلى، وجلسنا في انتظار عودة أبينا الذي كان لا يزال يواجه خالي بصوت عالي أخافنا نحن الصغار.

كانت تلك هي المرة الأخيرة التي يتقابل فيها الزوجان، على الأقل في وجودي، بعد ذلك أخبرتني جدتي لأبي أنهما تقابلا مرة أخرى في مكتب المحامي الذي أنهى إجراءات الطلاق.

كانت هذه هي الطلقة الثالثة، وهو ما جعل كل شيء يمر بهدوء، اتفقا على التفاصيل، وأصبح واضحاً أن كلاهما قد اتخذ قراره النهائي بالإنفصال.

والحقيقة أن الإنفصال لم يكن القرار الوحيد، فبعد رحيل أمي شهد منزلنا بضعة تغييرات هامة، دخل التليفزيون الملون إلى المنزل بعد قدوم جدتي للعيش معنا، فقد اشترطت الجدة وجود التليفزيون، وهو ما كان يرفضه أبي قبل ذلك، مكتفياً بوجود واحد أبيض وأسود قديم أحضرته أمي من بيت جدي بعد أن اشترت جدتي واحداً جديداً.

دخلت بعض قطع الأثاث الجديدة، وبضعة سجاجيد، تم شراء غسالة أتوماتيك حديثة، وأخذت أمي القديمة، وبات مفهوماً أن البيت يستعد لقدوم إمرأة أخرى، غير أمي وجدتي، وهو ما تأخر قليلاً حتى تمت إجراءات الطلاق وحتى انتهت الإمتحانات، وحتى وجد أبي عروسه الجديدة، بديلة أمي.

بعد ثلاثة أشهر سمح لنا أبي برؤية أمنا، ذهبنا للقاءها في بيت جدتي، و فهمنا منذ اللحظة الأولى في اللقاء أن وعودها السابقة مستحيلة التحقق، وأنها في حاجة إلى من يحلها من وعدها، وقد فعلنا دون كلام، فلم نسألها عن شيء، واكتفينا بسماعها تخبرنا بأخبارها وبشوقها البالغ لنا.

كانت الدراسة على وشك البداية، وذهبت للمدرسة في أول يوم لأجد أمي هناك، عملت أمي مدرسة في القسم المخصص للبنات بمدرستي، وهو ما وفر لي لقاء يومي بها، وحلوى كثيرة تسببت في زيادة وزني بشكل ملحوظ، والأهم، أنني اكتسبت قدرات تمثيلية لا حدود لها.

تخيل نفسك طفل في الصف الخامس، تنتظر منك أمك أن تخبرك بفظاعة الحياة مع أبيك، وينتظر منك أبيك أن تخبره بمدى بشاعة الإحساس الذي تشعر به وأنت تقابل أمك يومياً في "الفسحة".. وفوق كل ذلك، فإنك لا تسلم من تعليقات الزملاء الذين يلقبونك بـ"ابن الميس".

لكن تعليقات الزملاء هي الشيء الأسهل، فأنت تعلم أن الله يعاقبك على ما كنت تفعله مع "محمد أشرف" زميلك في 2/6، فهو الآخر "ابن ميس شريفة"، وقد ساهمت أنت ومن معك في تكدير صفو حياتك بتعليقاتكم الجارحة.

مر العام الأول، واختارت أمي أن ترحل عن المدرسة إلى مدرسة أخرى، منهية عذابي في الكذب بالنهار والليل، ومتفهمة ضيقي البالغ من الإجابة على سؤال واحد مرتين في اليوم هو "عملت إيه مع أبوك / أمك؟؟"، ثم الرغبة القوية عند الطرفين في أن أخبرهما بما قاله الطرف الآخر عنه.

تزوجت أمي بعد ذلك، وانشغلت أن في أمور مراهقتي، لكن الباقي في ذاكرتي حتى الآن هو صورة "سناء" الموظفة في شركة أبي، والتي سألتني يوماً ما "مش تحاول تصلح بينهم؟؟"، فأخبرتها أنا بما أعتقده "بابا وماما بيحبوا بعض.. بيحبوا بعض جداً.. بس هما لسه محبوش الحياة مع بعض في بيت واحد"..

أفكر الآن أن رأيي كان صحيحاً، فأبي يحب أمي، وأمي تحبه.. ولدي أدلة..

تزوجت أمي بعد ذلك من رجل آخر، وتطلقت بسرعة، كذلك تزوج أبي ونجح زواجه، إلا أنني ضبطته مرات عديدة، ينادي زوجته الحالية باسم أمي.

أما أمي، فلازالت ممتنعة عن الحديث، عن كل ما له علاقة بالماضي، مكتفية بإعطائنا – أنا وأخوتي - بعض الإرشادات والنصائح في حال وقوع مشاكل بيننا وبين أبينا، إنها حقة سيدة غريبة، تحتفظ بالكثير داخلها، وإن كتبته يوماً، فسيبكي القلم والأوراق، وسنبكي جميعاً.

أبي يعلن كل يوم كراهيته لأمي، يقسم على ذلك، ورغم أنه امتنع بالفعل عن قول ذلك منذ عامين تقريباً، إلا أنه لا يزال يرد كل مصائب الدنيا إليها، معتقداً أنها السبب في كل الأشياء السيئة التي حدثت في حياته.

لكن أبي يخطأ أحياناً أمامي، معتقداً أنني مازلت صغيراً، فيقول ما معناه أن أمي ليست السبب، وأن انفصاله عنها كان السبب الحقيقي.

قال لي أبي دوماً أن اليوم سيأتي لأحاسبه فيه على كل ما حدث، وأني سأحاسب أمي كذلك، لكني لم أفعل، فبالنسبة لي، أبي وأمي مراهقين، لا يزالان متوقفان عند المرة الأولى التي التقيا فيها في الجامعة، لا يدركان الفرق بين لقاؤهما الأول وبين لقاؤهما الأخير.

كل ما حدث أن الخلاف هذه المرة كان حاداًً، بحيث استمر عشر سنوات، وربما يستمر لعشر سنوات أخرى، أو حتى إلى نهاية العمر، لكن الحقيقة، التي أعرفها أنا جيداً.. أن أبي يحب أمي.. وأمي أيضاً تحبه.. وأنا أحبهما سوياً..

الثلاثاء، أكتوبر 23، 2007

صح النوم


ولأن "هاني الدالي" زميلي في (mbc) يجلس أمامي يومياً ما يزيد عن الـ8 ساعات، كان لابد أن تتصيد كاميرا موبايله إحدى تفاصيلي، فكانت هذه الصورة.

الأحد، أكتوبر 21، 2007

"المملكة".. حرب لا يباركها الرب


- أي من الجانبين يباركه الرب؟

- سنعرف الإجابة بعد قليل.

داخل أحد المجمعات السكنية بالعاصمة السعودية الرياض، يدور هذا الحوار القصير بين ضابط أمريكي، وآخر سعودي، بينما يصوبان أسلحتهما تجاه باب صغير، وخلف الباب صنفان من البشر؛ بضعة "إرهابيين" و"مواطن أمريكي" محتجز من قبلهم.

يدخل الضابطان ويقتلان من بالداخل سوى الأمريكي، وتنتهي المهمة بالنجاح، وعند رحيل الضابط الأمريكي من السعودية، يعطيه السعودي "سبحة" صغيرة، مخبرا إياه أنها "تجلب بركة الرب".

أثناء مشاهدتك فيلم "المملكة The Kingdom"، تدرك قبل نهايته بقليل، وبالتحديد عند المشاهد السابقة أنك أمام فيلم يفتش عن بركة من الرب لتكون ذريعة للحرب على الإرهاب، كما أنه ينفي وجود أي بركة من الرب للذين يحاربون أمريكا ورعاياها في الدول الأخرى.

تبدأ الأحداث بمقدمة تاريخية وثائقية قدمت في أسلوب سردي خلاب، وفي خلال دقيقة واحدة يحكي لك الراوي قصة الشراكة الأمريكية السعودية منذ أن تمكن الملك عبد العزيز آل سعود من إعلان المملكة، مرورا باكتشاف البترول على يد مجموعة علماء أمريكان، حتى مرحلة الزيت مقابل السلام، وأخيرا الغزو العراقي الكويتي، ثم ظهور "بن لادن".

كما يعرض الراوي نشأة المجمعات السكنية التي يسكنها مهندسون أمريكيون في "الرياض"، وعبر الصور يقدم لك التناقض بين قوانين "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" التي تحكم العاصمة، وقانون "إجازة نهاية أسبوع جميلة" التي تحكم المجمع السكني الذي تتوافر له حماية أمنية مكثفة.

البداية الحقيقية للفيلم مع حادث التفجير الإرهابي الذي يودي بحياة 100 أمريكي، ويوقع مئات المصابين بإصابات خطيرة، ولأن أمريكا هنا هي المستهدفة، وليس النظام السعودي، يفكر ضابط أمريكي في الجانب الآخر من العالم حيث الـFBI، ويقرر السفر مع مجموعته الصغيرة إلى الرياض للتحقيق، لكن هذا التفكير يواجه بعض الصعاب.

فالإدارة الأمريكية التي تعرف حقوق الآخرين جيدا، تخشى من غضب صديقتها السعودية، وخلال 10 دقائق كاملة تشاهد مفاوضات دبلوماسية تعرف –كمشاهد- نتيجتها مسبقا، فلو فشلت تلك المفاوضات لما كانت هناك حاجة لوجود هذا الفيلم.

بعد أن يُجمّل صناع الفيلم صورة الإدارة الأمريكية أمام المشاهد، وهي صورة تتناقض مع الصورة الحقيقية للإدارة الأمريكية التي لا هم لها إلا الانتقام من أي شخص يقتل أي مواطن أمريكي حتى وإن قُتل خطأ؛ نرى الفريق ينتقل إلى الرياض في رحلة سريعة تستغرق خمسة أيام فقط لعلهم يستطيعون فيها فعل ما عجز جهاز الأمن السعودي عن فعله، وأنت -كمشاهد- تعرف مسبقا أنهم سيستطيعون.

على الجانب الآخر ترى الإدارة السعودية تفكر في أمر مختلف، فالأمريكان الخمسة بالنسبة لها عبء كبير، لذا فهي لا تهتم بشأن التحقيق بقدر اهتمامها بحماية هؤلاء الخمسة، فشأنها شأن كل الدول العربية لا تريد مزيدا من القتلى الأمريكان على أراضيها، فشعار "الموت لأمريكا" شعار جميل، ولكن يمكن تنفيذه هناك فقط، في أمريكا.

أمير الرياض -خالد- يزور الفريق فور وصوله، ويغطي الحراس أمامه جسد الفتاة الأمريكية الموجودة في الفريق بعباءة رجالية، في مشهد يذكرنا برائعة "وحيد حامد" الكوميدية "محامي خلع".

وخلال حديثه القصير مع القائد الأمريكي يدعوه للعشاء معه في قصره مساء اليوم التالي، وهو ما يحدث، وخلال العشاء يعرض عليه اصطحاب الفريق -عدا الفتاة- في رحلة سفاري يشاهدون فيها جمال الصحراء السعودية.

مفاوضات كثيرة حتى يبدأ الفريق الأمريكي عمله، بعد أن يقول القائد الأمريكي للأمير السعودي "سيدي الأمير، أنا أعرف أن أمريكا ليست مثالية، لكن في هذا المجال نحن الأفضل"، في إشارة منه إلى فشل السعوديين في التحقيقات، وفي طلب صريح بأن يسمح الأمير للفريق بممارسة مهامه كاملة دون عقبات، وهو ما يحدث.

مطاردات بوليسية، والعديد من مشاهد فحص الجثث، ترى خلالها اعتراض أحد الجنود على فحص الفتاة الأمريكية لجثة مسلم لأن هذا "حرام"، ثم في النهاية، يمسك الأمريكان ببداية الخيط الذي يقودهم إلى "أبو حمزة" الإرهابي الشرير.

وعند الهجوم، يسأل الأمريكي ضابطا سعوديا يرافق الفريق "أي من الجانبين يباركه الرب؟"، وتجيب أنت –كمشاهد- دون وعي "الرب يبارك أمريكا، ويبارك الفريق الأمريكي الذي عبر المحيطات للانتقام من أعداء الإنسانية".

أنت إذن أمام فيلم هوليوودي جديد يناقش الإرهاب ويتقدم خطوة إلى الأمام، حيث تجري الأحداث داخل السعودية -الدولة التي ينسب إليها العدد الأكبر من منفذي هجمات 11 سبتمبر/أيلول- فـ15 "إرهابيا" من إجمالي 19 كانوا يحملون الجنسية السعودية.

لن تشعر بأي اختلاف في صورة الفيلم عن صورة حلقة طويلة من مسلسل "Alias"، خصوصا وأن شخصية "Sydney Bristow" بطلة المسلسل التي تجوب العالم محاربة للإرهاب هي ذاتها الممثلة Jennifer Garner بطلة الفيلم.

أطفال على الجانبين

أمر آخر مثير للاهتمام خلال الفيلم وهو هذا الكم الكبير من الأطفال المنتشرين في جميع مشاهد الفيلم.

ففي البداية ترى قائد الفريق الأمريكي يتلقى خبر العملية الإرهابية وهو يجلس في فصل ابنه في مدرسته يحدث الطلاب عن "أجمل لحظات حياته"، في مشهد مؤثر يذكرنا بمشهد تلقي الرئيس بوش لخبر هجمات سبتمبر/أيلول، بينما كان يقرأ "حكايات عنزتي الجميلة" في أحد فصول الدراسة بمدرسة في تكساس، بحسب ما رأيناه في رائعة مايكل مور "فهرنهايت 11-9".

يسأل الابن أباه عن سر المكالمة الهاتفية، فيقول له بابتسامة أمريكية معروفة "إنهم بعض الأشرار Bad Boys، لكنك يا صغيري لست منهم"، وعلى الجهة الأخرى، ترى "أبو حمزة" مع حمزة ابنه، يقرب المنظار المكبر من رأس الصغير ويجعله يستمتع برؤية أعداء الإسلام يقتلون، ويهدئ من روعه قائلا "لا تخش شيئا يا صغيري، سنقتلهم جميعا".

حتى أن الصورة الأخيرة التي تراها في الفيلم، هي صورة هذا الطفل السعودي، ينظر نظرة ذات مغزى، نظرة تملأ قلب أي أمريكي بقدر مناسب من الرعب، رعب من أي عربي مسلم سعودي، حتى وإن كان طفلا صغيرا.

الأطفال الأمريكان في الفيلم يقتلون داخل مجمع سكني خلال عطلة نهاية الأسبوع، والأطفال السعوديون العرب تشاهدهم يلعبون "الفيديو جيم" ويقتلون خلال اللعب الجنود الأمريكان في العراق، أو ترى نجل الأمير يتفقد مكان تنفيذ الهجمات، بينما تسلط كاميرا الصحافة الضوء عليه.

أمريكا تدخل الإسلام

لم يكن ينقص كل هذه "الطبخة"، سوى أن ترى -في أحد مشاهد الفيلم- رحيل الفريق الأمريكي من الرياض، بينما يؤدي الضباط السعوديون التحية العسكرية لهم، فقد نجح الأمريكان –كالعادة- فيما فشل فيه العرب.

وخلال الرحيل يعطي الـ"هيثم" للقائد الأمريكي "سبحة" يخبره أنها تجلب البركة من الرب، لينظر القائد الأمريكي نظرة امتنان، فقد كان في حاجة فعلا لهذه "البركة".

ولعلك تفكر في أن الأمريكان كلهم "مبروكين"، وأن شعار "فليبارك الرب أمريكا" سليم، وهذا هو ما حدث، فبعد ساعتين من القتال ترى الفريق الأمريكي المكون من خمسة أفراد ولم يصب أي منهم إلا برضوض بسيطة في يده، لكن القتلى دائما من رجال الأمن السعودي، فهم وإن ظهروا بمظهر مشرف لا يجيدون تصويب الأسلحة وإطلاق النار مثلما يفعل الأمريكان، ولهذا يعيش الأمريكي "المبروك" ويموت الآخرون.

وهنا تصبح الإجابة عن سؤال البداية ملحة بل وواضحة، فـ"الرب يبارك أمريكا" ولتحل لعنته على هؤلاء الذين يعادونها، مهما كانت أسبابهم ودوافعهم، لا فرق بين شيخ وطفل صغير، فأمريكا تقف في الجانب الذي يباركه الرب، و"الآخرون" في الجانب الذي يلعنه الرب.

الخميس، أكتوبر 18، 2007

رحمة..

أنتم جميعاً لا تعرفون "رحمة".. لكني أعرفها جيداً.. وسأحكي لكم عنها..

سأقول لكم في البداية أنني وأنا صغير كنت أعتقد أني لست صبياًً، كان لدي إحساس أني فتاة، وأن هناك خطأ ما في المسألة..

السبب في ذلك ليس له علاقة بالـ"جنس"، له علاقة فقط بأني كنت أقلد أمي في كل أشيائها الصغيرة، ولم أبدأ في تقليد أبي إلا في مرحلة ما بعد الإعدادي..

جلسة أمي وطريقة كلامها، انفعالتها وربما طريقة تفكيرها، وحتى الآن، أكتشف نفسي أفعل أشيائها الصغيرة، وهو اكتشاف يزعجني بقدر ما يدخل على قلبي الفرحة.

ما علاقة هذا بـ"رحمة"، ومن هي "رحمة" أصلاً..

العلاقة أن "رحمة" أيضاً تفعل ذلك، و"رحمة" هي أختي الصغرى، لكنها الأخت الأكبر بين ثلاث بنات يحملن اسم أبي.. وبنت واحدة تحمل اسم رجل آخر.. لكنها تحمل اسم أمي.

عندما لاحظت للمرة الأولى الشبه بين أختي وأمي، لم يشغلني الأمر للحظة، فهي البنت الأولى، و"إقلب القدرة على فمها تطلع البنت لأمها"، لكن كيف أخذت "رحمة" من أمها كل هذه التفاصيل، إذا كانت أصلاً لم تحيا معها في بيت واحد إلا عامين أو ثلاثة لتنتقل بعدها للعيش في بيت أبي، حيث أنا وأخوين آخرين، وأم أخرى هي في الواقع زوجة أبيها..

بمزيد من التفكير، عرفت أنني السبب، فالفتاة الصغيرة عرفت أمها من أخيها الأكبر، في حين كان هذا الأخ لا يزال يلاحظ أنه يشبه أمه في كل تفاصيلها..

عن "رحمة" أحكي لكم.. عن أختي الصغرى التي تشبهني..

عن الفتاة البدينة الجميلة، المليئة بالطيبة، والتي تعرف أن الله وضع لها في جسدها أشياء أكثر من تلك التي وضعها لصديقاتها الرفيعات، وهي تعلم أن "ربنا ما بيعملش حاجة وحشة"، وأنها حكمة منه ستفهمها "بعدين".

تعلم "رحمة" أنها ستحقق معجزة ما، تماماً كأخيها الأكبر، فهو في سنها، كان لا يزال معتاداً على النظر لأسفل، والبكاء في حضن المخدة كل مساء، والشكوى إلى الله من أفعال "الكبار"..

كان لا يزال يجلس على مائدة الطعام وظهره مقوس، حتى ينفرد بضربة من يد العم الصغير، وصرخة بأن "إفرد ضهرك، هيطلعلك قتب"..

كان لا يزال يتلقى تعليمات الذين هم أكبر سناً، وينفذ بهدوء، مطلقاً لعقله العنان، سارحاً في صورة واحدة، المسدس الصغير سهل الاستخدام، وهؤلاء الكبار في صف واحد، ثم خطبة طويلة، فيها تذكير بكل الخطايا، ثم إعلان للعفو التام، بشرط واحد، أن يتركوه يرحل وحيداً عنهم، بدراجته فقط، وكيس من ساندوتشات "الجبنة بالقوطة" التي يكرهها.

كان لا يزال عاجزاً عن إتقان أي عمل من أعمال النظافة في المنزل، فبغض النظر عن رفضه للفكرة باعتباره رجلاً، فقد كان سرحانه الدائم يفسد أي عملية تنظيف، حتى تنظيف جسده بنفسه، فشل فيه لفترة حتى تعمله بصعوبة بعد ذلك.

كان لا يزال – ولا يزال – يدمن الجلوس أمام التليفزيون، يشاهد الأفلام العربية القديمة، والأجنبية الحديثة، ويغمض عينه ليحلم بعمله بعد سنوات كمؤلف شاب يصنع عشرات الأفلام التي تحكي للعالم عن طفولته ومراهقته القاسية.

كان لا يزال – ولا يزال – يعجز عن سماع أي صوت غير صوت التلفزيون أثناء المشاهدة، يعجز عن التركيز في أوامر الأب والعم والجدة والأم وزوجة الأب والإخوة الصغار.

كان يخبر الكبار بحلمه الشخصي في دراسة الإعلام والعمل صحفي، ويتألم لضحكاتهم المصحوبة بكلمات مشجعة من نوعية "إتلهي على عينك"، و"أجري إلعب بعيد"، و"عملت إيه أنت عشان تبقى صحفي"..

كان لا يزال يقف في معسكرات الكشافة، لحظة تقسيم الفرق، يبكي دون أن يراه أحد، فهو "الشبل" الوحيد الباقي دون أن يختاره أحد القادة في فرقته، والسبب أنه لا يجيد لعب كرة القدم، لكنه في الوقت ذاته يرفض "الوقوف جون".

كان لا يزال يدمن الصمت، وكانت متعته الوحيدة المتعلقة بالكلام تقتصر على صناعة أصوات غريبة ليلاً، حين يرسله أحد الكبار لشراء "بجنيه عيش فينو من الفرن، وكيلو لبن من عند محل العمة زينب"، يصنع تلك الأصوات بقوة، ويجري دون أن يلحظه أحد، متخيلاً نفسه نجح بالفرار بالدراجة وكيس الساندوتشات، وباقي العشرة جنيه القادرة على سد احتياجاته ليومين ثلاثة حتى يجد عمل مناسب في أحد مطاعم الفول والطعمية.

لكن العشرة جنيه تسقط من يده دون أن يلحظ، فيقرر تمزيق جيب البنطلون، ويخبر الكبار في البيت بأن هذا لاثقب هو السبب، لكنه لا يفلت من العقاب القاسي، ولهذا، فإن بناطيل الأخ الأكبر كلها، بجيوب مثقوبة.

لكن هذا الأخ الأكبر حقق معجزته، نجا من كل ذلك فجأة، ترك مدرسته القديمة، وانتقل لأخرى قريبة من المنزل، وفيها عرف الطريق إلى "ميكروفون الإذاعة"، وجماعة الصحافة، وحلقات المناظرة، وفريق المسرح، وكلها أشياء تصنع معجزات.

أدرك الأخ الأكبر وقتها أن ما كان يفعله كان يستحق العناء، كل الكتب التي قرأها خلسة في أوقات المذاكرة أتى الوقت للاستفادة منها وتحقيق ما تعلمه من سطورها..

سيأخذ خطوته الأولى كسيناريست حين يكتب لمسرح المدرسة مسرحيات قصيرة وساذجة تحمل اسم "السلمة المكسورة" و"الأرض هي الأم"، وذلك في إطار احتفال المدرسة بـ"الإسراء والمعراج" و"عيد الأم".

سيفعل أشياء لم يكن يتخيلها، سيحظى ببعض الأصدقاء، وسيتنافس زملاؤه في الفصل على الجلوس بجواره، فهو يلقي النكات الجميلة، يكتب الشعر الرومانسي، وإن كان لا يجيد لعب كرة القدم، ولا يزال يرفض "الوقوف جون".

رحمة الأن، تعيش تجربة الأخ الأكبر السابقة، تفعل كل ما كان يفعله، ويحدث لها كل ما كان يحدث له، لكن الله يعطي لرحمة أشياء أخرى لم يعطها لهذا الأخ.

رحمة الآن تقرأ "هاري بوتر وأسطورة سجين أربكان"، في حين كان الأخ الأكبر يقرأ في سنها "البوابة السوداء" و"سراديب السيطان".. وبينما تبدأ قراءة "رجل المستقبل" و"ملف المستحيل" كان هو يبدأ قراءة أعداد مجلة الدعوة، والجزء الثاني من "مذابح الإخوان في ليمان طرة".

رحمة الآن تجادل أبوها بشأن إدخال الـ(DSL) إلى المنزل، أو السماح لها بالذهاب مع إخوتها إلى السينما.

رحمة الآن تعلق صورة تامر حسني في دولابها، بينما كان الأخ الأكبر يستمع لأول أغنية في حياته، عبر نسخة مسجلة من شريط سميرة سعيد "ليلة حبيبي" بأقل درجة صوت ممكنة، فالبيت وقتها كان يسمح بمواد صوتية ومرئية معينة.. القرآن.. الأناشيد.. الأفلام الأجنبية مساء الجمعة على القناة الثانية.

رحمة لا تعرف "أبو مازن" و"أبو راتب" ولا "عماد رامي"، ولا تحفظ "نعم إن أول غيثي الندى"، رحمة لا تعرف "مدرسة الجمعة"، ولا "اليوم الرياضي"، كما أن أحداً لم يخبرها بـ"سنخوض معاركنا معهم"..

لكنها تذكر أن أول كلمة نطقت بها كانت "حبيبي يا نور العين يا ساكن خيالي"، وأن مسلسل الثامنة هو المفضل لها، وأن الرسم على السيراميك يهدئ أعصابها كثيراً، وأنها لن تتخلى عن صديقتها "شاهندة" رغم أن أبوها أمرها بذلك، في حين تخلى أخيها الأكبر عن "أحمد محمود"، ابن الممثل، وزميل الفصل، وذلك بعد علقة ساخنة من الأب.

رحمة لديها فكرة عن المكياج، لكن الأخ الأكبر كان يضع "الجل" في "بير السلم" حتى لا يراه أباه، الذي يعتبر "الجل" رعونة، وشيء لا يليق بأخ مسلم.

رحمة جاءت بعد ثلاثة أولاد، لكن الأخ الأكبر جاء وحيداً، فكان فأر التجارب الأوحد، وهي تجارب فشلت كلها، حتى قبل أن يولد.

رحمة لا تعرف شكل التليفزيون الأبيض وأسود، ولم تشاهد فيلم "ديسكو ديسكو" ولا أفلام "الشحات مبروك" لكن الأخ الأكبر شاهدها، ويحفظها..

رحمة ستصنع معجزة.. ستمسك القلم بعد قليل، وستكتب أشياء ستعرفونها من خلالها، لعلكم ستقولون أنها تذكركم بأخيها الأكبر، لكن هذا الأخ واثق من أنها ستصنع معجزتها الخاصة، وتجربتها الفريدة.

رحمة لا تعرف أنني أحبها جداً، وأنني بكيت منذ أيام عندما فكرت أنني بالنسبة إليها واحد من "الكبار"، الذين يعذوبون الأطفال بدافع التربية، ويضربون الظهور المقوسة على مائدة الطعام بحجة "هيطلعلك قتب"، ويلقون المحاضرات الطويلة عن البدانة المفرطة وعيوبها، وإنها "مش هتلاقي عريس يبصلك وإنتي تخينة"..

رحمة لا تعرف أن أخاها الأكبر يشعر بالفخر أنها أخته الصغرى، وأنه يتقدم لها بطلب بسيط، ألا تعتبره من "الكبار"، فهو لا يزال يحلم بالهروب على الدراجة، ومع كيس الساندوتشات، رحمة بالتأكيد تحلم بذلك.. فقد أخبرتني.. وقالت.. "ده سر بينا يا براء".

ولد.. وطورنبة.. وحاجات!












الخميس، أكتوبر 11، 2007

بيان ختامي


الآن، والآن فقط، توصلت لاختياري الأخير..

فبعد دراستي للقائمة الطويلة التي أعطاها لي أحدهم عند بداية الطريق، مكتوب أعلاها "اختار طريقة موتك بنفسك"، في حين تراصت أشكال وأصناف الموت من السطر الأول حتى الأخير، مع تدخل بسيط بخط اليد يعلن عن عدم توافر أشكال معينة من الموت.. حيث نفذت بعض الأصناف، كما أن أصناف أخرى يلزمها وقت تطويل لتصبح جاهزة.. والإدارة ترفض انتظار الزبائن كل هذا الوقت.. فالزبون المنتظر.. قنبلة موقوتة.. دائماً على حق!

أخذت القائمة وجلست على جانب الطريق، بعد خطوات بسيطة مشيتها من البوابة، حيث أعطاني أحدهم القائمة إياها..

بحثت عن أي ركن مظلل للجلوس، لكن أنفي لاحظ رائحة رطوبة قوية، ربما مصدرها تلك الشجرة، فضلت الحرارة عن الرطوبة، وجلست بعيداً عن الشجرة، ونظرت بلامبالاة.. إلى القائمة.

"أنت تختار".. ياله من شعار، الآن، وقبل بداية السير، علي أن اختار الشكل الذي أرغب في ان تنتهي به رحلتي..

سأختار بالتأكيد.. أفكر في اختيار أي رقم، بدون تفكير، رمية زهر، على أن اجتهد في سيري بعد ذلك لتعديل اختياري، لكني لا أفضل المراهنة على موتي، فأمثالي يبحثون عن ميتة كريمة، يعوضون بها ما فقدوه من كرم في حياتهم.

تتداخل الأشكال والأصناف أمام عيني، أشعر أنها أكثر مما ينبغي، فأقرر التفكير بشكل عكسي، سأستبعد الأصناف التي لا أرغب فيها حالياً، مع العلم أن ما لا أرغب فيه الآن، لن أرغب فيه مجدداً.

إذن، أنا لا أريد أن أموت مقتولاً، أفضل أن أصطحب جسدي كله معي إلى الحياة الأخرى، لا أريد أن أشغل بالي وأضيع وقتي بالبحث عن أصبع مفقود أو عضو مبتور، أو عين سقطت بفعل رصاصة خرجت من بندقية قناص قرر الرد على موبايله وهو يصوب تجاهي من أعلى البمنى، فانحرفت الرصاصة لتصيب عيني بدلاً من قلبي، وهي في الحالتين.. مميتة..

لكني لا أفضل ذلك، إذا كنت عشت عمري أحاول الاهتمام بجسدي كلما أمكن، فإني لن أسمح بإهانته الآن، ثم.. ما هو المقابل..

أن تموت مقتولاً، بفعل فاعل، فهذا يعني أنك فعلت شيئاً يستحق، أنك اتخذت قراراً مهماً، أو فعلت شيئاً خطيراً، وهي أشياء، لم أفعلها في حياتي بعد.. ولن أفعلها.

فليستمتع المقتولون بموتهم، هم السابقون، وليلحق بهم غيري، سأبحث عن ميتة أخرى.

إذن، لا أريد أيضاً أن أموت على فراشي، هو موت بلا ثمن، كما أن مقدماته تجعله بطيئاً.. كما أني في الحقيقة.. أكره أن يراقبني أحدهم بينما ألفظ أنفاسي الأخيرة، محاولاً تلقيني الشهادة بطريقة لا تؤذني.. متناسياً أن ما من شيء يؤذي الميت لحظة موته.. لا شيء مؤذي أكثر من الموت..

أنا أكره الذين يراقبوني وأنا لا زلت على قيد الحياة، في البيت، في الشارع، في عربات المترو، في الكنبة الخلفية داخل الميكروباص، في المقهى، كل هؤلاء لا أحبهم.. لكني أعبر عن كرهي لهم بالطريقة التي يستحقونها.. أراقبهم..

نعود للقائمة.. وقد استثنيت الآن شكلين من أشكال الموت.. القتل السريع.. والفراش البطيء.. ما رأيي إذن في الموت أثناء العمل؟؟.. أجلس على مكتبي.. أنهمك في العمل.. وأتوقف فجأة.. بلا حراك.. قد يستمر الأمر دقيقة أو اثنتين.. لكن كل شيء ينتهي بسرعة..

أوووف، أراهم الآن، زملائي، يلتفون بسرعة من حولي، يحاولون أن يفعلوا شيئاً ما، هم في الحقيقة يحاولون أن يبدون وكأنهم يحاولون، لأنهم ببساطة، ينشغلون أكثر بالفرجة، أرحل، ويأتي أحدهم بجريدة قومية كبيرة، ويغطي جسدي متمتماً بجمل نصف مفهومة "لا إله إلا الله".. "سبحانه".. "اتعظوا".. "هادم اللذات".. ليتحول موتي إلى درس وعبرة وعظة وقصة يلقيها أحدهم في ليلة حزينة بين أصحابه.. شكراً، لا تناسبني هذه الطريقة..


ليس أفضل إذن من الموت أثناء عرض فيلم أجنبي شاهدته من قبل عشر مرات، وبينما أتناول الفيشار أو السوداني، في ليلة باردة، أمدد ظهري على الكنبة، وأمد قدمي على المنضدة القماشية، تنحشر الحبة في حلقي، وأرحل سريعاً قبل أن يتمكن أحد سكان المنزل من اسعافي..

لكن زوجتي ستبكي كثيراً، ليس لأنها تحبني أكثر مما أتوقع، فقط لأن رحيل أحدهم (أياً كان) بهذه الطريقة، سيجبر الجميع على البكاء.. وأنا.. لا أحب البكاء بكل تفاصيله.. خاصة لو كان هذا الذي يبكي.. شخص آخر غيري.

ثم أني لا أفضل الموت التليفزيوني بكل أشكاله، بحيث لا يستغل موتي في النهاية كفقرة إعلانية لقناة ما، أياً كانت، دينية أو إباحية، لا فارق هنا بين "الناس".. و"سبيس تون".

قاربت القائمة على الانتهاء، اسبتعدت بضعة أشكال دون تفكير، لعلهم وضعوا اختيارات مثل "النحر على يد تنظيم القاعدة"، و"الانتحار بالكهرباء"، و"الغرق متعمداً" لمجرد صناعة قائمة مزدحمة.. لكن في الحقيقة.. لا أحد يفضل مثل هذه الطرق.

توقفت قليلاً عند "الإعدام"، وسرت في جسدي رعشة ملائمة، لا اسوأ من أن تترك الدنيا كدجاجة فاسدة غير صالحة للاستخدام الآدمي، لا اسوأ من انتظارك بعض الوقت حتى ينطق القاضي بالحكم، وانتظارك وقت آخر حتى يقرر موعد التنفيذ، ثم اجبارك على ارتداء الكيس القماشي الأسود، وملئ اذنك بحيثيات الحكم، وكأن من المهم عندهم أن تعرف.. لماذا أعدموك.

لا اسوأ من أن يحرمك أحدهم من متعة النظر إلى المكان الذي تريده وقتما يحين وقت الرحيل.. أنا شخصياً سأنظر إلى أعلى.. إلى السماء.. إلى سقف حجرتي.. إلى سطح عربة المترو.. إلى أي مكان عالي.. فعند الموت.. تصبح الأشياء من حولك ليست ذات أهمية.. وينحصر تفكيرك في.. الخطوة التالية.

سأختار إذن.. لكن طريقتي التي أرغبها ليست مذكورة.. سأكتب في خانة "أخرى تذكر".. سأقول "حين تحين الساعة.. فأفضل أن يأتيني أحدهم بملامح هادئة، وابتسامة جميلة، ليعطيني ورقتي.. ويمهلني دقيقة أحضر فيها شنطتي.. وحين اسأله (وكأني لا أعلم) عن وجهتنا.. يقول هو بهدوء : خمس دقائق.. ثم تعود"..

الثلاثاء، أكتوبر 09، 2007

مصر.. ضحكت علينا!


22 سنة قضيتها في مصر، مواطن يحمل اسمها، يؤدي ما عليه من واجبات ويسأل الله أن يجعله يعيش حتى اليوم الذي يعرف فيه حقوقه.

لكن اليوم، وبعد حادث بسيط، تكرر في حياتي للمرة العشرين، أدركت حقيقة مهمة.. !

دعوني أولاً أخبركم عن الحادث، مزق الكرسي بنطلوني، وأنا أستعد للجلوس عليه داخل ميكروباص جمعية، اتخذ طريقه من جامعة الدول إلى ميدان الجيزة في ساعة كاملة.

لكن الكرسي رأى أنه ليس من حق بدين مثلي أن يجلس عليه بأريحية واطمئنان، فتقدم سنيمترات إلى الأمام، معلناً طمعه في جزء مهم من بنطلوني، متناسياً أن زميل له في ميكروباص آخر، كان قد قطع البنطلون ذاته منذ شهر واحد، وأنه كلفني 9 جنيه ثمناً لإصلاحه عند محل الرفا المجاور لمنزلي.

تمزيق الكرسي للبنطلون، جعلني أعمل لحياتي "فلاش باك" سريع، لأرى 22 سنة عشتها كمصري، ولأدرك الحقيقة التي نويت إخباركم بها.

أقول لكم بفم مليان.. الحقيقة أنه فم نصف مليان ونصف فارغ، فأنا كمواطن من الطبقة المتوسطة أعرف استحالة الحياة في مصر بفم مليان طوال الوقت، فامتلاء الفم من النعم التي اقتصر وجودها في مصر على أشخاص بعينهم.. يستمتعون بفم مليان وكرش مليان وجيب مليان.. وأنا إن كنت أشاركهم امتلاء الكرش (بالدهون فقط)، فإني لا زلت أعجز عن فتح حساب في البنك لعدم تمكني من الحصول على وصل نور يحمل اسمي!

أقول لكم.. أنني أدركت الآن فقط، وحين تمزق بنطلوني، أن مصر، كدولة وحكومة ونظام سياسي واجتماعي واقتصادي، ضحكت علينا، وأنها لديها مقدرة فريدة دوناً عن بلاد الله، من الصين الشعبية وحتى الولايات الأمريكية، في الضحك على الشعب الذي يعيش على أرضها، وجعله يصدق أكذوبة كبيرة تحمل اسمها.. مصر.

مصر قالت لي أشياء كثيرة، أدركت، حين تمزق بنطلوني أنها ليست حقيقية..

مصر قالت لي في حصص التاريخ أنها "هبة النيل"، والحقيقة أنها "هبابته"، والـ"هبة" الوحيدة التي تعرفها مصر هي أن 30% من بناتها اسمهن هبة، وهو أمر تتميز به مصر طبعاً، أما عن النيل، فالواقع أن علاقة مصر بالنيل تقتصر على كونه "أنيل من كدة مفيش".

مصر قالت لي في حصص الموسيقى أنها "في خاطري وفي دمي"، والحقيقة أن مصر التي آراها الآن، حين تمزق بنطلوني، ليست في خاطري ولا جاءت على بالي، مصر في خاطرهم هم، أما عن الدم، فأظن أن دولة بحجم ومكانة مصر لن يشرفها أن تسكن دم شخص مثلي متأكد – دون اللجوء إلى طبيب – أنه يحمل في دمه أشياء أخرى غير الكرات البيضا والحمرا، والتي لن تسعد مصر بمجاورتها في دمي الفقير.

مصر قالت لي في حصة الدين، أن رسول الله (ص) قال " اذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندا كثيفا ذلك خير اجناد الارض لانه على رباط الى يوم القيامة "، والحقيقة أن جند مصر اكتفى بالتكثيف والترابط في عبد الخالق ثروت وميدان التحرير لمنع المظاهرات.

مصر قالت لي في حصة الألعاب أن "العقل السليم في الجسم السليم"، والحقيقة أن العقل السليم في مصر هو العقل الذي لا يفكر في معارضة الحكومة، مكتفياً بالتفكير في انجازاتها، أما الجسم السليم في مصر فهو الجسم الذي لم يدخل يوماً إلى قسم شرطة، ولم يتم تصويره وهو يتوسل للباشا بأن يتركه في حاله ويبعد "العصايا" عن مؤخرته.

مصر قالت لي في حصة الجغراقيا أنها ذات موقع متميز، يجعل مناخها معتدل طوال العام، والحقيقة أن مصر نصف عامها صيف "ملزق"، أهم ما يميزه أنه "عريق" بمعنى أنه كثير العرق، وأنه كثيف، حيث تستضيف مصر شعب آخر في الصيف هو الشعب الخليجي الشقيق.. ليزيد شوارعنا إزدحاماً، وكرمتنا إنحطاطاًً.

أما نصف عامها الثاني، فهو شتاء بزحاليق – جمع زحليقة – يستمتع فيه الشعب بممارسة رياضة التزلج على مياة الأمطار، والتي عادة ما تختلط بمياة المجاري لتصنع خليط مدهش يحمل علامة الجودة "صنع في مصر".

مصر قالت لي في حصة العلوم أنها ولادة، والحقيقة أنها عاقر، لم تعرف الإنجاب، أو على الأقل وصلت لسن اليأس بعد 7 آلاف سنة حضارة.

مصر قالت لي في طابور المدرسة أنها أمي، والحقيقة أني أسأل كل صباح عن اسم عمي، فباعتبار إن "اللي يتجوز أمي أقوله يا عمي"، أبحث أنا كمواطن بنطلونه ممزق، عن الزوج القادم لأمي.. مصر، التي ضحكت علينا جميعاً.

مصر ضحكت علينا حين أعطتنا الأمل في أن نحيا فيها حياة كريمة، لكني بعد 22 سنة، أدركت أن كريمة الوحيدة التي أعرفها هي كريمة مختار، وهي سيدة عظيمة صنعت عشرات الإعلانات تنصح خلالها أبناء مصر بنتظيم الأسرة وتحديد النسل والذهاب للوحدة الصحية للعلاج من البلهارسيا، حتى لا يأتي إلى مصر مواطنين جدد، يحملون اسمها ويجعلونها تضحك عليهم..

الرسالة.. لم تصلني!


بعد تعرضي لعملية نصب (أعتقد أنها الأكبر في حياتي)، حيث ضاع علي عمل شهر كامل، في إعداد برنامج الوسطية الذي يقدمه مدير القناة الدكتور طارق السويدان، بدون أي مقابل يذكر، في حين لم يكلف مسؤلي القناة خاطرهم بالإعتذار عن عدم التعاون معي ومع فريق العمل.. لنكتشف بعدها قيام إدارة القناة في القاهرة، بتصوير البرنامج، بفريق عمل آخر، وبنفس الأفكار التي عملنا عليها من قبل، بل وبقائمة الضيوف التي أعددناها.

أعلنها صريحة.. أني لا أشاهد الرسالة، ولن أشاهدها.. وأنصح الزملاء العاملين في المجال، بعدم التعاون معهم مرة أخرى، فهم على حد تجربتي معهم، أشخاص لا يتمتعون بالإحترام الكافي، سواء على مستوى المعاملات الشخصية، أو التعاملات المادية، أما عن حق فريق الإعداد الذي ضاع، فسأنشر تباعاً مراسلات الفريق مع مدير مكتب الرسالة في القاهرة الأستاذ أحمد أبو هيبة، وسأعمل على وصول نسخة منها إلى الدكتور طارق السويدان، وعلى من يهمه الأمر التوصل معي على الإيميل أو على هاتفي الشخصي (0020101586595).



* ملحوظة :

كلامي السابق لا يعتبر هجوماً على القنوات الدينية الفضائية.. قدس الله سرها.. وأبعد عنها أمثالي.

* ملحوظة 2 :

لا علاقة بمشاهدتي لقناة أو تي في بمقاطعتي للرسالة، فأنا أشاهد أو تي في لمجرد أنها قناة تقدم مستوي أفضله من الصورة والحركة والألوان.. بغض النظر عن المضمون.. والسلام ختام

الأربعاء، أكتوبر 03، 2007

أغاني فرنسية قديمة.. لا تفهمها

جربت اكتئاب ما قبل الفطار.. أنا أخبرك عنه..

بما أنك امتنعت عن الأكل والشرب بأمر إلهي واجب التنفيذ، وبما أن فرصة العبث مع إحداهن معدومة، حيث يعتبرن "هن" العبث من المفطرات، ويؤنبك ضميرك كل لحظات، فتغلق الهاتف وتفكر جدياً في مسح أرقامهن.. لكنك لن تفعل.

بما أنك ستدرك عبثية الإتصال بأحدهم في هذه الساعة، كما أن ازدحامات الشوارع ستحرمك من متعة العبث مع الحصى على الرصيف بقدمك.

بما أنك ستجلس في مكتبك وحيداً، فأنت تعلم أن اليوم له اسم معين.. الثلاثاء.. الأحد.. ربما الجمعة.. وأنك مجبر على تناول الطعام بعد ساعة مبتسماً بين أشخاص يعرفون جيداً ما تكنه لهم من مشاعر.. الحب ليس أحدها!

بما أنك تجلس الآن.. تكتب هذه السطور.. تبحث عن شيء تفعله.. تضيع به الوقت.. تقتل به الدقائق الباقية حتى الآذان..

أنت لست جائعاً.. فقط مللت الجلوس هكذا دون فعل مختلف.. يوحشك الأكل ربما.. أو حتى تستعجل جلوسك الطويل أمام أربع مسلسلات رمضانية تعرض متتالية بحيث لا تترك لك فرصة لفعل شيء آخر غير الذهاب بسرعة للتبول واقفاً أثناء الفقرات الإعلانية..

بما أنك تفكر في أحداث يومك، الذي بدأ عند السحور، مروراً بنوم قصير، واستيقاظ متعب، ورحلة طويلة بين البيت والعمل، ومحادثة على الماسينجر مع شاذ أضاف اسمك منذ قليل، يسألك، "موجب ولا سالب؟؟"، بعدما أعجب بصورتك على مدونتك، قائلاً "انت تخين.. والتخان كلهم طيبين"، وعارضاً عليك أن تنسى أنت وهو أن اسمه الحقيقي رامي، معلناً تغييره إلى "نرمين".. جاهلاً أنه أحد الأسماء التي تكرهها أنت بشدة.

بما أنك تفكر في أحداث يومك فتدرك.. أنه لم يحدث شيء يستحق.. سوى أنك انتظرت بعض المكالمات.. لكنها لم تأت.. ولن تأتي.. فقد أخبرك صديقك في المرة الأخيرة "هبقى أتصل بيك لما أرتب جدولي"، وأخبرك زميلك في العمل "لما يحولوا الفلوس هبقى أتصل بيك"، وأخبرتك صديقتك السرية "هقفل دلوقتي عشان ماما داخلة عليا.. وهكلمك كمان خمس دقايق".. لكن هذا حدث منذ عام كامل.. ويبدو أن والدة صديقتك ظلت في غرفتها.. بحيث لم تتمكن هي من الإتصال أبداً...


بما أنك تفعل كل ذلك.. وتدرك كل هذا..

فاستمتع إذن بنوبة اكتئاب حقيقية وصادقة.. بدون دموع أو آهات.. فقط.. الاستماع لأغاني فرنسية قديمة لا تفهمها.. والتجول في المدونات.. ملقياً السباب والشتائم واللعنات.. على هؤلاء الذين تركوا صفحاتهم ليوم آخر دون تحديث.. على أنك تسامحهم في النهاية قائلاً.. "ربما هم مكتئبون".. لتواصل الإستماع للأغانية.. متذكراً دروس الفرنسية في الثانوي، ومحاولاً البحث عن ترجمة.. على صديقك جوجل..

الثلاثاء، أكتوبر 02، 2007

أحمد في انتظار إجابة السجان


أحمد لن ينظر تلك النظرة من جديد..
على الأقل هذه الأيام..
أحمد سيمتنع عن الفرح..
أحمد مهموم بشيء ما..
أحمد ينتظر أبيه..
أحمد صديقي.
وأنا أحب نظرته الشقية الفرحة..
هل يفرج السجان عن "عم محمد"..
لأجل نظرة أحمد؟؟
أحمد في انتظار إجابة السجان.
.........................
* ملحوظة :
صديقي أحمد.. عذراً على عدم إتصالي بك.. لكني كما تعلم.. لا أنت حتى لا تعلم.. فأنا يا صديقي.. أخشى سماع صوتك حزيناً على الهاتف.

الاثنين، أكتوبر 01، 2007

رزقك الله قوة الزعيم
تهاني العيد على طريقة "باب الحارة"


لم يجد جمهور المسلسل السوري باب الحارة، في جزئه الثاني، والذي يعرض حاليا على شاشة mbc وسيلة لتبادل تهاني العيد أفضل من استخدام شخصيات المسلسل في الدعاء خلال رسائل الجوال.

وتنتشر في سوريا، رسالة على الجوال تقول كلماتها "رزقك الله قوة الزعيم.. وشجاعة أبي شهاب.. وتوبة الإعشري.. وصبر أبي حاتم.. وأبعد عنك أمثال أبي النار وأبي ساطور وفريال.. وضلل عنك أشباه صطيف.. وأنا وأهل الحارة كلنا نقول لك كل عام وأنت بخير".

ويظهر خلال الدعاء التأثر الواضح بشخصيات المسلسل، فالشخصيات المذكورة كلها تظهر خلال العمل الفني، وتنوعت علاقة الجمهور بها بين معجب بشخصيات مثل الزعيم و"أبو شهاب" والإعشري، وبين كاره لفريال و"أبو النار".

ونجح مسلسل باب الحارة للعام الثاني على التوالي في نيل استحسان الجمهور، بل إنه أعاد للدرما التلفزيونية العربية ظاهرة افتقدها لفترة، فالعواصم العربية مثل سوريا والقاهرة تشهد حالا من الهدوء وقت عرض المسلسل، حتى إن جملة "أقابلك بعد باب الحارة" أصبحت مألوفة في المدينتين.

وفي فلسطين فإن بعض المواطنين لم يخجلوا من مطالبة إمام أحد المساجد باختصار وقت صلاة العشاء والتراويح حتى يتمكنوا من متابعة أحداث المسلسل، وذلك حسب تقرير نشرته وكالة أنباء "رامتان" على موقعها الإلكتروني السبت 29-9-2007.

وتشير تقارير شركات الإحصاء التلفزيوني إلى احتلال "باب الحارة 2" المركز الأول في قائمة أكثر المسلسلات مشاهدة في الوطن العربي خلال شهر رمضان الجاري، فيما يحتل العمل الدرامي السوري المركز الثالث في منطقة الخليج، خلف كل من "طاش ما طاش 15" و"بيني وبينك" اللذين تعرضهما mbc يوميا خلال الشهر الفضيل، بحسب تقرير نشره "العربية نت" اليوم الإثنين.

واهتم نقاد الدراما بالبحث في أسباب نجاح المسلسل، وفيما اعتبره البعض حقق هذا النجاح بسبب اعتماده على السرد والعلاقات المتشابكة وانتماؤه لما يطلق عليه "دراما الأجيال"، وهو السر في نجاح مسلسلات أخرى قديمة مثل "ليالي الحلمية"، و"زيزنيا".

إلا أن البعض الآخر يرجع هذا النجاح إلى كلاسيكية الأحداث، وانتمائها إلى فلكلور شعبي لم يقدم في غيره من المسلسلات.

على أن إدارة mbc، قررت، وبعد هذا النجاح للجزأين الأول والثاني، أن تعرض في رمضان القادم جزءا ثالثا من المسلسل، ليصبح المسلسل هو الثلاثية السورية الأولى، وليعيد دراما الأجزاء مرة أخرى إلى الشاشة العربية.

وسيقوم بإخراج المسلسل مخرج الجزأين الأولين بسام الملا، على أن يقوم أبطال العمل بتمثيل الجزء الثالث.

"من أطلق الرصاص على هند علام ..ولم يقتلها؟"
مجموعة على "الفيس بوك" للسخرية من مسلسل نادية الجندي


أثار أداء الفنانة نادية الجندي، خلال مسلسلها المعروض حاليا "من أطلق الرصاص على هند علام؟"، العديد من ردود الأفعال الإيجابية والسلبية بين جمهورها، وكان آخرها إطلاق مجموعة على موقع فيس بوك يسخر من أداء النجمة المخضرمة في المسلسل.

وتحمل المجموعة الجديدة اسم "مين الغبي اللي أطلق الرصاص علي هند علام وما قتلهاش؟"، في سخرية من اسم المسلسل، وتساؤل ساخر عن ذلك الشخص الذي كان بإمكانه إطلاق النار على هند علام "نادي الجندي" مكتفيا بإصابتها دون قتلها.

وتضم المجموعة حتى اليوم الخامس لإطلاقها أكثر من 700 عضو، كما تضم مجموعة كبيرة من الصور الشخصية للفنانة، بعد التدخل فيها بواسطة برامج الجرافيك.

وطوال الأشهر الماضية كان الفنان تامر حسني ينفرد بكونه أشهر النجوم "المكروهين" على موقع الفيس بوك؛ حيث قام مجموعة من زوار الموقع بإطلاق جروب خاص اسمه "معا لإعادة تامر حسني إلى السجن"، ويتبارون خلاله في التعبير عن كراهيتهم للمطرب الشاب.

وفي الوقت الذي تحظى فيه نادية الجندي بشعبية كبيرة بين الأجيال الأكبر سنا في مصر، بوصفها فنانة قدمت العديد من أفلام الحركة والإثارة منها خمسة باب والباطنية وامرأة هزت عرش مصر، إلا أن شعبيتها هذه لا تتوافر بين الأجيال الأصغر.

وفي قائمة نشرها موقع عشرينات منذ عامين، استطلع فيها أراء الشباب حول أكثر الأشياء والأشخاص التي يكرهونها في حياتهم، جاءت "الجندي" في المرتبة الثانية، بعد وجبة السبانخ مباشرة.

وتركز الانتقادات الموجهة إلى الجندي على كونها تتعمد القيام بأدورا أصغر سنا من عمرها الحقيقي، كما أن ملابسها لا تتلائم مطلقا مع ما تقدمه من أدوار، فلا يعقل أن ترتدي صحفية في عمرها "تي شيرت" ضيق، أو بنطلون جينز لا ترتديه بنات الثلاثين.

كما أن أفلام الجندي في السينما كانت عادة ما تركز على الإثارة والجنس، كما أنها لا تزال مصرة على وضع جمل "نجمة مصر الأولى" أو "معبودة الجماهير" أو "نجمة الجماهير" قبل اسمها في أي عمل تشارك فيه.

وكان آخر أفلام نادية الجندي هو فيلم "الرغبة"، بمشاركة إلهام شاهين وياسر جلال، وأدركت بعده انسحاب البساط من تحت قدميها بعد ظهور تيار سينما الشباب، فقررت التوقف عن تقديم أعمال سينمائية والتركيز على الدراما التلفزيونية.

وكانت أولى تجاربها التلفزيونية هو مسلسل "مشوار امرأة" من سيناريو مصطفى محرم وإخراج أحمد صقر.

وخلال "مشوار امرأة" كان واضحا أن الجندي تنقل فلسفتها في العمل السينمائي إلى التلفزيون؛ حيث نشب خلاف كبير بينها وبين المخرج أحمد صقر خلال تصوير أحد المشاهد، حيث رفض المخرج الفستان "الفاضح" الذي ارتدته الممثلة.

كما اعترضت الرقابة على ظهور الجندي خلال أحداث المسلسل 3 مرات بمايوه بكيني، وطالبت الفنانة باحترام مشاعر المشاهدين في رمضان -وقت عرض المسلسل- وحذفت المشاهد، لكن الجندي صرحت أنها لا ترى حرجا من عرض مثل هذه المشاهد طالما أنها تعرض ليلا بعد إفطار المشاهدين.

وصرحت الجندي وقتها قائلة "هذه المشاهد أراها ضرورية جدا في نسيج العمل الدرامي ومن الصعب حذفها وأنا بمفردي متحملة ردود هذا الفعل ولن أوافق على حذفها من المسلسل".

يذكر أن بداية نادية الجندي في السينما كانت من خلال اشتراكها في مسابقة جمال ملكة الربيع، وكانت لا تزال تدرس في مدرسة الليسيه الفرنسية بالإسكندرية، وفازت نادية ذات الـ12 من العمر وحصلت على لقب ملكة جمال الربيع.

وكانت الجائزة تمثيل دور في فيلم، إلا أن أسرتها عارضت ذلك بشدة، لكن نادية صممت، وبدأت مشوارها الفني مع دور كبير في فيلم "زوجة من الشارع" (1960) للمخرج حسن الإمام، بطولة عماد حمدي وهدى سلطان وكمال الشناوى.

وخلال الفيلم لفتت نادية نظر النجم الكبير عماد حمدي الذي كان يكبرها كثيرا، وتزوجا وأثمر زواجهما عن ابنها الوحيد هشام، ومع انفصالهما تزوجت الجندي من منتج أعمالها بعد ذلك محمد مختار.