الأحد، مايو 30، 2010

مطاوع يتحدث عن نفسه.

عندما بدأ الحفل، كان كل شيء جاهز، العصائر، الأطعمة الخفيفة، الموسيقى الهادئة. الفرصة سانحة لأصدقاء مطاوع للاحتفال به. لكن التكييف معطل، تم اكتشاف الأمر في اللحظات الأخيرة، فقرر الجميع أن استخدام المروحة لن يكون مزعجاً، ولسوء الحظ، فإن المروحة الموجودة كانت ماركة "توشيبا" موديل التسعينات، ريشتها حديدية، وصوتها عال لكن غير مزعج.

بعد شرب الكازوزة، شعر مطاوع أن اللحظة مناسبة لقول ما يريد الآخرون أن يسمعوه، وقف أمام المروحة، وجرب أن يتحدث ووجهه ملاصق لها، اختبر صوته.. "أنا أنا أنا".. خرج الصوت من الناحية الأخرى مموجاً.. "أنــــااااا، أنــــااااا، أنــــااااا". ضحكنا جميعاً، وأخذ كل منا مكانه، وأعتدل من كان نائماً، لحظة وساد الصمت، وبدأ مطاوع وحده الحديث عن نفسه..

"أنا,,

السمكة التي تتخبط على السجادة، تنتفض، تموت بعد قليل، كل هذا لأن أحدهم أرسلها هدية لزوج جديد، فوضعها في الحوض المخصص لسمك الزينة، ورأى أن يجعلها تشعر بالسعادة، فملأ الحوض إلى آخره بالماء، ولأنه يؤمن بالحرية، فقد ترك الحوض دون تغطية، ولأنه يعتقد أن الخصوصية حق لكل كائن، أطفأ نور الغرفة، وأغلق الباب وخرج، وأنا، كسمكة زينة صغيرة وحيدة، أصابتني الهلاوس، أكلت كل الحبيبات الملونة التي تباع كأكل للأسماك، شعرت بالإمتلاء، هاجمتني الكوابيس، جريت هنا وهناك، قفزت لأعلى، فوجدت نفسي على السجادة، أنتفض، أتخبط، أموت بعد قليل.

سيأكلني النمل بالتأكيد، وسيأتي صاحب الغرفة، يراني، يغضب، ويبدأ التفكير في قناعاته بخصوص الحرية والخصوصية وحوض أسماك الزينة التي تقرر الإنتحار بالقفز إلى السجادة وتجلب النمل إلى الأرضية.

أنا الفيل، فيل في جيش أبرهة مأمور بهدم الكعبة دون أن يخبره أحدهم بسبب الخناقة، أنا الكاتب الذي يراود الكتابة عن نفسها، فتراوده الكتابة عن أنفاسه.

أنا ديوان الشعر الذي لن يطبع، والفيلم الذي لن يحصل على منحة وزارة الثقافة، نوت الفيس بوك التي لا تأتي بتعليقات، أنا ستاتيس على الموقع ذاته لا تستفز أحدهم للضغط على "LIKE".

أنا متعب، أنا بايظ، أنا خرتيت كسول أصابع قدميه تبعث رائحة نتنة وهو يحبها. أنا سقف غرفة واسعة على وشك التعبير عن حبه للأرض والذوبان بها بالسقوط، أنا حجر شيشة تفاح يرغب في تغيير الولعة لكن صبي القهوة لا يستجيب، أنا أجلس تحت الشجرة، وعصافير الشجرة تقضي حاجتها على قميصي الأبيض، ولا يروقني قول الأصدقاء أني "هتكسي".

أنا البيت القديم، محل الخردوات، الكراكيب التي ترى صاحبة المنزل أن الاحتفاظ بها ضروري، أنا الشيش أتحدى الألموتال، أنا باب الأوكرديون الذي يفصل الصالة عن غرف النوم، ركبوني منذ سنين، ولم يستخدمني أحدهم ولو مرة. أنا الأنسر ماشين، بالشرائط الصغيرة والرسائل المملة بعد سماع الصفارة، أنا عدة الموبايل القديمة الملقاة في الدرج، ويظن كبار السن أن سعرها بالتأكيد أغلى من الأجهزة الأحدث الملونة ومزعجة بالرنات المجسمة.

أنا نهايات الأفلام العاطفية الغبية، أنا صاحب فرعون، بل أني أنا فرعون، شرائط الـ(VHS)، عصر ما قبل الـ(DVD)، أنا القرص المرن، أنا القرص الصلب، أنا الفأرة، أنا علبة أحبار الطابعة التي نفذت منذ زمن. أنا كورس الكومبيوتر الذي لا يأخذه أحد.

أنا الرخص، أنا الصين، البضاعة المضروبة التي تجد من يقدرها، أنا الزبادو، ومصنع الزبادو احترق، مصر تعاني دون زبادو، وأنا علبة الزبادو الأخيرة، نجوت من الحريق، لكن الحرارة أفسدتني، من يرغب فيكم في شرب زبادو أفسدته الحرارة؟.. من؟..

هنا انتهى مطاوع من الحديث عن نفسه، رفع الزجاجة بما تبقى من كولا في الكازوزة، ثم سحب نفساً هادئاً. ضحكنا جميعاً، وعادت الضجة واختفى صوت المروحة، هذه المرة أجاد مطاوع التمثيل، وجعلنا جميعاً نتأثر. مطاوع مدهش فعلاً، هذا رأيي فيه منذ رأيته للمرة الأولى يلعب البلياردو في صالة بجوار المدرسة الثانوية.

بعد دقائق، بحثت عن مطاوع في المكان، لم يكن في الصالة الضيقة، أو في المطبخ المزدحم بعلب الجاتوة الكرتونية. أزحت الستار ونظرت إلى البلكونة، وجدته ينفث دخان سيجاره في الهواء، وفي عيونه نظرة ضيق، لوهلة شعرت أن مطاوع كان يقصد ما قاله عن نفسه.

هناك 3 تعليقات:

غير معرف يقول...

اممممممممممممم
أيوة كدة يا مطاوع

well يقول...

انا ..انا حسيت ان مطاوع بيتكلم عنى

تحياتى

الشرق الأوسط يقول...

مشكوووور يعطيك العافية