مرجان أحمد مرجان .. "خيرها في غيرها"!
وهو كفنان كوميدي معروف بـ"إفيهاته" الجنسية الصريحة خلال أفلامه، إلا أنه خيب توقعات جمهوره بأن تكون حياة النجم مليئة بالفضائح كعادة النجوم الرجال المعروفين، فحياته الأسرية هادئة ومستمرة منذ أكثر من ربع قرن، وزوجته من خارج الوسط الفني، وهو لم يتزوج أكثر من مرة، كما لم يرتبط اسمه بأي فضائح أخلاقية من أي نوع.
من هذه المعلومات نستطيع أن نفهم "مرجان أحمد مرجان" أحدث أفلام الزعيم، الذي جاء دون أي تغيير.
وسيشعر عدد من مشاهدين هذا الفيلم أنهم في حاجة إلى "فهمه"، وليس مجرد الضحك عليه، فالفيلم هو ثاني تعاون بين إمام وشركة "جود نيوز" التي دخلت السوق السينمائي العام الماضي بفيلمين فريدين هما "عمارة يعقوبيان" و"حليم"، وتوقع البعض أن الشركة ستراعي في إنتاجها بعد ذلك أفلام على نفس المستوى الفني والقيمي، لكن ربما خابت توقعات هؤلاء بعد "مرجان".
فخلال عمارة يعقوبيان شعر الجمهور أن عادل إمام يفتح معهم صفحة جديدة، فهو خلال ساعتين مدة الفيلم، لم يصفع أحد الممثلين على وجه كما اعتاد أن يفعل في آخر عشرة أفلام له، كما لم يقبل الممثلة التي أمامه قبلة ساخنة، أو يشاركها رقصة مثيرة، أو يلقي بإفيهات جنسية كل دقيقتين، أو يظل يظهر وحده على الشاشة لأكثر من ثلاثة أرباع مدة الفيلم.
بل نجح إمام في أن يقدم حضورا هادئا متوازنا، وتقمص شخصية زكي الدسوقي لدرجة أن هؤلاء الذين شاهدوه وهو يصيح "أنا أقدم واحد في العمارة دي"، نسوا أفلاما أخرى له، مثل "خمسة باب" و"التجربة الدنماركية" و"السفارة في العمارة".
مع خروج المشاهدين من قاعات عرض "يعقوبيان"، كانوا في لهفة لأن يعرفوا الطريق الجديد الذي ربما يسلكه الزعيم بعيدا عن كوميديا الإفية، التي قدمها طوال مسيرته، خصوصا أنه أثبت نجاحا كبيرا خلال شخصية الدسوقي، كما أثبت له الجمهور أنه يقدر الفن بشكل عام، وليس الكوميديا فقط.
ثم جاء مرجان ...
الإنتاج لـ"جود نيوز" التي أعلنت أنها ستنفق على أفلامها بقوة، ولن تحذو حذو السبكي في الإنتاج المنفخض للأفلام، والإخراج لعلي إدريس الذي أثبت أنه ينضج بعد كل فيلم، ثم شراكته في البطولة مع ميرفت أمين بعد طول غياب عن السينما، وكعادة الزعيم في السنوات الخمس الأخيرة، استعان بمجموعة شباب حوله، تماما كما فعل في "أمير الظلام" و"التجربة الدنماركية".
إذن، لدينا هنا عوامل كثيرة لصنع فيلم ناجح، لولا أن "ورق الفيلم" كان من نصيب يوسف معاطي الذي قدم مع الزعيم عدة أفلام ومسرحيات، منها "التجربة الدنماركية" و"بودي جارد".
وإذا كان عادل إمام لا يحب التغيير، فإن يوسف معاطي يكرهه، وإذا كان عادل إمام نجح في الخروج من جلده في عمارة يعقوبيان، فإن يوسف معاطي تعامل مع الفيلم باعتباره مقال من مقالاته في جريدة الأهرام، أو كتاب من عشرات الكتب الساخرة التي كتبها، أو حتى حلقة من برنامج "الست دي أمي" الذي قدمه لفترة على شاشة التليفزيون المصري.
يوسف معاطي هنا يرغب في إضحاك الجمهور بأي شكل، وقد حقق في ذلك فشلا كبيرا، فالقصة التي تدور حول مرجان رجل الأعمال الثري الذي توفيت زوجته وتركت له ولدا وبنتا، هما "عدي" و"علياء" في سخرية سياسية بلهاء، ثم يستعرض كيف يعاني هذا الثري من الجهل وعدم الثقافة ويعتمد على الرشوة بالشاي بالياسمين.
خلال الفيلم نرى مرجان يرشي كل الناس، من أساتذة الجامعة حتى مجلس الشعر والأدب حتى قيادي في جماعة دينية في الجامعة، بل يرشي رئيس الجامعة نفسه الذي يوافق على دخول مرجان الجامعة للتعليم بها، رغم أنه لم يحصل حتى على شهادة تؤهله لدخولها، في غياب لأي درجة من درجات المنطق.
على هامش مرجان يظهر "عدي" و"علياء"، وطبعا لأن معاطي منحمها هذه الأسماء في إفيه، فإنك طوال مدة الفيلم لن تسمع أحد يناديهما بأسمائهما، وكأنهما بلا أسماء، فلن يعقل أن أشاهد فيلما كوميديا وأسمع اسم "عدي" عدة مرات، تكفي مرة واحدة في مشهد واحد، وليذهب المنطق للجحيم، والمجد للإفيه السياسي الذي يعجب الزعيم.
المنطق ليس غائبا في أسماء الأولاد فقط، بل في تصرفاتهما، فمرجان الجاهل والد لـ"عدي" المثقف والمهتم بالعلوم، ولـ"علياء" التي تصيح في وجهه بطريقة "سافلة" لن تراها على الشاشة أبدا "عايزين نكون فخورين بيك يا بابا".
ثم إن عدي الذي ولد في العراق، وعلياء التي ولدت في الأردن، الاثنين يدرسان في فرقة واحدة بالجامعة، بل إن والدهما حين يقرر دخول الجامعة يصبح زميلا لهما، رغم أن بداية الفيلم تبدأ أثناء الدراسة، وخلال هذه المدة تمر الانتخابات ويفوز مرجان، ويؤلف مرجان كتابا في الشعر، ويحصل على جائزة، ويتقدم بطلب دخول الجامعة، كل هذا خلال عام واحد.
ثم الدكتورة جيهان، النجمة ميرفت أمين التي لم تكن لتقبل أن تظهر مرة أخرى على شاشة السينما بشكل غير لائق، خصوصا أن تجربة إمام مع لبلبة في "عريس من جهة أمنية" ومع شيرين في "بخيت وعديلة" تؤكد أنه يفضل الضرب والشتم والجنس في البطلة التي تشاركه فيلمه.
لكن شروط ميرفت جعلتها حاضرة من "الجلدة إلى الجلدة"، لدرجة أن علياء حين تدخل المستشفى، وحين يقف مرجان قلقا عليها أمام غرفتها في مشهد معتاد، ينفتح باب الغرفة لتخرج الدكتورة جيهان، وتطمئنه على ابنته وتلومه بعض الشيء، وهنا فقط تتسائل، ألم يكن من الأفضل الاستعانة بدكتور كومبارس، لكنك تعرف الإجابة، إنه منطق يوسف معاطي الذي فضل أن يجامل نجمين في حجم إمام وأمين، عن أن يصنع فيلما متماسكا هو قادر على صنعه بالتأكيد.
لكن هل كان المنطق هو عيب معاطي الوحيد، الحقيقة لا، بل الشخصيات أيضا، عادل إمام في مرجان هو ذاته بطل "التجربة الدنماركية" و"الزعيم" و"بودي جارد" وعريس من جهة أمنية"، هو بكل تفاصيله، لم يظهر عليه أي جديد غير الإفيهات التي تسير هي الأخرى في اتجاه واحد.
ثم "هيثم دبور" الذي نجح معاطي في براعة يحسد عليها، وببرود غريب، في نقله كما هو من مسلسل "تامر وشوقية"، ليقدمه هنا بنفس المكياج ونفس الباروكة ونفس الجمل التي حفظها الجمهور، ورأى معاطي أنها لا تزال قادرة على إضحاكه.
معاطي حتى لم يجهد نفسه في اختيار اسم آخر لشخصية هيثم، بل وضع اسمه الثاني "هيثم دبور"، وللمفارقة فإن الاسم هو اسم صحفي زميل لمعاطي، وكأنه حتى لا يملك الحماس للعمل على الشخصية وتغييرها.
كل تلك السقطات لمعاطي دون الحديث عن الاقتباس من فيلمback to School الذي شاهده الجمهور الأمريكي منذ أكثر من 20 عاما.
وأنت تشاهد فيلم مرجان، ستذكر أن الإنتاج قوي، والإخراج جميل، والتمثيل حلو، والصفعات متكررة، والجنس غائب للمرة الأولى عن أفلام إمام الذي يغني للمرة الأولى، والديكور مميز، والموسيقى جميلة، لكن الورق جاء من يوسف معاطي، فأفسد كل ما سبق، خيرها في غيرها.
هناك 3 تعليقات:
انا لسه مشوفتش الفيلم بس هشوفه و اقولك رأي
انا معاك يا براء فى اغلب النقط الى انت قلتها
بالفعل, السيناريو كان ضعيف لدرجه انى لأول مرة افتكر و بقوة مقولة اغلب الفنانين, ان فى مشكله فى الورق و كتاب السيناريو
حسيت ان الفيلم مش معمول بحرفنه على الاقل, على مستوى النجوم الى فى الفيلم
السيناريو كان فيه ثغرات كتير
عادل امام, على رايك ما كنش بيقول و يمكن لول مرة التلميحات الجنسية و الصفعات و الضرب الى متعود عليها فى افلامة
بس لسه فى نقطة خطيرة عادل امام متمسك بيها و مش عايز يبطلها فى افلامة, الهجوم على الاسلام على طول الخط
فليس من المعقول نجم بقوة و سن عادل امام, حتى الان واخد الرأى الصعب و المتشدد قوى تجاه الدين بهذه الصورة
من محمد أنور رضوان إلي الأخ البراء ,,,, مجهود رائع في المجمل ,,, وتقبل النقد البناء بصدر رحب من أجل التطوير والأستمرارية، أما النقد الهدام والطفولي دعك منه,,, هذا أولا أما ثانيا فيا يخص فيلم "مرجان أحمد مرجان" فأسمح لي فلن أتكلم عن الفيلم ولكن سأتكلم عن "يوسف معاطي" والذي تتلخص مشكلته في أنه كاتب عرف من أين بأكل الكتف أو بمعنى أخر عرف سر الطبخة والبهارات المطلوبة في هذا الزمن لعمل فيلم تجاري ,,, لأن اللي ميعرفش يقول "عدس" ,,, مع ملاحظة أن اللي ميعرفش في الزمن ده عددهم في تزايد مستمر ,,, وكل مؤلفات "يوسف معاطي" تعتمد على الآ منطق وأنت كمتلقي ليس من حقك أن تناقش أو تسأل عليك أن تشاهد أحداث ملفقة على طريقة القص واللزق أو بالأحرى والأدق على طريقة سمك .. لبن ,, تمر هندي ,,,, وقد ألتمس العذر ليوسف معاطي لأن مؤلفاتة أصبحت بالنسبة له مثل مغارة علي بابا نقلته في سنوات من حال لحال ,,, ولا أجد عذر مطلقاً لنجمين من ذوي الثقل الفني "عادل أمام" و "يحيى الفخراني" حيث أنهم في غير حاجة لسبوبة لزيادة رصيدهم المالي ولكن في حاجة مُلحةإلي دقة في الأختيار في هذه المرحلة السنية التي تعتبر قمة نضجهم الفني ,,, ولهم القدوة في النجم العالمي الراحل "مارلون براتدو" ,,, وأخيراً فيوسف معاطي وكتاباته سيكون مصيرها نفس مصير الراحل "سمير عبد العظيم والحدق يفهم. ,,, أعتذر للإطالة رغم محاولتي الأختصار قدر الأمكان
إرسال تعليق