الثلاثاء، أغسطس 01، 2006

أن تصل مبكرا.. لمطار القاهرة

"نحن في مصر لا نحترم المواعيد"..

معلومة لا تحتاج إلى اكتشاف.. نحن فعلا مازلنا عاجزين عن احترام أي ميعاد من أي نوع.. ماعدا ميعاد القبض آخر الشهر (الموظفون فقط يحترمه في حين ينسوه ويتناسوه أصحاب الشركات).. والميعاد الأهم الذي لا نأخره أبدا.. المطار!

تذهب متأخرا للمطار إن كنت تنتظر قريب لك أو صديق على وشك الوصول.. لكن لو كنت انت المسافر فستتبع التعليمات (للمرة الأولى في حياتك ربما) المكتوبة على التذكرة وتصل للمطار قبل موعد السفر بساعتين على الأقل.. تضيع منها نصف ساعة في زحمة الطريق.. فتصبح ساعة ونصف..!

جميعنا نفعل الأمر ذاته.. ونتمنى لو لم نفعله.. أنا شخصيا أتمنى دائما أن أكون مكان الرجل الذي يصل للطائرة آخر واحد.. إجرائاته تنتهي بسرعة.. وينظر له الجميع بترقب.. لأنهم يعلمون أن الطائرة لن تسير بدونه ما دام هو موجودا في المطار!!

كنت أول من دخل للمطار من ركاب الرحلة رقم 935 المسافرة من القاهرة إلى الدوحة يوم السبت الماضي.. الطائرة تغادر مطار القاهرة في العاشرة والنصف.. وأنا كنت هناك في التاسعة إلا ربع بتأخير ربع ساعة عن الميعاد المكتوب على التذكرة!

كل شيء عادي.. وزنت الحقائب وكلي ترقب لأصابع الموظف خلف الكومبيوتر.. يا ترى في وزن زائد.. أتحسس الـ100 جنية في جيبي.. لا أملك غيرها بالمصري.. وبمزيد من الحرص أتأكد من وجود الدولارات في الجيب الخلفي.. وأتعهد في سري.. لن أسمح له بالاقتراب من دولاراتي.. عض جنيهاتي ولا تعض دولاراتي..!

الرجل وفر على نفسه ونفسي كل هذا القلق.. وقال.. بسيطة.. مفيش وزن زيادة!

طبعا قالها بعد طول صبر.. معه حق.. أنا الوحيد الموجود ممن ركاب الطائرة.. أنا الوحيد الذي سمعت الكلام وجئت في الميعاد.. وبالتالي فمن حقه أن يشتغلني لإنه أصلا مش لاقي شغلانة غيري..

طائرة الكويت، كان ركابها يسلمون حقائبهم عند الموظف المجاور لموظفي.. الشخص الذي كان بجانبي هو آخر راكب يصل لرحلة الكويت.. سلم شنطه بسرعة.. ورحل في ثواني.. وودعه الموظف بابتسامه.. وزفير ارتياح من صدره.. الحمد لله.. الراكب الأخير لحق طيارته..

أما أنا.. فلم أحظى من السائق سوى بزفير حاد.. أخرجه من كل الثقوب الموجودة في جسده.. وفي عينيه "عماص" من آثار النوم المتقطع.. وقرفان من نفسه ومن الطائرة التي يصل ركابها في التاسعة صباحا وهو لم يكمل نومه بعد!

دخلت لصالة الانتظار.. بحثت في المطار عن شيء أشتريه، لم أجد سوى الجرائد اليومية.. وساندوتش جبنة رومي بـ12 جنيه!

جلست في الصالة.. ودقائق وبدأ أمثالي من الذين يصلون مبكرا لمطار القاهرة في الوصول لقاعة الانتظار.. وبدأ الوقت يمر!

ما أعرفه أن الركاب يبدأون الصعود للطائرة قبل الرحلة بنصف ساعة.. لكن الساعة تجاوزت العاشرة والربع.. ثم العاشرة والنصف.. ثم يدخل رجل طيب وأمير ولابس كرافتة زرقة مدهونة زيت ويقول.. ركاب الدوحة الأفاضل.. عندنا عطل الطيارة هتتعطل..

- "تتعطل قد إيه يا بيه"..؟؟ راكب

- شوية صغيريين قوي.. ساعتين ونص.. سلامو عليكو!

دخلت المضيفة.. ووزعت علينا ساندوتشات جبنة اللي كانت من دقايق بـ12 جنيه.. وقعدت آكل وأنا بسأل نفسي.. هو أنا اللي جابني بدري!

طبعا دعاء كانت بتكلمني على التليفون من قبلها.. وكنا خلاص قلنا كل الكلام اللي بيتقال قبل السفر وفاضل بس "أشوف وشك بخير خلي بالك من نفسك هتوحشيني لا إله إلا الله".. وبما إن الكلام خلص والوقت لسه مخلصش قعدت أدور على كلام تاني أقوله.. ولقيت جملة واحدة مفيدة.. "دعاء.. ما تسيبيني أنام شوية وتكلميني بعدين عشان أنا منمتش امبارح كويس"..

طبعا منتهى قلة الذوق.. لكن هي تقبلت الوضع كعادتها الجميلة في تقبل كل أوضاعي الغريبة بسهولة وبساطة.. وشوية خناق ونرفزة.. لكن بطيبة قلب!

نمت فعلا.. وصحيت على جرس التليفون.. وقعدت أكلم دعاء.. وأنفخ كل شوية من زهقي.. يا عالم خلصوني.. أنا فعلا تعبان وعايز أسافر عشان أنام!

وأخيرا يرجع الأخ أبو كرافتة بالزيت ويفرج عننا ويقول إن الطيارة هتطلع.. وتطلع الطيارة فعلا بعد ما تطلع عينا!

طلعت عينا لإن الطيار العظيم قعد كمان شوية على الأرض تقريبا كان بيطمن إن السما فاضية عشان يطير.. ولإنه ربنا يكرمه اعتذر مرة واحدة بقرف، وكإن الركاب هما اللي عطلوا الطيارة مش الطيارة هي اللي عطلتهم!

ورغم إني كنت أول من يصل للمطار من ركاب الرحلة وأول من يعمل "بوردينج" يعني يحجز مكانه على متن الطائرة.. ورغم إني تخين وإن الموظف اللي عمل البوردينج لاحظ.. إلا إن ربنا أكرمه وحجز ليا كرسي بين اتنين تخان وبالتالي كانوا اتخن تلاتة على الطيارة قاعدين جنب بعض.. وكنت أنا في النص بينهم!

وصلنا الدوحة متأخرين ساعتين ونص.. ودي المدة اللي تأخرناها في القاهرة.. ثم نص ساعة تانية.. ودي المدة اللي تأخرناها في الجو.. لإن واضح إن الطيار كان بيدور على حمام يصطاده وهو طاير...

القصة لا تنتهي بالوصول.. لأن الوصول لم يأتي فجأة.. أنا فعلا وصلت المطار.. لكني لم أخرج منه فورا.. والسبب إني في انتظار الشنط!

لأني وصلت مبكرا لمطار القاهرة، فلابد أن أرحل متأخرا من مطار الدوحة.. والسبب هو .. "الشنط"..

فحقيبتك التي تكون أول واحدة تصل لبطن الطائرة، تكون بالتأكيد هي آخر واحدة تخرج منه.. وهو ماحدث.. كل الركاب حصلوا على حقائبهم وبقيت أنا وثلاثة آخرين نحاول أن نجد شنطنا..

كنت أبحث وأنا كلي يقين أن الشنط ضاعت أو تم نسيانها في القاهرة أو طلعت على رحلة بكين مع إني مسافر الدوحة.. وبعد طول انتظار ظهرت الشنط أخيرا!

وخرجت من المطار!

إذن فالوصول مبكرا لمطار القاهرة يجعلك تفعل التالي..

رقبتك تتلوح وأنت نايم.. تأكل ساندويتش بـ12 جنيه ثم تاكله هو نفسه تاني ببلاش.. تقرأ الجرايد اللي مش بتحبها.. تكلم خطيبتك وأنت قرفان.. تتعامل مع موظف غلس لسه صاحي من النوم.. وواحد تاني دلق زيت الطيارة على كرافتته.. وأخيرا تكون آخر واحد يخرج من مطار الدوحة!

الحقيقة الفيلم السابق أنا عيشته من كام يوم.. وهو فيلم حقيقي تراجيدي كوميدي وفيه رمز.. خليني بس في النهاية أقول إن هذا الفيلم لم يكن ليكتب أو تحدث أحداثه لولا اسهامات عظيمة من الشركات والجهات التالية..

شركة مصر للطيران
وزارة الطيران المدني المصرية
شركة بوينج لتصنيع الطائرات التي تتعطل دائما على الأرض.. أو تسقط من السماء..

وكل سنة وأنتوا مسافرين.. واحترسوا من مصر للطيران..

بس خلاص

هناك 6 تعليقات:

محمود محمد حسن يقول...

عظيمة يا مصر

ام مليكة يقول...

لالالالالالالالالالالالالالاانت ازاي تدخل تعليق لخطيبي قبلي انا دخلت قبله والله يابيرو روعلقت على حمدالله ع السلامة الاول ربنا يسامحك يا محمود

ام مليكة يقول...

صحيح موضوع مطار القاهرة ومصر للطيران ده وحش قوي الله يسامحهم نرفزوا بيرو قوي بس الحمد لله وصل بالسلامة وراح الدوحة وبقى بيقعد كثير في الدورة بس هو مبسوط يعني ودي اهم حاجة يلا سافروا كلكم بس بلاش على مصر للطيران

معتـز عبد الرحمن يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
معتـز عبد الرحمن يقول...

حمدا لله على السلامة
واضح انك بدأت تنفذ وعدك بالكتابة الكتير في السفر ،، هتسميه الوعد الصادق ولا أيه؟
واتمنى إنك تنفذ قرارك بالكتابة عن الشباب وللشباب وريح دماغك من الكتابة عن اللي الكتابة عنه مش جايبه همها
وانت عارف هم الكتابة كبير قد أيه (تعب ذهن وجسم ووقت وجهد)
ولو نفذت هذا القرار أكيد إن شاء الله هنقدر نعمل شغل كويس مع بعض
لإني حقيقي رامي نفسي في وسط المشاكل دي
وبحاول أتعامل معها بعملية - أينعم أنا عارف إن عمليتي دي مش مريحاك قوي أو ربما مش مقتنع بيها - بس احنا ممكن نوصل لصيغة تعامل مع المشاكل ، وصدقني العملية دي بشوف لها نتائج جيدة جدا
ربنا يوفقك ويرزقك خير هذا السفر ويحفظ من شره
في انتظار عودتك بالسلامة إن شاء الله وبدون مشاكل لا في الأرض ولا في الجو
---------------------------------
أنا مسحت تعليقي السابق لإن كان به غلطة مطبعية لم استطع التجاوز عنها لأنها كانت في الدعاء

محمود محمد حسن يقول...

هههههههههه

انتي اللي اتخرتي يا حاجة دعاء