الأربعاء، مايو 02، 2007

هيئة النـ(ش)ـل العام

أنا عادة – كأي مواطن مصري – لا أحب ركوب الأتوبيسات..

لكني ألجأ لها أحيانا هرباً من زحام المترو ورائحة العرق التي يغرق فيها حتى تظن أن المترو يسير تحت جلد أحدهم لا تحت الأرض..

وهرباً من لعنة جديدة ظهرت منذ سنوات في شوارع القاهرة والجيزة اسمها "ميكروباص الجمعية"، وهي تشبه الأتوبيس إلا قليلاً، وتتميز بأن لها تباع (مساعد سائق)، يتميز بثقل ظل وقلة ذوق وإنعدام رحمة، هو في الغالب لا يفهم إلا جملة واحدة.. "خش جوه شوية يا أستاذ الطرقة فاضية".. وتلك الطرقة تظل في نظره دائما فاضية وتقبل المزيد من كوكتيل اللحم البشري، ما بين ملتح يتأفف من التصاق سيدة بدينة به، أو مراهق يبحث عن فرصة للإلتصاق بصاحبة الرداء الجينزي الضيق، أو عجوز يبحث بين وجوه الجالسين عن شاب صغير يفترسه بنظراته عسى أن يشعر الأخير بتأنيب ضمير ويقوم من مقعده تاركاً إياه للعجوز.. (تكتشف في النهاية أن العجوز موظف أربعيني، كل ما يميزه خصلات من الشعر البيضاء ظهرت مؤخراً في رأسه.. لكن دونها.. فإن صحته.. بمب)..

هرباً من اللعنتين، (المترو والجمعية)، أجد نفسي مضطراً لركوب الأتوبيس..

تسألني عن التاكسي؟؟.. أقول لك..

تاكسي يا صديقي وأنت في سنوات زواجك الأولى؟؟، أو حتى لديك نية للارتباط، أو أن هناك دبلة فضية تزين يدك اليمنى.. بما يعني أنك (مخطوب – مخطوف – مخطول) باختصار، طالما أن هناك "إمرأة" ما في حياتك، فأنت محروم من ركوب التكسيات.. النساء يا صديقي يكرهن التكسيات..

حين أسير مع زوجتي، وأتعب من السير، أفكر كثيراً قبل النطق باقتراح ركوب تاكسي، ربما أقضي الليلة كلها مستمعاً لمحاضرة طويلة حول الإقتصاد والتدبير ونظرية القرش الأبيض ونظيره الأسود.

إذن، نتحدث عن الأتوبيسات..

أنت تعلمها جيداً، تعرف زحامها وخنقتها، تحفظ رائحتها، تدمن هتاف بائعيها.. "صلي على رسول الله، لا بنشحت ولا بنقول لله.. معايا الفلاية تطلع ميت قملاية وتفرق بين الدكر والنتاية.. صلي على رسول الله.. معايا من الإبرة للصاروخ ومن الذرة للمجرة.. صلي على رسول الله"..

ربما لاحظت أن الأتوبيس هو الشيء الوحيد الذي يدور بموتور، ومكتوب أعلى رأس سائقه "صنع في مصر".. بعد سنوات من تشغيله، ستعيد الهيئة طلاءه، وتختفي "صنع في مصر" من مكانها تحت الطلاء.. ربما يضع السائق إعلان مكانها عن سماعات للأذن حجم كبير وصغير بالتقسيط داخل الأذن وخارج الأذن.. أو عن أكاديمية الكابتن روبي للتأهيل للكليات العسكرية..


تعرف أيضا شحاتين الأتوبيس..

أنا أحكي لك عنهم.. الفكرة تعود لسنوات، عندما اشتهر الأتوبيس بين المصريين بأنه المكان المفضل للنشالين، حتى جاء الوقت الذي كنت تلمح فيه الأتوبيسات فارغة، خاف المواطنين من ركوبها أول الشهر حتى لا يضيع المرتب بأنامل نشال محترف.. الرجال في مصر يفضلن ضياع المرتب بأنامل زوجاتهم أمام باترينات محلات الملابس النسائية والإكسسوارات.. أو في قسم الحفاضات بصيدلية المنطقة..

لكن "المصري هيفضل مصري".. تراجع النشالون عن النشل، ربما خوفاً على سمعة "هيئة النقل العام"، وفكروا في طريقة جديدة للحصول على محتويات جيوب الرجال دون أن يصبحوا زوجات لهم.. النشال يرفض أن يكون زوجة!

يبدو أن نشال مثقف قرأ "وصف مصر"، ونشل نسخة جديدة من "ماذا حدث للمصريين" و"عصر الجماهير الغفيرة" للدكتور جلال أمين، يبدو أنه فهم كيف يفكر رجال ونساء وأطفال وشيوخ هذا البلد..

أفضل طريقة للحصول على ما في جيوب المصريين، هي أن تطلب منهم هذا بذوق وخفة.. وتضرع!

بين شعوب العالم لا يوجد شعب عطوف وحنين كشعبنا..

بين شعوب العالم شعب واحد فقط يعرف أن.. "حسنة قليلة تشيل بلاوي كتيرة"..

شعب واحد يدعو في صلاته "يجعل بيوت المحسنين عمار"..

إذن هي الشحاتة يا فتى..

في رمضان سيركب أحدهم الأتوبيس بسرعة ووجه مخطوف، يحدثك عن السيدة الفاضلة جارتهم التي ماتت فجأة، والتي يبحث أهل الحارة عن ثمن كفنها..

ستذكرك "السيدة الفاضلة" بجدتك رحمة الله عليها، وستقع كلمة "الحارة" في قلبك، كم تشتاق إلى حارتك القديمة، أما "الكفن"، فسيعطيك نفحة إيمانية وصوفية تحتاج إليها لتبدأ رمضان جديد جاء توقيته غريباً، بحيث يسبقه كليب جديد لهيفاء وهبي، ويأتي بعده فيلم سينيمائي يستحق المشاهدة.. اسمه "عليا الطرب بالتلاتة".. وهو الذي سيكون سبباً في أن يتذوق شباب جدعان من ولاد مصر طعم التحرش أمام سينما تعرضه حين تقرر بطلته المصونة الرقص أمام بابها، وستعترف بعد ذلك أنها رقصت – فعلا – لكن ببنطلون جينز وتيشيرت.. (قطع على مشهد الشاب الواقف في ميكروباص الجمعية ينتهز فرصة الإقتراب من ذات الرداء الجينزي).. هي لا تعرف بالتأكيد كم أصبح الجينز مثيرا في الأيام الماضية.

داخل الأتوبيس، ستجد ألف حكاية حكاية، كل واحدة منها، قادرة على جعل نجيب ساويريس يعتنق الإسلام، ويجلس على بوابات السيدة، شأنه شأن المجاذيب.. يهتف مدد يا أم العواجز .. هذا بعد أن تبرع بكل ما يملك لـ"دار رسالة للأيتام"..

لكن النشل – باعتباره وظيفة – يبحث الناشل فيه – باعتباره موظفاً – عن أفكار جديدة تجعله يقوم بجهد أقل، على أن يزيد "مرتبه"..

في أتوبيسات عديدة، ركبتها عن طريق الصدفة، وجمعت منها ما تيسر من أوراق سقطت بين يدي، وكان الرامي مرة شاب تظاهر بأنه أبكم، وفي المرة الثانية فتاة منتقبة، مرت بهدوء بين الكراسي وأسقطت في حجر كل مواطن ورقة..

في المرات كلها.. كنت أضطر لدفع جنيه لكل منهم، حتى يظفر بالجنيه وينسى الورقة، أنتظر نزوله، وأضع الورقة في محفظتي، وأنتظر أن تأتي فرصة ما، أفرج فيها عما جمعت.. وقد واتتني الفرصة الآن.. خاصة وأني أكتشفت أنني فقدت ورقات ثلاثة، لينخفض عدد ما جمعت من أوراق من خمسة.. إلى اثنتين..

اقرأ الورقتين ولاحظ التشابه..


يبدو أن هيئة النـ(ش)ـل العام، حين قررت التعاون مع هيئة النـ(ق)ـل العام، وظفت لديها محرراً رديئاً، لا يملك القدرة على الإبتكار.. فتجد إنتاجه متشابه.. وخطه رديء.. من يدري.. ربما أخبره الجمهور في الـFeed back، أن هذه الطبخة تعجبهم أكثر وهو ما جعله يحافظ عليها..

لست أدري.. فقط أتذكر وأنا أنزل من الأتوبيس وفي جيبي ورقة جديدة..

أنا عادة – كأي مواطن مصري – لا أحب ركوب الأتوبيسات..

وأنني أركبها مضطراً، هارباً من زحام المترو ورائحة العرق التي يغرق فيها حتى تظن...،

هناك 6 تعليقات:

مُصْعَب إِبْرَاهِيم يقول...

أنا "منشول" عن الشكر على التدوينة التحفة دي

وبأقترح عليك تروح تعملها مجموعة قصصية وتديها لأي دار "نشل" وتوزيع وتطبعها :)

الحلم العربي يقول...

مش عارفة أعلق على أي نقطة انت قولتها ...انت اتكلمت عن حاجات كتيرة أوي
المهم ... تدوينة رائعة
بالنسبة لموضوع النشل ...هذا هو الشعب المصري ..ألا تعرفه ؟؟
لو مالاقاش حد ينصب عليه هينصب على نفسه...
أحييك على الموضوع ...و إلى الأمام

Organica يقول...

تدوينة اكثر من رائعة

محمد عبد الغفار يقول...

طب نعمل ايه طيب

غير معرف يقول...

سيدي الرئيس

في عيد ميلادك الكام وسبعين

كل سنة وأنت طيب

واحنا مش طيبين

كل سنة وأنت حاكم

واحنا محكومين

واحنا مظلومين

واحنا متهانين

ويا ترى يا حبيب الملايين

فاكرنا ولا احنا خلاص منسيين

فاكر المعتقلين

فاكر الجعانين

فاكر المشردين

فاكر اللي ماتو محروقين

فاكر الغرقانين

الله يكون في عونك - هاتفتكر مين وللا مين

في عيد ميلادك الكام وسبعين

بقول لك كلمتين

الأوله

شيلتنا طين

وهل تعلم أن النيل بقى رشاح

والجو أصبح بيئة والعيشة ولعة

والشرفا قلوبهم عالبلد والعة

وانت عاملهم مذبحة ولا بتاعة القلعة

والاقتصاد سداح

والسرقة بقت كفاح

ومصر متاحة بس للسياح

وعرض البلد بقى مستباح

والتانية

ورتنا الويل

دا الخطوة في عهدك بقت ميل

والضحك بقى نواح وعويل

والكوسة

عارف الكوسة

ممكن أقولك فيها موواويل

والجامعة بقت يا إما كباريه أو دار مسنين

والشباب معظمهم من غير خمرة سكرانين

والعلم عز على المتعلمين

والأساتذة بقم دجالين

والقادة بقم طبالين

واديني في الهايف يا حبيب الملايين

والتالتة

عارف اليابانيين

زمان في سنة اتنين وخمسين

كان عندنا تروماي وكان عندنا علم ومتعلمين

وثقافة ومثقفين

وأدبا وعلما وفنانين

وكانو اليابانيين

بالنووي لسة مضروبين

وللصدقة مستحقين

دلوقتي إحنا فين وهما فين

هما فوق واحنا في أسفل سافلين

والرابعة

أمن البلد بقى تنين

والمحاكم اتملت مظالم

والعدالة بقت كمالة

وكلمة الحق في الزبالة

وأصحابها في الزنازين

والخامسة

القطاع العام…. عام

والفساد…. ساد

وفي جتة بلدنا بيرعى

أفتكر لجنابك إيه وللا إيه

وكل ذكرى ليك بدمعة

آآآآآآآآه آآآآآآآآه

أنا كنت حالف ميت يمين

أكملهم لك تسعة وسبعين

بس هاكفيهم ورق منين

وكل سنة وأنت

واحنا طيبين

من أحمد فؤاد نجم إلى حسني مبارك
ياريت تحطها في بوست لوحدها وتشيل التعليق

عربي حر يقول...

لو سمحت انا هأعيد القصيدة لأنها أعجبتني جدل
----------
سيدي الرئيس

في عيد ميلادك الكام وسبعين

كل سنة وأنت طيب

واحنا مش طيبين

كل سنة وأنت حاكم

واحنا محكومين

واحنا مظلومين

واحنا متهانين

ويا ترى يا حبيب الملايين

فاكرنا ولا احنا خلاص منسيين

فاكر المعتقلين

فاكر الجعانين

فاكر المشردين

فاكر اللي ماتو محروقين

فاكر الغرقانين

الله يكون في عونك - هاتفتكر مين وللا مين

في عيد ميلادك الكام وسبعين

بقول لك كلمتين

الأوله

شيلتنا طين

وهل تعلم أن النيل بقى رشاح

والجو أصبح بيئة والعيشة ولعة

والشرفا قلوبهم عالبلد والعة

وانت عاملهم مذبحة ولا بتاعة القلعة

والاقتصاد سداح

والسرقة بقت كفاح

ومصر متاحة بس للسياح

وعرض البلد بقى مستباح

والتانية

ورتنا الويل

دا الخطوة في عهدك بقت ميل

والضحك بقى نواح وعويل

والكوسة

عارف الكوسة

ممكن أقولك فيها موواويل

والجامعة بقت يا إما كباريه أو دار مسنين

والشباب معظمهم من غير خمرة سكرانين

والعلم عز على المتعلمين

والأساتذة بقم دجالين

والقادة بقم طبالين

واديني في الهايف يا حبيب الملايين

والتالتة

عارف اليابانيين

زمان في سنة اتنين وخمسين

كان عندنا تروماي وكان عندنا علم ومتعلمين

وثقافة ومثقفين

وأدبا وعلما وفنانين

وكانو اليابانيين

بالنووي لسة مضروبين

وللصدقة مستحقين

دلوقتي إحنا فين وهما فين

هما فوق واحنا في أسفل سافلين

والرابعة

أمن البلد بقى تنين

والمحاكم اتملت مظالم

والعدالة بقت كمالة

وكلمة الحق في الزبالة

وأصحابها في الزنازين

والخامسة

القطاع العام…. عام

والفساد…. ساد

وفي جتة بلدنا بيرعى

أفتكر لجنابك إيه وللا إيه

وكل ذكرى ليك بدمعة

آآآآآآآآه آآآآآآآآه

أنا كنت حالف ميت يمين

أكملهم لك تسعة وسبعين

بس هاكفيهم ورق منين

وكل سنة وأنت

واحنا طيبين
----------------
القصيدة دي أنا ححطها في مدونتي