إلى حداشر.. مع تحياتي!
أخويا وصديقي.. يومي الذي أعيشه منذ 22 سنة..
تحية طيبة.. وبعد..
بالعامية أقول لك إني "واخد على خاطري منك"، يا راجل، بقى أنت يطلع منك كل ده؟؟، فين أيام زمان لما كنت مجرد يوم زيك زي غيرك، كل ما يميزك عن باقي أيام ربنا أنك تاتي قبل بداية الدراسة بأربع أيام (لأن عادة الدراسة تبدأ يوم 15).. ومنذ سنوات أكتشفت أنك أيضاً كنت حاضراً في لحظة مميزة جداً.. وهي لحظة حضور أبويا إلى الدنيا.. من حوالي 45 سنة.
إذن يا يوم يا طيب.. لماذا يحدث فيك كل هذا.. ولماذا يحدث بسببك كل هذا؟.
أنا أذكر ما حدث فيك جيداً، كنت أسير أمام مركز شباب الصفا في شارع الهرم، ثم هفتني نفسي على فطيرة من عند محل هناك اسمه "العمدة" أو "الدوار"، ودخلت أطلب الفطيرة لأجد الفطاطري تاركاً عجينته التي كان يطيرها في الهواء بحرفنة وكنت أستمتع وأنا أشاهده، ليجلس أمام التليفزيون يشاهد البرجين في يد فطاطري محترف، استطاع هدمهما في لحظات.
سألته بسذاجة مراهق : "إيه اللي حصل يا ريس؟؟"..
فرد هو بجهل فطاطري : "إنجلترا بتضرب أمريكا؟؟"..
أقوله أنا : إزاي
يرد هو : من شوية طيارة ضربت البرج زي ما أنت شايف، وبعدها قالوا إن البنتاجون بتاع لندن اتضرب..
وقتها لم أكن أعلم أن لندن لا تملك بنتاجوناً، وأن البناجون الوحيد الذي عرفته الدنيا كان في الولايات المتحدة، لكن بقدرة قادر تحولت سذاجتي إلى جهل، ورفعت سماعة التليفون دون أن أستأذن الفطاطري الذي كان مشغولاً بسماع صوت أحد المحللين على القناة الأولى المصرية يقول بضعة تفسيرات عما حدث، اتصلت بأبويا وقلتله : "بابا.. أنا هتأخر شوية.. أمريكا وإنجلترا بيضربوا بعض.. هشوف إيه الحكاية وأروح على طول".. ليرد أبي فرحاً بهذا الفتى المقدام الذي ظن في نفسه القدرة على حل الخلاف البسيط الانجلو سكسوني.. "براحتك يا ابني"..
طبعاً لم يتركني الفطاطري أخرج من المحل قبل أن أدفع نص جنية ثمن المكالمة، وأعتذر بعدم اهتمام عن إعداده لفطيرتي التي طلبتها، ناصحاً إياي بطلب بيتزا من "دومونيز بيتزا"، حيث سيغلق هو المحل ويذهب إلى المقهى لمتابعة الأحداث بشكل أفضل في قناة الجزيرة.
شوفت يا عم حداشر؟؟، ضيعت علي الفطيرة، وجعلتني أبدو كمتخلف في الميكروباص الذي ركبته من محطة حسن محمد في الهرم إلى مكان ما لا أتذكره الآن، حيث دار نقاش ميكروباصاتي حميمي بين خمسة أشخاص كنت أنا سادسهم، وبينما كان أحدهم يمسك براديو تانزستور يتابع فيه مستجدات الأحداث، كنت أنا اتفزلك مشيراً إلى الدور الخطير الذي تلعبه كوريا الشمالية في الأحداث، وأن بن لادن خارج إطار الشبهات، حيث إنه مات منذ شهرين كما قرأت في جريدة الميدان القاهرية.
لكن يا صديقي حداشر كل كلامي ضاع وانتهي، وذلك مع طلوع شمس أختك اتناشر، بعدك بـ24 ساعة..
أنت يا صديقي لا تعرف ما حدث لنا بسببك، فلو كنت تعرف، لكنت على الأقل استحيت على دمك وفكرت ألف مرة قبل أن تأتي لنا مجدداً، فما بالك وأنت تأتي مجدداً رغم ذلك كل عام، وعلى مدار ستة أعوام كاملة.
دعني أصارحك بالحقيقة، أصدقائي هنا في العالم الثالث يشعرون بالخنقة منك، يشعرون أنك "علمت عليهم"، أنك هزمتهم، حتى أن مجانين في العباسية تجدهم يجلسون عند أول سبتمبر يقولون "بس لما أشوفك يا حداشر"، ومجنون آخر طالب بأن تكون أنت مثل ابن عمك أول إبريل، مجرد كذبة لا يصدقها أحد.. لكنك يا صديقي حقيقة!
أبي فكر أكثر من مرة في تعديل تاريخ ميلاده، وحين تأتي النتيجة الجديدة إلى مكتبه أول كل عام، فإنه يفتحها بلامبالاة باحثاً عن الورقة التي تحمل اسمك، ليعلم عليها بالاحمر ويكتب "لاغي"، أبي لم يخبرني أنه يفعل ذلك، لكني شاهدت الورقة يا صديقي.. وأشفقت عليك.. أنت لا تستحق كل هذا أيها اليوم العزيز.
تسألني لماذا أكتب لك كل هذه السطور؟، ومن أنا أصلاً حتى أكتب إلى يوم مثلك في أهميتك قدرك ومكانتك..
أنا يا صديقي اليوم.. أرغب في إسداء بعض النصائح لك، هذا إذا كنت ترغب في تحسين صورتك عند شعوب العالم الثالث..
أعلم أنك مستمتع بصداقة هؤلاء في الجزء النظيف من الكرة الأرضية، والذي يحملون لك "خلف دموعهم" الكثير من الاحترام والتبجيل، فما خططوا لفعله في سنوات، حققوه في يوم واحد هو أنت.
أنت يا صديقي في الجزء النظيف من الكرة الأرضية تشعر بمكانتك، يصنعون لك "مولد سيدي حداشر"، يسبحون بساعاتك، ويسألون ربهم "اللهم بلغنا حداشر" حتى وهم لا يزالون في مايو، هذا بعد أن ينهوا طوال السنة دعائهم الآخر.. "اللهم تقبل منا حداشر وأجعله في ميزان حسناتنا في مجلس الأمن يوم ضرب إيران".
إن كنت ترغب يا صديقي في أن يكون لك بعض الأصدقاء هنا في هذا الجزء من العالم، فأنت في حاجة لان تعطي أبناء هذا الجزء أي نوع من أنواع الانتصارات..
تأخذ مصر كأس العالم فيك مثلاً، أو ينتشر فيديو إباحي لهيفاء وهبي، فيك أيضاَ، وتتم إذاعة الفيلم على القناة الأولى على التليفزيون الأرضي، أو ينتشر خبر ما في القاهرة، ثم نكتشف أنه ليس إشاعة.. أو.. اقول لك.. يموت شارون.. هو أصلاً مات من زمان لكن إسرائيل تحنطه في المستشفى وعندها أمل في عودته للحياة.. فليموت شارون اليوم يا حداشر.. وأنا واثق أن أبناء هذا الجزء من الكرة الأرضية سينسون ما جرى لهم فيك منذ سنوات..
نحن يا حداشر طيبون.. ننسى الإساءة بسرعة، ونعرف أن لا ذنب لك في كل ما جرى سوى أنه صادف وجودك.. لكن هنعمل إيه.. لم نقدر على "الحمار".. فاتشطرنا عليك..
توقيع
مواطن مصري من الجزء الثاني في الكرة الأرضية
تحية طيبة.. وبعد..
بالعامية أقول لك إني "واخد على خاطري منك"، يا راجل، بقى أنت يطلع منك كل ده؟؟، فين أيام زمان لما كنت مجرد يوم زيك زي غيرك، كل ما يميزك عن باقي أيام ربنا أنك تاتي قبل بداية الدراسة بأربع أيام (لأن عادة الدراسة تبدأ يوم 15).. ومنذ سنوات أكتشفت أنك أيضاً كنت حاضراً في لحظة مميزة جداً.. وهي لحظة حضور أبويا إلى الدنيا.. من حوالي 45 سنة.
إذن يا يوم يا طيب.. لماذا يحدث فيك كل هذا.. ولماذا يحدث بسببك كل هذا؟.
أنا أذكر ما حدث فيك جيداً، كنت أسير أمام مركز شباب الصفا في شارع الهرم، ثم هفتني نفسي على فطيرة من عند محل هناك اسمه "العمدة" أو "الدوار"، ودخلت أطلب الفطيرة لأجد الفطاطري تاركاً عجينته التي كان يطيرها في الهواء بحرفنة وكنت أستمتع وأنا أشاهده، ليجلس أمام التليفزيون يشاهد البرجين في يد فطاطري محترف، استطاع هدمهما في لحظات.
سألته بسذاجة مراهق : "إيه اللي حصل يا ريس؟؟"..
فرد هو بجهل فطاطري : "إنجلترا بتضرب أمريكا؟؟"..
أقوله أنا : إزاي
يرد هو : من شوية طيارة ضربت البرج زي ما أنت شايف، وبعدها قالوا إن البنتاجون بتاع لندن اتضرب..
وقتها لم أكن أعلم أن لندن لا تملك بنتاجوناً، وأن البناجون الوحيد الذي عرفته الدنيا كان في الولايات المتحدة، لكن بقدرة قادر تحولت سذاجتي إلى جهل، ورفعت سماعة التليفون دون أن أستأذن الفطاطري الذي كان مشغولاً بسماع صوت أحد المحللين على القناة الأولى المصرية يقول بضعة تفسيرات عما حدث، اتصلت بأبويا وقلتله : "بابا.. أنا هتأخر شوية.. أمريكا وإنجلترا بيضربوا بعض.. هشوف إيه الحكاية وأروح على طول".. ليرد أبي فرحاً بهذا الفتى المقدام الذي ظن في نفسه القدرة على حل الخلاف البسيط الانجلو سكسوني.. "براحتك يا ابني"..
طبعاً لم يتركني الفطاطري أخرج من المحل قبل أن أدفع نص جنية ثمن المكالمة، وأعتذر بعدم اهتمام عن إعداده لفطيرتي التي طلبتها، ناصحاً إياي بطلب بيتزا من "دومونيز بيتزا"، حيث سيغلق هو المحل ويذهب إلى المقهى لمتابعة الأحداث بشكل أفضل في قناة الجزيرة.
شوفت يا عم حداشر؟؟، ضيعت علي الفطيرة، وجعلتني أبدو كمتخلف في الميكروباص الذي ركبته من محطة حسن محمد في الهرم إلى مكان ما لا أتذكره الآن، حيث دار نقاش ميكروباصاتي حميمي بين خمسة أشخاص كنت أنا سادسهم، وبينما كان أحدهم يمسك براديو تانزستور يتابع فيه مستجدات الأحداث، كنت أنا اتفزلك مشيراً إلى الدور الخطير الذي تلعبه كوريا الشمالية في الأحداث، وأن بن لادن خارج إطار الشبهات، حيث إنه مات منذ شهرين كما قرأت في جريدة الميدان القاهرية.
لكن يا صديقي حداشر كل كلامي ضاع وانتهي، وذلك مع طلوع شمس أختك اتناشر، بعدك بـ24 ساعة..
أنت يا صديقي لا تعرف ما حدث لنا بسببك، فلو كنت تعرف، لكنت على الأقل استحيت على دمك وفكرت ألف مرة قبل أن تأتي لنا مجدداً، فما بالك وأنت تأتي مجدداً رغم ذلك كل عام، وعلى مدار ستة أعوام كاملة.
دعني أصارحك بالحقيقة، أصدقائي هنا في العالم الثالث يشعرون بالخنقة منك، يشعرون أنك "علمت عليهم"، أنك هزمتهم، حتى أن مجانين في العباسية تجدهم يجلسون عند أول سبتمبر يقولون "بس لما أشوفك يا حداشر"، ومجنون آخر طالب بأن تكون أنت مثل ابن عمك أول إبريل، مجرد كذبة لا يصدقها أحد.. لكنك يا صديقي حقيقة!
أبي فكر أكثر من مرة في تعديل تاريخ ميلاده، وحين تأتي النتيجة الجديدة إلى مكتبه أول كل عام، فإنه يفتحها بلامبالاة باحثاً عن الورقة التي تحمل اسمك، ليعلم عليها بالاحمر ويكتب "لاغي"، أبي لم يخبرني أنه يفعل ذلك، لكني شاهدت الورقة يا صديقي.. وأشفقت عليك.. أنت لا تستحق كل هذا أيها اليوم العزيز.
تسألني لماذا أكتب لك كل هذه السطور؟، ومن أنا أصلاً حتى أكتب إلى يوم مثلك في أهميتك قدرك ومكانتك..
أنا يا صديقي اليوم.. أرغب في إسداء بعض النصائح لك، هذا إذا كنت ترغب في تحسين صورتك عند شعوب العالم الثالث..
أعلم أنك مستمتع بصداقة هؤلاء في الجزء النظيف من الكرة الأرضية، والذي يحملون لك "خلف دموعهم" الكثير من الاحترام والتبجيل، فما خططوا لفعله في سنوات، حققوه في يوم واحد هو أنت.
أنت يا صديقي في الجزء النظيف من الكرة الأرضية تشعر بمكانتك، يصنعون لك "مولد سيدي حداشر"، يسبحون بساعاتك، ويسألون ربهم "اللهم بلغنا حداشر" حتى وهم لا يزالون في مايو، هذا بعد أن ينهوا طوال السنة دعائهم الآخر.. "اللهم تقبل منا حداشر وأجعله في ميزان حسناتنا في مجلس الأمن يوم ضرب إيران".
إن كنت ترغب يا صديقي في أن يكون لك بعض الأصدقاء هنا في هذا الجزء من العالم، فأنت في حاجة لان تعطي أبناء هذا الجزء أي نوع من أنواع الانتصارات..
تأخذ مصر كأس العالم فيك مثلاً، أو ينتشر فيديو إباحي لهيفاء وهبي، فيك أيضاَ، وتتم إذاعة الفيلم على القناة الأولى على التليفزيون الأرضي، أو ينتشر خبر ما في القاهرة، ثم نكتشف أنه ليس إشاعة.. أو.. اقول لك.. يموت شارون.. هو أصلاً مات من زمان لكن إسرائيل تحنطه في المستشفى وعندها أمل في عودته للحياة.. فليموت شارون اليوم يا حداشر.. وأنا واثق أن أبناء هذا الجزء من الكرة الأرضية سينسون ما جرى لهم فيك منذ سنوات..
نحن يا حداشر طيبون.. ننسى الإساءة بسرعة، ونعرف أن لا ذنب لك في كل ما جرى سوى أنه صادف وجودك.. لكن هنعمل إيه.. لم نقدر على "الحمار".. فاتشطرنا عليك..
توقيع
مواطن مصري من الجزء الثاني في الكرة الأرضية
هناك 4 تعليقات:
تحفة جدا
على فكرة محل الفطير كان اسمه "شيخ العرب" :)
يا أمير باشا
فى مدونه معموله مخصوص للرد على تجاوزات وائل عباس
http://who-is-wael-abbas.blogspot.com/
وائل مش ديمقراطى بالمرة و ما بيسمحش لحد انه يناقشه. يسمح فقط للى بيمدحه
ادخل و انت تعرف
أحسنت يا براء لمسة فنية كوميدية عالية المستوى في هذه التدوينة تستحق الاشادة انت عبقري حقا في الكتابةواسقاطاتك بين السطور تدل على موهبة كتابية ادبية قلما تتاتى للكثيرين ويا ليت يوم 11 سبتمبر يسمع كلامنا ويفهم مرادنا انه مجرد يوم جاء وذهب مخلفا وراءه الكثير لنا كمسلمين وعرب
ياه ده كان يوم
طبعا انت ساعتها يا دوب كنت خمستاشر سنة
سبحان الله
كنت ساعتها في بكالوريوس هندسة
بس تعرف
انته شفته كويس عني
اصل انا ساعتها كنت نايم
كل سنةن وانت طيب يا براء
إرسال تعليق