كل سنة وأنت هاتكني يا ريس!
لأن الحكومة المصرية لا تريد أن تفوت علينا مناسبة كهذه دون الإحتفال بها على طريقتها الخاصة، فقد جعلت أسبوع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان مليئا بالأحداث التي ربما نشعر فيها بأن ثمة حقوقا لنا نأخذها من حكومة الفكر الجديد "الأب والأم والإبن".. ورئيس الوزراء!
* في اللحظات التي يحتفل فيها العالم كله بهذا اليوم سيرتدي "إبراهيم عيسى" رئيس تحرير الدستور بدلته كاملة ورابطة عنقه، سيحلق ذقنه ويصلي ركعتين حاجة، وينزل من بيته صباحا متجها إلى محكمة الجنح للمثول أمام قاضيها بتهمة إهانة السيد الرئيس..
عيسى لن يرتدي بدلته ولن ينزل من بيته وسيصلي صلاة حاجته خارج مصر لأنه مسافر في مهمة عمل.. فالخبرة التي لابد أن تكتسبها لو كنت صحفيا معارضا تواجه تهمة إهانة النظام ورئيسه.. هي أن تمتنع عن حضور الجلسات وترسل محاميك حتى تكسب ساعات من الحرية قبل تنفيذ الحكم لأنك لو كنت موجود في المحكمة فسيتم تنفيذ الحكم فورا!
سفر عيسى لم يكن هربا من المحاكمة، في حين أن السفر كان هو الوسيلة المناسبة لآخرين لم يعترفوا أن مصر فيها قانونا يحاسب ويعاقب!
* في اللحظات ذاتها التي سيحتفل فيها العالم بحقوق الإنسان، سيصحب "عصام العريان" زوجته وأولاده وأصدقائه ويخرجون لحديقة عامة يقضون فيها ساعات من البهجة فرحا وسعادة بمناسبة الحق الإنساني الذي يكتسبونه جميعا.. الحرية!
عصام هو الآخر لن يفعل شيئا من السطور السابقة، سيجلس في بيته أمام شاشة الجزيرة يتابع حقوق الإنسان المهدورة في كل مكان، ثم يجلس لكتبه يقرأ فيها طوال اليوم.. لأنه ممنوع بأمر السجان من مغادرة بيته لأي سبب.. السجان أكتشف أن السجن لا يزعج عصام بالشكل الذي كان يتخيله.. إذن فلنجعل من بيته سجنا كبيرا..
* في اليوم نفسه سيجتمع رئيس وزراء مصر واسمه نظيف، مع رجاله ومريديه ومعاونيه.. لبحث سبل توفير الأمان في النقل والموصلات لأبناء البلد التي يجلس على عرشها، والتي يحمل أمانة تسيير أمور العباد فيها أمام رب العباد!
سيخبره أحد معاونيه أن "كله تمام يا باشا".. وأن العباد في خير حال، وأن الموصلات كثيرة بل أنها لا تجد من يركبها وأن من الأفضل صرف المبلغ المرصود لتطوير الموصلات في مجال آخر..
سيجتمع نظيف فعلا.. لكن معاونه سيخبره أن المواطنين في بلاده يركبون "التوك توك".. وأن بلاده (لأنها لم تعد بلادنا هي بلاده هو) سبقت البلاد التي تركب الأفيال بمراحل وأصبح لديها وسيلة مواصلات جديدة تشبه الخنفساء التي داس أحدهم عليها منذ ثواني.. اسمها "التوك توك"..
وأن المواطنين يركبون التوك توك لأنهم لا يجدوا مواصلة أخرى.. ولو وجدها.. فهم لا يجدون في جيوبهم ما يجعلهم يركبونها 26 يوم في الشهر.. (مع حذف أيام الأجازات)!
* في اليوم نفسه سيجتمع الآلاف من عمال النسيج والغزل في المحلة الكبرى في ناديهم الإجتماعي والرياضي الحديث يسمرون حتى ساعة متأخرة من الليل في ذكرى إعلان حق كل منهم في مرتبه آخر الشهر.. وفي حوافزه.. وفي التظاهر والاعتراض على إدارته الظالمة الغادرة وفي أن تلتفت له الدولة لو أعلن غضبه وعدم رضاه!
عمال المحلة لن يجتعوا، لأنهم أصلا لا يملكون نادي حديث أو قديم، سيعودون إلى بيوتهم مرغمين، بعد أن فضوا اعتصامهم الذي استمر لأيام ثلاثة، عمال المحلة خافوا أن تتعامل معهم الحكومة كما تعاملت كل مرة.. أن تعتبر أن حل المشكلة هي أن تقول أن المظاهرات مدعومة من الإخوان.. وأنها ليست خالصة لوجه العمال الغلابة!
* في اليوم نفسه سيقف شباب المدونين ومعهم قيادات حركة كفاية (التي مزقتها الفتنة)، سيقفون جميعا للتظاهر اعتراضا على أعداء النظام الذين ينتقدونه في كل كبيرة وصغيرة!
سيقف هؤلاء فعلا.. في الذكرى الأولى لسقوط 13 قتيل في الانتخابات الماضية والذكرى الثانية لانشاء حركتهم.. التي قالت عنها الحكومة أنها نزيهة وحرة.. ثم تراجعت عن قولها عندما اكتشفت أن الإخوان حققوا فيها مكاسب لم ترض الحكومة (لكنها أرضت الإخوان طبعا)!
* بمناسبة الإخوان، سيجلس مرشدهم في مكتبه في اليوم نفسه يدرس كيف يحسن صورة جماعته، وكيف يفعل دور نوابها الـ88 في مجلس الشعب.. وكيف يضع للجماعة برنامج واضح محدد..
سيجلس عاكف فعلا في مكتبه ليتابع شريط فيديو مسجل لتحرك ميليشيات الإخوان الشباب في جامعة الأزهر، وسيعلو صوته بالتأكيد أمام شاشة الفيديو قائلا.. "أبطال والله.. رجعونا لأيام الزمن الجميل"..
.........
في حين سيفعلون جميعا ذلك، سأجلس وحدي مع "جوجل" أبحث عن كلمة "اليوم العالمي لحقوق الإنسان".. لأكتب موضوع طلبوه مني في عشرينات..
وسأذكر مع كل نتيجة بحث أنني منذ دقائق فقط.. شاهدت صورة السيد الرئيس في الشارع، واستقبلت ابتسامته الهادئة، كأنه يهنئني بالعيد.. وبحقوقي التي أستخدمها في بلده وتحت ولايته.. وأولها "حق الهتك".. حيث يعيش المواطن ها هنا مهتوكا حتى آخر نفس.. وكأني بعد أن أشاهد ابتسامته أرد عليه في صمت.. "كل سنة وإنت هاتكني يا ريس"..
منذ 58 عام، أعلنت الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأصبح هذا اليوم هو اليوم المخصص للإحتفال بيوم حقوق الإنسان في العالم كله..
اليوم أعلن لكم، كمواطن من مصر، أبلغ 21 عاما، ولا أملك من الدنيا سوى "إنسانيتي".. أن رئيس بلادنا.. يشعرني كل يوم بالانتهاك الصريح لها، في كل مرة أمر فيها الشارع.. وأجد صورته.. تبتسم لي في هدوء.. وكأنها تهنئني بالعيد!
* في اللحظات التي يحتفل فيها العالم كله بهذا اليوم سيرتدي "إبراهيم عيسى" رئيس تحرير الدستور بدلته كاملة ورابطة عنقه، سيحلق ذقنه ويصلي ركعتين حاجة، وينزل من بيته صباحا متجها إلى محكمة الجنح للمثول أمام قاضيها بتهمة إهانة السيد الرئيس..
عيسى لن يرتدي بدلته ولن ينزل من بيته وسيصلي صلاة حاجته خارج مصر لأنه مسافر في مهمة عمل.. فالخبرة التي لابد أن تكتسبها لو كنت صحفيا معارضا تواجه تهمة إهانة النظام ورئيسه.. هي أن تمتنع عن حضور الجلسات وترسل محاميك حتى تكسب ساعات من الحرية قبل تنفيذ الحكم لأنك لو كنت موجود في المحكمة فسيتم تنفيذ الحكم فورا!
سفر عيسى لم يكن هربا من المحاكمة، في حين أن السفر كان هو الوسيلة المناسبة لآخرين لم يعترفوا أن مصر فيها قانونا يحاسب ويعاقب!
* في اللحظات ذاتها التي سيحتفل فيها العالم بحقوق الإنسان، سيصحب "عصام العريان" زوجته وأولاده وأصدقائه ويخرجون لحديقة عامة يقضون فيها ساعات من البهجة فرحا وسعادة بمناسبة الحق الإنساني الذي يكتسبونه جميعا.. الحرية!
عصام هو الآخر لن يفعل شيئا من السطور السابقة، سيجلس في بيته أمام شاشة الجزيرة يتابع حقوق الإنسان المهدورة في كل مكان، ثم يجلس لكتبه يقرأ فيها طوال اليوم.. لأنه ممنوع بأمر السجان من مغادرة بيته لأي سبب.. السجان أكتشف أن السجن لا يزعج عصام بالشكل الذي كان يتخيله.. إذن فلنجعل من بيته سجنا كبيرا..
* في اليوم نفسه سيجتمع رئيس وزراء مصر واسمه نظيف، مع رجاله ومريديه ومعاونيه.. لبحث سبل توفير الأمان في النقل والموصلات لأبناء البلد التي يجلس على عرشها، والتي يحمل أمانة تسيير أمور العباد فيها أمام رب العباد!
سيخبره أحد معاونيه أن "كله تمام يا باشا".. وأن العباد في خير حال، وأن الموصلات كثيرة بل أنها لا تجد من يركبها وأن من الأفضل صرف المبلغ المرصود لتطوير الموصلات في مجال آخر..
سيجتمع نظيف فعلا.. لكن معاونه سيخبره أن المواطنين في بلاده يركبون "التوك توك".. وأن بلاده (لأنها لم تعد بلادنا هي بلاده هو) سبقت البلاد التي تركب الأفيال بمراحل وأصبح لديها وسيلة مواصلات جديدة تشبه الخنفساء التي داس أحدهم عليها منذ ثواني.. اسمها "التوك توك"..
وأن المواطنين يركبون التوك توك لأنهم لا يجدوا مواصلة أخرى.. ولو وجدها.. فهم لا يجدون في جيوبهم ما يجعلهم يركبونها 26 يوم في الشهر.. (مع حذف أيام الأجازات)!
* في اليوم نفسه سيجتمع الآلاف من عمال النسيج والغزل في المحلة الكبرى في ناديهم الإجتماعي والرياضي الحديث يسمرون حتى ساعة متأخرة من الليل في ذكرى إعلان حق كل منهم في مرتبه آخر الشهر.. وفي حوافزه.. وفي التظاهر والاعتراض على إدارته الظالمة الغادرة وفي أن تلتفت له الدولة لو أعلن غضبه وعدم رضاه!
عمال المحلة لن يجتعوا، لأنهم أصلا لا يملكون نادي حديث أو قديم، سيعودون إلى بيوتهم مرغمين، بعد أن فضوا اعتصامهم الذي استمر لأيام ثلاثة، عمال المحلة خافوا أن تتعامل معهم الحكومة كما تعاملت كل مرة.. أن تعتبر أن حل المشكلة هي أن تقول أن المظاهرات مدعومة من الإخوان.. وأنها ليست خالصة لوجه العمال الغلابة!
* في اليوم نفسه سيقف شباب المدونين ومعهم قيادات حركة كفاية (التي مزقتها الفتنة)، سيقفون جميعا للتظاهر اعتراضا على أعداء النظام الذين ينتقدونه في كل كبيرة وصغيرة!
سيقف هؤلاء فعلا.. في الذكرى الأولى لسقوط 13 قتيل في الانتخابات الماضية والذكرى الثانية لانشاء حركتهم.. التي قالت عنها الحكومة أنها نزيهة وحرة.. ثم تراجعت عن قولها عندما اكتشفت أن الإخوان حققوا فيها مكاسب لم ترض الحكومة (لكنها أرضت الإخوان طبعا)!
* بمناسبة الإخوان، سيجلس مرشدهم في مكتبه في اليوم نفسه يدرس كيف يحسن صورة جماعته، وكيف يفعل دور نوابها الـ88 في مجلس الشعب.. وكيف يضع للجماعة برنامج واضح محدد..
سيجلس عاكف فعلا في مكتبه ليتابع شريط فيديو مسجل لتحرك ميليشيات الإخوان الشباب في جامعة الأزهر، وسيعلو صوته بالتأكيد أمام شاشة الفيديو قائلا.. "أبطال والله.. رجعونا لأيام الزمن الجميل"..
.........
في حين سيفعلون جميعا ذلك، سأجلس وحدي مع "جوجل" أبحث عن كلمة "اليوم العالمي لحقوق الإنسان".. لأكتب موضوع طلبوه مني في عشرينات..
وسأذكر مع كل نتيجة بحث أنني منذ دقائق فقط.. شاهدت صورة السيد الرئيس في الشارع، واستقبلت ابتسامته الهادئة، كأنه يهنئني بالعيد.. وبحقوقي التي أستخدمها في بلده وتحت ولايته.. وأولها "حق الهتك".. حيث يعيش المواطن ها هنا مهتوكا حتى آخر نفس.. وكأني بعد أن أشاهد ابتسامته أرد عليه في صمت.. "كل سنة وإنت هاتكني يا ريس"..
منذ 58 عام، أعلنت الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأصبح هذا اليوم هو اليوم المخصص للإحتفال بيوم حقوق الإنسان في العالم كله..
اليوم أعلن لكم، كمواطن من مصر، أبلغ 21 عاما، ولا أملك من الدنيا سوى "إنسانيتي".. أن رئيس بلادنا.. يشعرني كل يوم بالانتهاك الصريح لها، في كل مرة أمر فيها الشارع.. وأجد صورته.. تبتسم لي في هدوء.. وكأنها تهنئني بالعيد!
هناك تعليقان (2):
يا شيخ الهي يخرب بيته عالبيت اللي جنب بيته ... بجد يعني هشتكنا وبشتكنا يا ريس
مقال رائع جدددداااا
انا اطالب بالغاء مواد الدستور تنص او لا تنص او تشير من بعيييييييييييد اوى او لا تشير على الاطلاق على ان الانتهاك حق دستورى لكل رجل شرطة سواء فى الدستور المكتوب او الدستور الى يحكمون به.
والغرض من كدة ليس تقويض العدالة لا سمح الله وانما حماية المجتمع من التحول الى غابة بع ان بدء العامة والدهماء من الشعب بمحاولة اكتساب هذا الحق الدستورى استناداً الى تساوى جميع المواطنين فى الحقوق والكل بدء يتنهك فى بعضه وفى ماله وعرضه .
إرسال تعليق