الاثنين، يوليو 11، 2011

عن التنين

في الفترة ما بين العودة من المدرسة، والذهاب إلى النوم، يستطيع بهاء أن يقضي بعض الوقت مع ابن خالته، عمر.
بيت بهاء على بعد بيتين من بيت عمر، وعمر بهاء على بعد عام واحد من عمر عمر. أي أن عمر أكبر من بهاء بعدة أشهر. وهما جيران، فضلاً عن كونهما أقارب.

خلال لعبهما المشترك، تحدث بعض الخلافات الصغيرة، هذا غير مهم، كل الأطفال في حالة شجار دائم ما لم تكن التكلفة عالية.
في الليالي الصافية، يتمكن بهاء وعمر من إجراء بعض المحادثات الفكرية المعقدة..
نقلت لنا أم بهاء هذه المناظرة، وقالت في نهايتها.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

قال عمر أنه يصلي، لأنه يريد من الله أن يحبه.
وقال بهاء أنه يصلي أيضاً، لكنه مقتنع أن الله غير موجود أساساً.
اعترض عمر، وقال : ربنا موجود.. ربنا كبير، أكبر من أي شيء وكل شيء.
قال بهاء، بل أنه غير موجود، حتى أن التنين أكبر من ربنا.

اعترض عمر.. واعتبر بهاء يقول كلاماً والسلام. لكن بهاء أصر على موقفه، حتى أنه قال : يا ربنا.. يا ربنا..، ثم نادى بصوت أعلى.. فلما لم يستمع لأي شيء، ولا حتى صدى صوته قال لـ عمر.. أرأيت، إن كان موجوداً لتمكن من الرد علينا.. التنين موجود لكنه في الغابة مع التماسيح والأسود.

بشكل أو بآخر، وصلت هذه المناظرة إلى والد بهاء، الذي رأى من الحكمة أن يتدخل لتصحيح أفكار الطفل عن الله.
قال : بهاء، ربنا موجود.. بل أن التنين غير موجود.. إنه كائن أسطوري..
قال بهاء : طبعاً لا.. التنين في الغابة وأنا أراه في التليفزيون.. لكني لم أرى الله في أي مكان.

عندما استمعت للحكاية السابقة من والد بهاء، فكرت قليلاً، ثم أدركت أن صديقي دون أن يدري، قتل عند طفله اليقين بالحقيقة الوحيدة التي يعرفها حالياً.. وهي التنين.

هل كان عليه ألا يناقش معه قضية التنين، وأن يقنعه فقط بأن الله موجود بالفعل، وأنه هو خالق التنين.. ثم يتركه يكتشف هو وحده.. أن التنين كائن خرافي غير موجود.. وحتى إن لم يكتشف.. ما الذي يضير أن يكبر ويعيش حياته معتقداً في وجود التنانين.. المهم.. أن يكبر وهو يعتقد في وجود الله.

التنين يخص بهاء، والله يخصنا جميعاً.. هذه دعوة لأن نتحدث بعد ذلك عن الله، ونترك التنانين التي تخصنا خارج الموضوع.

ليست هناك تعليقات: